ملامح إنتاج واستهلاك الغذاء في الوطن العربي أولا: الملامح الأساسية لنظم إنتاج الأغذية في الوطن العربي The main features of food production systems in the Arab world
Monday, April 6, 2020
Add Comment
ملامح إنتاج واستهلاك الغذاء في الوطن العرب أولا: الملامح الأساسية لنظم إنتاج الأغذية في الوطن العربي
...
ملامح إنتاج واستهلاك الغذاء في الوطن العربي:
الدكتور
سمير ميلادي-الدكتور عبد الرحمن عبيد مصيقر:
يضم
الوطن العربي 21 بلدا ويشغل مساحة كبيرة ومتنوعة تبلغ حوالي 14 مليون كيلو متر تضم
حوالي 220 مليون نسمة. ويمتد من دول الخليج العربي شرقا إلى المغرب العربي غربا.
وتتفاوت هذه البلدان في الخصائص الجغرافية والمناخ والحالة الاقتصادية والاجتماعية
والصحية. فهي تضم أفقر البلدان في العالم وأغناها. لذا فإن دراسة الإنتاج
والاستهلاك الغذائي بشكل عام في هذه الدول يكون صعبا بسبب النقص في البيانات
الإحصائية اللازمة وعدم الاطمئنان إلى دقتها. وتستند دراسة النظم الغذائية الحالية
والاتجاهات السائدة في مجال استهلاك الأغذية إلى مصدرين إحصائيين أساسيين هما
بيانات الموازنات الغذائيةFOOD
BALANCE SHEET التي تصدرها
منظمة الأغذية والزراعة "FAO" ومسوحات الميزانية والاستهلاك HOUSEHOLD EXPENDITURE SURVEY التي تعطي تقديرات لمعدلات الاستهلاك
الغذائي الأسري في وقت معين استنادا إلى عينة ممثلة للسكان. ويستند هذا الفصل بصفة
أساسية على بيانات الموازنات الغذائية للتعرف على نمط إنتاج واستهلاك الغذاء في
الأقطار العربية.
أولا: الملامح الأساسية لنظم إنتاج الأغذية في الوطن العربي
ليست
جميع الدول العربية دولا زراعية أو تعتمد على الزراعة كأساس للدخل
القومي.
وتعتبر دول الخليج العربي وليبيا من أقل الدول العربية اعتمادا على الإنتاج
الزراعي، وذلك راجع إلى الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل القومي وإلى ضالة
الرقعة الزراعية فيها. ويواجه الإنتاج الزراعي في الدول العربية عدة معوقات أثرت
على كفاءة الإنتاج ونوعيته، ويمكن تقسيم هذه المعوقات إلى قسمين رئيسيين، معوقات
إنتاج المحاصيل الغذائية ومعوقات الإنتاج الحيواني.
1- معوقات OBSTACLES
إنتاج المحاصيل الزراعية:
يجري
إنتاج المحاصيل الغذائية في الوطن العربي في ظروف الزراعة المروية التي تعتمد على
مياه الأمطار، لذا فإن تفاوت معدلات سقوط الأمطار والتباين في توزيعها في أنحاء
هذه الدول يؤثران على قدرتها على إنتاج الأغذية، وعلى مدى توافر الأغذية والدخل
الذي يحققه أصحاب المزارع من النشاط الزراعي، وهذا بدوره يؤثر على الاقتصاد
القومي. وتعتبر الصحاري التي تشغل نحو 75 % من المساحة الإجمالية للوطن العربي
عقبة خطيرة أمام التوسع في الإنتاج الزراعي والغذائي.
وعند
استعراض أنماط الإنتاج الغذائي في الدول العربية نجد أن بعض الدول أعطت مزيدا من
الاهتمام للمحاصيل الاقتصادية ESONOMICA;
CROPS على حساب
المحاصيل الغذائية NUTRITIONAL
SROPS من حيث
الاستثمارات INVESTMENTS
والإئتمان CREDIT
والبحوث RESEARCH
والإرشاد الزراعي وتوفير مستلزمات الإنتاج الزراعي وغيرها. ويرجع ذلك إلى أن
المحاصيل النقدية تمثل مصدرا أساسيا للنقد الأجنبي لهذه البلدان، كما هو الحال
بالنسبة للقطن في كل من مصر والسودان. ومع ذلك، فإن الطلب على هذه المحاصيل
الاقتصادية وأسعارها في السوق العالمية لم تكن كما كان متوقعا في كثير من الأحوال.
وقد ساعد ذلك في جعل الميزان التجاري سلبيا NEGATIVE BALANCE OF TRADE،
مما زاد من الديون وأدى إلى اتساع الفجوة بين إنتاج الأغذية والطلب عليها.
وعموما، يمكن تلخيص أهم معوقات إنتاج المحاصيل الغذائية في الوطن العربي بما يلي:
أ-
المشكلات المرتبطة بتجزؤ الملكيات الزراعية مما يعيق إدخال الأساليب التكنولوجية
الحديثة.
ب-
نظام الملكية الزراعية السائد والذي يثير مشكلة في الإنتاج الزراعي.
ج-
قلة الموارد المائية. رغم أن الموارد المائية في المناطق المروية تقع إلى حد ما
تحت السيطرة، فإن المناطق التي تعتمد على مياه الأمطار تعاني من التفاوت الشديد في
كميات الأمطار وعدم القدرة على التنبؤ بها. وهذا يعني أن بعض بلدان الوطن العربي
تواجه من حين لآخر حالات من الجفاف الشديد، كما حدث في الصومال والسودان، بينما
تعاني المناطق في دول أخرى من الجفاف من وقت لآخر مثل تونس والمغرب والأردن، مما
يؤدي إلى نقص حاد في الأغذية في هذه الدول.
د-
عدم وجود رقابة كافية على استخدام المياه في الري، بالإضافة إلى انخفاض كفاءة
شبكات الصرف، مما أدى زيادة تدهور كفاءة الأراضي الزراعية نتيجة لإصابة التربة
بالملوحة والتفدق "التطبيل".
هـ-
ما زال استخدام مستلزمات الإنتاج الزراعي، مثل البذور المحسنة والأسمدة والمبيدات
الحشرية INSECTICIDES
في بعض الدول، مثل السودان والصومال، أقل من المستوى المطلوب.
22و-
التوسع العمراني في المناطق الحضرية والذي أدى إلى استخدام مساحات واسعة من
الأراضي الزراعية في أغراض البناء والتعمير.
ز-
النقص في عدد وكفاءة العمال الزراعيين. فلقد اتجه العديد من المزارعين إلى العمل
في المدن أو إلى الهجرة خارج الوطن، مما شكل نقصا ملحوظا في عدد العمال الذين
يزاولون المهن الزراعية، خاصة وأن الجيل الجديد قد ترك مهنة الزراعة وتوجه إلى التخصصات
الأخرى التي يمكن أن تدر له ربحا أكثر عند عمله فيها. وتوجهت بعض الدول إلى
استيراد عمال إما من دول عربية أو من دول أخرى مثل الهند وباكستان وهؤلاء ينقصهم
العديد من الخبرات المطلوبة لطبيعة الإنتاج الزراعي في الدول التي يعملون بها
لاختلافها عن دولهم.
ح-
أصبحت مشكلات التصحر وتقطيع الغابات في بعض الدول العربية تمثل تهديدا حقيقيا
لحياة السكان في الريف وقدرة هذه البلدان على إنتاج الأغذية كما هو الحال في
الصومال والسودان.
ط-
لم تكن تسهيلات الائتمان الزراعي تستخدم على الدوام بما هو في مصلحة صغار
المزارعين.
ي-
تحكم بعض الدول في أسواق المحاصيل الرئيسية بما يضر بمصالح المنتجين،
وفي
غياب التدخل من جانب هذه الدول، يلعب الوسطاء نفس الدور. وبالرغم من ذلك فمن
المفيد القول إن عددا من الدول العربية مثل مصر والسودان وتونس والمغرب وسوريا،
بدأ يتجه نحو تحرير أسعار الأغذية.
ك-
قلة الاستفادة من الدراسات والبحوث التطبيقية في المجال الزراعي في تحسين مستوى
الإنتاج الغذائي في العديد من الدول العربية بالرغم من المبالغ الكبيرة التي تصرف
على هذه البحوث.
2- معوقات الإنتاج الحيواني:
يمثل
الإنتاج الحيواني المصدر الرئيسي للبروتين الحيواني الذي يدخل في غذاء سكان الدول
العربية، كما يمثل ما يتراوح ما بين 30 و 40 % من نصيب الزراعة في الناتج المحلي
الإجمالي لبعض الدول مثل السودان والصومال. ويواجه الإنتاج الحيواني صعوبات أهمها:
أ-
أن الزيادة في عدد الحيوانات الزراعية أدى إلى الإفراط في رعي المراعي الطبيعية،
مما أساء إلى المراعي الطبيعية وأدى إلى انخفاض إنتاج الحيوانات والمراعي على
السواء. وكان من نتائج الرعي المفرط أن انتقل الرعي إلى مناطق المراعي الفقيرة في
جميع الدول العربية تقريبا.
ب-
ما زالت عمليات تربية الحيوانات تتم في ظروف الرعي المتنقل أو شبه المتنقل الذي
يمارسه البدو الرحل، مما أدى إلى انحفاض الإنتاجية.
ج-
ما زال الأخذ بنظم الإنتاج الحيواني المكثف محدودا في الوطن العربي، نظرا لقلة
وسوء الأعلاف الحيوانية وعدم تطبيق الأساليب الإدارية المناسبة.
د-
النقص الواضح في الخدمات البيطرية المقدمة لتلبية الاحتياجات في مجال الصحة
الحيوانية في العديد من البلدان العربية.
هـ-
عمليات تصنيع وحفظ المنتجات الحيوانية ما زالت تتم طبقا للنظم التقليدية بصورة
عامة.
و
المناخ السيئ في العديد من الدول العربية ساهم في ضعف أو عدم تربية بعض الحيوانات.
3- الإنتاج السمكي:
تعتبر
الثروة السمكية إحدى الثروات الغذائية الهامة في الوطن العربي والتي لم
تستغل
بالشكل المطلوب. فإمكانيات إنتاج الأسماك كبيرة في العديد من الدول العربية، وقد
استطاعت بعض الدول مثل المغرب وتونس والمملكة العربية السعودية تطوير سبل
الاستفادة من الموارد السمكية وتصدير الأسماك والمنتجات السمكية، وميكنة القطاع
التقليدي لصيد الأسماك، وإن كان ذلك على نطاق محدود حتى الآن. وتجدر الإشارة إلى
أن استهلاك الأسماك في الدول العربية في تزايد سواء من الإنتاج المحلي أو من
الواردات، لذلك فمن الضروري تشجيع التوسع في الاستثمارات من أجل تحسين المعارف
الفنية وأساليب الإنتاج في سبيل النهوض بهذا القطاع.
4- خسائر الأغذية:
بالإضافة
إلى المعوقات التي تواجه إنتاج الأغذية، تتعرض كميات من الأغذية المنتجة للتلف
أثناء أطوار النمو والحصاد وما بعد الحصاد، بل وأثناء الاستهلاك الإقليم اهتماما
خاصا من أجل الحد من هذه الخسائر.
5- التنمية البشرية:
يمثل
العنصر البشري عاملا هاما في إنتاج الأغذية. ورغم أن سكان الريف هم المنتجون
الحقيقيون للأغذية، فهم يعانون حتى الآن من عدم توافر الخدمات التعليمية والصحية
الكافية، الأمر الذي يسفر عن ارتفاع مستوى الأمية وانتشار الأمراض المعدية، وقلة
إمدادات المياه النظيفة، وضعف مرافق الصحة البيئية، بالإضافة إلى انخفاض الدخل
والبطالة الموسمية، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى التغذية. وقد أسفرت هذه العوامل عن
سوء الأحوال المعيشية لسكان الريف مما لا يمكنهم من تحقيق الاستفادة القصوى من
إمكانياتهم الإنتاجية. كذلك أدت هذه العوامل إلى ارتفاع معدل هجرة الذكور إلى
المناطق الحضرية تاركين وراءهم الإناث يعملن في الزراعة بالإضافة إلى مهامهن
المعتادة كربات بيوت.
ومما
يزيد الموقف سوءا أن نساء الريف المشتغلات بالزراعة لا يتمتعن بنفس الفرص المتاحة
أمام المزارعين الذكور فيما يتعلق بالحصول على التسهيلات الائتمانية وخدمات
الإرشاد الزراعي وعضوية الجمعيات التعاونية، وغيرها، في العديد من بلدان الإقليم.
6- السكان والغذاء في الوطن العربي:
إن
زيادة السكان بمعدلات مرتفعة تؤدي إلى فقدان التوازن بين السكان والموارد، وإلى
خفض نصيب الفرد من الدخل القومي وعرقلة التنمية، خاصة في البلاد محدودة الدخل. ذلك
لأن الجزء الأكبر من الموارد المالية التي يجب تخصيصها للتنمية يتجه إلى الاستثمار
السكاني لمواجهة ضغط السكان على الموارد المتاحة، وتلبية طلبهم المتزايد على
الغذاء والسلع الاستهلاكية وفرص العمل والإسكان والمياه والطاقة والتعليم والرعاية
الصحية والمواصلات والخدمات، وعلى التنمية البشرية بصفة عامة. وهذا ما يؤدي إلى
قلة الموارد المالية التي يمكن استغلالها في الاستثمار الاقتصادي ويزيد من صعوبة
رفع مستوى المعيشة للفرد والأسرة والمجتمع، خاصة وأن مضاعفة متوسط الدخل للفرد
يتطلب مضاعفة الدخل القومي أربع مرات في غضون 25 سنة، عندما يتضاعف السكان خلال
هذه الفترة.
يعد
معدل نمو السكان في الوطن العربي من أعلى معدلات النمو في العالم، إذ يبلغ 3.1 %
في السنة بالمقارنة مع 1.7 % للعالم، ومع ذلك فإن معدلات النمو السكاني في بعض
الدول العربية أعلى من هذا المتوسط. وتعاني بعض الدول العربية من المشاكل المترتبة
على عدم التوازن بين حجم السكان الآخذ بالتزايد بتلك المعدلات المرتفعة وبين
الموارد الأساسية المتاحة بها وصفة خاصة الغذاء وقد ساهمت هذه المشاكل في انتشار
سوء التغذية بين أعداد كبيرة من سكان هذه الدول، ومن ثم تعرضهم للإصابة بالأمراض
والوفاة في سن مبكرة، خاصة بين أفراد الأسر ذات المستويات المنخفضة من الدخل.
وحتى
يمكن توفير احتياجاتها من الغذاء، تخصص البلاد العربية أجزاء كبيرة من ميزانيتها
للاستيراد من الخارج، مما يشكل أعباء ضخمة على ميزان المدفوعات في كل منها من
ناحية، ويؤدي إلى تخفيض الميزانيات الاستثمارية وبالتالي عرقلة معدلات التنمية
الاجتماعية والاقتصادية خاصة في البلاد محدودة الدخل من الناحية الأخرى.
فالمشاكل
التي تواجه الدول العربية في محاولاتها تأمين نوعية مقبولة من الحياة للسكان كثيرة
ومعقدة، وتتداخل فيها عدة عوامل ديموغرافية وسياسية وبيولوجية واجتماعية وثقافية
واقتصادية وتعليمية وتكنولوجية وبيئية. وبالنظر إلى
التعقيدات
التي تكتنف هذه المشاكل السكانية وإلى تأثيرها السلبي على مشروعات التنمية فإن
معالجتها تكمن في تناولها بأسلوب متكامل في إطار خطط التنمية الاجتماعية
والاقتصادية.
7- الاستثمار في الزراعة:
ينبغي
الإشارة إلى أن القطاع الزراعي في العديد من الدول العربية لم يلق ما يستحق من
أولوية في خطط التنمية الوطنية، كما أن الاستثمارات المخصصة لهذا القطاع ما زالت
غير كافية. وهذا يحدث بالرغم من أن السكان الذين لهم دور مباشر أو غير مباشر في
الزراعة يمثلون 54 % من مجموع سكان الإقليم. وفي بعض البلدان مثل السودان
والصومال، يعتمد الاقتصاد القومي على الزراعة، ويمثل المشتغلون بالنشاط الزراعي 7
% إلى 80 % من مجموع السكان. وقد أسهم ذلك الوضع في إحداث الفجوة الغذائية
المتزايدة في الإقليم.
8- أسعار الأغذية وسياسات الدعم:
تعد
سياسات تسعير ودعم الأغذية من بين برامج التدخل التي تلجأ إليها حكومات كثيرة في
الإقليم من أجل تحقيق عدالة توزيع السلع الغذائية الأساسية "الحبوب، السكر،
الزيوت النباتية وما إلى ذلك". ومع ذلك فإن تأثير هذه البرامج من حيث قيمة
المواد الغذائية والمجموعات المستهدفة كان مثارا للجدل. وعلى سبيل المثال، ارتفعت
قيمة برامج الدعم الذي تتحمله الحكومة المصرية من أجل دعم أسعار الأغذية في الفترة
الواقعة بين 1956/1955 و 1989/1988 بشكل كبير جدًّا كما هو مبين في الجدول التالي:
الاعتمادات
المالية المخصصة لبرنامج دعم الأغذية في مصر يتضح
من الجدول السابق أن قيمة الدعم التي كانت تبلغ 1.9 مليون جنية مصري في 1956/1955
ارتفعت ارتفاعا حادا لتصل إلى 1815 مليون جنيه مصري في 1985/1984 ولكنها عادت
فانخفضت إلى 1056 مليون جنيه مصري في 1989/1988، مع تطبيق سياسات الانفتاح
الاقتصادي. ومع ذلك، أشارت التقارير إلى أن بعض كميات دقيق القمح المدعوم قد
استخدمت كعلف للحيوان، لأن أسعاره كانت أقل من أسعار الأعلاف الحيوانية المتاحة
الأخرى وهذا يعد نموذجا على إساءة استعمال الأغذية المدعومة.
وهناك
مثال آخر من تونس حيث ارتفعت الاعتمادات المالية المخصصة لدعم الأغذية من 1.3
مليون دينار في 1970 إلى 262 مليون دينار في 1985 والسلع الغذائية المدعومة في
تونس هي الحبوب، والزيوت النباتية، والسكر، واللحوم، والبيض، والألبان. طبقا
للبيانات التي أسفرت عنها عملية مسح الاستهلاك الغذائي في 1985، بلغ نصيب الفرد من
اعتمادات الدعم 43.5 دينارا سنويا بالنسبة لسكان المدن الكبيرة، و 38.3 دينارا
بالنسبة لسكان المناطق الحضرية "المدن الصغيرة"، و 23.8 دينارا بالنسبة
لسكان المناطق الريفية، أي ما يقرب من نصف نصيب الفرد من سكان المدن الكبيرة رغم
ارتفاع مستوى دخل سكان المدن الكبيرة. وفيما يتعلق بنصيب الفرد من الدعم، بحسب
مستوى الدخل، فقد لوحظ أن السكان الذين كان دخلهم أقل من 130 دينارا سنويا
"وهم الفقراء" كان نصيبهم من الدعم 14.7 دينارا مقابل 52 دينارا بالنسبة
لفئة الدخل المرتفع من السكان "أكثر من 910 دينار سنويا". وهكذا، يفيد
الدعم الفئات ذات الدخل المرتفع أكثر مما يفيد الفئات ذات الدخل المنخفض بنسبة
1:3، لأن الفئات الغنية تستهلك من الحبوب والسكر والزيوت النباتية واللحوم
والألبان والبيض أكثر مما يستهلكه الفقراء.
كذلك
فإن قيام الحكومة بتثبيت أسعار الأغذية دون تحديد كاف للفئات المستهدفة، سيكون له
تأثير سلبي على المنتجين الزراعيين المحليين، نظرا لأن الأسعار غير المجزية
للأغذية قد حددت لمصلحة سكان الحضر، أو بغرض تشجيع الصادرات. وهكذا ينبغي توجيه
عمليات الدعم وتحديد الأسعار توجيها دقيقا نحو أشد الفئات حاجة إليها، وينبغي
التوصل إلى حلول جديدة ومبتكرة لتوجيه الدعم نحو المستفيدين مع ضمان أقل قدر ممكن
من "تسرب" الدعم. وينبغي ألا يطبق الدعم إلا على الأغذية التي يستهلكها
الفقراء عادة. وفي بعض الدول العربية مثل ليبيا
التي تدعم حكومتها جميع السلع الغذائية تقريبا، أدى دعم الأغذية إلى ارتفاع نسبة
البدانة نظرا لارتفاع نسبة الوحدات الحرارية "الكالوري" والدهون في غذاء
السكان، مما أدى بدوره إلى انتشار الأمراض المزمنة وهي الأمراض التي تشتهر بها
المجتمعات الموسِرة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وضغط الدم والسكر، وما
إليها. وتشير بعض الدراسات أن سياسة الدعم في دول الخليج العربي، والتي تركز على
دعم الأغذية ذات الكالوري العالية، مثل الأرز والسكر والدهون واللحوم، قد ساهم في
حدوث هذه الأمراض المزمنة.
ومن
الأمثلة الأخرى دعم الأغذية المستوردة التي يستهلكها الأطفال الرضع "ألبان
الأطفال" في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية "سابقا" مما أسفر
عن تشجيع التغذية المعتمدة على تلك الألبان، بما ترتب على ذلك من نتائج مثل انتشار
أمراض الإسهال وغيرها من أمراض الأطفال، وزيادة انتشار سوء التغذية البروتينية.
9- الفجوة الغذائية:
الفجوة
الغذائية هي الفرق بين حجم الطلب على الأغذية وإمدادات الأغذية المتاحة من المصادر
المحلية. وقد بلغت الفجوة الغذائية في الدول العربية أبعادا خطيرة لا سيما خلال
العقدين الماضيين. وجمع الدول العربية "باستثناء السودان" تعاني من
موازين تجارية سلبية كما هو مبين في الجدول1. كذلك يوضح الجدول أنه اعتبارا من
1976 وحتى 1988، بدأت موازين تجارة المحاصيل الزراعية تصبح سلبية في جميع الدول
العربية، باستثناء السودان، وأخذت سلبيتها تتفاقم بمعدلات مرتفعة جدا. ويوضح
الجدول 2 مجموع واردات الدول العربية من الأغذية، وهي التي ارتفعت قيمتها من 3.3
مليار دولار في المتوسط خلال الفترة 1975-1970 إلى نحو16 مليار دولار في المتوسط
خلال الفترة 1988/1983، أي أن معدل الزيادة السنوية بلغ نحو 13 %. وبهذا المعدل
المرتفع يمكن أن تصل قيمة واردات الدول العربية من الأغذية إلى ما يقرب من 90
مليار دولار بحلول عام 2000. ولا تعد الصورة أفضل من ذلك من الناحية الطبيعية، ولا
سيما فيما يتعلق بالحبوب التي تعد العنصر الرئيسي ضمن ما تستورده البلاد العربية
من الأغذية. وفي الحقيقة، فقد بلغت حصة الحبوب ضمن مجموع واردات الدول العربية من
الأغذية خلال الفترة 1988-1983 نحو 39 %، كما هو مبين في الجدول 2. وهكذا، يمكن
اعتبار الحبوب من الأمثلة المناسبة عند تقدير الفجوة الغذائية التي تعاني منها
الدول العربية.
ويوضح الجدول 3، بجلاء، تطور هذه الفجوة في الحبوب. فقد ازداد طلب الدول العربية
على الحبوب "الإنتاج+الواردات" إلى 31 مليون طن في المتوسط خلال الفترة
1988- 1983، أي أن معدل الزيادة السنوية بلغ نحو 5.2 %.
وعلى
النقيض من ذلك، تأخر إنتاج الحبوب كثيرا، حيث ارتفع إنتاج الحبوب من 22.3 مليون طن
إلى 27.2 مليون طن خلال نفس الفترة، مما يدل على أن معدل الزيادة السنوية في
الإنتاج كان شديد الانخفاض، إذ أنه لم يتجاوز 1.5 % "الجدول 3".
وباستقراء معدلات النمو هذه، يمكننا أن نستخلص أن فجوة الحبوب التي كانت تبلغ 36
مليون طن في المتوسط خلال الفترة 1987-1983 يمكن أن تصل إلى نحو 88 مليون طن بحلول
عام 2000.
وإذا
أخذنا مصر كمثال على المحاولات التي بدلتها بعض البلدان في الإقليم من أجل تحقيق
الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الرئيسية، لوجدنا أنه في حين كانت معدلات إنتاج
واستهلاك كل من الأرز والفول في عام 1987 تصل إلى نسبة 100 %، فإن هذا المعدل في
حالة القمح كان 22 % فقط. وكانت المعدلات الخاصة بجميع السلع الغذائية الأخرى
المبينة في الجدول 4 أقل من 100 %. ومن الواضح وجود فجوة غذائية واسعة في كل من
القمح والذرة والزيوت النباتية والعدس واللحوم.
تتسم
فجوة الأغذية في الدول العربية بسمتين رئيسيتين ينبغي ملاحظتهما. السمة الأولى أن
هذه الفجوة مركزة في عدد قليل من السلع الاستراتيجية، ولا سيما الحبوب التي تمثل
ما يقرب من 40 % من قيمة ما تستورده البلدان العربية من المواد الغذائية. أما
السمة الثانية فهي أن الفجوة تتركز في عدد قليل من هذه البلدان التي تتميز بارتفاع
الناتج المحلي الإجمالي أو كثرة السكان. وعلى سبيل المثال، كانت واردات المملكة
العربية السعودية من الرز في 1987 تمثل 26 % من مجموع واردات الدول العربية. كذلك
حصة مصر من واردات القمح والسكر تمثل 63 % و 22 % على التوالي، في نفس السنة.
الجدول
1- الاتجاهات في الموازين التجارية الزراعية* في الدول العربية "بملايين
الدولارات"
"*"
ميزان التجارة الزراعية=الصادرات الزراعية-الواردات الزراعية.
المصدر:
نشرة الإحصاءات الزراعية، منظمة الأغذية والزراعة، روما، 1989البيانات المتاحة حتى
شهر أيلول/ سبتمبر 1989.
الجدول
2 الاتجاهات في الواردات الغذائية في الدول العربية "بملايين الدولارات"
المصدر:
نشرة الإحصاءات الزراعية، منظمة الأغذية والزراعة، روما، 1989، البيانات المتاحة
حتى أيلول/ سبتمبر 1989.
الجدول3-
اتجاهات إنتاج وواردات الحبوب في الدول العربية "ألف طن متري"
"*"
النسبة المئوية هي نسبة الواردات إلى مجموع الإنتاج والواردات.
المصدر:
نشرة الإحصاءات الزراعية، منظمة الأغذية والزراعة، روما. البيانات المتاحة حتى
أيلول/ سبتمبر 1989.
الجدول
4- معدلات الاكتفاء الذاتي من الأغذية الرئيسية في مصر "1987" "آلاف
الأطنان"
10- الأمن الغذائي:
يعني
الأمن الغذائي أن يكون بوسع السكان، في جميع الأوقات، الحصول على الأغذية الأساسية
التي يحتاجونها، أي أن تكون هذه الأغذية موجودة بالفعل ويكونون هم قادرين من
الناحية الاقتصادية على الحصول عليها. وهذا يعني أنه ينبغي أن تتمتع كل أسرة
بالقدرة على إنتاج أو شراء الأغذية بالكميات التي تكفيها وبالنوعية التي تضمن
لجميع أفراد الأسرة حياة صحية وخالية من العلل. وعموما، يمكن تقسيم الهدف العام
للأمن الغذائي إلى ثلاثة أهداف محددة هي: ضمان إنتاج إمدادات كافية من الأغذية،
وتحقيق أكبر قدر من الاستقرار في تدفق الإمدادات، وضمان حصول العامة على إمدادات
كافية من الأغذية. وتتصل معظم المشكلات المتعلقة بالأمن الغذائي على مستوى الأسرة
بقضية قدرة الفقراء على الحصول على الأغذية. لذلك ينبغي تشجيع المشروعات. ويشكل
تحديد طبيعة ومدى وأسباب عدم الشعور بالأمن الغذائي على مستوى الأسرة المهام
الرئيسية بالنسبة لجميع البلدان العربية وذلك لكي يتسنى لها وضع وتصميم البرامج
التي يمكن أن تعالج هذه المشكلات.
لذلك
فإن مشكلة عدم توافر الأمن الغذائي يمكن أن تؤثر في المجموعات الحساسة نظرا
لارتفاع الاحتياجات الفيزيولوجية لهذه الفئات، وكذلك نظرا للعوامل الثقافية
والبيئية التي يمكن أن تؤثر في عدم توافر الأمن الغذائي لهذه الفئات حتى وإن أتيح
لها الدخل الكافي. وينبغي ملاحظة أن خطط الأمن الغذائي الوطنية لا تعد كافية في حد
ذاتها، إذ ينبغي أن تقترن بخطط أخرى للتغلب على مشكلات الأمن الغذائي على مستوى
الأسرة بل وعلى مستوى الفرد. وعلى سبيل المثال، فطبقا لما جاء في تقرير بعثة تقدير
المحاصيل التي زارت السودان 1992-1991، تبين أن السودان يتمتع بالاكتفاء الذاتي في
الحبوب في الوقت الذي يعاني فيه عدد كبير من الأسر في مناطق معينة في البلاد من
نقص الحبوب نظرا لضعف المحصول في المناطق قليلة الأمطار.
الكتاب: الغذاء
والتغذية و عدد الأجزاء: 1 و الناشر: أكاديميا
المؤلف:
عبد الرحمن عبيد عوض مصيقر
المصدر :
المكتبة الشاملة
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
Features of production and consumption of food in the Arab worldFirst: The main features of food production systems in the Arab world
...
Features
of food production and consumption in the Arab world:
Dr.
Samir Mlady - Dr. Abdel Rahman Obaid Mseiqar:
The
Arab world has 21 countries and occupies a large and diverse area of about 14
million kilometers, with some 220 million people. It extends from the Arabian
Gulf states eastward to the Maghreb in the west. These countries vary in
geographical characteristics, climate, economic, social and health conditions.
It includes the richest and richest countries in the world. Therefore, the
study of food production and consumption in general in these countries is
difficult because of the lack of statistical data needed and the uncertainty of
its accuracy. The current diet study and trends in food consumption are based
on two basic statistical sources: the FAO Food Balance and the Household
Expenditure and Consumption Surveys (HOUSEHOLD EXPENDITURE SURVEY), which provide
estimates of household food consumption rates at a given time based on a
representative sample of the population . This chapter is based mainly on food
budget data to identify the pattern of production and consumption of food in
Arab countries.
First:
The main features of food production systems in the Arab world
Not
all Arab countries are agricultural or agricultural-dependent
National.
The Arab Gulf states and Libya are among the least Arab countries depending on
agricultural production, depending on the dependence on oil as a main source of
national income and the deforestation of agricultural land. Agricultural
production in the Arab countries faces several constraints that have affected
production efficiency and quality. These constraints can be divided into two
main categories: constraints on food crop production and constraints on animal
production.
1.
Obstacles Obstacles:
Food
crops are produced in the Arab world under irrigated irrigated agriculture.
Rainfall rates and variations in distribution across these countries affect
their ability to produce food, the availability of food and farmers' income
from agricultural activity, This in turn affects the national economy. Deserts,
which occupy about 75% of the total area of the Arab world, are a serious
obstacle to the expansion of agricultural and food production.
When
reviewing patterns of food production in Arab countries, some countries have
given more attention to economic crops ESONOMICA; CROPS at the expense of food
crops NUTRITIONAL SROPS IN INVESTMENTS, CREDIT, CREDIT, RESEARCH, AGRICULTURAL
AGRICULTURE AND SUPPLEMENT OF AGRICULTURAL PRODUCTION REQUIREMENTS AND OTHER.
This is because cash crops are an essential source of foreign exchange for
these countries, as is the case for cotton in Egypt and Sudan. However, the
demand for these economic crops and their prices in the global market has not
been as expected in many cases. This has helped to make the trade balance
negative, increasing debt and widening the gap between food production and
demand.
In
general, the most important constraints to the production of food crops in the
Arab world can be summarized as follows:
A
- Problems associated with the fragmentation of agricultural properties, which
hinder the introduction of modern technological methods.
(B)
The prevailing agricultural ownership system, which raises a problem in
agricultural production.
Lack
of water resources. Although water resources in irrigated areas are somewhat
under control, rainfall-dependent areas suffer from extreme rainfall
variability and unpredictability. This means that some countries in the Arab
world face occasional severe droughts, such as in Somalia and Sudan, while in
other countries, drought occurs from time to time, such as Tunisia, Morocco and
Jordan, leading to severe food shortages in these countries.
D)
Lack of adequate control over the use of water in irrigation, in addition to
the low efficiency of drainage networks, which led to further deterioration of
the efficiency of agricultural land due to salinity of the soil and drowning.
E.
The use of agricultural inputs, such as improved seeds, fertilizers and
insecticides, in some countries, such as Sudan and Somalia, is still below the
required level.
22
- urban expansion in urban areas, which led to the use of large areas of
agricultural land for construction and reconstruction.
Lack
of number and efficiency of agricultural workers. Many farmers tended to work
in cities or migrate abroad, which marked a marked decrease in the number of
workers engaged in agricultural occupations, especially as the new generation
left the agricultural profession and headed to other disciplines that could
earn more when he worked there. Some countries have imported workers from
either Arab countries or from other countries such as India and Pakistan. They
lack many of the required expertise for the nature of agricultural production
in the countries where they work, because they differ from their countries.
The
problems of desertification and deforestation in some Arab countries have
become a real threat to the lives of the rural population and their ability to
produce food, as in Somalia and Sudan.
I.
Agricultural credit facilities have not always been used for the benefit of
small farmers.
J)
Some countries control major crop markets to the detriment of producer
interests,
In
the absence of intervention by these countries, mediators play the same role.
It is worth mentioning, however, that a number of Arab countries such as Egypt,
Sudan, Tunisia, Morocco and Syria have begun to move towards liberalization of
food prices.
Lack
of benefit from studies and applied research in the field of agriculture in
improving the level of food production in the count
0 Response to "ملامح إنتاج واستهلاك الغذاء في الوطن العربي أولا: الملامح الأساسية لنظم إنتاج الأغذية في الوطن العربي The main features of food production systems in the Arab world"
Post a Comment