بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

ثالثًا: المعتقدات السياسية

ثالثًا: المعتدات السياسية
...
ثالثًا: المعتقدات السياسية:
يعد هذا المجال من أكثر المجالات أهمية لدى جماعات المراهقين في مرحلة المراهقة المتأخرة، فهو مثل الدين يسهم في استنتاج وجهة النظر عن العالم, ولما كان الانتقال من الطفولة إلى الرشد يحتاج إلى توافر المسئولية حيال دائرة حياة الآخرين، فإن الالتزام بالآراء حول القضايا السياسية والاجتماعية يعد أحد مظاهر ذلك الإحساس بالمسئولية, ويبدو أن الاهتمام بالقضايا السياسية والاجتماعية يتزايد أو يتضاءل مع الزمن, فمثلًا: حدث انخفاض في الاهتمام بها منذ الستينات وحتى الآن, ورب سائل يسأل: لماذا ظل الجانب السياسي متضمنًا في المقابلة الشخصية الخاصة بالهوية؟ وتكمن الإجابة عن ذلك في أن الجانبين السياسي والديني يشكلان مدخلًا ثابتًا لفلسفة الفرد في الحياة "وقد يوجد أشخاص بلا التزامات دينية, ولكنهم يملكون التزامات سياسية واجتماعية, والعكس بالعكس، وهنا: فليس من الضروري أن يسعى الفرد للالتزام الديني والسياسي معًا، ولكن ما يعلقه الفرد من أهمية على أشياء معينة في حياته إنما يشير باتساق طبقًا لقيم تلك الأشياء.
وفي العادة حتَّى إذا لم يستطع الفرد أن يصف معتقداته السياسية، فإنه يمكنه أن يجيب عن الأسئلة المتعلقة بالقضايا الاجتماعية, وأيًّا كان ما يجب أن يوجه إليه الانتباه في المقابلة, ليس في إمعان النظر بوضوح وتدقيق للميل الذاتي كدليل على الأيديولوجية، بل يجب إمعان النظر في الالتزام الذي يوليه الفرد للمعتقدات السياسية نفسها، وعلى قدر ما يكون الفرد عقلانيًّا في التزامه السياسي بقدر ما تحكم على تشكيل الهوية، وليس من مجرَّد الوصف الركيك للاعتقاد.
وإذا قام باحثٌ ما بتقدير المقابلة عن رتب الهوية ككل، فإنَّه يجب أن يمعن النظر بفطنة في المجال الديني والسياسي الذي يتنباه الفرد كأيديولوجية، وأن يقدّر إيجابيته في الالتزام إذا كان لديه حساسية تلازم الوصف الذاتي في تعبيراته عن فلسفة الحياة, ومن الأسئلة التي تطرح على الفرد في هذين المجالين الأيديولوجيين ما يلي:
- هل فكرت في معتقداتك الدينية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية؟
- هل تغيرت أفكارك إزاء هذه الأمور عمَّا كان لديك في طفولتك؟
- هل يمكنك تحديد معتقداتك الآن؟
- هل هناك تنظيم وتعقّل منطقي لتلك المعتقدات؟
- هل تعمل باتساق طبقًا لهذه المعتقدات؟
وفيما يلي نعرض لمراتب الهوية في مجال المعتقدات السياسية:
أ- تشتت الهوية:
السياسة هي ذلك المجال من مجالات المقابلة الذي يكشف عن استجابات التشتُّت من بين الموضوعات التي تتضمنها, ومن ثَمَّ فإنَّ تقدير تشتت الهوية هنا من المحتمل ألَّا يعبِّر عن هوية الأنا ككل كما هو الحال في المجالات الأخرى. فالأفراد ذوو التشتت في الفكر السياسي يشعرون بتضاؤل الإحساس بالمسئولية الاجتماعية، وغالبًا ما يستجيبون بعبارات مثل: "إنني أعطي صوتي في الانتخاب للفرد وليس للحزب" "كل فرد حرّ في أن يفعل ما يريد بشرط ألّا يضر بالآخرين".. إلخ. لذا تظهر عباراتهم في الالتزام بالقضايا السياسية تعبيرات عن ميولهم الذاتية، وعلى الباحث أن يكشف عمَّا وراء التفكير العقلاني الذي يشير إلى الالتزامات.
ب- إعاقة الهوية:
من الصعب التمييز بين حالات تشتت الهوية وإعاقتها في النواحي السياسية؛ لأنَّ الكثير من الأفراد يتبنون آراء آبائهم ولكنهم لا يلتزمون بها، ومن ثَمَّ فإن دور الباحث هو تأكيد درجة الالتزام بهذه الآراء. وسواء كان المفحوص يمارس نشاطًا سياسيًّا أم لا, فإن ذلك أمر ضروري في عملية التمييز.
ج- توقف الهوية:
يظهر الأفراد الذين هم في فترة توقُّف الهوية اهتمامًا بالغًا بالنكبات السياسية أثناء إجراء المقابلة معهم؛ حيث يعكسون بوضوح المشكلات المستعصية التي يتناولها فلاسفة السياسة, وفوق ذلك يتميز هؤلاء الأفراد الذين هم في فترة توقُّف الهوية برغبتهم في حل هذه المشكلات، وشعورهم بأنَّ عليهم أن يتخذوا موقفًا محددًا إزاءها. هذه الرغبة في الحل، ومحاولة تشكيل موقفٍ ما هو ما يتميِّزون به عن أولئك الأفراد ذوي تشتت الهوية الذين يكونون لا مبالين بما يدور حولهم.
د- تحقق الهوية:
في حالة تحقق الهوية يمكن للأفراد التفكير في القضايا السياسية وتحديد انتمائهم الذي يلتزمون به بشكل واضح, ولكن لسوء الحظ أنه في حالة تحقُّق الهوية في المجال السياسي, فمن النادر حدوث ذلك, كما هو الحال في المجالات الأخرى. فأي فرد يقدر على أنه في حالة تحقق الهوية يجب أن يكون قادرًا على مناقشة القضايا السياسية من وجهتي نظر متعارضتين.
رابعًا: الاتجاهات نحو الدور الجنسي
في بعض الأحيان وفي بعض الثقافات, فإنَّ هذا المجال، كمؤشِّر لتكوين الهوية، يبدو عديم القيمة؛ لأن مطالب الجنس1 يمكن تعليقها وتعويقها على القبول الاجتماعي، مما لا يتيح الفرصة لاختيارات الفرد. ورغم ذلك فإنه في الثقافة الغربية, ولأسباب عديدة اقتصادية وتكنولوجية واجتماعية, فإن جنس الفرد "ذكر كان أم أنثى" لا يحدد بالضرورة الدور، ومن ثَمَّ فإن هذا المجال يواجه معيارين من معايير الهوية: فهو ذو أهمية نظر للدور الذي يقوم به، كما أنه توجد فيه فرصة للاختيار والتنوّع في القرار.
ومن الضروري أن ندرك أهمية كلًّا من مجال أدوار الجنس والمجال التالي الخاص بالجنسية sexuality المكوّن للعلاقات بالجنس الآخر, مما تحتويه المقابلة الشخصية الخاصة بالهوية "كما أوردها مارشيا"، ففي تلك المرحلة من دور الحياة -المراهقة المتأخِّرة- نجد أن المرء يتعامل مع أدوار الجنس والعلاقات مع الجنس الآخر, ليس من منطلق تعريف الفرد لنفسه كذكر أو أنثى -وإن كان ذلك يتمّ في كلٍّ من المراهقة المبكرة والمتوسطة، ولكن من منطلق المعنى الاجتماعي للذكورة والأنوثة، وما ينطبع به الفرد شخصيًّا، هذا بجانب التعبير الذاتي للفرد عن الجنس, وكيفية التعامل معه في السياق الاجتماعي.
وهنا: ثَمَّة خطر يمكن أن ندركه, وهو أنَّ الدور الجنسي يتداخل مع محتوى المرحلة النفسية الاجتماعية التالية "الألفة في مقابل الإحساس بالعزلة", فمن الضروري أن يتركَّز الاهتمام على الهوية؛ حيث يصعب تفادي التداخل مع مرحلة الألفة مثلما حدث من عدم إمكان تفادي التداخل مع المرحلة السابقة "الاجتهاد -المثابرة- في مقابل الإحساس بالنقص". وفي الواقع: إن النظرية تدَّعي وجود خصائص كل المراحل في كل عمر، وأنه ثَمَّة وثوق من تقارب المراحل الواحدة من الأخرى، وأنَّ التفرقة ما بين تشكيل الهوية في المراهقة المتأخرة في مجال العلاقات الجنسية وتنمية الألفة في بداية الرشد تكون كما يلي:
"تصاغ جوانب الهوية في مصطلحات عملية تكوين الفرد لمجموعة من الاتجاهات عن نفسه، وتكوين نظرية شخصية تميزه من خلال مجال العلاقات الجنسية, ودرجة التزامه بتلك المعتقدات، أمَّا الألفة فهي على النقيض, فإنها تقدَّر من خلال مصطلحات الطبيعة الفعلية للعلاقات التي يقيمها الفرد مع شريك الحياة، أي: إنها يمكن التعرُّف عليها من عمق واتساع نضج عملية الكشف الذاتي للفرد، ومدى التعبير الانفعالي داخل هذه العلاقة".
__________
1 gender: الذكورة والأنوثة.
وعلى هذا الأساس فإنه في مصطلحات الاتجاهات نحو الدور الجنسي بصفة عامَّة، فإن كل ما يسعى إليه القائم بإجراء المقابلة هو النظر في المؤشِّرات التي تدل على أن الفرد يفكر في المترتبات الاجتماعية عن الجنس، وما يفعله من التزام فكري وسلوكي يؤدي إلى التكوين الذاتي لمجموعة من المعتقدات الذاتية. إن محتوى تلك المعتقدات يقوم في الأساس على الذكورة والأنوثة أو الخنوثة لا أهمية له، ولكن المهم في تحقّق الهوية هو أن يُعْنَى الفرد بالبدائل وكيفية التعبير السلوكي عن تلك البدائل، مع التزامه بذلك الموقف، ومن ثَمَّ فإنه من المفترض أنَّ شخصًا ما ينشأ في أسرة "متحررة" ذات دور جنسي مزدوج "خنثوي", ثم يتحوَّل إلى الذكورة، فإذا كان ذلك نتائج التفكير للبدائل، عندئذ يمكن الحكم بتحقق الهوية.
وفيما يلي نعرض لرتب الهوية في مجال الاتجاهات نحو الدور الجنسي:
أ- تشتت الهوية:
هناك مستويان على الأقل من التشتت في أدوار الجنس:
الأول: هو النقص المرضي في التمييز بين أدوار الجنس, مما يكشف عن تأخُّر النمو الجنسي النفسي، وظهور الموقف النرجسي؛ وحيث يتضاءل التمييز -داخل الذات- بين الذات والآخرين؛ إذ يكون وجود الآخرين بالنسبة للفرد عبارة عن أشياء لتحقيق الرضا والإشباع فقط، مما يجعل هذا النوع قابلًا للتغيير الداخلي من جانب الفرد. هذا المستوى من التشتُّت ذي الطبيعة المرضية من النادر وجوده في مقابلات الهوية، وهم قِلَّة في تعدد السكان.
أما النوع الثاني -الأكثر: هو الفرد غير المفكِّر الذي ينشغل فقط في أن يعيش يومه، لدرجة أنه لا يستطيع أن يقدِّم تأمُّل باطني introspection جيد, وعادة عندما يسأل سؤال عن الدور الجنسي مثل: "ماذا يعني لديك أن تكون رجلًا أو امرأة؟ "، فإنه يترك مكان الإجابة فارغًا بلا جواب.
وعلى العموم: فإن ذوي الهوية المشتتة يجدون صعوبة في الإجابة عن الأسئلة؛ لأنهم يفكرون فيها كثيرًا, وهم في العادة يودون أن يعرفهم الناس من
الخارج كلما كان ذلك ممكنًا، ومن ثَمَّ, فإذا أعطي الفرد تسميةً جنسية معينة -وليكن ذكرًا مثلًا- فإنه في هذه الحالة إذا أخبره الناس بأنه من المفترض أن يسلك طبقًا لما يقوم به الذكور، فإن المفحوص غالبًا ما يشعر كما لو كان يدرك شيئًا مختلفًا. وعلى الرغم من ذلك: فإن القائم بإجراء المقابلة عليه أن يتعمَّق في التزامات الأفراد ليتعرَّف على حالة الهوية، وما إذا كانوا مشتتين أم لا.
ب- إعاقة الهوية:
لا تعني إعاقة الهوية الصخرة التي تتحطَّم عليها الآمال. يرى مارشيا أنه من نتائج دراساته وجد أن ثَمَّةَ ما يعزو من حالات إعاقة الهوية إلى مظهر أوديبي, وإلى ما تَمَّ اكتسابه وتعلُّمه عن أدوار الجنس في تلك الفترة المبكرة من حياة الفرد؛ بحيث يمكن القول بأن أهمية كون الفرد ذكرًا حقيقيًّا، أو أنثى حقيقية، أو حتَّى مخنَّثًا, إذا تصوَّرنا ذلك تمثل شيئًا ملحًا في حالات الإعاقة من أيّ جانب آخر في الشخصية. وثمة احتمال بأن الاتجاهات نحو أدوار الجنس هي حجر الأساس الذي تقوم عليه إعاقة الهوية، وفي الجوانب الأخرى منها؛ لأنها ترتبط بالتحديد الوالدي في السن المبكرة, ومهما يكن ذلك حادثًا أم لا، فإن إعاقة الهوية تظهر في صورة من عدم التأمل، والتفكير المؤكد، ومن عدم الالتزام في هذا الجانب بصفة خاصة.
ج- توقف الهوية:
كما في المجالات الأخرى, فإننا نجد أن الأفراد الذين هم في رتبة توقُّف الهوية في تحديد الدور الجنسي، تكون لديهم محاولات وسط لحسم هذه القضية؛ فهؤلاء الأفراد عادةً ما يكونون في موقف وعلاقة تعجل بالكشف عن اهتمامهم الفعلي أو المباشر، ومن المحتمل أن يقترب الفرد من التخنُّث أو الميل المزدوج بين اهتمامات الذكور والإناث في هذه الفترة, أكثر مما يكون ذلك واضحًا عندما يتحرك الفرد من رتبة التوقف إلى تحقق الهوية، فيمكن أن نجد تعاملًا كبيرًا يتَّسِمُ بالتجريب للبحث عن شكلٍ ما, وبعد ذلك البحث عن الآخرين، وذلك قبل أن يحقق أفضل ما يناسبه تمامًا, وبذلك: فإن الفرد متوقّف الهوية غالبًا ما يتميِّز بروح البحث والتقصي.
د- تحقق الهوية:
قد يظهر تحقق الهوية بدرجة أقل إلى حدٍّ ما في هذا المجال عن غيره من المجالات الأخرى, فالدور الجنسي الذي يلعبه الفرد يعتمد فقط عمَّا يعتقده عن نفسه، ولكن أيضًا عمَّا يراه الآخرون في الدور الذي يلعبه, فسلوك الالتزام في هذا المجال يتضمَّن بالضرورة التفاعل التامّ مع الآخرين الذين يختلفون حتمًا عن ذات الفرد، ومن ثَمَّ فإنه يتوقع باستمرار التعديل في أفكار وسلوك الفرد، ولن يستطيع الفرد السعي وراء العلاقات استنادًا إلى نفس الأسلوب الموجَّه أو المباشر الذي يحقِّق به الفرد الأهداف المهنية. فالمهن تحقق الثبات، أمَّا العلاقات الإنسانية فليست كذلك, ولذا: كان على القائم بالمقابلة الخاصَّة بالهوية أن يسعى وراء النظر في مدى وجود فترات الاستكشاف، وبعض الأفكار المحددة، وبعض الالتزمات السلوكية.
خامسًا: مجال العلاقات مع الجنس الآخر 1
لا يتوقَّع أحد أنَّ عشرين عامًا من عمر الفتى أو الفتاة تمثل خبرة كافية ودراية بالعلاقات مع الجنس الآخر بما يبلغ حدَّ الوصول إلى الهوية النهائية في هذا المجال، مثلما لا يتوقّع من نفس الفرد في هذا السن أن يبلغ القمَّة في اكتمال الخبرة المهنية في دنيا العمل للوصول إلى هوة مهنية نهائية، أو أن يصل إلى هوية نهائية للمشاركة الاجتماعية, والخلاصة: إن التوقعات الخاصة بتحقق الاكتمال في نضج العلاقات مع الجنس الآخر -كغيرها من الجوانب- يتعلّق بما يقابله الفرد من خبرات كافية حقيقية أو بديلة، أو غير ذلك بما ينعكس بالضرورة على خبرته تلك لتشكل سلسلة من القيم الأولية, وتمثل نوعًا من الالتزام المبدئي تجاه تلك القيم.
كذلك: فإن محتوى الالتزامات ليس من الأهمية بمكان, فالعزوبية بصفة خاصة، والتعفّف قبل الزواج من ناحية، والإباحية الجنسة من ناحية أخرى, يمكن
__________
1 يطلق على هذا المجال الجنسي, ولكننا قد فضَّلنا تغييره إلى العلاقات مع الجنس الآخر نظرًا لحساسية هذا الموضوع في الاستجابة.
أن تكون محتوى رتب الهوية, فقد يبقى فردٌ ما أعزبًا نتيجة لإهمال الزواج, أو لمشكلات تتعلق به كأن يكون في وضع "التشتت" والعزلة, وقد ينشأ فرد آخر متحررًا في علاقاته بالجنس الآخر لوجود "إعاقة" نابعة من القيم الوالدية, ورغم أن تلك الحالات غير مألوفة أو نادرة الحدوث، فمن الممكن أن تكون إحدى الاحتمالات التي تشكّل حالة الهوية, والتي يجب على الباحث أن يوجد نوعًا من الفصل بين محتوى الالتزام وعملية الالتزام ذاتها، وكذا بين قيم هاتين, وتقدير استجابة كل مفحوص فيها كي تتيح له التعرف على الاحتمالات غير المحتملة.
وأخيرًا نود الإشارة إلى أنَّ هذا المجال قد وضع في نهاية المقابلة لحساسية بعض الأفراد له، على أمل أن يكون قد تحقق نوعًا من الألفة الكافية بين الباحث والمفحوص حتى يستطيع الاستجابة لهذا المجال. فالقليل من الأفراد ينظرون لأسئلة العلاقة بالجنس الآخر نظرة الجريمة والإثم, وبالطبع: فعلى الباحث أن يوقف الأسئلة إذا ما أحسَّ المفحوص بأي حرج، فمن الممكن أن يتردَّد الشخص ذو "الهوية المتحققة" في الإجابة عن هذه الأسئلة، ومع ذلك: فإنه يكون لديه ترابطًا منطقيًّا وتفكيرًا عقليًّا يمكنه أن يعبر به عن هذا المجال.
والمطروح هنا من أسئلة تحاول الشكف عمَّا لدى الفرد من قيم تتَّصل بجانب العلاقات مع أفراد الجنس الآخر، وما إذا كان هناك اتساق بين هذه القيم وبين تصرفات الفرد إزاء هذا الجانب.
وفيما يلي نعرض لمراتب الهوية في مجال العلاقات مع الجنس الآخر:
أ- تشتت الهوية:
يميل التشتت لدى النساء إلى الغموض في قيم هذا المجال, أمَّا التشتت لدى الرجال فيميل إلى اتجاهات "الغمز بالغمز, واللكز باللكز" nudge - nudge wink - wink, وأن ينال الفرد ما يريد دون إيذاء أحد, ويبدو أن كلًّا من الرجال والنساء لا يأخذون علاقاتهم مع شخص من الجنس الآخر مأخذ الجد، فكثيرًا ما نسمع عن عبارات جوفاء من المشتتين مثل: "يجب أن نحترم الشخص الآخر"، "يجب أن تكون في علاقة حب"، "يجب أن تنتظر الزواج".
وعلى آية حال, فإن الضغط من أجل التوصّل إلى الأساس المنطقي لتلك الإجابات يعني المزيد من التكرار بكلمات أخرى لنفس المعنى أو الكليشية.
ب- إعاقة الهوية:
إن المعاقين في هذا المجال -كما هو في المجالات الأخرى- يثقون كثيرًا في معتقداتهم وقيمهم حتى في غياب التجربة والخبرة المباشرة, فالخبرة الأكثر تناسبًا وارتباطًا بالموضوع لدى هؤلاء المعاقين ليست هي الخبرة الحالية في العالم الخارجي، ولكن خبرتهم السابقة داخل النظام الأسري لديهم, لذا: فإنهم يميلون إلى البحث عن الخبرات الخارجية المتاحة في نطاق القيود والمحددات التي تعلَّموها من الوضع السابق المبكر، إلى حدّ أنَّ خبراتهم اللا أسرية تسعى إضفاء الصلاحية على خبراتهم الأسرية.
إن العلاقة بالجنس الآخر بطبيعتها "المغرية" والغامضة تمثّل بوضوح تهديدًا لهؤلاء الأفراد المعاقين الذين يفضِّلون بصفة عامة النظام و"المثل الخلقية العالية"، ومن ثَمَّ نجد أن هؤلاء الأفراد المعاقين يصبحون بصفة أكثر دوجماطية في هذا الجانب, إلى الحد الذي يكونون فيه مدافعين بصلابة عن القوالب الثابتة عن الصواب والخطأ, ويجب أن نأخذ في الاعتبار تقييد الخبرة لديهم بهذه الطريقة, كأن يقرون صلاحية معتقداتهم المعاقة أو عدم صلاحيتها على الأقل, وبالمثل: فإنه يمكن أن يولد في ذهن هؤلاء الأفراد أن "تقلص الخبرة" لديهم لا يعني تقلّص عدد اللقاءات بأفراد من الجنس الآخر، فعلى العكس, فإن ذلك يعني تجنُّب المواقف التي يتصوّر الفرد فيها أفكارًا لا يمكن التحقّق منها، وحينئذ يحدث لدى الفرد ازدواج في المعايير, بأن تكون لديه لقاءات عديدة بأفراد من الجنس الآخر، ولكنه يتجنَّب العلاقة المباشرة مع امرأة يرى فيها تحديدًا لنسف القيم والمعايير التي لديه.
ج- توقف الهوية:
يحاول هذا الصنف "الذين هم فترة التوقف" أن يحددوا القضية أو المشكلة بما يعكس مستوى عال من النشاط الواضح في علاقات مع الجنس الآخر، إذ أنه من الصعب الكشف عن العلاقة بالجنس الآخر لدى شخص ما لم يكن قادرًا على عقد صلات حميمة في هذا الجانب، هذا بالإضافة إلى أنَّ متوقفي الهوية الجنسية بحماسهم وحِدَّتهم يلفتون انتباه الآخرين إليهم، وغالبًا ما تجدهم مترددين مذبذبين على طرفي نقيض في مسألة العلاقة بالجنس الآخر ما بين الإباحية المطلقة إلى الرهبنة التامة, وبغضِّ النظر عن المحتوى الدقيق الذي يتعاملون به, فإن الأهم في تقدير الفرد على أنه في فترة توقّف, هو إيجاد دليل على إمكانية بلوغ القرار, ومحاولاته الحقيقية للوصول إلى ذلك.
د- تحقيق الهوية:
الأفراد الذين حققوا هويتهم في هذا المجال هم أولئك الأفراد الذين يميلون إلى أن يكونوا قد بلغوا بعلاقاتهم مع الجنس الآخر حدًّا ما بأسلوب أو بآخر بناءً على خبراتهم, مع التزامهم بمعتقدات معينة في هذا المجال، فهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر خبرة ودراية بالعلاقة مع الجنس الآخر من غيرهم من ذوي الهوية المعاقة, أو مَنْ هم في فترة التوقّف، وهم بالطبع أكثر وأعمق تفكيرًا من المشتتين، وهم يظهرون أكبر سنًّا من الأفراد أصحاب الماهيات الأخرى، فهم يكشفون عن الإحساس بصلابتهم ونضج العلاقات الشخصية لديهم، مع الشعور بأنَّهم يمكن الثقة في علاقاتهم, حتى وإن خالفهم شخص في الرأي أو الوضع.
خلاصة وتطبيقات:
نخلص من عرض نظريتي إريكسون حول مراحل النمو النفسي الاجتماعي, ونظرية ما رشيا حول إحدى هذه المراحل, وهي مرحلة الهوية التي تقابل مرحلة المراهقة، إلى أنَّ كلتا النظريتين قد تناولت النموَّ في إطار التفاعل الاجتماعي الذي يعايشه الفرد في السياق الأسرى والبيئي والثقافي الذي ينشأ فيه ويتشرَّب قيمه وسلوكياته, ومن ثَمَّ فإنه تطبيقًا لمتضمنات النظريتين في السياق التربوي, ينبغي الإشارة إلى بعض جوانب التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي نمارسها:
1- السيطرة: فكثير من الأسر تغلِّب جانب السيطرة في تربية الأبناء، أو تنشئ النبات على التوافق مع الإحباط, وتعلُّم الانصياع للقيود المفروضة, مما يؤثِّر
حتمًا على النمو النفسي الاجتماعي وتشكيل الهوية في الرشد؛ حيث تتكوَّن صورة الذات على أساس آراء الآخرين وأحكامهم.
2- العيب والشعور بالذنب: وهي أساليب رئيسية في تنشئة الطفل في العائلة العربية؛ حيث ينشأ عنها عقاب ذاتي يحبط القدرة على النقد الذاتي الذي يصعب اكتسابه وتنميته.
3- النزعة إلى الاعتمادية: حيث تربِّي كثير من الأسر أبناءها إلى سنٍّ متقدِّم على الكبار، ثم يتوقع منهم المساندة والرعاية، ولا يطيق الفرد فصم العلاقة مع الأسرة، ويبذل جهدًا لتجنب انقطاع العلاقة مع الأفراد ذوي الدلالة في حياته.
4- التوجُّه نحو الآخرين: فكثير من الأطفال يتربون على ميكانيزم القمع؛ لعدم إيذاء مشاعر الآخرين ولضمان ألّا تؤذي مشاعره هو نفسه, رغم أنه قد لا يثق في الآخرين وفي صدق سلوكهم.
5- القلق والاستجابة للأزمات: إذ يحتل الخوف من العقاب لعدم اتباع التعليمات حتَّى في المواقف الضاغطة، ويتبع معظم الأطفال خطين متعارضين: إما الإنكار, أو تجنّب الموقف من خلال القمع والنسيان كوسيلة لتخفيف القلق.
6- البواعث والدوافع: فالرغبة في النجاح الأكاديمي والمهني والاجتماعي هي الدافع الأساسي الذي يربى عليه الأطفال والشباب، وأصبح الآن هناك رغبة قوية في التفوق ولو على حساب الآخرين, وهو ما ينسي الفرد غيره, وقد يزيد من حِدَّة مشاعر عدم الثقة والعداوة نحو الآخرين.
إن مثل هذه الجوانب السائدة في التنشئة العربية تحتاج إلى إعادة نظر وتقييم في ضوء نظريات علم نفس النمو من أجل نمو نفسي اجتماعي متوافق, وتشكيل هوية في إطار الثقافة العربية الإسلامية, والقيم والمعايير الأخلاقية المتعارف عليها.

المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع


The text below is a translation from google translate where it is possible to have many errors, please do not use this translation as a reference, and take a reference from the Arabic text above. thanks.

Political beliefs
This is one of the most important areas for adolescents in late adolescence. Like religion, it contributes to the conclusion of the view from the world. As the transition from childhood to adulthood requires responsibility for the life cycle of others, commitment to opinions on political and social issues One aspect of this sense of responsibility, and interest in political and social issues seems to be increasing or diminishing with time. For example, there has been a decline in interest since the 1960s, and a questionable question: Why did the political side remain in the personal interview? The answer is that the political and religious sides are a constant entry into the philosophy of the individual in life. "There may be people without religious obligations, but they have political and social obligations, and vice versa. Here, it is not necessary for the individual to pursue religious and political commitment together, Of the importance to certain things in his life but refers consistently to the values ​​of those things.
Usually, even if the individual can not describe his or her political beliefs, he can answer questions about social issues, whatever the attention should be given to him in the interview, is not to examine clearly and self-evidently as evidence of ideology. The commitment of an individual to beliefs
The political itself, as much as the individual is rational in his political commitment as much as the control over the formation of identity, is not merely a descriptive description of belief.
If a researcher evaluates the interview as a whole, he must scrutinize the religious and political acumen that the individual envisions as an ideology and evaluate his positive commitment if he is sensitive to the self-description in his expressions of the philosophy of life and the questions posed to the individual In these two ideological areas:
- Have you considered your religious, moral, political and social beliefs?
Have your thoughts changed about these things in your childhood?
- Can you define your beliefs now?
- Is there logical organization and rationalization of those beliefs?
Do you work consistently with these beliefs?
The following is an introduction to identity cards in the field of political beliefs:

A) Identity fragmentation:
Politics is that area of ​​the interview that reveals dissimilar responses from among the subjects it contains, and therefore the estimate of the dispersion of identity here is likely not to reflect the identity of the ego as a whole as in other areas. People who are distracted by political thought feel a diminished sense of social responsibility. They often respond in such terms as "I give my vote in the election to the individual and not to the party." "Everyone is free to do what he wants, provided that it does not harm others." Their expressions of commitment to political issues express expressions of their own tendencies, and the researcher must reveal beyond rational thinking that refers to obligations.
B - Impeding identity:
It is difficult to distinguish between cases of fragmentation of identity and its impotence in political areas. Because many people adopt the views of their parents but do not adhere to them, the role of the researcher is to confirm the degree of commitment to these views. Whether or not the examinee practices political activity is necessary in the process of discrimination.
C - stop identity:
Individuals who are in the period of anonymity seem to be very interested in political encounters during the interview; they clearly reflect the intractable problems of political philosophers. Moreover, these individuals who are in a period of idleness are characterized by their desire to solve these problems and their sense that they must take a stand Specific. This desire to solve, and to try to form a position, is what they are characterized by those individuals with fragmentation of identity who are indifferent to what is going on around them.
D - Verification of identity:
In the case of identification, individuals can think about political issues and define their affiliation, which they are clearly committed to, but unfortunately, in the case of political identity, it is rare, as in other areas. Any individual believes that, in the case of identity, he must be able to discuss political issues from two opposing viewpoints.
Fourth: Trends towards sexual role

Sometimes, in some cultures, this area, as an indicator of identity formation, seems to be worthless because sex demands can be suspended and hindered by social acceptance, which does not allow for individual choices. Nevertheless, in Western culture, for many economic, technological and social reasons, the sex of the individual "male or female" does not necessarily define the role, and therefore this field faces two criteria of identity: it is important to consider the role it plays, It has an opportunity to choose and diversify the decision.
It is important to recognize the importance of both gender roles and the following gender-related sexuality, including the personal identity interview, as stated by Marcia. At that stage of late adolescence, we find that one deals with the roles of sex and relationships With the opposite sex, not from the definition of the individual as a male or female - although this is done in both early and middle adolescence, but in terms of the social meaning of masculinity and femininity, and what is printed by the individual personally, this is beside the self-expression of the individual on sex, In context Subliminal.


Here, there is a danger we can recognize: the sexual role interferes with the content of the next psychosocial stage, "familiarity versus isolation". It is essential that attention be focused on identity; it is difficult to avoid overlap with the stage of familiarity,

Related Post:




0 Response to "ثالثًا: المعتقدات السياسية"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel