بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

عيوب التشبيه Disadvantages of analogy

عيوب التشبيه Disadvantages of analogy

لعلّ التشبيه من بين الأساليب البيانية أكثرها دلالة على قدرة البليغ وأصالته في فن القول. وذلك لأن التشبيه هو في الواقع ضرب من التصوير لا تتأتى الإجادة أو الإبداع فيه إلا لمن توافرت له أدواته، من لفظ ومعنى وصياغة، ومن سموّ خيال ورهافة حسّ، ومن براعة في تشكيل صور التشبيه على نحو يبثّ فيها الحركة ويمنحها الجمال والتأثير.

ومن أجل ذلك يقال: إن التشبيه بين ألوان البلاغة ممعن في الترف، كثير الأناقة، شديد الحساسية، رقيق المزاج، وأيّ تهاون فيه يعيبه، ويخرجه من الحسن إلى القبح.


وهذا القبح أنواع كثيرة، منها ما يرجع إلى اللفظ أو المعنى أو الصياغة أو الخيال أو الأصول البلاغية التي يبنى عليها التشبيه.
فمن الأصول البلاغية أن يشبّه الشيء بما هو أكبر وأقوى منه، فيشبه الحسن مثلا بالأحسن، والقبيح بالأقبح، والبينّ الواضح بما هو أبين وأوضح منه، وإلا كان التشبيه ناقصا.
وطبقا لذلك يقول ابن الأثير: «ومن ههنا غلط بعض الكتاب من أهل مصر في ذكر حصن من حصون الجبال مشبّها له فقال: هامة عليها من الغمامة عمامة، وأنملة (1) خضبها الأصيل فكان الهلال منها قلامة.
__________
(1) الأنملة بتثليث الهمزة مع تثليث الميم: مفصل الإصبع الذي فيه الظفر، وقيل الأنامل:
رؤوس الأصابع، والقلامة: طرف الظفر المقلوم.

وهذا الكاتب حفظ شيئا وغابت عنه أشياء، فإنه أخطأ في تشبيه الحصن بالأنملة، أي مقدار للأنملة بالنسبة إلى تشبيه حصن على رأس جبل؟».
ثم يستطرد ابن الأثير: «فإن قيل إن هذا الكاتب تأسى فيما ذكره بكلام الله تعالى حيث قال: والقمر قدّرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. فمثل الهلال بأصل عذق النخلة. والجواب أنه شبّه الهلال في الآية بالعرجون القديم، وذلك في هيئة نحوله واستدارته لا في مقداره، فإن مقدار الهلال عظيم ولا نسبة للعرجون إليه، لكنه في مرأى النظر كالعرجون هيئة لا مقدارا. وأما هذا الكاتب فإن تشبيهه ليس على هذا النسق، لأنه شبّه صورة الحصن بأنملة في المقدار لا في الهيئة والشكل، وهذا غير حسن ولا مناسب.
ومن بلاغة التشبيه أن يثبت للمشبّه حكم من أحكام المشبّه به، فإذا لم يكن بهذه الصفة أو كان بين المشبه به بعد فإن ذلك مما يعيب التشبيه ويضع من قيمته البلاغية.
ومن أمثلة ذلك قول أبي تمام:
لا تسقني ماء الملام فإنني صبّ قد استعذبت ماء بكائي
فالشاعر جعل للملام ماء، وذلك تشبيه بعيد، وسبب بعده أن الماء مستلذ والملام مستكره فحصل بينهما المخالفة والبعد من هذه الجهة.
ومنه قول المرّار:
وخال على خديك يبدو كأنّه سنا البدر في دعجاء باد دجونها (1)
__________
(1) الدعجاء: السوداء، وهي هنا صفة لموصوف محذوف، والتقدير: ليلة دعجاء، ودجونها:
سوادها.

فالمتعارف عليه أنّ الخدود بيض والخال أسود، ولكنّ الشاعر رغم ذلك يشبه الخال بضوء البدر والخدين بالليلة المظلمة. فالتشبيه هنا ليس بعيدا فحسب، بل هو مناقض للعادة، ومن أجل ذلك فهو تشبيه رديء.

