الدلالة أولا: اختلاف المعنى
Saturday, July 21, 2018
Add Comment
الفصل الخامس
الدلالة.
أولا: اختلاف المعنى
علم الدلالة هو دراسة
المعنى، لكن ما المعنى؟ ناقش الفلاسفة هذا السؤال خاصة فيما يتعلق باللغة لفترة
تزيد على ألفي عام، ولم يقدم واحد منهم إجابة مرضية عليه، وقد يكون أحد أسباب ذلك
أن هذا السؤال بالصيغة التي طرح بها لا يمكن الإجابة عنه، فهو يضع افتراضين سمبقين
أقل ما يقال عنهما أنهما مشكلان، الافتراض الأول أن لما نشير إليه في اللغة
الإنجليزية بكلمة "meaning" "معنى" نوع ما من الوجود أو الواقع، والافتراض
الثاني أن ما يشار إليه باعتباره معنى يتشابه -إن لم يتطابق- في طبيعته، ويمكن أن
نطلق عليهما حسب ترتيبهما: الافتراض المسبق للوجود، والافتراض المسبق للتجانس.
ولا أقول إن هذين
الافتراضين المسبقين غير حقيقيين لكنهما ببساطة موضع جدال فلسفي، وكثير من
الدراسات التمهيدية لعلم الدلالة تعامل هذه الحقيقة معاملة خشنة، وسنحرص فيما بعد
على ألا نلزم أنفسنا بأي من هذين الافتراضين المسبقين، وسوف نتجنب -بصفة خاصة-
القول بما تذهب إليه كتب أساسية عديدة في علم اللغة من أن اللغة تقيم جسرا بين
الصوت والمعنى، وتقريرات مثل هذه يمكن -وهذا صحيح- أن تأخذ تفسيرا معقدا إلى حد ما
يجعلها أكثر قبولا عما تبدو عليه من الوهلة الأولى، وهي على كل حال -بمراعاة قيمتها الظاهرية -مضللة وذات نزعة فلسفية، وتشجعنا
على الاعتقاد بأن المعنى مثل الصوت يوجد بشكل مستقل في اللغة وأنه متجانس في
الطبيعة.
والتفكير في المعنى
بهذه الطريقة تقليدي -بطبيعة الحال- بما فيه الكفاية، والمعاني تبعا للنظرية التي
حازت القبول الأكثر اتساعا في علم الدلالة أفكار أو تصورات يمكن أن تنتقل من عقل
المتكلم إلى عقل المستمع بتجسيدها -إن جاز التعبير- في صيغ لغة أو أخرى.
وتحديد المعنى
بالتصورات لن يساعدنا في الإجابة على السؤال: "ما المعنى؟ " ما لم يحدد
مصطلح "تصور" تحديدا واضحا، وهذا المصطلح -كما هو مستخدم بشكل عام- غير
واضح أو عام أكثر مما ينبغي لأن ندعم الثقل الذي يقتضيه دوره كحجر الزاوية في
النظرية التصورية التقليدية للمعنى، ما القاسم المشترك الموجود فيما بين التصورات
المرتبطة بالكلمات الآتية: "ال" و"ل"، و"أنا"،
و"أول" و"سنة"، و"قليل"، و"يكتب"،
و"ثلاثة"، و"مدرسة"، و"ولد"، و"تطور"،
و"اسم"، و"كل شيء" "everything"؟ ويمكن في بعض الحالات -بشكل معقول- أن نقول إن التصور
المرتبط بالكلمة خيال مرئي من نوع ما لكننا لا نستطيع -بكل تأكيد- أن نحتفظ بهذه
الرؤية فيما يتصل بكلمات مثل: "ال"، و"ل"، و"كل شيء"،
أو حتى "اسم"، وحتى في الحالات التي يكون من المقبول أن نعد التصور
خيالا مرئيا فإن ذلك يخلق من المشكلات أكثر مما يحل، والتخيلات العقلية التي
يربطها أناس مختلفون بكلمة مثل مدرسة" متنوعة، ومليئة بالتفاصيل، ويوجد عادة
قاسم مشترك ضئيل، وقد لا يوجد قاسم مشترك بين هذه التفصيلات والتخيلات العقلية
الشخصية إلى حد بعيد، ومع ذلك ما نزال نرغب في القول بأن الناس -بشكل عام-
يستخدمون الكلمات بنفس معانيها
إلى حد ما، ولا يوجد ما يدعونا إلى افتراض أن التخيلات المرئية التي ترتبط بكلمات
معينة جزء أساسي من معنى تلك الكلمات أو أنها ضرورية للاستخدام اليومي لهذه
الكلمات.
ولا يوجد -في
الحقيقة- ما يدعونا إلى افتراض أن تلك التصورات -بأي معنى محدد بوضوح لمصطلح تصور-
وثيقة الصلة ببنية نظرية دلالية لغوية من الممكن تبريرها من الناحية التجريبية،
ومن الواضح أننا لن نكسب شيئا من وراء استخدامنا لمصطلح "تصور" المغرق
في غموضه حسبما يفسر عادة ونحن بصدد المحافظة على نظرية دلالية تعتمد على هذا
المصطلح من التنفيذ والدحض، ولن نلجأ إلى التصورات عند مناقشتنا للمعنى.
وبدلا من أن نسأل:
"ما المعنى؟ " نطرح سؤال مختلفا إلى حد ما: "ما معنى
"المعنى"؟ " يغير محور الاهتمام من الحديث عن المعنى إلى الحديث عن
مصطلح "المعنى"، ولهذا التحول فوائد عديدة، أولها أنه لن يلزمنا
بالافتراض المسبق للوجود فيما يتعلق بالكلمة الإنجليزية "meaning" "معنى",
بيد أن ذلك خال من السلبيات بما فيه الكفاية، فالفائدة الإضافية لهذا التحول من
الحديث عن الأشياء إلى الحديث عن الكلمات "إذا أمكن أن أصوغ مميزا -صياغة فجة
إلى حد ما- بين عبارة الكلمات وعبارة الأشياء" أنه يجعلنا بصورة حاسمة ضد
احتمال أن تكون الكلمة الإنجليزية "meaning" "معنى" مختلفة من حيث التطبيق عن أي كلمة مفردة
أخرى في اللغات الأخرى، والأمر كذلك، فهناك سياقات يمكن أن تترجم فيها كلمة "meaning" إلى كلمة "signtication" أو "sens" في اللغة الفرنسة،
وهناك سياقات لا يمكن فيها ذلك، وبالمثل فإن الفارق بين الكلمتين الألمانيتين
"Bedeutung" و"sinn" في اللغة
الألمانية في الاستخدام المعتاد لا يتناظر مع الفارق بين الكلمتين الفرنسيتين "signif ication" و "sens" أو الفارق بين
الكلمتين الإنجليزيتين "meaning" و"snec"، ومن الممكن أن ندرك على الأقل أنه بصياغة سؤالنا: ما معنى
"المعنى"؟ في اللغة الإنجليزية أكثر منه في لغة أخرى نؤثر مهما كان
تأثيرنا ضئيلا في بناء النظرية الدلالية، وفيما يخص علم الدلالة فقد ذكرنا أنه
دراسة المعنى أي: كل ما تغطيه كلمة "معنى"، وليس لدينا سبب يجعلنا نفترض
أن كلمة مستخدمة استخداما يوميا مثل "معنى" تختلف عن كلمة مستخدمة
استخداما يوميا مثل قوة أو طاقة يمكن اقتباسها دون تهذيب أو إعادة تعريف للأغراض
العلمية.
وقد ذكرت أن السؤال:
"ما معنى" "المعنى"؟ " لا يلزمنا بالافتراض المسبق
للتجانس، وثمة حقيقة هامة عن معظم الكلمات اليومية فهي ليس لها معنى مفرد واضح
المعالم أو حتى مجموعة من المعاني يمكن تمييز كل معنى منها عن غيره تمييزا قاطعا،
وكلمة معنى نفسها ليست مستثناة من هذه الحقيقة، ولذلك فليس مفاجئا أن نجد قدرا
ضئيلا من الاتفاق بين اللغويين والفلاسفة فيما يتعلق بحدود الدلالة، وهناك من يتخذ
وجهة نظر واسعة في الدلالة كما سأفعل هنا، وهناك آخرون يجعلون مجال الدلالة أكثر
ضيقا.
وليس الأمر ببساطة
مسألة اختيار سواء أكان اختيارا عشوائيا أم غير عشوائي فيما يتعلق بالتفسير المتسع
نسبيا، والتفسير الضيق نسبيا للمعنى، وكما قلت منذ لحظات فإن المعاني التي يمكن
تمييزها لكلمة "معنى" يمكن أن يتحول الواحد منها إلى الآخر، وسيتفق
الجميع على أن استخدامات معينة لمصطلح "معنى" تقع في بؤرة اهتمام علم
الدلالة اللغوية أكثر من استخدامات أخرى فعلى سبيل المثال:
1 "1what is the meaning of "life.
يوضح استخداما لكلمة
"معنى" أقرب إلى الاستخدام الرئيسي من:
2 2what is the meaing of life.
واستخدام الفعل
"mean" "يعني"
من وجهة النظر الدلالية اللغوية -من ناحية أخرى- في 3، 4 أكثر مركزية منه في
"5"
3 "3The french word "fenetre" neans "window.
4 The french word "fenetre" means the same "4as the
English word "window.
5 5He is clumey buy he means well.
والمشكلة أن هناك
استخدامات وسيطة لكل من "meaning" "معنى"، وmean "يعني" تعد مجالا لعدم الاتفاق، وقد أثبت بعض الفلاسفة
أن الاستخدامات اللغوية الأكثر وضوحا التي تتعلق بمعنى الكلمات، والجمل، والأقوال
لا يمكن تفسيرها تفسيرا مرضيا بطريقة أخرى تختلف عن اشتقاق هذه الاستخدامات أو
المعاني اللغوية الواضحة من الاستخدامات الوثيقة التي لا يبدو أنها تنطبق على
اللغة وحدها بل تنطبق أيضا على أنواع أخرى من السلوك السيميولوجي "انظر 1 -
5".
__________
1 ما معنى
"الحياة"؟
2 ما معنى الحياة؟
3 كلمة "fenetre" الفرنسية تعني: window" في اللغة
الإنجليزية.
4 الكلمة الفرنسية "fenetre" لها معنى الكلمة
الإنجليزية "window" ذاته.
5 هو ثقيل لكنه يعبر بطريقة
جيدة.
ولا أستطيع أن أتعمق
في هذه القضية في هذه الدراسة التمهيدية المختصرة المختارة للدلالة اللغوية، ومع
ذلك فمما يهم أي فرد يعنى على أية حل ببنية اللغة ووظائفها أن يعرف أن هناك تقليدا
فلسفيا غنيا ومعقدا يتكئ في نقاط عديدة على قضايا أساسية في دراسة اللغويين
للمعنى، وسأستمر في استخدام مصطلح "معنى" "meaning" خلال هذا الكتاب
دون تعريف على أنها كلمة غير اصطلاحية في اللغة الإنجليزية اليومية، بيد أني سأركز
على أنواع معينة من المعنى أو على جوانب معينة منه ذات أهمية خاصة في علم اللغة،
وسندخل بعض المصطلحات الأكثر تقنية لنشير إليها عند الاقتضاء.
ومن المميزات الواضحة
المرسومة تلك التي تميز بين معنى الكلمات أو المفردات بصورة أكثر وضوحا ومعنى
الجمل أي: بين المعنى المعجمي ومعنى الجملة، وإلى عهد قريب كان اللغويون يوجهون
اهتماما للمعنى المعجمي أكبر بكثير مما يوجهونه لمعنى الجملة، ولم يدم ذلك طويلا
فقد أصبح من المسلم به الآن -بشكل عام- أن المرء لا يستطيع أن يفسر الواحد منهما
دون أن يفسر الآخر، ويعتمد معنى جملة ما على معنى مفرداتها المكونة لها "بما
فيها المفردات التعبيرية إن وجدت انظر 5 - 2"، ويعتمد معنى بعض المفردات -إن
لم يكن كلها- على معنى الجمل التي تذكر فيها، بيد أن البنية النحوية للجمل -كما هو
واضح بداهة وكما سنبرهن على ذلك فيما بعد- وثيقة الصلة أيضا بتحديد معانيها أي:
يجب أن نأخذ أيضا في حسابنا المعنى النحوي باعتباره مكونا إضافيا لمعنى الجملة
" انظر 5 - 3"، وبقدر ما يهتم علم اللغة اهتماما أساسيا بوصفه النظم
اللغوية "انظر 2 - 6" يقع المعنى النحوي والمعنى المعجمي ومعنى الجملة
بشكل واضح في مجال الدلالة اللغوية.
ومكانة معنى القول
مثار جدل كبير إلى حد ما، ولم نحدد إلى هذه اللحظة الفارق المميز بين الجمل والأقوال رغم ذكره في الفصل السابق
"انظر 4 - 4"، فمعنى قول ما يشتمل على معنى الجملة المنطوقة إلا أن
معناها لا يستنفد معناه، ويرجع بقية معناه إلى عوامل متنوعة يمكن أن نعرفها بشكل
تقريبي بالعوامل السياقية، ويذهب كثير من الباحثين إلى أن معنى القول يقع خارج
نطاق الدلالة اللغوية في حد ذاته وداخل ما يصلق عليه البراكماتية أو دراسة الأقوال
الفعلية "انظر 5 - 6"، وهو مثار جدل كما رأينا من قبل وذلك لأن مفهوم
معنى الجملة يمكن إثبات أنه يعتمد على مفهوم معنى القول من الناحيتين المنطقية
والمنهجية لدرجة أن المرء لا يستطيع أن يقدم تفسيرا كاملا لمعنى الجملة دون ربط
الجملة -من حيث المبدأ- بسياقات القول المحتملة.
وثمة مجموعة أخرى
تتعلق بتنوع الوظائف الاتصالية والسيميولوجية التي تستخدم اللغات من أجلها، ولا
يتعلق كل الناس مع الاقتراح الذي قدمه وتجنستين witgensteine "واحد من أعظم فلاسفة اللغة تأثيرا في عصره" من أن معنى
كلمة ما أو قول ما يمكن بشكل مألوف أن يتحدد باستخدامه، غير أن هناك -بشكل واضح-
أنواعا من العلاقة بين المعنى والاستخدام وكان لتأكيد وتجنستين على هذه العلاقة
وعلى تعدد الأغراض التي تفي بها اللغات الأثر المفيد في تشجيع الفلاسفة واللغويين
في الخمسينات والستينات على مناقشة -أو التخلي التام عن- الافتراض التقليدي الذي
يذهب إلى أن دور اللغة أو وظيفتها الأساسية توصيل المعلومات الافتراضية أو
الحقيقية، ولا يمكن بطبيعة الحال أن ننكر أن اللغات لها ما سوف أشير إليه باعتباره
وظيفة وصفية، ويمكن أيضا أن يكون الأمر أنه لا يمكن استخدام نظام سيميولوجي آخر
بهذه الطريقة لصياغة الأخبار التي إما أن تكون حقيقية أو زائقة تبعا لما إذا كان
الوضع الذي يفهم من الوصف موجودا أم لا، ومع ذلك فللغات وظائف سيميولوجية أخرى.
وترتبط بعض هذه
الوظائف ارتباطا نظميا بالوظيفة الوصفية أو وظيفة الإدلاء بالتصريحات، وترتبط
بعلاقة متبادلة -وفقا لما سبق- مع الاختلافات البنيوية فيما بين الجمل، فعلى سبيل
المثال- كما ذكرنا من قبل- الاختلافات الوظيفية بين التصريحات "أو الأخبار"،
والأسئلة، والأوامر ترتبط بعلاقة متبادلة في لغات كثيرة مع الاختلاف البنيوي بين
الجمل الخبرية، والاستفهامية، والطلبية، وقد أدرك ذلك الفلاسفة والنحاة منذ عهد
طويل، وعلى كل حال نالت طبيعة هذه العلاقة المتبادلة اهتماما كبيرا منذ فترة
قريبة، وأكثر من ذلك فمن المعروف أن الأخبار، والأسئلة، والأوامر ليست سوى قليل من
كثير من الأحداث الكلامية التي يمكن تمييزها من الناحية الوظيفية التي تتبادل
الارتباط معا بطريقة نظامية بطرق مختلفة، وواحدة من أكثر المناقشات حيوية في
السنوات الأخيرة في الدلالة اللغوية والفلسفية تركزت على قضية ما إذا كانت الأخبار
ليست سوى نوع من الأنشطة الكلامية ضمن أصناف كثيرة، وليس لها أي نوع من الصدارة
المنطقية أم أنها تؤلف الصنف الخاص والأساسي من الناحية المنطقية الذي يمكن أن
تشتق منه -بمعنى أو بآخر- الأحداث الكلامية الأخرى، وما زالت هذه النقطة الخلافية
بلا حل، وسنلقي نظرة عليها فيما بعد "5 - 4، 5 - 6".
نستطيع إذن أن نرسم
فاصلا بين المعنى الوصفي للأخبار، والمعنى غير الوصفي للأنواع الأخرى من الأحداث
الكلامية، ونستطيع أيضا أن نحدد -مؤقتا على الأقل- المعنى الوصفي لقول ما بالخبر
المؤكد عليه في التصريحات، ويمكن أن يكون في أحداث كلامية أخرى لا سيما الأسئلة
إلا أنه لا يكون مؤكدا، فعلى سبيل المثال القولان التاليان 6، 7، وهما خبر وسؤال
على الترتيب حسب المقصود والمفهوم منهما.
6- 1John gets up late.
7- 2Dees John get up late.
يمكن أن يقال بوجود
أو استمرار خبر واحد فيهما مع أن 6 وحدها هي التي تؤكده، ومن ثم تصف -أو يفهم منها
من حيث الظاهر أنها تصف- وضعا معينا، فهي تحدد خاصة الإخبار من حيث إنها ذات قيم
صدق محددة أي: إنها إما أن تكون حقيقية أو زائفة، ولذلك يوجد ارتباط جوهري بين
المعنى الوصفي والصدق، وهذا الارتباط -كما سترى فيما بعد- يعد في بؤرة علم الدلالة
المتصفة بشروط الصدق3، وهو -كما سترى فيما بعد- يحصر مجال مصطلح
"الدلالة" بحيث لا يغطي سوى المعنى الوصفي "انظر 5 - 6".
__________
1 استيقظ جون متأخرا.
2 هل استيقظ جون متأخرا؟
3 علم الدلالة المتصفة بشروط
الصدق conditional - th semattics مدخل إلى علم الدلالة
يؤكد على أن المعنى يمكن أن يحدد من خلال الشروط الموجودة في العالم الحقيقي التي
يمكن أن تستخدم في ظلها الجملة لتصنع تصريحا حقيقيا، ويمكن تمييزها عن مداخل تحدد
المعنى من خلال الشروط الموجودة في استخدام الجمل في عملية الاتصال وذلك مثل وظيفة
الجملة من خلالا الأحداث الكلامية أو ما يعتقده المتكلم في الجملة.
ومما سبق يتضح أن بعض
الأقوال -على الأقل- لها كلا المعنيين الوصفي وغير الوصفي، وفي الحقيقة يمكن إثبات
أن الأغلبية العظمى للأقوال اليومية إما تصريحات أو غير تصريحات، فإن كانت غير
تصريحات سواء أكانت ذات معنى وصفي أم لا فإنها تحمل ذلك المعنى غير الوصفي المعروف
-بشكل عام- بالمعنى التعبيري، والاختلاف بين المعنى التعبيري والمعنى الوصفي أن
الأخير بخلاف الأول ليس خبريا ولا يمكن شرحه بواسطة الصدق، فعلى سبيل المثال إذا هتف شخص ما "يا للسماء! "
بنبر وتنغيم يعبران عن الدهشة فإننا من الممكن أن نقول إنه مندهش "أو غير
مندهش"، وبناء عليه فإن: "جون مندهش" "على فرض أن جون
اسمه" تصريح حقيقي "أو زائف"، بيد أنه من السخف أن نقرر أن "يا
للسماء" تصف مشاعر المتكلم أو حالته الذهنية كما تفعل "جون مندهش"،
وإذا ما فعلنا ذلك نكون قد ارتكبنا ما يعده بعض الفلاسفة مغالطة وصفية أو طبيعية
و"يا للسماء" "Good heavens" -بطبيعة الحال- مثال واضح لما يعد في النحو التقليدي تعجبا،
ويعالج بشكل متكرر على أنه صنف من الأقوال التي تتميز عن التصريحات والأسئلة،
والأوامر، وأكثر من ذلك فهو التعجب الذي لا يمكن ربطه مع تصريح مناظر بالمعنى
الوصفي ويختلف لنقل عن:
1oh Granny what big teeth yuo ve got.
لكن من الممكن أن
توجد تصريحات تعجبية، وأسئلة تعجبية، وأوامر تعجبية وهلم جرا، وفي الحقيقة لا
يتعدى التعجب طريقا واحدا يعبر "أو يكشف" فيه متكلم "أو كاتب"
عن انفعالاته، ومواقفه، ومعتقداته، وشخصيته، وبقدر ما لا نستطيع -في الملاذ
الأخير- أن نرسم مميزا بين شخص ما وشخصيته أو مشاعره يكون من المنطقي أن نفسر
مصطلح "التعبير عن الذات" تفسيرا أدبيا، ويرتبط المعنى التعبيري بكل
الأشياء التي تقع في مجال "التعبير عن الذات" ويمكن أن ينقسم إلى أنواع
أصغر بطرق متنوعة لأغراض معينة، ومن هذه الأنواع المعنى الانفعالي "أو
العاطفي"2 ويوليه نقاد
الأدب والفلاسفة العقلانيون اهتماما خاصا.
__________
1 جراني ما هذه السنة
الكبيرة.
2 المعنى الانفعالي للتعبير
يشير إلى الأثر الانفعالي على المستمع كما في المحتوى الانفعالي للكلام الدعائي
"Propaganda speech " ولغة الإعلام
"advertising language" ... ... إلخ.
ويختلف المعنى
الاجتماعي إلى حد ما عن المعنى التعبيري مع أن الواحد منهما -كما سنرى فيما بعد-
يندمج مع الآخر، ويمكن أن يعد كل منهما معتمدا على الآخر، وهو ما يتعلق باستخدام
اللغة في تأسيس الأدوار والعلاقات الاجتماعية وتدعيمها، وكثير من أحاديثنا اليومية
لها هذا الدور باعتباره الغرض الرئيسي لها، ويمكن أن تندرج تحت مصطلح المشاركة
الانتباهية "أي: "المشاركة عن طريق الكلام""، وهذا التعبير
الموفق صاغه مالينوفسكي "Malinowski" العالم الأنثروبولوجي في العشرينات من هذا القرن واستخدمه
اللغويون استخداما واسعا منذ ذلك الوقت، ويؤكد على فكرة المشاركة والممارسة في
الطقوس الاجتماعية التي تشترك فيها مجموعة، ومن ثم كانت "المشاركة"
"communion" أفضل من
"الاتصال" "communication".
وأكثر الأقوال
الطقسية وضوحا -التحايا والاعتذارات والأنخاب.... إلخ وهي تلك التي تنحصر وظيفتها في تزييت عجلات التعامل الاجتماعي،
وهذه الأقوال ثانوية إذا ما نظرنا إليها من وجهة النظر التي يمكن أن تميز -على نحو
صحيح- أكثر الوظائف أساسية للغة بالمقارنة مع الوظائف الأخرى بما فيها وظيفتها
الوصفية، وفي العادة يكون السلوك اللغوي ذا هدف، حتى التصريحات العلمية الهادئة
الخالية من العاطفة والحماس والتي يكون المعنى التعبيري المرتبط بها في حده الأدنى
يكون من أهدافها -عادة- كسب الأصدقاء والتأثير على الناس، وعموما فإن ما يقال
والطريقة التي يقال بها تحددها -في أي سياق تستخدم فيه اللغة وبصورة أوضح في
المحادثات اليومية- العلاقات الاجتماعية التي تسود فيها بين المشتركين والأغراض
الاجتماعية الخاصة بهم، وسوف نلقى نظرة على المعنى الاجتماعي بصورة أكثر تحديدا في
الفصلين التاسع والعاشر بيد أن
النقطة التي تتولد مباشرة في أذهاننا من خلال هذا الفصل أن اللغات تختلف من حيث
الدرجة التي يجوز -أو يجب- فيها أن ينتقل المعنى الاجتماعي في الجمل باختلاف
أنواعها، وبناء يجب يجب ألا نعتقد أن المعنى الاجتماعي يمكن أن يترك لعالم
الاجتماع اللغوي ولا يكون موضع اهتمام اللغوي البحت الذي تحدد آفاقه العقلية
التعريف الضيق عن عمد للنظام اللغوي باعتباره مجموعة من الجمل "2 - 6".
ويمكن أن نتعرف على
أنواع أخرى للمعنى، وسنذكر بعض هذه الأنواع فيما بعد في هذا الفصل، ويفي بغرضنا
الآن أن نقول إن المعنى ينقسم إلى ثلاثة أقسام: وصفي وتعبيري واجتماعي، وتبقى
ملاحظتان تتصلان به، الملاحظة الأولى أنه ما دام الإنسان كائنا اجتماعيا، وما دامت
بنية اللغة يحددها ويدعمها استخدامها في المجتمع فإن التعبير عن الذات بشكل عام،
والتعبير عن الذات بواسطة اللغة بصفة خاصة يحكمه على نطاق واسع إلى حد كبير
القواعد السلوكية والطبقية المفروضة المتعارف عليها من الناحية الاجتماعية، ومعظم
مواقفنا ومشاعرنا ومعتقداتنا -معظم ما نعتقد أنه شخصي أو ذاتي- نتاج مشاركتنا
الاجتماعية، وإلى هذا الحد يعتمد المعنى التعبيري على العلاقات والأدوار
الاجتماعية، وفي نفس الوقت يساهم ما يمكن أن نعده تعبيرا عن الذت في تأسيس أو
تدعيم أو تغيير هذه العلاقات والأدوار الاجتماعية، وهو ما قصدته عندما قلت من قبل
إن المعنيين التعبيري والاجتماعي يعتمد كل منهم على الآخر.
والملاحظة الثانية
أنه بينما يختص المعنى الوصفي باللغة فإن المعنى الاجتماعي، والمعنى التعبيري -بلا
ريب- لا يختصان بها، فهما موجودان في النظم السيميولوجية الطبيعية الأخرى
الإنسانية وغير الإنسانية، ومن المثير -في هذه القضية- أن نعود إلى مناقشتنا لبنية اللغة من وجهة النظر السيميولوجية
"انظر 1 - 5" وقد رأينا هناك أن المكون الشفهي لإشارات اللغة هو الذي
يميزها بشكل أكثر وضوحا عن أنواع أخرى من الإشارات الإنسانية والإشارات غير
الإنسانية، ويمكن الآن أن نشير إلى أن المعنيين التعبيري والاجتماعي محمولان في
العنصر غير الشفهي للغة على نحو مميز على الرغم من عدم اقتصارهما عليه بينما يقتصر
المعنى الوصفي على المكون الشفهي، ومع هذا فوظائف اللغات ليست أقل اندماجا بصورة
وثيقة من مكوناتها البنيوية التي يمكن تمييزها الأمر الذي يعزز ما قلناه عن
العلاقة بين اللغة واللا لغة سواء أكد المرء على أوجه الشبه أو أوجه الخلاف وسواء
اعتمد على وجهة نظر شخصية أو متخصصة، وسنعني في هذا الفصل بالدلالة اللغوية أي:
دراسة المعنى في اللغات الطبيعية ويخضع لقيد إضافي تقتضيه ضمنا الأشياء المسلم بها
في النظام اللغوي "انظر 2 - 6" ومن الممكن تبني وجهة نظر أكثر اتساعا.
المترجم : مصطفى زكي حسن التوني . القاهرة: 1987
المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: اللغة وعلم اللغة المؤلف: جون ليونز
الناشر: دار النهضة العربية الطبعة: الأولى عدد الأجزاء: 1
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
Significance.
First:
the difference of meaning
Significance
is the study of meaning, but what is the meaning? Philosophers have discussed
this question especially with regard to the language for more than two thousand
years, and not one of them has provided a satisfactory answer. One of the
reasons for this may be that the question as presented can not be answered. The
first assumption is that what we refer to in English as "meaning"
means "some kind of existence or reality, and the second assumption that
what is referred to as a meaning is similar - if not identical - in nature, and
can be called in their order: , And the presumption of homogeneity.
I
do not say that these two presuppositions are not true, but they are simply the
subject of philosophical debate. Many preliminary studies of semantics treat
this fact as crude, and we will later ensure that we do not commit ourselves to
either of these two presuppositions. In particular, There are many essentials
in linguistics that language establishes a bridge between sound and meaning,
and such reports can - and so it is - take a rather complex interpretation that
makes them more acceptable than they seem at first glance, and in any case -
taking into account their apparent value - misleading and A philosophical
tendency, and encourages us to believe that meaning is like There is a voice in
the language independently and it is homogeneous in nature.
Thinking
about the meaning in this way is traditional - of course - enough, and meaning
according to the theory that has received the most broad acceptance in the
semantics ideas or perceptions that can move from the mind of the speaker to
the mind of the listener - so to speak - in language versions or other.
Determining
the meaning of perceptions will not help us to answer the question: "What
is the meaning?" Unless the term "perception" is clearly
defined, and this term, as used in general, is too vague or universal to
support the weight of its role as the cornerstone The traditional conceptual
theory of meaning, what common denominator exists between the concepts associated
with the following words: "the", "l", "I",
"first", "year", "little", "write"
Three, school, born, evolution, name, and everything? In some cases, it is
reasonable to say that the concept associated with the word is a visual
illusion of some kind, but we can not, of course, maintain that vision in
relation to words such as "the", "l",
"everything" Or even "name", and even in cases where it is
acceptable to visualize visual imagination, it creates more problems than
solves, and the mental fantasies that different people associate with a word
such as a "diverse school, full of details, There is a common denominator
between these details and mental fantasies to a large extent, yet we still want
to say that people - in general - use Kalma And there is no reason to assume
that the visual fantasies associated with certain words are an essential part
of the meaning of those words or are necessary for the daily use of these
words.
There
is, in fact, no reason to assume that those perceptions - in any clearly defined
sense of the concept of perception - relevant to the structure of a linguistic
grammatical theory can be empirically justified, and obviously we will gain
nothing from our use of the term "perception" As is usually explained
in the maintenance of a theory based on the term of the term of implementation
and refutation, and will not resort to perceptions when we discuss the meaning.
Instead
of asking, "What is the meaning?" We ask a somewhat different
question: "What does meaning mean?" The focus shifts from talking
about meaning to talking about the term "meaning." This
transformation has many benefits. First, The meaning of the word
"meaning", but that is free of negatives enough, the additional
benefit of this shift from talking about things to talking about words "if
I can formulate a distinctive - fairly crude wording - between the words Words
and words of things "it makes us decisively against the possibility that
the English word" meaning "means" different "in terms of
the application for which In other languages, so there are contexts in which
the word "meaning" can be translated into "signtication" or
"sens" in French, and there are contexts where this can not be done.
Similarly, the difference between the German words "Bedeutung" and
" "sinn" in German in the usual use does not correspond to the
difference between the French words "signif ication" and
"sens" or the difference between the words "meaning" and
"snec", and at least we can recognize that the wording of our
question: the meaning"? In English, more than in any other language, we
have little influence on the construction of the semantic theory. As for
semantics, we have stated that it is the study of meaning: all that is covered
by the word meaning, and we have no reason to assume that a word is used daily
"Is different from a word used daily such as power or energy that can be
quoted without refinement or redefinition of scientific purposes.
I
have said that the question: "What is the meaning of" meaning "?
"We do not have to presuppose homogeneity. An important fact about most
everyday words is that they do not have a single meaning that is clearly
defined or even a set of meanings that can be clearly distinguished from each
other. The word itself is not excluded from this fact. There is little
agreement between linguists and philosophers regarding the limits of
significance, and there are those who take a broad view of significance as I do
here, and others make the field of significance more narrow.
It
is not simply a question of choice, whether random or non-random, with respect
to relatively broad interpretation and relatively narrow interpretation
0 Response to " الدلالة أولا: اختلاف المعنى"
Post a Comment