نظرية بك وهافجهرست عن الأخلاقية peck & havighurst
Thursday, July 26, 2018
Add Comment
3-
نظرية بك وهافجهرست عن الأخلاقية peck & havighurst:
ربما كانت تصورات بك
وهافجهرست من أهم التصورات الحديثة عن التفكير الأخلاقي، والتي لم تنل عنايةً من
الباحثين مثل غيرها من النظريات، فلقد قدَّم بك وهافجهرست تصورهما عن مراحل النمو
الخلقي في كتابهما سيكولوجية نمو الخلق, الذي نشر عام 1960. وعلى الرغم من أن هدف
هذا المؤلف كان أوسع في مداه من مجرَّد التحليل البسيط لنمو المفاهيم الخلقية،
بأنه يهتم أساسًا بكيفية مواجهة الطفل للمشكلات الأخلاقية المختلفة. لقد درس بك
وهافجرست مجتمعًا محليًّا صغيرًا في الوسط الغربي من الولايات المتحدة الأمريكية،
واستخدما في البحث اختبارات متعددة، طُبِّقَت على الأطفال الذين ولدوا عام 1932,
وكانوا يعيشون في هذا المجتمع المحلي عام 1943 وقت إجراء البحث. وقد حصل الباحثان
كذلك على تقديرات عن الخلق من المعلمين ومن زملاء التلاميذ على فترات مختلفة من
نمو العينة, وقد اعتمد البحث بشكل أساسي على عينات مستعرضة من المجتمع، نصفهم من
البنين ونصفهم من البنات, وقد طبقت عليهم اختبارات إسقاطية واختبارات تكملة الجمل،
وأجريت معهم مقابلات شخصية، وكذلك جمعت عنهم ملاحظات بواسطة الباحثين الميدانيين,
وقد افترض بك وهافجهرست بناء على دراستهما وجود خمسة أنماط من الخلق، وتصورا
تتابعهما مع نمو الفرد وهي:
1- الحياد
الأخلاقي في الطفولة amoral in infancy: وفي هذه المرحلة يرى
الطفل الناس الآخرين كوسائل لإشباع الذات, يكون الطفل متمركزًا تمامًا حول ذاته,
لا يعرف المبادئ الأخلاقية ولا الضمير. إنها صورة رضيع لم يبدأ في التطبيع بعد.
2-
الوسيلية في الطفولة المبكرة expedient in early chidhood: يميل الطفل في هذه المرحلة لأن يعمل وفقًا لتقاليد المجتمع, ولكن
لكي يتجنَّب العقاب ويحصل على الثواب فقط. إن الطفل في هذه المرحلة لا يهتم بخير
الناس الآخرين، إلّا إذا كان ذلك في صالحه، يكون الطفل متمركزًا حول ذاته،
وأخلاقياته غير ثابتة, طالما أن مبرر محافظته على القواعد مرتبط بحصوله على ميزة
أو مكافأة.
3أ- المسايرة في الطفولة
المتأخرة: conformity in latd chilhood:
الشخص المساير هو الذي يتبع
ما هو سائد من قواعد السلوك، وهنا نجد لدى الطفل اتجاهًا ثابتًا نحو الصواب
والخطأ, ولكن ذلك لا يرجع إلى الالتزام بمبدأ أخلاقي عام, وإنما إلى الالتزام بما
هو سائد في المجتمع. وهكذا نجد أن الطفل يواجه كل موقف بتطبيق القاعدة المناسبة
والسائدة في المجتمع بصرف النظر عن علاقته بالمواقف الأخرى.
3ب- الضمير اللاعقلاني irrational conscientious في الطفولة المتأخرة:
وهنا يحكم الطفل على المواقف
وفقًا لمعاييره الداخلية أو الذاتية عن الصواب والخطأ، مع اهتمام ضئيل بما إذا كان
الناس من حوله يوافقون على تصرفه أم لا, ويشير وصف اللاعقلاني على أن القواعد تطبق
بطريقة جامدة نسبيًّا؛ فالفعل خير أو شر، صواب أو خطأ؛ لأنَّ الفرد يشعر بذلك لا
بسبب آثاره على الآخرين.
4-
الغيرية العقلانية rational altruistic في المراهقة: وهذه أعلى مرحلة للنضج الخلقي في تصور
"بك" و"هافجهرست", والذين يسلكون على هذا النحو ليست لديهم
مجموعة ثابتة من المبادئ الأخلاقية, وإنما هم أيضًا يطبقونها بموضوعية في ضوء ما
إذا كانت نتائج الفعل المعين ضارة أو نافعة بالنسبة للآخرين, والشخص الغيري على
وعي بمعايير مجتمعه, وإيحاءات ضميره ذاته، ولكنه قادر على أن يراعي روح القواعد لا
أن يظل عبدًا لحرفيتها, ويلاحظ أن "بك" و"هافهجرست" قسَّما
المرحلة الثالثة إلى نوعين من الأخلاقية، وهما يعتبرانهما بديلين، بمعنى أنَّ
الطفل في انتقاله من المرحلة الثانية إلى الرابعة يمر بأحد هذين البديلين دون
الآخر. ومن الواضح أنَّ هذا التصور يمكن أن يؤدي إلى وظيفتين؛ الأولى: إنه يمثل
سلسلة متتابعة لمراحل النمو، والثانية: إنه يمكن أن يتَّخذ أساسًا لتصنيف الأفراد
إلى المساير أو المطيع أو الغيري ...
إلخ. ولعله من الواضح أيضًا أنهما لا يفترضان أنَّ كل فرد لا بُدَّ أن يصل
بالضرورة لأعلى المراحل, وقد أشار "بك" و"هافجهرست" إلى أن
غالبية المراهقين في بحثهما لم يصلوا فعلًا إلى هذه المرحلة الأخيرة "الغيرية
العقلانية". "سليمان الخضري 1982، 6".
3-
نظرية كولبرج:
تعتبر نظرية لورنس كولبرج Lawrence kohlberg أحدث نظريات النمو
الخلقي ونمو التفكير الخلقي بشكل خاص، كما أنَّها تعتبر أكثر النظريات ثراءً من
حيث استثارتها للبحث في التفكير الخلقي.
ولقد ولد كولبرج عام 1927,
عاش طفولته الأولى بنيويورك، التحقق بجامعة شيكاغو عام 1948، حصل على دراساته العليا
في علم النفس، واهتم بأفكار بياجيه ونظرياته، وبدأ في إجراء مقابلات مع الأطفال
والمراهقين لمناقشتهم فيما يتعلق بالقضايا الأخلاقية، ونتيجة لذلك حصل على درجة
الدكتوراه عام 1958. عمل بجامعة شيكاغو من 1962-1968, وانتقل بعد ذلك إلى جامعة
هارفارد حتى مات عام 1987.
ولقد تأثَّر
"كولبرج" في صياغته لنظريته بأفكار كثير من الفلاسفة وعلماء النفس
السابقتين مثل: جون ديوي وغيره، على أن أهمَّ المؤثرات السابقة في نظريته استمرت
بشكل أساسي من نظرية جان بياجيه في النمو المعرفي, فلقد تأثَّر كولبرج بجان بياجيه
في ثلاث جوانب رئيسية: الصياغات النظرية، مفهوم مراحل النمو، ومنهجه في البحث.
فلقد اعتمد كولبرج إلى حدٍّ كبير على صياغة بياجيه لمراحل
النمو المعرفي، في وضع
نظريته الخاصة عن الحكم الخلقي. كذلك تصوّر كولبرج مراحل النمو الخلقي بنفس الصورة
التي تصوّر بها بياجيه مراحل النمو المعرفي؛ حيث تصورها على أنها مراحل تجمعية
وليست مجرَّد مراحل متتابعة. وهذا يعني أنَّ كل مرحلة سابقة تمهّد للمرحلة التالية
لها, وتدخل كعناصر مكونة فيها، كما أنَّ منهج بياجيه الإكلينيكي له تأثيره الواضح
في الأدوات التي ابتكرها كولبرج لدراسة التفكير الخلقي، فقد صمَّم سلسلة من
المشكلات الخلقية الفرضية, وقام بإجراء مقابلات شخصية مع أطفال ومراهقين, وتوصَّل
بهذه الطريقة إلى صياغة نظريته عن النمو الخلفي.
لقد طوّر كولبرج تصور بياجيه
عن نوعي الأخلاقية "الأخلاقية الخارجية، والأخلاقية داخلية المنشأ"
مقدمًا تصوره الخاص عن ست مراحل لنمو التفكير الخلقي, وبالإضافة لذلك سعى إلى
تقديم استبصار أكبر بأثر القوى الاجتماعية.
والخبرة على النمو الخلقي.
ولقد كان اتجاه كولبرج في فهم استجابات الأفراد للمشكلات الخلقية شأنه شأن بياجيه،
يعتمد على تحليل الأبنية العقلية وأنماط التفكير الكامنة وراءها. والتفكير الخلقي
هو نمط التفكير الذي يتعلق بالتقييم الخلقي للأشياء والأحداث, وهو يسبق كل فعل أو
سلوك خلقي. وهو بهذا يختلف عن السلوك الخلقي، فالسلوك الخلقي سلوك معقَّد يتضمَّن
بداخله عناصر متعددة, أو تسهم في حدوثه عوامل عديدة. والتفكير ما إلّا أحد هذه
العناصر, كذلك يختلف التفكير الخلقي عن القيم الخلقية، فالقيمة الخلقية تشير إلى
ما يعتقد الفرد أنه صواب, أو ما يعتقد أنه خطأ, أما التفكير الخلقي فيتعلّق
بالطريقة التي يصل بها الفرد إلى حكم معين يتعلّق بالصواب أو الخطأ، فقد يعتقد
كثير من الناس أن السرقة خطأ وهذه قيمة, ولكن قد يختلفون في طريقة الوصول إلى هذا
الحكم؛ فبينما يبني شخص حكمه على أساس طاعة القانون، يبني آخر على أساس مراعاة
ضميره، وهناك أفراد يهتمون بالانصياع لمعايير المجتمع، بينما يمكن أن يقدّم آخرون
حججًا حول تأثير السرقة على المجتمع, مثل هذه الأسس المختلفة لإصدار الأحكام
الخلقية تضمَّن طرقًا مختلفة للتفكير الخلقي.
ولقد طوَّر كولبرج تصوّر
بياجيه عن نوعي الأخلاقية مقدمًا تصوره الخاص عن ست مراحل لنمو التفكير الخلقي
يمكن تصينفها إلى ثلاثة مستويات، تبدأ من منظور التمركز حول الذات، ثم المنظور
الاجتماعي, وأخيرًا المنظور الإنساني العالمي. وبالإضافة لذلك: سعى إلى تقديم
استبصار أكبر بأثر القوى الاجتماعية والخبرة على النمو الخلقي, ولقد كان اتجاه
كولبرج في فهم استجابات الأفراد للمشكلات الخلقية شأنه شأن بياجيه يعتمد على تحليل
الأبنية العقلية وأنماط التفكير الكامنة وراءها. واعتبر كولبرج المفهوم الأساسي
للنمو الخلقي هو العدل justice, وهو نفس الاعتبار الذي
دارت حوله تحليلات بياجيه، فالنمو الخلقي لدى كلّ منهما لا يعني حب البشر، أو
الإحساس البديهي لقدسية الواجب، أو الاهتمام ببقاء الجنس البشري، وإنما تحقيق
الاتزان الاجتماعي بين الأفراد الذين يتفاعلون مع بعضهم البعض, وذلك عن طريق
موازنة الادعاءات الفردية الشرعية في موقفٍ ما، وإعطاء الأولية لأيٍّ منها طبقًا
لمبادئ القسط التي تحكم التعاون بين البشر, ومن
ثَمَّ فإنَّ الأخلاقيات في
نظرهما هي منطق الأحداث. "محمد رفقي: 1983، 72". وكولبرج شأنه في ذلك
شأن بياجيه، يرى أن الأخلاقيات لا تنمو كلها مرة واحدة، بل تخضع لسلسلة من
المراحل، وتمثل هذه المراحل تتابعًا نمائيًّا لا يختلف، وتتابع هذه المراحل منتظم؛
بحيث لا يتمّ إغفال آية مرحلة، ويتقدم الأطفال خلال هذه المراحل بسرعات مختلفة, أو
قد يكون الطفل في مرحلة معينة إلى حد ما وخارج نفس المرحلة إلى حدٍّ ما، ويتوقّف
الفرد عند أي مرحلة وفي أي سن، ولكنه إذا لم يتوقف واستمر في النمو فإنه يجب أن
يسير وفقًا لهذه المراحل, ولا يمكن أن يتمَّ التفكير الخلقي للمستوى التقليدي
مثلًا قبل المستوى قبل التقليدي، كما لا يمكن أن يكون أيّ فرد في المرحلة الرابعة
مثلًا قد مرَّ بالمرحلة السادسة, ولكن كل راشد في المرحلة السادسة يجب أن يكون قد
مرَّ بالمرحلة الرابعة "kohiberg & giligan,
1971, 1068-1069". ويعتقد كولبرج أن
المراحل التي حدَّدها في نظريته ترتبط بصورة هرمية؛ حيث لا بُدَّ للفرد أن يمرَّ
بكل المراحل السابقة على مرحلة معينة حتى يصل إلى تلك المرحلة، وتوضح تلك المراحل
أنماطًا للتفكير يسود جميع الثقافات, بمعنى أنه تتابع ثابت لا يختلف باختلاف
الثقافة التي ينمو فيها الفرد. "sugarman, 1973, 50-52". ومن هنا ركَّز كولبرج على التفكير الخلقي وليس الاستجابة
الخلقية, ويرجع ذلك إلى أن نفس الاستجابة قد ترتبط بسببين مختلفين تمامًا للسلوك.
ومن هنا فإنَّ المدخل لدراسة النمو الخلقي يركِّز على عمليات التفكير التي تكمن
وراء الحكم الخلقي، كما أنه يعالج بشكل مفصَّل التغيرات التي تطرأ على تفكير الطفل
الخلقي عبر مراحل نموه المختلفة "lerner &
spanier, 1980, 257", وإذا كان بياجيه
قد اقتصر في تحليله للأخلاقيات على الأطفال, فإن كولبرج حاول أن يرتقي بتصنيفه إلى
مراحل المراهقين؛ حيث صاغ مراحل النمو الخلقي الست بناءً على مقابلاته مع أطفال
تمتد أعمارهم ما بين 10-16 سنة, وبالتركيز على مآزق خلقية فرضية, فيها طاعة
القواعد والسلطة تتصارع مع حاجات الآخرين, ويطلب من المفحوص حل هذا الصراع، ولم
يهتم بكيفية حل هذا الصراع, ولكن لماذا يستجيب له بهذه الطريقة.
ولم يكن اهتمام كولبرج
بكيفية تقرير حل المآزق الخلقية بالمبررات المعطاة لهذه الاختيارات؛ حيث يعتقد
بأنَّ هذه المبررات تعكس البناء العقلي الداخلي للتفكير الخلقي.
كما يشير كولبرج وكرامر إلى
أنَّ النمو الأخلاقي يتضمَّن عملية متصلة يعيشها الفرد, بهدف إقامة نوع من
المواءمة بين نظرة أخلاقية معينة وخبرة الفرد, فيما يتعلق بالحياة في عالم اجتماعي
يتبنَّى هذه النظرة, ويتخذ منها معيارًا لمسلك الأفراد في هذا الجانب أو ذاك من
جوانب حياتهم؛ حيث يرى أن التفكير الخلقي يتمُّ في سياق نمو عمليات التفكير التي
يمرّ بها الطفل أثناء تعامله وتفاعلاته مع بيئته الاجتماعية، ويستمر النمو في
التفكير الخلقي من خلال ما يعيشه الفرد من مواقف وخبرات، ومحاولاته المستمرة لحل
ما يواجهه من تناقضات, وتجاوز آثارها "kohiberg
& kramer, 1980,93-120". ويرى توريل Turiel أنَّ ما يعيشه الطفل من
صراعٍ وتناقضٍ يترتَّب عليه اختلال في التوازن فيما لديه من تركيبات أخلاقية
قائمة، مما يؤدي به إلى أن يصبح غير قادر على أن يستوعب هذه الخبرات, وبالتالي فهو
يتلمَّس الطريقة التي يصل بها إلى تركيب آخر يقترب مما لديه. وعندما يتيقن أن هذا
التركيب في صورته الجديدة يتفق أو يتوائم مع ما يعيشه من مواقف وخبرات, يعمد إلى التوافق
بين التركيبين الجديد والقديم؛ بحيث ينتقل إلى نوع جديد من الاتزان, أي: مراحل
جديدة من مراحل نموه الخلقي. وهكذا كلما تزايدت درجة تعقيد الثقافة فإن هناك
احتمالًا أكبر لِأَنْ يواجه الطفل قدرًا أكبر من مواقف الصراع والتناقض, مما يؤدي
به إلى أن يعيش عددًا أكبر من مواقف عدم الاتزان، الأمر الذي يستتبعه أن يبذل
الطفل عددًا أكبر من محاولات التواؤم بهدف استعادة التوازن، وأن يشهد عددًا أكبر
من التغيرات في تركيباته الأخلاقية، وهكذا فإنَّ النمو الخلقي يسير على أساس
محاولة الفرد الحفاظ على التوازن بين التمثل والمواءمة, وبسبب التمثل الوظيفي
يحاول الفرد ضمّ التفكير الخلقي إلى تركيبه المعرفي وأبنيته المعرفية القائمة،
وإذا كان هذا التفكير في مرحلة أعلى فإنه يتصارع في النهاية مع التنظيم العرفي
القائم لدى الفرد, وعلى هذا: يحدث عدم التوازن الذي يتطلّب المواءمة, ومن ثَمَّ إعادة
التوازن والانتقال إلى مستوى أعلى من التفكير نتيجة لذلك. "Turiel, 1969, 92-131".
ويرى كولبرج أن الفرد
يتقدَّم خلال سلسلة ثابتة من المراحل النوعية للنمو الخلقي, وأعلى هذه المراحل
الإحساس بالعدل والاهتمام بالتبادلية بين الأفراد، فكل مرحلة تستجيب لقضايا خلقية
معينة، وكل مرحلة جديدة هي إعادة تنظيم وترتيب جديدة لمراحل سابقة، والأفراد في
الثقافات المختلفة يسيرون في نفس المراحل بنفس الترتيب, والاختلاف فقط في سرعة هذا
النمو. ويؤكد كولبرج أن النمو الخلقي متتابع, وأن نمط النمو للفرد ثابت عمومًا؛
حيث يبدأ بالمرحلة الأولى ويتقدَّم تفكيره حتى يصل إلى المرحلة النهائية بالنسبة
له, ويرى أن هذا التتابع عام في الثقافات المختلفة, وكل الأفراد في كل ثقافة ينمون
بمعدَّلات مختلفة, ولا يصلون إلى نفس المرحلة النهائية, وتتميز مراحل كولبرج بعدة
صفات:
1- إن
هذه المراحل تمثّل أنماطًا للتفكير مختلفة في الكيفية.
2-
تشكل هذه المراحل نظامًا ثابتًا ومتتابعًا للنموِّ يتحرك خلال تلك المراحل إلى
الأمام, ويتم خطوة خطوة.
3-
تكون هذه المراحل كلًّا متكاملًا.
4-
تمثل هذه المراحل تكاملات هرمية، يستطيع الأفراد فهم كل المراحل السابقة على
المرحلة التي ينتمون إليها، إلّا أنهم لا يستطيعون فهم أكثر من مرحلة واحدة أعلى
من المرحلة التي ينتمون إليها. "jensen 1985".
ويرى كولبرج أن التفكير
الخلقي للأفراد يتغيِّر مع تقدمهم في النمو، وبصورة عامة فإنّهم يتحركون من
المستوى قبل التقليدي إلى المستوى التقليدي، فالمستوى بعد التقليدي، ولا يحدث أن
يخطئ أي فرد مرحلة معينة إلى مرحلة أعلى منها, إلّا أنَّ البعض فقط هم الذين يصلون
إلى المرحلة السادسة، وفي المجتمع الأمريكي لا يصل للمرحلة السادسة غير 10% من
الراشدين. "gorman, 1980,338".
ويرى كولبرد أنَّ كل مرحلة
لها مفهوم خلقي خاص بها, وهذا المفهوم يختلف من مرحلة إلى أخرى, ويصبح أكثر
تكاملًا وأكثر عمومية, فعندما ينتقل مفهوم الفرد عن قمية الحياة الإنسانية من
المرحلة الأولى إلى المرحلة الثانية تصبح
قيمة للحياة أكثر اختلافًا
عن قيمة الممتلكات, وأكثر تكاملًا, فتدخل قيمة الحياة في سلّم تنظمي حيث تكون أعلى
من الممتلكات. وعلى ذلك فإن الفرد يسرق الممتلكات لينقذ الحياة، وأكثر عمومية فتصح
حياة أي مخلوق حساس ذات قمية يصرف النظر على وضع الممتلكات, ويكون نفس التقدم
حقيقيًّا في كل مرحلة من السلم, وتصبح كل مرحلة أو خطوة للنمو تنظيمًا معرفيًّا
أفضل من سابقتها، وتتضمَّن كل ما هو موجود بالمرحلة السابقة, ولكنها تبيِّن فروقًا
جديدة أكثر شمولًا وأكثر اتزانًا.
ويرى كولبرج أن نمطي
الأخلاقيات عند بياجيه غير كافية لتغطية جميع التغيرات في التفكير التي يمر بها
الفرد, ومن هنا وضع نظريته التي تتكوَّن من ست مراحل لتغطية التغيرات النوعية في
التفكير الخلقي لدى الأفراد, ويركز كولبرج -مثل بياجيه- على التفكير الخلقي, أي:
على الطريقة التي يفكِّر بها الأفراد في المشكلات الخلقية, وليس على الاستجابة
الخلقية ذاتها؛ لأنه يرى أننا لو ركَّزنا على الاستجابة نكون قد تجاهلنا مغزى
السلوك، فقد يوجد فردان مثلًا يسلكان نفس السلوك, ولكن لكلٍّ منهما هدفًا خاصًّا
به. وقد توصَّل كولبرج إلى نظريته باتباع خطوات أو إجراءات مشابهة لما قام به
بياجيه، فكان يقص على الأطفال قصصًا تدور حول مشكلات خلقية, ثم يسألهم بعض الأسئلة
عنها، واعتبر الإجابة عن الأسئلة بـ"نعم أو لا" غير كافية؛ لأن الفرد لا
يبوح بأيّ شيء عن مستوى نموه الخلقي. كما أنَّ كولبرج كان يبحث عن التفكير الذي
يكمن خلف هذه الاستجابات، ومن هنا كان يهتمّ بالأسباب التي أدَّت إلى هذا الحكم,
ودرس وجهة نظره عن النوايا التي دعت إلى السلوك, ومدى اختلاف هذه النوايا عن
النتائج التي تحدث بعد ذلك، وتتميّز طريقة كولبرج عن بياجيه في نقطتين؛ أولهما: إن
تقسيمه للنمو يمتد إلى سنٍّ أكبر مما يتناوله بياجيه، ثانيهما: إنه يجعل من السهل
مقارنة مستويات الحكم الخلقي بين الثقافات. وفي دراسته للتفكير الخلقي كان كولبرج
يعرض على الأطفال قصصًا تتضمَّن الاختيار بين بديلين غير مقبولين ثقافيًّا, وقد
تميزت قصص كولبرج بخصائص ثلاث أساسية هي:
1- أنها
مشكلات ذكية, بمعنى أنَّ أي اختيار من الاختيارين المحددين لحل المشلكة يجد له
تأييدًا تقليديًّا من ثقافة المجتمع وقوانينه.
2- لا
تعطى الدرجة للمستجيب على أساس الفعل الذي يختاره, ولكن على أساس طبيعة دفاعه عن
هذا الاختيار.
3-
تقدَّر الإجابة على أساس تحليل المحتوى وليس على هذا الاختيار.
3-
تقدَّر الإجابة على أساس تحليل المحتوى وليس على أساس الإجابة بنعم أو لا.
ومن هنا توصَّل كولبرج إلى
وجود ثلاث مستويات للتفكير الخلقي هي:
1-
المستوى قبل التقليدي.
2-
المستوى القليدي.
3-
المستوى بعد التقليدي.
ويتضمَّن كل مستوى من
المستويات الثلاثة مرحلتان ليصبح عدد المراحل ست مراحل, ويحدد كولبرج هذه المراحل
بطرق التفكير في المشكلات الأخلاقية, وأسس وقواعد الاختيار بين البدائل المتاحة
أمام الفرد, ولم يحدد كولبرج أيّ سن لبداية أو نهاية هذه المستويات كما فعل
بياجيه؛ لأنه اعتقد أن أي من هذه المستويات يمكن أن يوجد لدى الراشدين, وأنَّ
أيًّا من الأفراد قد يقف عند مستوى معين, ولا يتعداه.
مستويات التفكير الخلقي:
تعتبر نظرية كولبرج إحدى
النظريات المعرفية التي تناولت التفكير الخلقي بشكل خاص, وبعد دراسته المستفيضة في
الثقافات المختلفة توصّل إلى نظرية في التفكير الخلقي, تتضمَّن ثلاثة مستويات كل
منها يمثل خطوة في تطور التفكير الخلقي لدى الفرد. في ضوء هذا الفهم لمراحل النمو
نعرض تصور كولبرج لمراحل نمو التفكير الخلقي أو تطوره، والتّي تنقسم إلى ثلاث
مستويات رئيسية هي:
المستوى الأول: المستوى قبل
التقليدي: pre - conventional level:
في هذا المستوى ينظر الطفل
إلى المشكلات الخلقية من منظور اهتماماته المحسوسة. إنه لا يهتم في هذا المستوى
بما يحدّده المجتمع بأنه الطريقة الصحيحة للسلوك في موقف معين, ولكنه يهتم
بالنتائج الفيزيقية للفعل "الثواب، العقاب، تبادل
المصالح". فهو يستجيب
للقواعد الثقافية عن الصواب، والخطأ، ولكنه يفسرها في ضوء نتائجها المادية.
ويتضمَّن هذا المستوى مرحلتين من مراحل النموّ هما:
مرحلة "1" توجه
الطاعة وتجنب العقاب:
فالطفل في هذه المرحلة يفكّر
فقط في ضوء المشكلات الفيزيقية والحلول المادية, والصواب هو ما يتجنب العقاب,
فصواب الفعل أو خطؤه يتحدد بالنتائج الفيزيقية التي تترتب عليه، بصرف النظر عن
معنى الفعل أو نتائجه الإنسانية, ولعله من المفيد أن نذكر بعض الإجابات النمطية
للأطفال في هذه المرحلة بالنسبة لإحدى القصص التي استخدمها كولبرج في دراساته، وهي
قصة "الزوج والدواء": فزوجة "هينز" على وشك أن تموت بسبب
السرطان، وهناك صيدلي في المدينة اكتشف دواء قد ينقذها. ولكن الصيدلي يطلب ثمنًا
باهظًا للدواء، والزوج لا يستطيع أن يدبِّر المبلغ, فهل يسرق الزوج الدواء؟ فقد
تكون إجابة الطفل مع سرقة الدواء أو ضد السرقة, فليس هذا بالأمر الهام، وإنما
المهم أنه في الحالتين يهتم فقط بالنتائج الفيزيقية للفعل. ولعل من الإجابات
النمطية في هذه المرحلة, والتي تؤيد السرقة, أن يقول الطفل مثلًا: "ليس من
السيئ سرقة الدواء, لقد طلب أن يدفع مقابله، إنه لن يحدث أي تخريب بكسر الصيدلية,
ولن يأخذ شيء آخر, والدواء الذي سوف يأخذه يساوي فقط 200 دولار وليس ألفي
دولار". كذلك من الإجابات النمطية التي تعارض السرقة في هذه المرحلة:
"ليس للزوج أي حق في سرقة الدواء, إنه لا يستطيع أن يذهب ويكسر النافذة أو
الباب, إنه سوف يكون مجرمًا بسبب التخريب الذي يحدثه. إن الدواء يساوي مبلغًا
كبيرًا من المال, وسرقة شيء بهذه الدرجة يعتبر جريمة كبيرة".
هكذا نجد أنَّ كلتا
الإجابتين تغفلان تمامًا نوايا الزوج، وكذلك التزامه أو واجبه نحو زوجته, كلاهما
تحكمان على الفعل على أساس النتائج الفيزيقية المترتبة عليه، والتخريب الذي سوف
يحدثه الزوج، الإجابة مع السرقة تقلل من حجم الجريمة بأنه لن يحدث تخريب الشيء
الآخر، والإجابة ضد تضخم الجريمة بإضافة كسر الباب أو النافذة، وكذلك ثمن الدواء.
ومهما يكن فإن غالبية الأطفال في هذه المرحلة لا يوافقون على سرقة الدواء نتيجة
لإهمالهم النوايا, وتركيزهم على العقاب الذي يترتب على السرقة.
مرحلة "2" توجه
النسبية الوسيلية الساذجة:
خلال المراحل الثانية يظهر
معيار جديد للحكم: معيار العدل fairness؛ فالفعل السليم هو الذي يشبع حاجات الذات، وأحيانًا حاجات الآخر،
فمن العدل أنه إذا كان لدى الشخص سبب معقول لعمل شيءٍ ما فإنه يجب أن يحكم على
أساس هذا السبب، لا على أساس إرادة تعسفية لسلطةٍ ما. فالسلطة التي تتحكّم في
الثواب والعقاب, والتي كانت قيمة مركزية في المرحلة الأولى، تصبح نسبية في المرحلة
الثانية، إنها تصبح مثل أي شخص آخر تتبادل معه المصالح؛ فالطفل ينظر إلى العلاقات
الإنسانية نظرته إلى العلاقات في التجارة أو السوق. إنه يعي نسبية القيم وارتباطها
بحاجات كل فرد ومنظوره. وهكذا على الرغم من وجود أفكار بدائية عن العدل والمساواة
لدى الطفل في هذه المرحلة، إلّا أنه يفسرها بطريقة برجماتية فيزيقية. العدل يعني
"أنه لكل فرد الحق في أن يفلت بما يستطيع". من هذا المنظور قبل
التقليدي: إذا طبق المعلّم اختبارًا، ولم يعد التلاميذ له إعداد جيدًا، فمن العدل
أن يغش التلاميذ، إن التلميذ لن يؤذي أحدًا عندما يغش، إنه سوف يصل على درجات
أعلى، ولكنه لن يؤذي أحدًا. وفي قصة الزوج والدواء: لا يجد معظم الأطفال في هذه
المرحلة مشكلة في رؤية أن الصيدلي يسبب للزوج ضررًا كبيرًا بسبب رفض إعطائه
الدواء, ومعظم الأطفال في هذه المرحلة يعتقدون أنه من الطبيعي أن يسرق الزوج
الدواء, على أساس أنه هو الذي يرعى زوجته ويهتم بها، والزوج لن يضر الصيدلي،
ويستطيع أن يدفع له ثمن الدواء فيما بعد, ومع ذلك فهناك أطفال في هذه المرحلة
أيضًا يقفون ضد سرقة الدواء، فهم يرون أن الصيدلي ليس على خطأ، فهو يريد أن يحقق
أرباحًا من اكتشافه وهذا حقَّه. ومهما يكن في الحالتين بدأت تظهر فكرة النوايا في
الحكم على الفعل؛ فالزوج في الإجابات الأولى ينوي أن يدفع للصيدلي فيما بعد,
والصيدلي في هذه الحالة يرغب أن يحقق ربحًا شأنه شأن أي شخص آخر.
المستوى الثاني: المستوى
التقليدي: conventional level
في هذا المستوى يواجه الفرد
المشكلة الخلقية من منظور عضو المجتمع، يهتم الطفل باتباع التوقعات الاجتماعية
الخارجية, ويعتبر المحافظة على هذه
التوقعات ومسايرتها قيمة في
حد ذاتها. الفرد يعرف ويأخذ في اعتباره أنَّ الجماعة أو المجتمع يتوقع منه أفعالًا
تتفق مع معاييره الخلقية, ومن ثَمَّ فهو يجاهد، لا لكي يتجنب اللوم أو العقاب
فحسب، وإنما لكي يعيش أيضًا على مستوى التحديدات المقبولة للشخص الطيب أو شاغل
الدور. إنه ليس اتجاهًا لمسايرة التوقعات الشخصية والنظام الاجتماعي فحسب، بل هو ولاء
له وتدعيم وتبرير لوجوده, ويشمل هذا المستوى المرحلتين الثالثة والرابعة:
مرحلة "3": توجّه
المسايرة أو الولد الطيب:
السلوك الجيد في هذه المرحلة
هو الذي يرضي الآخرين أو يساعدهم, وهو الذي يوافقون عليه، فالطفل يساير الصور
النمطية للسلوك العادي أو الذي يميز غالبية الناس. إنَّ الدافع للفعل الأخلاقي في
هذه المرحلة هي تلبية توقعات الأشخاص المهمين الآخرين. فالوعي بأنَّ لدى الآخرين
توقعات إيجابية عمَّا يؤدي إلى نظرة جديدة للعلاقات بين الأفراد. فحينما يدخل
شخصان في علاقةٍ ما، فإنهما يضعان ثقة كلٍّ منهما في الآخر، ويتوقع كلٌّ منهما أن
الآخر سوف يضع هذه الثقة في اعتباره ويحترمها. العلاقة هنا أكثر من مجرَّد تبادل
المنافع والمصالح المتكافئة "كما كان ينظر إليها في المرحلة الثانية"،
إنها تتضمَّن التزامًا متبادلًا. وقصة الزوج والدواء توضّح هذه النقطة بشكل جيد,
فمن منظور المرحلة الثانية ليس هناك التزامات لذاتها على الزوج نحو زوجته، فله
الحق أن يسرق الدواء لإنقاذ زوجته إذا أراد ذلك. ولكنه إذا لم يرد فليس لأحد ولا
لزوجته مآخذ عليه. أمَّا من منظور المرحلة الثالثة فإن على الزوج التزامات محدَّدة
إزاء زوجته, يجب أن يكون مسئولًا عنها ويحاول إنقاذ حياتها, وحتى إذا كان لم يعد
يحب زوجته، فإن حقيقته أنه أحبها في وقتٍ ما, والتزامه نحوها يحتِّم عليه أن يكون
مهتمًا بإنقاذها.
ومن الإجابات النمطية في هذه
المرحلة: "السرقة شيء, ولكن الموقف صعب. والزوج لا يفعل شيئًا بمحاولته إنقاذ
زوجته, وليس أمامه من خيار غير سرقة الدواء. إنه يفعل شيئًا عاديًّا بالنسبة للزوج
الطيب. يجب أن نلومه إذا لم يكن يحب زوجته بدرجة تكفي لأن يفعل ما ينقذها".
وفيما يتعلق بالصيدلي فإن
المستجبين في المرحلة
الثانية يعتقدون أنَّ "من حق الصيدلي أن يبحث عن الربح أساسًا, وإن كان من الحق
ألّا يساعد الزوج في هذا الموقف, إلّا أنه ليس مجبرًا على ذلك", وعلى العكس
من ذلك فإن المستجبين في المرحلة الثالثة يغضبون عند مجرد التفكير في الصيدلي, فأي
نوع من الناس هو؟ أليس له قلب؟ إنه قد لا يعرف الزوج معرفة شخصية, ولكنه كصيدلي
وكعضو في مهنة طبية، فقد التزم بأن يسعد في شفاء الناس, ولكنه الآن يرفض مساعدة
الزوج لأسباب أنانية بحتة. والأنانية من منظور المرحلة الثالثة صورة أخرى من
الإخلال بالثقة والالتزام، وهي دائمًا خطأ. على أن ذلك لا يعني أنَّ جميع الأفراد
في هذه المرحلة يؤيدون سرقة الدواء، فهناك أفراد يرفضون السرقة، ومن الإجابات
النمطية في هذه المرحلة: "إذا ماتت الزوجة فإن زوجها لا يمكن أن يلام في مثل
هذه الظروف, لا نستطيع أن نقول: إنه زوج بلا قلب لمجرَّد أنه لم يرغب في ارتكاب
جريمة". وهكذا، نجد أنَّ كل الإجابات في هذه المرحلة تهتم بما هو مقبول، أو
موافق عليه، وما هو غير مقبول على أساس النوايا، فالمؤيدون لسرقة الدواء يركِّزون
على ما هو طبيعي أن يفعله الزوج في مثل هذا الموقف، أي: ما يتوقعه الناس منه,
والذين يرفضون السرقة يحكمون على الصيدلي بأنه أناني ولا ينبغي أن يوافق الناس على
سلوكه.
مرحلة "4" التوجه
نحو المحافظة على القانون والنظام الاجتماعي:
يعمل الفرد في هذه المرحلة
بما يتَّفق مع احترام السلطة واتباع القواعد الثابتة، والوعي بالنظام الاجتماعي
والعمل على المحافظة عليه. والسلوك الجيد
يتمثَّل في "أداء
الواجب وإظهار الاحترام للسلطة, والمحافظة على النظام الاجتماعي القائم
لذاته". فمثلًا: في قصة الزوج والدواء يصبح الحكم الخلقي الذي يتخده الفرد
متوقفًا على تأثير السلوك على النظام الاجتماعي. الناس في هذه المرحلة يوافقون على
أنَّ الزوج ملزم بالمساعدة في إنقاذ حياة زوجته، ومع أنَّ الصيدلي تصرَّف بشكل لا
إنساني, ولكنهم يهتمون أيضًا بأن الزوج إذا سرق فإنه بذلك يضعف النظام الأخلاقي في
المجتمع. فالقانون يبرز في هذه المرحلة كقيمة رئيسية, وقد لا يتخذ الأفراد
بالضرورة موقف الدفاع عن "القانون والنظام الاجتماعي", ولكنهم يدركون
أنَّ أي مجتمع يرتبط ببعضه باتفاقات خلقية واجتماعية معظمها في شكل قوانين، وأن
أيّ فعل يخالف هذه القوانين يهدد بدرجةٍ ما وحدة النظام الاجتماعي وتماسكه. ولعل
من الإجابات الشائعة في هذه المرحلة: "من الطبيعي أن يرغب الزوج في إنقاذ
زوجته, ولكن من الخطأ دائمًا أنَّ نسرق، يجب أن نتَّبع القواعد والقوانين بصرف النظر
عن شعورنا أو الظروف الخاصة بنا", على أن هذا لا يعني أنَّ معظم المستجيبين
في المرحلة الرابعة يرون أن الزوج لا ينبغي له أن يسرق لكي ينقذ حياة زوجته, فمع
أنهم يقدِّرون أن للقوانين قيمة رئيسية, فإنهم يقدِّرون أيضًا قيمة الحياة
الإنسانية. فمن الإجابات الشائعة أيضًا في هذه المرحلة: "لا نستطيع أن نترك
شخصًا يموت بمثل هذه الصورة, والصيدلي يسلك سلوكًا خاطئًا إذا ترك شخصًا يموت في
الوقت الذي يمكنه إنقاذ حياته, ومن ثَمَّ فإن واجب الزوج أن ينقذ زوجته, ولكن
الزوج لا يستطيع أن يخالف القانون ويسرق الدواء وينتهي الأمر، ولا بُدَّ أن يدفع
ثمنه للصيدلي بعد ذلك, وأن ينال عقابه على السرقة". الإجابات كلها في هذه
المرحلة تأخذ في اعتبارها النوايا عند الحكم الخلقي على الفعل, ولكنها مع ذلك ترى
الالتزام بالقانون وطاعته, وتدعم النظام الاجتماعي. والواقع أن حل مثل هذه المشكلة
يكون أصعب في هذه المرحلة بصورةٍ ما عنه في المراحل الأخرى، فالمستجيبون يدركون أن
حياة الإنسان شيء مقدَّس, وأن هدف القانون حماية حياة الناس, وعلى ذلك حينما
تتعارض قيم القانون مع قيمة الحياة بشكل صريح, فإنهم يجدون صعوبة في الاختيار.
ويعتقد كلوبرج أنَّ هذه المرحلة على درجة عالية من الاتزان، وغالبًا ما تكون أعلى
مرحلة يصل إليها الراشدون،
فهي تعالج بكفاءة المشكلات
الاجتماعية, وتلك التي تتعلق بالعلاقات بين الأفراد, إلّا أنها ليست كافية للتعامل
مع المواقف التي يكون فيها نظام القوانين أو المعتقدات في تناقض أو صراع مع حقوق
الإنسان الأساسية.
المستوى الثالث: المستوى ما
بعد التقليدي: post - conventional level
يتضمَّن هذا المستوى
المرحلتين الأخيرتين من نمو التفكير الخلقي, وفيه يبذل الفرد جهدًا واضحًا لتحديد
المبادئ الأخلاقية التي تطبَّق بصرف النظر عن سلطة الجماعة أو الأشخاص الذين
يتمسَّكون بهذه المبادئ, وبصرف النَّظر عن انتمائه لهذه الجماعات. وفي هذا المستوى
يقابل الفرد المشكلات الخلقية بمنظور أبعد من المجتمع القائم، أي: إن الفرد يستطيع
أن ينظر فيما وراء المعايير أو القوانين الموجودة في مجتمعه, ويسأل: ما هي المبادئ
التي يمكن أن يبنى على أساسها أيّ مجتمع جديد؟
مرحلة "5" مرحلة
التعاقد الاجتماعي القانوني:
في هذه المرحلة يتحدَّد صواب
الفعل على ضوء حقوق الأفراد العامة، والمعايير التي فحصت وتَمَّ الاتفاق عليها
بواسطة المجتمع ككل، ينظر إلى الإلزام الخلقي من منظور التعاقد الاجتماعي؛ فتفكير
الفرد في هذه المرحلة يتميز بالوعي الواضح بنسبية القيم والآراء الشخصية, مع
التأكيد على أهمية القواعد الإجرائية للوصول إلى اتفاق، يتحدَّد الواجب على أساس
التعاقد مع تجنُّب التعدي على حقوق الآخرين وإرادة الغالبية وغيرها. وميزة مفهوم
التعاقد الاجتماعي أنه لا يقدِّم وصفه التزام خلقي لكل علاقة, كما هو الحال عادة
في المرحلة الرابعة. فمثلًا: في قصة الزوج والدواء يبدأ المستجيب بالحديث عمَّا
يجب أن يتفق عليه من الناحية المثالية في أي مجتمع, فتوزيع الأدوية النادرة يجب أن
ينظّم على أساس مبادئ العدل. وطالما أن هذا لم يكن المبدأ المتَّفق عليه في مجتمع
الزوج, فإن الصيدلي تصرَّف في حدود حقوقه الأخلاقية, ولم يكن الزوج مضطرًا للسرقة؛
لأن هذا ليس جزءًا من العقد العادي بين الزوج وزوجته، ومع ذلك فإنه إذا فعل ذلك
فإنَّ عمله هذا يفوق الواجب المفروض عليه كزوج. ومن الإجابات النمطية في هذه
المرحلة ما
يؤيد سرقة الزوج للدواء مثل:
"قبل أن نقول: إن سرقة الدواء خطأ، يجب أن نفكر في الموقف ككل. بطبيعة الحال،
القوانين واضحة تمامًا فيما يتعلّق باقتحام الصيدلية، بل إنَّ الزوج يعرف أنه لا
يوجد سند قانوني لفعله إذا سرق الدواء، ومع ذلك أعتقد أني أدرك لماذا يكون من
المعقول ومن المنطقي لأي شخص في مثل هذا الموقف أن يسرق الدواء"، كذلك نجد في
هذه المرحلة من يقف ضد السرقة، ومن الإجابات النمطية أيضًا: "أستطيع أن أدرك
الشيء الطيب الذي سوف يحدث نتيجة سرقة الدواء, ولكن الغاية أو النتيجة لا تبرر
الوسيلة، إذ يمكننا غالبًا أن نجد غايةً طيبة وراء أي عمل غير مشروع. لا يمكننا أن
نقول: إن الزوج لو سرق الدواء سوف يكون مخطئًا تمامًا, ولكن حتَّى مثل هذه الظروف
لا تجعل عمله سليمًا". وهكذا نجد أننا مع هذه الإجابات التي تعبّر عن هذه
المرحلة تدخل عالمًا أخلاقيًّا أكثر تعقيدًا, فلا النوايا الطيبة وحدها ولا
القانون وحده بكافٍ لتوجيه الفعل. يبدو أن المستجيبين يشعرون بأنَّ القانون يجب
تغييره، ولكن طالما أنه لم يتغير بعد, فإنهم يجدون صعوبة في تأييد الزوج أو عدم
تأييده، ويشعر الأفراد أن الحل السعيد بالنسبة لهم أن يتغيّر القانون وفقًا
للإجراءات المحددة اجتماعيًّا إذا وجد وقت لذلك.
مرحلة "6" التمسك
بمبدأ أخلاقي عام:
لقد أدى عدم اقتناع كولبرج
بالإجابات الشائعة في المرحلة الخامسة, وبالتفكير الخلقي القائم على أساس التعاقد
الاجتماعي، أدَّى به ذلك إلى صياغة المرحلة السادسة, ويرى كولبرج أن الصواب والخطأ
في هذه المرحلة يتحدَّد وفقًا لما يقرره الضمير بما يتفق مع المبادئ الأخلاقية
التي اختارها الشخص ذاته, والتي تتصف بالعمومية المنطقية والشمول والاتساق.
المبادئ الأخلاقية تتصف بالتجريد وليست قواعد محددة مثل الوصايا العشر. إنها في
جوهرها مبادئ عامَّة للمساواة في حقوق الإنسان واحترام كرامة الأفراد كأفراد.
ويورد لولبرج مثالًا لإجابات فرد في المرحلة السادسة. مثل: "إذا لم يكن الزوج
يشعر بقرب شديد أو حب نحو زوجته، فهل كان سيسرق الدواء؟ نعم, فإن قيمة حياتها
مستقلة عن أية نواحي شخصية. إن قيمة الحياة الإنسانية مبنية على حقيقة أنها تمثل
المصدر الوحيد
الممكن للواجب الأخلاقي
للكائن العاقل. افترض أن المريض كان صديقًا أو أحد المعارف؟ فهل كان سيتصرَّف بنفس
الطريقة؟ نعم, فقيمة الحياة تظل هي هي". هنا نلاحظ أن المستجيب لا يربط بين
فعل السرقة وبين الاتفاق المسبَّق بين الزوج وبين الشخص الآخر المتضمن في العلاقة,
ولكنه بالأحرى يراها واجبًا خلقيًّا حتميًّا. إن أي كائن عاقل يجب أن يؤديها كواجب
عليه, فالمبادئ الخلقية التي تستند إليها المراحل السادسة من مراحل نمو التفكير
الخلقي تعلو على فكرة التعاقد الاجتماعي. إنها المبادئ العامة للعدالة والمساواة
في حقوق الإنسان وفي احترام كرامة البشر كأشخاص. إن التفكير الخلقي على مستوى
المبادئ أكثر كفاءة؛ لأنه يأخذ في اعتباره وجهات نظر أكثر, ويطبق بصورة أكثر
ثباتًا واتساقًا الاتجاه القائم على المبادئ, ينظر إلى الصراع الخلقي من منظور أي
كائن بشري, لا من منظور أعضاء مجتمع الفرد فقط، ولزيادة توضح هذه المرحلة نورد
إجابتين نمطيتين، إحداهما: تؤيد سرقة الدواء, والأخرى: ترفضه. الأولى: "حينما
يحتم موقفٌ ما الاختيار بين مخالفة القانون وإنقاذ حياة إنسان، فإن المبدأ العام
للحفاظ على الحياة يجعل من الصواب أخلاقيًّا سرقة الدواء". والثانية:
"هناك حالات كثيرة من السرطان اليوم يمكن علاجها بأيّ دواء جديد, ويمكن أن
يكون الأسلوب الصحيح للفعل هو أن تفعل ما يتفق مع كل الناس الذين يهمهم
الأمر".
يجب أن يتصرَّف الزوج لا
وفقًا لمشاعره الخاصة نحو زوجته, ولا وفقًا لما هو قانوني أو مشروع في هذه القضية،
وإنما وفقًا لما يتصور أنه ينبغي أن يفعله أيّ فرد من الناحية المثالية في هذه
الحالة. هكذا نجد أن الإجابتين لهما عدة خصائص مشتركة, تجعل من السهل تحديد خصائص
المرحلة السادسة, وأي من الإجابتين لا تتردد في القول بأن القانون يمكن أن يخالف
إذا كان المبدأ الأعلى في خطر. كلتاهما ترى أن الزوج يجب أن يستبعد "علاقته
الخاصة" بزوجته عند اتخاذ قرار في هذا الموقف. إن نوع النوايا التي تؤخذ في
الاعتبار هنا ليس حب فرد لزوجته، أو فعل ما يرى الناس أنه واجب الزوج نحو زوجته.
إنما هو محاولة لحل المشكلة على أساس مبدأ عام يكون أساسًا لتصرُّف كل فرد. وهما
يكن فإن الإجابة المؤيدة للسرقة أسهل حقيقة في هذه المرحلة, فمن المعترف به دائمًا
أن الحياة أكثر قيمة من المال أو الثروة.
وهكذا، بوصول الفرد إلى
المرحلة السادسة يكتمل نمو تفكيره الخلقي، ومن الواضح أن المرحلة السادسة وهي التي
يضعها كولبرج كقيمة للنمو الخلقي هي أصعب المراحل تحديدًا, وهذا ليس بغريب؛ حيث إن
علم الأخلاق كان ولا زال مهتمًّا بما يميز المرحلة السادسة، وهو المبدأ الأخلاقي
الأعلى, ولا زالت المشكلة دون حلٍّ يرضي الفلاسفة. فمما لا شكَّ فيه أن المستوى
الثالث الذي يتضمَّن المرحلتين الخامسة والسادسة هو المستوى الوحيد الذي يهتمّ به
الفلاسفة, فكثيرون يرون أنَّ علم الأخلاق يبدأ حيث تنتهي المنفعة الشخصية
والتقاليد الاجتماعية، والمرحلتان الخامسة والسادسة لهما خصائص لا تنطبق على
المرحلة الأدنى منهما, ولكن إذا نظرنا إلى الأمر من منظور سيكولوجي لا فلسفي، فمن
الواضح أن أسئلة مثل: ما هو الصواب؟، ما هو الخير؟ لها تاريخ طويل في نمو الفرد,
وقيل أن يفهم أن لها طابعًا أخلاقيًّا مميزًا فإنه قد يستوعب هذه الأسئلة في صورة
أخرى مثل: ما الذي يجعلني بعيدًا عن المتاعب؟ أو ماذا أريد؟ أو ما الذي يجعل الناس
راضين عني؟ وبمعنًى ما: فإن تصور كولبرج يعتبر سيمانتيًّا نمائيًّا، بمعنى أنه
يتتبع تطور معاني ألفاظ وأسئلة معينة يبدأ الناس يستخدمونها في سن مبكرة جدًّا,
ولكنها تدخل الفلسفة بمعنى ناضج ودقيق لا يفهمه الكثيرون. وبطبيعة الحال لم يفترض
كولبرج أن كل فرد في نموه الخلقي ليصل إلى المرحلة السادسة, فهناك حالات فشل
أخلاقي؛ حيث يتوقف فيها النمو عند مرحلة سابقة, أو حتى عند مستوى أدنى من المرحلة
الثالثة.
النظرية من حيث الثبات
والعمومية:
يعتقد كولبرج "1969،
1976" أن هذا التتابع المرحلي لا يتغير, وتمثل كل مرحلة طريقة مختلفة نوعيًّا
في تقييم العالم الاجتماعي الذي ينمو فيه الطفل، وعندما يبلغ الطفل مرحلة جديدة،
تترك المرحلة السابقة مكانها. إنَّ كل صفات فكرة المراحل النمائية التي ناقشناها
تنطبق على نظرية كولبرج, ومن المهم أن نتذكر دائمًا أنه بالنسبة لكولبرج، فإن
الانتقالات من مرحلة أخلاقية إلى المرحلة التالية هي نتيجة للنمو المعرفي في بيئة
توفّر المعلومات التي تعمل بها العمليات المعرفية. وهكذا فإن كولبرج يعتقد أن
مراحله الأخلاقية تعكس المكونات الأساسية للنمو الأخلاقي. وقد اقترح كولبرج
"1969" أن هذه المراحل عامَّة, ويجب أن تكون واحدة في كل الثقافات بسبب
أساسها المعرفي. وذكر كولبرج "1969" المعلومات التي جمعها من أطفال
ومراهقين في الولايات المتحدة وتايوان والمكسيك وبريطانيا وتركيا، وبالنسبة
للأطفال من سن 10 سنوات في كل بلد، نجد أنَّ ترتيب المراحل هو نفس الترتيب الذي
ينمون به, أي: إن الأحكام تقوم على المرحلة الأولى في أغلب الأحوال، وفي المرحلة
الثانية بالدرجة التي تليها ...
وهكذا. وفي الولايات المتحدة نجد أن الاتجاه أكثر نحو الأحكام التي تستند إلى
المراحل 5، 4، 3, والمرحلة السادسة لا توجد إلّا نادرًا. والفروق بين الثقافات قد
ترجع إلى عاملين:
الأول: إن الأفراد قد يمرون
خلال المرحلة بمعدلات مختلفة، وقد يكون هذا صحيحًا في الثقافة الواحدة.
الثاني: إن المتطلبات
المفروضة على الأفراد الذين يعيشون في ثقافات مختلفة قد يجعلهم يمرون خلال المراحل
بمعدلات مختلفة, وربما لا يصلون إلى المستويات الأعلى.
ورغم أن الجانب التكويني
للمراحل قد يكون عالميًّا، فإن المحتوى "السلوك" قد يعكس تعاليم ثقافية
محدَّدة "rest, 1976".
إن الادَّعاء بأنَّ هذه
المراحل الست عالمية من الناحية الثقافية قد لقي انتقادات عديدة، أولها: إن
المعطيات مستقاة عن عدد صغير "12" من الثقافات, أمَّا
إذا كانت هذه المعطيات جمعت
من ثقاقات أكثر عددًا "غربية وشرقية", فإنها قد تعزز ادعاء كولبرج. ومن
جهة أخرى قد يكون الإطار التصوري لكولبرج ووسائل القياس أو الإجراءات المتبعة
لتسجيل الدرجات والتصنيف غير ملائمة كمؤشرات للنمو الأخلاقي في ثقافات ذات متطلبات
شديدة التباين للتفكير، واتخاذ الدور، وحل المشاكل. وبعبارة أخرى: فإن تفسير النمو
الأخلاقي في الثقافات الأخرى قد يتطلَّب مفاهيم نظرية مختلفة, ووسائل قياس
وإجراءات تسجيل أخرى, واحتمال أن يكون ذلك هو واقع الأمر، وهو الاقتراح الذي توحي
به فكرة أن الأخلاقيات محددة ثقافيًّا. وكما يذكر كولبرج "1969" فإن نمو
الأخلاقيات هو دالة على التفاعل المتبادل بين الفرد والبيئة "الثقافية".
وقد انتقد بعض علماء النفس مثل جريق وكورتين Greif,
kurtine 1974 نظرية كولبرج وأبحاثه نقدًا شديدًا بسبب
مسائل تتعلّق بصدق وثبات وطرق تسجيل الدرجات, هو إلى حدٍّ ما ذاتي, ويؤدي إلى
ارتباط بين الاختبار وإعادة الاختبار "ر = 0.44" ويجري ابتكار وسائل
تسجيل جديدة كوسائل تقييم جديدة, وقد يؤدي هذا إلى حل المشاكل المثارة حول مبادئ
كولبرج.
بحث على نظرية كولبرج:
بحث توريل:
أجرى توريل Turiel "1966" بحثًا حول ادعاء
كولبرج بأنَّ المراحل غير متغيرة، وأنَّ المراحل الأعلى تمثل إعادة تنظيمات
للمراحل السابقة, وكانت التجربة ماهرة ومتقنة التصميم, وقد كان المفحوصون 44
صبيًّا من الطبقة المتوسطة, تترواح أعمارهم بين 12-13.6 سنة. ولتقييم المرحلة
السائدة للنمو الأخلاقي لكل طفل، طلب منه أن يستجيب لستة أنواع من قصص كولبرج.
كانت المرحلة السائدة هي التي استخدمت مرتين على الأقل, بقدر استخدام المراحل
التالية الأكثر استخدمًا. وقد استبعد التحليل الأطفال الذين لم تكن لهم مرحلة
سائدة، وقد وزّع المفحوصين على المراحل 4، 3، 4 ثم وضع المفحوصين من كل مرحلة
إمَّا في مجموعة ضابطة, أو في مجموعة من ثلاث مجموعات تجريبية. وبعد أسبوعين من
الاختبار المبدئي عرض أطفال المجموعات التجريبية لموقف يتطلّب تفكيرًا
أخلاقيًّا, ثم قرأ أحد
المختبرين ثلاثة أنواع من قصص كولبرج, وطلب من كل طفل أن يؤدي دور الشخصية
الرئيسية في القصة، وأن يطلب المشورة من المختبر, وأشار مرة "مع" ومرة
"ضد" بشأن المشكلة في كل قصة. وكان التفكير خلف المشورة, سواء "مع"
أو "ضد" كان في مرحلة أو من مراحله السائدة لدى الطفل, وذلك بين ثلث عدد
المفحوصن "المجموعة التجريبية الأولى"، وبالنسبة للثلث الثاني من
المفحوصين كان التفكير أعلى بمرحلة عن مرحلتهم السائدة "المجموعة التجريبية
الثاني"، وبالنسبة للثلث الباقي كان ذلك بمرحلتين أعلى من مرحلتهم المسيطرة
"المجموعة التجريبية الثالثة"، وكان مقياس الاختبار البعدي هو استجابة
الطفل عن القصص التسع. وقد أجرى الاختبار البعدي بعد التعامل مع المفحوصين في
المجموعات التجريبية بمقدار أسبوع، وبعد ثلاثة أسابيع بالنسبة للمفحوصين في
المجموعة الضابطة. ومن افتراضات توريل أنَّ الفرد يستطيع أن يمثِّل مفاهيم مرحلة
أعلى مستوى من التفكير العادي بطريقة أكثر سهولة من مفاهيم مرحلتين أعلى. وكان
منطق هذا الافتراض هو أنَّ القدرة على التفكير الموجودة يحدِّد درجة تقبُّل ونسبة
التفكير في مرحلة أعلى من المرحلة الموجودة للطفل, وقد أيَّد هذا الافتراض بالنسبة
للثلاث قصص التي استخدمت في التدريب "تسجيل درجات الاختبار البعدي
مباشرة"، وكانت القصص الست في الاختبار القبلي "تسجيل الدرجات في
الاختبار البعدي غير المباشر"، وقد أظهر المفحوصون في المجموعة التجريبية
الأولى تغييرًا أكبر من المفحوصين في المجموعتين الأخريتين. وتدل هذه النتائج على
أن مراحل كولبرج تمثل فعلًا تتابعًا لمراحل معرفية متعددة ومتزايدة مع عدم احتمال
المراحل.
وكان افتراض توريل هو: أن
كلًّا من المراحل التالية يمثّل إعادة تنظيم للمراحل السابقة, وليس مجرَّد إضافة
لها. ومن آثار هذا الافتراض هو أنَّ الأطفال يميزون التفكير في مرحلة أدنى من
مستواهم الجاري. ولذلك فقد تنبَّأ تويل بأن المفحوصين في "المجموعة
الأولى" ينتقلون في الاتجاه + 1 أكثر من انتقال المفحوصين في المعالة -1 في
الاتجاه -1. وكانت النتائج مناقضة تمامًا للتنبؤات. ذلك لأن كلًّا من تسجيلات
الدرجات المباشرة والغير مباشرة انتقلت
المجموعة -1 أكثر بقليل في
الاتجاه -1 من المجموعة +1 في الاتجاه +1، وغير أن كلا المجموعتين لم ينتقلا أكثر
نحو الاتجاه -1 من نحو +1.
وفي تجربة أخرى، فحص توريل
وروثمان Turiel & Rothman "1972" العلاقة بين مستوى
التفكير الأخلاقي والسلوك لدى صبية من سن 13 سنة. وبعد أسبوعين من تحديد كل مستوى
في التفكير الأخلاقي لكل صبي باستجابته لست قصص من نوع قصص كولبرج، اشترك كل صبي
كمعلم مع اثنين من الراشدين في واجب تعليمي. كان الواجب يتطلَّب قراءة قائمة
بكلمات لراشد ثالث كان عليه عندئذ أن يتهجاها, وفي كل مرة كان فيها الراشد يخطئ في
الهجاء, وكان يؤخذ فيشات تمثّل نقودًا. وكان التهجي الذي يعتبر متضامنًا مع القائم
بالتجربة يؤدي عددًا مقصودًا "متعمدًا مسبقًا" من الأخطاء الهجائية. كان
أحد الاثنين الراشدين هو المعلم الأول, وبعد تقديم ست كلمات، قال هذا الراشد: إن
التجربة يجب أن تتوقف، وقدَّم حجة كانت هي أنها إمَّا مرحلة أعلى "+1"
أو مرحلة أدنى "-1" من التفكير الأخلاقي للصبية, وقدم الراشد الثاني حجة
مضادة، إنها إمَّا مرحلة أدنى أو مرحلة أعلى من مستوى التفكير الأخلاقي للصبي، ثم
انصرف الراشدون بغرض حلّ الصراع بينهما, وأعطي للصبي الاختيار في أخذ دوره في
المشاركة من عدمه, ثم جرى تقديم الأسباب وراء اختيار الصبي. وبعد أسبوع أجري
الاختبار البعدي لإعادة تحديد مستوى الصبي في التفكير الأخلاقي. وقد استمرَّ
الصبية الذين كان مستوى تفكيرهم الأخلاقي في المرحلة 2 أو 3 في الاختبار رغم الحجج
التي قدمت. أمَّا الصبية في المرحلة "4" فقد سلكوا سلوكًا متماشيًا مع
الحجة +1، أي: إنه إذا كانت الحجة المقدمة تدعوا لإيقاف التجربة في مرحلة أعلى من
مستوى الطفل الجاري, فإن طفل المرحلة 4 يتوقف، وإذا كان الحجة +1 هي الاستمرار في
التجربة فإن الصبي يستمر. وكانت الاختبارات السلوكية لصبية المرحلة4 متكاملة مع
فهمهم للتفكير الأخلاقي. ولم يكن الأمر كذلك بالنسبة لصبية المرحلة 2 أو 3, غير
أنَّ تسجيلات الدرجات في الاختبار البعدي لم يكشف عن تغييرات مستديمة في التفكير
الأخلاقي كنتيجة للموقف التجريبي.
وقد كررت هذه النتائج التي
تربط بين مراحل النمو بالاختيار السلوكي في دراسة روثمان Rothman
"1976" مع صبية من الصفوف 7-9، كان الصبية
الذين يغلب تفكيرهم الأخلاقي على المرحلة 4، أكثر قدرة على تكامل وتنسيق التفكير
الأخلاقي والسلوك الأخلاقي من الصبية في المراحل الأدنى.
استنتاجات من بحث توريل:
تعتبر هذه التجارب هامَّة
لأسباب عديدة: أولًا: إنها من التجارب القليلة لبحث العلاقة بين مستوى التفكير
الأخلاقي والسلوك, وتدل النتائج على وجود علاقة بين التفكير الأخلاقي والسلوك
بالنسبة لصبية المرحلة الرابعة، وتقترح أنّ هذين المجالين يمكن تطابقهما قبل أن
يبلغ الطفل المرحلة الرابعة من التفكير الأخلاقي.
والنتيجة الهامَّة الثانية
للتجربة: هي فشلها في إيجاد تغيرات دائمة في مستوى التفكير الأخلاقي, ولهذا
الاعتبار أهمية خاصَّة بالنسبة للمفحوصين في المرحلة الرابعة، الذين تأثَّر سلوكهم
بالموقف التجريبي. وهذا يقترح أنَّ البحث في معالجة التعلُّم الاجتماعي مثل أبحاث
بندورا وماكدونالد "1963" قد لا توضح التغير في مستوى الطفل في التفكير
الأخلاقي، ولكن المعالجات التجريبية التي استخدمت في هذه الدراسات قد تعتبر فقط
تغير الاختيارات السلوكية, وليس الإجراءات المعرفية التي افترض كولبرج أنها تكمن
خلف التفكير الأخلاقي. وتقترح النتائج التي حصلنا عليها من معالجة التعلُّم
الاجتماعي، ونتائج توريل وروثمان أنَّ الإجراءات النموذجية المستخدمة في أبحاث
أصحاب التعلُّم الاجتماعي تمثّل طريقة أكثر فاعلية لتغيير الاختيارات السلوكية من
الإجراءات التي استخدمها توريل وروثمان، وعلى الأقل بالنسبة لصبية المرحلتين 2، 3،
ولا توجد حاليًا طريقة لتحديد أي إجراء هو الأفضل، بالنسبة للمفحوصين في المرحلة
4، وهذا الرأي يطابق نظرية كولبرج فيما يختص بالعمليات المتعلقة بالتقدم خلال
مراحل النمو الأخلاقي.
بحث في اتخاذ الدور:
ذكر كولبرج "1969،
1976" أن التقدُّم خلال المراحل يمكن تسهليه بإيجاد الفرص لاتخاذ دور، أي: إن
النمو الأخلاقي يمكن تنشيطه من خلال التفاعل الاجتماعي الذي يسمح لطفل بلعب أدوار
مختلفة, وأن يتعلَّم كيف يتخذ وجهة نظر غيره، مثال ذلك: إن طفلًا صغيرًا لا يتوقع
منه أن يقدم استجابة أخلاقية متقدمة لأي من قصص كولبرج؛ حيث إن الطفل تعوزه القدرة
على اتخاذ دور الشخصية الرئيسية, وليس لديه مفهوم عن موقف تلك الشخصية. إنَّ الفرص
المتاحة للعب الدور تنشِّط فهم وجهات نظر الآخرين, وتقلل من التمركز حول الذات,
ونتيجة لذلك تؤدي إلى تقدّم التفكير الأخلاقي. إنَّ مثل هذه الفرص قد تكون السبب
في وجود فروق ثقافية في معدل التقدُّم عبر هذه المراحل, وفي المستوى المسيطر للحكم
الخلقي في تلك الثقافة "Rest, 1979". مثال ذلك: إن الثقافات المعقَّدة قد تقدّم فرصًا أكثر
للطفل لاتخاذ أدوار أخرى عنها في ثقافات أقل تعقيدًا, وقد تظهر المجتمعات الأكثر
بداءة معدلات أقل بطأً في النمو الأخلاقي, والاستخدام الأكثر شيوعًا لمرحلة أدنى
من التفكير الأخلاقي عنه في المجتمعات الأكثر تقدمًا من الناحية التكنولوجية لهذا
السبب. ويجب أيضًا أن يكون صحيحًا أن الأطفال الذين يشاركون في نوعية أعلى أو عدد
أكبر من الأنشطة الاجتماعية في مجموعات, يجب أن يظهروا تفكيرًا أخلاقيًّا أكثر
تقدمًا من أقرانهم الأقل نشاطًا من الناحية الاجتماعية.
إن دور المشاركة الاجتماعية
في النمو الأخلاقي جرى اختباره في تجربة قام بها كيسي keasey
"1971" مع 75 صبيًّا، 69 بنتًا من أسر أكثرها
من الطبقة المتوسطة, كان مستواهم في النمو الأخلاقي الذي حددته استجاباتهم
الأخلاقية للأحكام الأخلاقية في لقاءات كولبرج, قد امتدت من المرحلة الأولى إلى
المرحلة الرابعة, وبعد نحو شهرين تَمَّ الحصول على مقاييس المشاركة الاجتماعية لكل
طفل. وكانت هذه المقاييس مقاييس كمية "مثال ذلك: عدد الأندية أو المنظمات
الاجتماعية التي كان ينتمي إليها الطفل في أثناء العاملين السابقين", ومقاييس
نوعية
"مثال ذلك: عدد المراكز
القيادية التي شغلها الطفل في وقت الاختبار, وهو الخاص بالمشاركة الاجتماعية
للطفل". وكان إجمالي مقاييس المشاركة الاجتماعية منها "2" يتعلقان
بالكم، "6" بالكيف، تستند إلى التقدير الذاتي للطفل, أو من القرين أو من
المعلّم، وهذه المقاييس الثمانية تكون وصفًا متراكمًا للتفاعل الاجتماعي للطفل.
ثم كيسي keasy بمقارنة المعدلات
الاجتماعية بالمؤشرات الخاصة بالنمو الأخلاقي, وبالنسبة لمصادر المعطيات الثلاثة
"التقرير الذاتي، تقدير الأقران، تقدير المعلم". وبالنسبة لكلٍّ من
الصبان والبنات كانت المستويات العليا في النمو الأخلاقي ترتبط بالمعدَّل الأعلى
من المشاركة في الأندية والمنظمات الاجتماعية ومزاولة القيادة. إن المشاركة في عدد
كبير نسبيًّا من الأدوار الاجتماعية "كم", وكذلك الاضطلاع بمسئوليات
قيادية "كيف", ترتبط بالحصول على مستوى أعلى من التفكير الأخلاقي.
والأساس السببي لهذه العلاقة غير واضح، المستوى للتفكير الأخلاقي قد يجعل الطفل
يتفاعل اجتماعيًّا بدرجة أكبر أو العكس.
بحث في العلاقة بين المراحل
المعرفية والأخلاقية:
لا ترتبط مراحل بياجيه
الأخلاقة بالمراحل المعرفية ولا بالسلوك، ولكن نظرية كولبرج ترتبط بهما. وهناك
تجربة أجراها توملسون وكيسي، وكيسي Tomlison, keasey &
keasey "1974" فحصت العلاقة بين
التفكير المعرفي والتفكير الأخلاقي لدى بنات من الصف السادس والبنات في المستوى
الجامعي. وقد وجد الباحثون علاقة قوية بين مراحل النمو المعرفي ومراحل النمو
الأخلاقي, وهي تعزز فكرة أنَّ المعرفة هي الأساس في التفكير الأخلاقي. والحدول
يوضح العلاقات بين مراحل النمو الأخلاقي عند كولبرج, ومراحل النمو المعرفي عند
بياجيه. وعلاوة على ذلك، فإن مراحل النمو الأخلاقي عند كولبرج ظهر أنها ترتبط
بالاستعدادات السلوكية، وعلى الأقل في المواقف التجريبية.
ومع أن الدلائل قليلة, ووسائل
القياس ليست بالدقة الواجبة، فإنه يبدو أن كلًّا من بياجيه وكولبرج قدَّمَا أدلة
تجريبية كافية تبرر استنتاج أنَّ النمو الأخلاقي للأطفال له أساس معرفي, وربما
كانت أكثر الفروض وضوحًا عن العلاقة الوثيقة بين النمو المعرفي والأخلاقي هي التي
قدمها Lee "1971" في دراسة كان عدد
المفحوصين 195 صبيًّا من الطبقة الوسطى، 15 منهم من كل روضة أطفال حتى الصف 12.
قام Lee أولًا بتحديد مرحلة
النمو المعرفي لبياجيه باستخدام مجموعة من المهام الحسية، مثلًا: بقاء الكتلة أو
بقاء الوسائل، ثم استخدم Lee قصص كولبرج التسعة التي
تتعلق بالحكم الخلقي بعد أن عدّلها؛ بحيث يستطيع الأطفال الأصغر سنَّا أن يفهموها.
وقد سجلت الأطفال لكل قصة على أساس طريقة مشابهة لطريقة كولبرج لتحديد مستوى
التفكير الأخلاقي للطفل. وقد أظهرت النتائج أن المستوى المعرفي بصرف النظر عن
السنّ، يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمستوى التفكير الأخلاقي، مثلًا: أمكن عن طريق
التفكير الملموس التنبؤ بزيادة في المرحلة "4" التفكير الأخلاق
"المجتمعي".
إن تفكير الطفل حول
الأخلاقيات، في نظر كلٍّ من بياجيه وكولبرج، يعكس عمليات معرفية, ولكنهما يختلفان
من حيث إن المرحلة الأولى عند كولبرج تشبه مرحلة بياجيه هي من تفاعل من جانب واحد heteronomus، وأن المرحلة الثانية
عند كولبرج تشبه مرحلة الاستقلال الذاتي autonomous عند بياجيه.
وقد ذكر هوفمان Hoffman "1970" أن كولبرج يعتقد
أن بياجيه قد بالغ في التأكيد على احترام الأطفال الأصغر للسلطة, كما جادل كولبرج
في أن بياجيه يبالغ في المساواة التي يعزوها للأطفال في مرحلة الاستقلال الذاتي،
ونستطيع أن نوضِّح هذه الموضوعات إذا افترضنا أنَّ مستويات كولبرج للتفكير
الأخلاقي تتضمَّن فكرة بياجيه وتضيف إليها. إن تخطيط كولبرج قد ينتج مستويات أكثر
دقة في النمو؛ لأنه يأخذ في الاعتبار مجالًا للسلوك أكثر اتساعًا.
خلاصة:
إن المبادئ الفلسفية القديمة
عن الخطيئة الأولى، والنقاء الكامن, والتقييم السطحي, يجري تمثيلها اليومي في
مدارس نظرية التحليل النفسي, ونظرية بياجيه المعرفية ونظرية التعلّم، على التوالي.
إن الأبحاث التي تستند إلى التحليل النفسي عن العلاقة بين وسائل تربية الطفل
والسلوك الأخلاقي تبيّن أنه بالنسبة لأطفال الطبقة المتوسطة, فإن استخدام الأم
لتأكيد القوة وسحب الحب ترتبط بنمو أخلاقي ضعيف، في حين أن حنوّ الأم واستخدامها
للتعاطف يرتبطان بنموّ أخلاقي متقدم, وبالنسبة لأطفال الطبقة الدنيا لم توجد سوى
علاقات ذات دلالة بين النمو الأخلاقي للأطفال ووسائل الوالدين في السيطرة
التنظيمية.
وتؤكد دراسات التعلُّم
الاجتماعي والسلوك الأخلاقي على أهمية النماذج، وخاصة الوالدين، والتعزيز على
تعلّم الطفل للسلوك الأخلاقي. وتدل الأبحاث التي تقوم على هذه الاتجاهات على أن
الأطفال الذين يلاحظون نموذجًا يلقي مكافأة
ينحرفون "يتحولون"
أكثر من الأطفال الذين يلاحظون نموذجًا يلقي عقابًا، مع تشابه ملحوظ للنموذج له,
ودلالة كبيرة على تقليد الطفل "المحاكاة".
إن المعالجة النمائية
المعرفية للنمو الأخلاقي تركّز على عمليات التفكير التي تكمن وراء الحكم الخلقي
وحالات تحديد تتابع مراحل التفكير الأخلاقي. وقد طوّر بياجيه نظرية المراحل في
الأخلاقيات على أساس دراسات لفهم الأطفال لقواعد الألعاب, وردود فعلهم نحو الأفعال
الخاطئة التي قاموا بها. ويبدو أنهم يبتعدون عن أخلاقية الحظر التي ينظرون فيها
إلى القواعد باعتبارها ثابتة، إلى أخلاقيات التعاون أو التبادلية التي ينظرون فيها
إلى القواعد باعتبار أنها قابلة للتنفيذ طبقًا للظروف, وينظر إلى النمو الأخلاقي
على أنه ينتج أساسًا عن تفاعلات مع الأقران, وهؤلاء يقدمون الفرصة لمزيد من الأخذ
والعطاء أكثر مما هو في حالة الجانب الواحد مع الوالدين, وبينما يبدو أنَّ دراسات
تأثير النماذج على التقدير الأخلاقي للأطفال تدلّ على أن النمذجة يمكن أن تولد
تعبيرات دائمة في التفكير الأخلاقي، وتدل مختلف العيون في هذه الدراسات بالتعلُّم
الاجتماعي على أنها غير قاطعة كأدلة نفي للتتابع المرحلي في نظرية بياجيه فيما
يختص بالنمو الأخلاقي. إن طريقة عرض نظرية بياجيه -سواء شفويًّا أو بالأقلام- تؤثر
أيضًا على أحكام الأطفال، وتدل الدراسات عن أخذ الدور على أن فهم العلاقات بين
الأشخاص، وخاصة القدرة على قبول منظور الآخرين، يعتبر ضروريًّا للنمو الأخلاقي.
وقد استخلصت مراحل كولبرج
الست عن التفكير المعرفي من دراسات التفكير حول قصص تعرض مشاكل أخلاقية, وما تزال
الأبحاث حتى الآن غير قاطعة حول المتغيرات الثقافية وعالمية هذه المراحل، ولكنها
تقترح أن المراحل الاجتماعية تسهّل التقدم عبر المراحل, وقد تفسر الفروق في النمو
الأخلاقي في مختلف الثقافات وفيما بينها. وهناك أيضا بعض الأدلة على أن نمو
التفكير الأخلاقي له أساس من المعرفة.
المصدر : المكتبة
الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع
The translation below might be a lot of mistakes, so don't make
this translation a reference, take a reference from the Arabic text above !
Thank You
3 - The theory of Beck and Havergherst on moral peck &
havighurst:
Perhaps your perceptions and hafjerst were one of the most
important modern notions of moral thinking, which did not receive the attention
of researchers like other theories. He and Hefghurst presented their conception
of the stages of moral development in their book The Psychology of Growth,
published in 1960. Although this The author was broader in scope than just a
simple analysis of the development of congenital concepts, that he is primarily
concerned with how the child confronts various ethical problems. Beck and
Hafgrest studied a small community in the western center of the United States,
using multiple tests, applied to children born in 1932 who lived in this
community in 1943 at the time of the research. The researchers also obtained
estimates of the creation of teachers and fellow students at various periods of
sample growth. The research was based mainly on cross-sectional samples of the
society, half of them boys and half of them girls. They were subjected to drop
tests and camel supplement tests. As a result of their studies, Bech and
Hofhgurst hypothesized that there are five types of creation and a perception
that follows them with the growth of the individual:
1 - moral impartiality in childhood amoral in infancy: At this
stage the child sees other people as a means to satisfy the self, the child is
centered entirely on himself, does not know the principles of morality and
conscience. It is the image of a baby that has not begun to normalize yet.
2 - expedient in early chidhood: The child tends at this stage to
work in accordance with the traditions of society, but to avoid punishment and
get the reward only. The child at this stage does not care about the well-being
of other people, unless it is in his / her best interest. The child is centered
on himself, and his ethics are not fixed, as long as his justification for
rules is linked to his advantage or reward.
3 - A trait in late childhood: conformity in latd chilhood:
The person who follows is the one who follows the common rules of
conduct. Here the child has a steady trend towards right and wrong, but this is
not due to the commitment to a general moral principle, but to the commitment
to what is prevalent in society. Thus, we find that the child faces every
position by applying the appropriate rule and prevailing in society regardless
of its relationship with other positions.
3 - b irrational conscientious in late childhood:
Here the child rules attitudes according to his internal or
subjective criteria for right and wrong, with little attention to whether the
people around him agree to his behavior or not. The irrational description
indicates that the rules apply in a relatively rigid manner; doing good or
evil, right or wrong; The individual feels so not because of his effects on
others.
4 - rational altruistic in adolescence: This is the highest stage
of congenital maturity in the perception of "Bech" and
"Haverhurst". Those who behave in this way do not have a fixed set of
ethical principles, but also apply them objectively in the light of whether the
consequences of the specific act Harmful, or useful to others. The Guerilla is
aware of the standards of his society, and the evils of his own conscience, but
he is able to observe the spirit of the rules rather than remain a slave to his
craft. He notes that Beck and Havergast divided the third stage into two kinds
of morality, , Meaning that the child in his transition from the second to the
fourth Passes one of these alternatives without the other. It is clear that
this perception can lead to two functions. First, it represents a sequential
sequence of stages of growth; and second, it can serve as a basis for
classifying individuals as pathological, obedient or gerry. It is also clear
that they do not presume that everyone must necessarily reach the highest
levels. Beck and Huffhurst have indicated that most of the adolescents in their
research have not yet reached this last stage of "rational heterogeneity."
"Suleiman al-Khudari 1982, 6".
3 - Collberg theory:
Lawrence Kohlberg's theory is the latest theory of moral growth and
the development of moral thinking in particular. It is also the richest theory
in terms of its exploration of congenital thinking.
Born in 1927, his first childhood in New York, Kohlberg was born in
Chicago in 1948. He received his graduate studies in psychology, took care of
Piaget's ideas and theories, and began interviewing children and adolescents to
discuss ethical issues. 1958. He worked at the University of Chicago from
1962-1968, and then moved to Harvard University until he died in 1987.
In his formulation of his theory, Kohlberg was influenced by the
ideas of many earlier philosophers and psychologists such as John Dewey and
others. The most important of the earlier influences in his theory continued
mainly from Jean Piaget's theory of cognitive development. Kohlberg was
influenced by Jean Piaget in three main aspects: Theory, concept of stages of
growth, and methodology in research. Kohlberg relied largely on Piaget's
formulation of stages
0 Response to "نظرية بك وهافجهرست عن الأخلاقية peck & havighurst"
Post a Comment