ومن بعيد التشبيه أيضا قول الفرزدق:
يمشون في حلق الحديد كما مشت جرب الجمال بها الكحيل المشعل (1)
فالفرزدق شبّه الرجال في دروع الزرد بالجمال الجرب، وهذا من التشبيه البعيد؛ لأنّه إن أراد السواد فلا مقاربة بينهما في اللون لأنّ لون الحديد أبيض، ومن أجل ذلك سميت السيوف بالبيض. ومع كون هذا التشبيه بعيدا فإنّه تشبيه سخيف.
ومنه كذلك قول أعرابي:
وما زلت ترجو نيل سلمى وودها وتبعد حتى ابيض منك المسائح
ملا حاجبيك الشيب حتى كأنّه ظباء جرت منها سنيح وبارح (2)
__________
(1) الكحيل: النفط أو القطران يطلى به الإبل، وأشعل إبله بالكحيل أو القطران طلاها به وكثره عليها.
(2) ملا: ملأ، وسهلت الهمزة لضرورة الشعر، المسائح: جوانب الرأس أو الشعر، جمع مسيحة، والسنيح أو السانح من الظباء والطير خلاف البارح، وهو ما يمر بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب تتيمن به، لأنّه أمكن للرمي والصيد، والبارح من الظباء والطير: ما مر منها بين يديك من يمينك إلى يسارك، والعرب تتطير به، لأنّه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف.

فشبه شعرات بيضا في حاجبيه بظباء سوانح وبوارح تمر بين يديه يمينا وشمالا. فهذا كما ترى من بعيد التشبيه.
ومنه قول أبي نواس في الخمر:
وإذا ما الماء واقعها أظهرت شكلا من الغزل
لؤلؤات ينحدرن بها كانحدار الذرّ من جبل
فشبّه الجب في انحداره بنمل صغار ينحدر من جبل، وهذا من
البعيد، كما يقول ابن الأثير، على غاية لا يحتاج فيها إلى بيان وإيضاح.
...

وقد يكون التشبيه مصيبا ولكنّ وقع المشبه به على النفس صورة كان أو صفة أو حالا قد يثير فيها حالا من البشاعة أو الاستنكار، وبهذا يفقد التشبيه روعته وسحره وتنتفي عنه صفة البلاغة، ويضحى تشبيها قبيحا معيبا. ومن أمثلة ذلك قول شاعر يصف روضا:
كأنّ شقائق النعمان فيه ثياب قد روين من الدماء
فتشبيه شقائق النعمان بالثياب المرتوية بالدماء قد يكون هذا تشبيها مصيبا ولكن فيه بشاعة ذكر الدماء، ولو شبه الشقائق مثلا بالعصفر الأحمر اللون أو ما شاكله لكان أوقع في النفس وأقرب إلى الأنس.
وقول امرئ القيس:
وتعطو برخص غير شثن كأنّه أساريع ظبي أو مساويك أسحل (1)
__________
(1) تعطو: تتناول، برخص: أراد به بنانا أو أصابع رخصة لينة، غير شثن: ليس بخشن، الأساريع: دود يكون في الرمل تشبه أنامل النساء به، الظبي: اسم رملة بعينها، والأسحل: شجر تتخذ من أغصانه الدقيقة المستوية مساويك كالأراك، وتشبه به الأصابع في الدقة والاستواء.

فامرؤ القيس يقول إنّ صاحبته تتناول الأشياء ببنان أو أصابع رخصة ليّنة ناعمة، ثمّ يشبه تلك الأنامل بدود الرمل أو المساويك المتخذة من شجر الأسحل. فقد يكون تشبيه البنان بهذا الضرب من الدود مصيبا من جهة اللين والبياض والطول والاستواء والدقة، ولكنه في الوقت ذاته يحضر إلى الذهن صورة الدود وفي ذلك ما فيه من نفور النفس واشمئزازها. ومن هنا يتطرق القبح إلى هذا التشبيه على إصابته. أمّا تشبيه البنان بمساويك الأسحل فجار مجرى غيره من تشبيهاتهم، لأنّهم يصفونها بالأقلام والعنم وما أشبه ذلك. والبنان قريب الشبه من أعواد المساويك في القدر والاستواء ونعومة الملمس.

وقول العرجي في دبيب الهوى:
يدب هواها في عظامي وحبها كما دب في الملسوع سم العقارب
فتشبيه دبيب الهوى في العظام بدبيب سم العقارب في الملسوع غاية في البشاعة.
ومنه قول أبي محجن الثقفي في وصف قينة:
وترفع الصوت أحيانا وتخفضه كما يطن ذباب الروضة الغرد
فقد شبّه القينة وهي ترفع صوتها أحيانا وتخفضه بالغناء بطنين الذباب الغرد في الروضة. فهذا التشبيه وإن كان مصيبا لعين الشبه فإنّه غير طيب في النفس ولا مستقر على القلب. فأي قينة تحب أن تشبه بالذباب، وأن يشبه غناؤها بطنين الذباب؟
ومع هذا فقد سرق أبو محجن هذا التشبيه ولم يحسن استخدامه فقلبه وأفسده. أجل لقد سرقه من قول عنترة العبسي يصف ذباب روضة:
وخلا الذباب بها فليس ببارح غردا كفعل الشارب المترنم
وشتان بين تشبيه وتشبيه.
وأين قول أبي محجن من قول بشار في وصف قينة:
تصلى لها آذاننا وعيوننا إذا ما التقينا والقلوب دواعي
إذا قلّدت أطرافها العود زلزلت قلوبا دعاها للوساوس داعي
كأنّهم في جنة قد تلاحقت محاسنها من روضة وبقاع
يروحون من تغريدها وحديثها نشاوى وما تسقيهم بصواع (1)
__________
(1) الصواع بضم الصاد: المكيال.

وبعد فالجوانب التي تعيب التشبيه ويتطرق منها القبح إليه أكثر من أن تحصى أو تستقصى؛ فمنها ما أوردناه ومثلنا له، ومنها ما يتطرق إليه من جوانب أخرى كاللفظ أو المعنى أو رداءة الصياغة والنسج أو قلق القافية في الشعر، وما أشبه ذلك.
وكما ذكرت آنفا أنّ التشبيه من أكثر الأساليب البيانية دلالة على مقدرة البليغ ومدى أصالته في فن القول. فالبلغاء كانوا- وما زالوا- في كل زمان ومكان يتنافسون في اصطياده، ويلقون بشباك خيالهم في محيطه، ثمّ ينزعونها وإذا بعضها ملؤه اللآلئ والدرر! وإذا بعضها الآخر ملؤه الحصى والحجر!.

المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم البيان و المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الطبعة: بدون و عام النشر: 1405 هـ - 1982 م و عدد الأجزاء: 1
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان




The text below is a translation from google translate where it is possible to have many errors, please do not use this translation as a reference, and take a reference from the Arabic text above. thanks.

Disadvantages of analogyPerhaps the metaphor among the most graphic methods is indicative of the ability of eloquence and originality in the art of saying. This is because the analogy is in fact a shot of photography that does not come to mastery or creativity in it except for those who have the tools of word, meaning and formulation, and the imagination and sense of humor, and the skill in forming images of the analogy in a way that transmits the movement and gives it beauty and influence.

For this reason, it is said that the analogy between the colors of rhetoric is refined, elegant, highly sensitive, temperamental, and any complacency in which it is flawed, and takes it from good to ugliness.
This ugliness is many types, including the words, meaning, wording, imagination or rhetorical origins on which the analogy is based.
It is a rhetorical asset that is similar to what is bigger and stronger than it, similar to the good example Hassan, ugliest ugly, and clear evidence of what is Abin and explained it, otherwise the analogy is incomplete.
According to this, Ibn al-Atheer said: "It is from this point that some of the people of Egypt are wrong to mention a fortress of the mountain fortresses that is suspicious to him. He said: It is important to have a turban.
__________
(1) Anamlh triangulation Hamza with triangulation Mim: the finger joint in which the nail, was said Anamil:
Tiptoe, and Claw: The tip of the inverted nail.
And this writer save something and missing things, he made a mistake in comparing the fort with ants, what amount of ants for the likeness of a fortress on the top of a mountain ?.
Then Ibn al-Atheer goes on to say: If it is said that this writer is suffering from what he mentioned in the words of Allaah, he said: Like the moon with the origin of the palm of the palm. The answer is that it is similar to the crescent in the verse by the ancient El-Arjun, in the form of its transformation and its rotation, not in its amount. The amount of the crescent is great, and it is not similar to the larynx, but it is in sight. As for this writer, his analogy is not on this pattern, because he likened the image of the fortress to an abundance in quantity, not in body and form, and this is neither good nor appropriate.
It is the eloquence of the analogy that proves to the suspect a ruling of the provisions of the likeness, if he is not in this capacity or was among the suspect yet, it is a misrepresentation and puts the value of rhetorical.
Examples of this are Abu Tammam's saying:
I do not drink water of water, I ... I poured water for my tears
The poet made water for the water, and this is a distant analogy, and the reason behind that the water is spared and the memory is recollected, so the difference between them and the distance from that side occurred between them.
Al-Marar said:
And look at your cheeks looks like a ... Sunna Al Bader in the Dajunha Dajja (1)
__________
(1) Du'aa: black, here is a recipe for the deleted, deleted, and appreciated: the night of Dajja, and Dujonha:
Black.
It is common knowledge that the cheeks are white and the black is black, but the poet is still like the moon with the light of day and the cheeks on the dark night. The analogy here is not only far away, but contrary to tradition, and for that it is a bad metaphor.
It is also analogous to the saying of Farazdak:
Walking in the throat of the iron as ... The beauty experienced by the burning shark (1)
Because the color of iron is white, and for that reason the swords were called eggs. With this analogy away, it is a ridiculous metaphor.
And it is also said Arabi:
I still hope to get Salma and her ...
Mla Hajibek Shib even as if ... Antelope took place from them and the swimmers (2)
__________
(1) Al-Kahil: Oil or tar is cast by camels, and his camel was ignited by the shark or tar, which is covered by many.
(2) Mullah: fill, and facilitated Hamza to the need for poetry, the references: aspects of the head or hair, the collection of Christ, and the sniper or the swan of antelope and bird contrary to the bush, which passes between your hands on your left hand, and Arabs dominate it, , And the next of the antelope and the bird: what passed between your hands from your right to your left, and the Arabs fly it, because you can not throw it until it deviates.
Like white hair in his eyebrows, with swarms of swans and swarms passing between his hands, right and left. This, as you see from a distance analogy.
And from the words of Abu Nawas in wine:
If water is a reality ... it showed a form of spinning
Pearls descend by it ... as the descent of the mountain
And the like of the pit in the descent of young children descended from the mountain, and this from
The distant, as Ibn al-Atheer says, so much that it does not need a statement and clarification.
...
The metaphor may be correct, but the likeness of the image to the soul may have been an image or a description or an instant that might provoke a moment of horrifying or repugnance. Thus, the metaphor loses its magnificence and charm and avoids the attribute of eloquence. An example of this is the saying of a poet who describes Rawda:
As if the anemones were in it...
The likeness of anemones with blood-stained clothing may be a similar thing, but in it is the ugliness of the mention of blood, even if the semi-anemone, for example red-colored or the color of the like would have fallen in the soul and closer to the human.
And the saying of the man Qays:
And give the license of non-Shathn like ... Abu Dhabi or Masouik Ashal (1)
__________
(1) Titu: deal with, Licenses: wanted by the sons or fingers soft license, not Chathn: not rough, the seeds: Dodd be in the sand resembling the women's women, the deer: the name of a specific widow, and the trees: , And similar to the fingers in accuracy and equanimity.
Al-Qais says that his companion is dealing with things with a soft or soft license finger, and then he looks like the one with the sand pods or the sticks taken from the trees. It may be likeness of the sons of this beating of the soft on the side of softness, whiteness, height, equanimity and accuracy, but at the same time brings to mind the image of the worm and in this self-disgust and disgust. Hence, the ugliness deals with this analogy to his injury. As for likening the sons with your equal, the other is similar to their likenesses, because they describe them with pens, ornaments, and the like. And s

Related Post:




0 Response to "عيوب التشبيه Disadvantages of analogy"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel