بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

التشبيه المقلوب وأمثلة التشبيه المقلوب

التشبيه المقلوب وأمثلة التشبيه المقلوب

التشبيه المقلوب هو جعل المشبه مشبها به بادعاء أن وجه الشبه فيه أقوى وأظهر.

وأبو الفتح عثمان بن جني في كتابه الخصائص (1) يسمي هذا النوع من التشبيه «غلبة الفروع على الأصول» ويقول: «هذا فصل من فصول العربية طريف، تجده في معاني العرب، كما تجده في معاني الأعراب. ولا تكاد تجد شيئا من ذلك إلا والغرض فيه المبالغة.
فمها جاء فيه ذلك للعرب قول ذي الرمة:
ورمل كأوراك العذارى قطعته إذا ألبسته المظلمات الحنادس (2)
__________
(1) كتاب الخصائص لابن جنى ج 1 ص 300، مطبعة دار الكتب المصرية.
(2) ألبسته: غطته، والحنادس: جمع حندس، والحندس: اشتداد الظلمة، وقد ذهب بها مذهب الوصف.

أفلا ترى ذا الرمة كيف جعل الأصل فرعا والفرع أصلا؟ وذلك أن العادة والعرف في نحو هذا أن تشبه أعجاز النساء بكثبان الأنقاء أي الرمال، ألا ترى إلى قوله:
ليلى قضيب تحته كثيب وفي القلاد رشأ ربيب (1)؟
__________
(1) القلاد: واحدها قلادة، والرشأ: الظبي إذا تحرك وقوي ومشى مع أمه.

ولله البحتري فما أعذب وأظرف وأدمث قوله:
أين الغزال المستعير من النقا كفلا ومن نور الأقاحي مبسما؟
فقلب ذو الرمة العادة والعرف في هذا، فشبّه كثبان الأنقاء، أي الرمال بأعجاز النساء. وهذا كأنه يخرج مخرج المبالغة، أي قد ثبت هذا الموضع وهذا المعنى لأعجاز النساء، وصار كأنه الأصل فيه، حتى شبه به كثبان الأنقاء».
وقد عرض ابن الأثير في كتابه المثل السائر لهذا النوع من التشبيه، وسماه «الطرد والعكس»، وذلك إذ يقول: «واعلم أن من التشبيه ضربا يسمى الطرد والعكس، وهو أن يجعل المشبه به مشبها، والمشبه مشبها به، وبعضهم يسميه غلبة الفروع على الأصول ... ومما جاء منه قول البحتري:
في طلعة البدر شيء من محاسنها وللقضيب نصيب من تثنيها
وقول عبد الله بن المعتز في تشبيه الهلال:
ولاح ضوء قمير كاد يفضحنا مثل القلامة قد قدّت من الظّفر
ولما شاع ذلك في كلام العرب واتسع صار كأنه الأصل، وهو موضع من علم البيان حسن الموقع لطيف المأخذ. وهذا قد ذكره أبو الفتح ابن جني في كتاب الخصائص.
ولما نظرت أنا في ذلك وأنعمت نظري فيه تبين لي ما أذكره، وهو أنه قد تقرر في أصل الفائدة المستنتجة من التشبيه أن يشبّه الشيء بما يطلق عليه لفظة أفعل، أي يشبه بما هو أبين وأوضح، أو بما هو أحسن منه أو أقبح، وكذلك يشبه الأقل بالأكثر، والأدنى بالأعلى.

وهذا الموضع لا ينقض هذه القاعدة لأن الذي قدمنا ذكره مطرد في بابه وعليه مدار الاستعمال. وهذا غير مطرد وإنما يحسن في عكس المعنى المتعارف، وذاك أن تجعل المشبه به مشبها، والمشبه مشبها به. ولا يحسن في غير ذلك مما ليس بمتعارف؛ ألا ترى أن من العادة والعرف أن تشبه الأعجاز بالكثبان، فلما عكس ذو الرمة هذه القضية في شعره جاء حسنا لائقا، وكذلك فعل البحتري، فإن من العادة والعرف أن يشبه الوجه الحسن بالبدر، والقد الحسن بالقضيب، فلما عكس البحتري القضية في ذلك جاء أيضا حسنا لائقا.
ولو شبه ذو الرمة الكثبان بما هو أصغر منها غير الأعجاز لما حسن ذلك، وهكذا لو شبه البحتري طلعة البدر بغير طلعة الحسناء، والقضيب بغير قدّها لما حسن ذلك أيضا.
وهكذا القول في تشبيه عبد الله بن المعتز صورة الهلال بالقلامة؛ لأن من العادة أن تشبه القلامة بالهلال، فلما صار ذلك مشهورا متعارفا حسن عكس القضية فيه» (1).
__________
(1) كتاب المثل السائر ص 164.
...

ومن أمثلة التشبيه المقلوب قول ابن المعتز:

والصبح في طرّة ليل مسفر كأنه غرّة مهر أشقر (2)
__________
 (2) طرة الشيء: طرفه، وليل مسفر: دخل في الإسفار وهو ظهور الفجر، والغرّة: بياض في جبهة الفرس، والمهر الأشقر: الأحمر الشعر.
فالمشبه هنا هو الصبح والمشبه به هو غرّة مهر أشقر، وهذا تشبيه مقلوب، لأن العادة في عرف الأدباء أن تشبّه غرّة المهر بالصبح، لأن وجه الشبه وهو البياض أقوى في الصبح منه في المهر. ولكن الشاعر عدل عن المألوف، وقلب التشبيه للمبالغة، بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في غرّة المهر منه في الصبح.
ومنه قول محمد بن وهيب الحميري (1) في ذات التشبيه:
وبدا الصباح كأن غرّته وجه الخليفة حين يمتدح
__________
 (1) شاعر شيعي عباسي انقطع لمدح المأمون.

فالمشبّه هنا أيضا هو ضوء الصباح في أول تباشيره، والمشبه به هو وجه الخليفة عند سماعه المديح. فالتشبيه كما ترى مقلوب، والأصل فيه هو العكس، لأن المألوف أن يشبّه الشيء دائما بما هو أقوى وأوضح منه في وجه الشبه؛ ليكتسب منه قوة ووضوحا. ولكن الشاعر تفننا منه في التعبير عكس القضية وقلب التشبيه للمبالغة والإغراق بادّعاء أن الشبه أقوى في المشبّه.

ومنه قول البحتري مادحا:
كأن سناها بالعشيّ لصبحها تبسّم عيسى حين يلفظ بالوعد
شبّه البحتري برق السحابة الذي ظلّ لّماعا طوال الليل بتبسم الممدوح حين يعد بالعطاء، ولا شك أن لمعان البرق أقوى من بريق الابتسام، فكان المألوف أن يشبّه الابتسام بالبرق على عادة الشعراء، ولكن البحتري قلب التشبيه تفننا في التعبير والتماسا للمبالغة بادّعاء أن وجه الشبه أقوى في المشبّه.
ومنه قول شاعر آخر:
أحنّ لهم ودونهم فلاة كأن فسيحها صدر الحليم
فالشاعر في هذا البيت شبّه فسيح الفلاة بصدر الحليم، فالتشبيه كما ترى مقلوب، إذ المعهود تشبيه صدر الحليم بالفلاة. ولكن الشاعر رغبة منه في المبالغة بادّعاء أن صدر الحليم أفسح من الصحراء عكس التشبيه.
...

وفيما يلي طائفة أخرى من أمثلة التشبيه المقلوب تترك للدّارس أمر التعرّف إلى المشبه والمشبه به في كلّ منها.

قال أبو نواس في وصف النرجس:
لدى نرجس غضّ القطاف كأنه إذا ما منحناه العيون عيون
وقال البحتري في المدح:
لجرّ عليّ الغيث هدّاب مزنه أواخرها فيه وأوّلها عندي
تعجّل عن ميقاته فكأنه أبو صالح قد بت منه على وعد
وقال ابن المعتز يصف سحابة ويشبه البرق بالسيوف المنتضاة:
وسارية لا تملّ البكا جرى دمعها في خدود الثرى
سرت تقدح الصبح في ليلها ببرق كهندية تنتضى (1)
__________
(1) السارية: السحابة تمطر ليلا، والثرى: التراب الندي، والأرض، كهندية تنتضى: أي مثل سيوف هندية تسلّ من أغمادها.

وقال البحتري في تشبيه حمرة الورد بحمرة خدي محبوبته، وتشبيه ميلان الغصن إذا هزّه النسيم بتثني قدّها:
في حمرة الورد شيء من تلهّبها وللقضيب نصيب من تثنيها
وقال أيضا في وصف بركة المتوكل، وتشبيه البركة في تدفق مائها بيد المتوكل في العطاء:
كأنها حين لجّت في تدفقها يد الخليفة لما سال واديها (1)
وقال في تشبيه الندى على شقائق النعمان بدموع الشوق على خدود الحسان:
شقائق يحملن الندى فكأنه دموع التصابي في خدود الخرائد
__________
(1) لجّ في الأمر: تمادى واستمر.
...

والخلاصة أن الأصل في التشبيه أن يجري على السّنن المعروف عند العرب والذي يتمثل في أن يلتمس المشبه به مما هو معروف ومألوف في حياتهم حتى ولو كان المشبه أقوى وأعظم في الصفة التي يشترك فيها مع المشبه به. فالعرب مثلا قد اشتهر بينهم عمرو بن معدّ يكرب بالإقدام، وحاتم بالجود، وأحنف بن قيس بالحلم، وإياس بالذكاء، وأصبح كل واحد من هؤلاء مثلا عاليا في الصفة التي اشتهر بها. فالأسلوب العربي يقضي على الشاعر أن يجعل كل واحد من هؤلاء الأعلام مشبّها به، سواء أوجد بعده من هو أعظم منه في الصفة وأقوى أم لم يوجد.


وقد سلك القرآن الكريم هذا السّنن فشبّه نور الله سبحانه وتعالى، وهو بلا شك أقوى الأنوار، بنور المصباح في مشكاة، لأنّ العرب جروا على عادة أن يجعلوا نور المصباح أكبر الأنوار وأعظم الأضواء.
كذلك اطّردت العادة في البلاغة على تشبيه الأدنى بالأعلى، فإذا جاء الأمر على خلاف ذلك فهو التشبيه المعكوس أو المقلوب طلبا للمبالغة بادّعاء أن وجه الشبه في المشبه أقوى منه في المشبه به.
وقد شاع ذلك، كما يقول ابن الأثير، في كلام العرب واتّسع حتى صار كأنه الأصل في التشبيه. والواقع أن هذا الضرب من التشبيه حسن الموقع لطيف المأخذ، وهو مظهر من مظاهر الافتنان والإبداع في التعبير.
والشرط في استعمال التشبيه المقلوب ألّا يرد إلا فيما جرى عليه العرف والإلف لدى العرب، وذلك حتى تظهر فيه بوضوح صورة القلب والانعكاس.

على هذا الأساس يحسن التشبيه المقلوب ويقبل، أما إذا ورد في غير المعهود المألوف فإنه يكون معيبا لأن المبالغة فيه تصيبه بالغموض، وتؤدي إلى التداخل بين طرفيه، فلا يعرف أيّهما المشبّه، وأيّهما المشبه به.
ويقرب من هذا النوع ما أطلق عليه «تشبيه التفضيل»، وهو أن يشبّه شيء بشيء لفظا أو تقديرا، ثم يعدل عن التشبيه لادّعاء أن المشبه أفضل من المشبه به. ومن ذلك قول الشاعر:
حسبت جماله بدرا منيرا وأين البدر من ذاك الجمال؟
وقول شاعر آخر:
من قاس جدواك يوما بالسحب أخطأ مدحك
السحّب تعطي وتبكي وأنت تعطي وتضحك
المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم البيان و المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الطبعة: بدون و عام النشر: 1405 هـ - 1982 م و عدد الأجزاء: 1
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان


The translation below might be a lot of mistakes, so don't make this translation a reference, take a reference from the Arabic text above ! Thank You
Inverted analogy

The inverted analogy is to make the suspect suspect by pretending that the likeness of the likeness is stronger and shown.
Abu al-Fath Usman bin Jaini in his book characteristics (1) This type of analogy is called "the predominance of branches on the origins" and says: «This chapter of the chapters of Arabic Tarif, you find in the meanings of the Arabs, as you find in the meanings of Arabic. And hardly find anything of it except the purpose of exaggeration.
Her mouth said that to the Arabs, saying:
And the sand like the cockroaches of the virgins ... If you wear it, the snakes are the hooks (2)
__________
(1) The Book of Characteristics for Ibn Jannah, p.
(2) I put it on: its cover, and the hooks: the collection of the engineer, and the engineer: the intensification of darkness, has gone by the doctrine of description.

Do you not see the Rama how to make the branch branch and branch originally? So that custom and custom in this way to resemble the miracles of women dungeons of the sand ie, do not see to say:
Laila rod under him dune ... In the neck of Rasha Rabib (1)?
__________
(1) The necklaces: one necklace, and the shark: the deer if move and strong and walked with his mother.

And to the Bahtari, what is the most beautiful,
Where is the gazelle that is imbued with purity ... as a gift and from the light of the ungrateful?
And the heart of a man with a custom and custom in this, resembled the dunes of purity, that is, the sand with the miracles of women. And this is as if it comes out exaggeration, that is proved this position and this meaning for the miracles of women, and became as if the original, even likened to the dunes of the Phoenix ».
Ibn al-Atheer presented in his book the proverbial example of this type of analogy, and he called it "expulsion and vice versa." He said: "I know that the analogy is a blow called the expulsion and vice versa, which is to make the suspect suspicious, and the suspect is suspicious of him. ... And it came from the saying of the Bahtari:
In the tithe of the moon is one of its virtues ... and it has a share of those who praise it
And Abdullah bin Mu'taz said in the analogy of the crescent:
And the light of a moon that would almost expose us ... like the litter has led from the nail
And when it became common in the words of the Arabs and expanded it became like the original, which is the subject of the flag of the statement good location for the nice take. This was mentioned by Abu al-Fath Ibn Janni in the book of characteristics.
And when I looked at it and softened my mind, I found out what I remember, namely that it was decided in the origin of the benefit derived from the analogy that the thing is similar to what is called a verb, which is similar to what is clear and clear, or what is better or uglier, More, and lower.
This position does not invalidate this rule, because the one we have mentioned is steady in its door and it is in the orbit of use. And this is not steady but improves in the opposite of the conventional meaning, and that make the suspect suspicious, and suspicious suspicious. And does not improve in other than what is customary; do not see that the custom and custom to resemble the miracles dunes, when the Zulmeh reflected this issue in his hair came well and fit, as well as the Bahtri, it is customary and custom to resemble the good face Baldr, When Al-Bahtari reflected the issue in that, he also came well.
Even if he resembled the dune of the dunes, which is smaller than the non-miracles, it is not good, and so if the Bahtri resembled the tithe of the full moon without the grace of grace.
Thus, to say in the likeness of Abdullah bin Mu'taz is the image of the crescent with a calamity, because it is customary to resemble the calf with halal, so when it became known, it is well known that the case is good.
__________
(1) The book of the proverb.
...
Examples of inverted metaphor are the words of Ibn al-Mu'taz:
Waxing in the night of a tormented ... like a dowry blonde dowry (2)
__________
 (2) Tora thing: tip, and night Almsfr: entered in the dawn is the advent of dawn, and the moment: white in front of the Persians, and the dowry blond: red hair.
The analogy here is the morning and its likeness is the dowry of a dowry, and this is an inverted analogy, because the custom in the literal tradition is similar to the dowry of the dowry, because the face of the likeness, the whiteness, is stronger in the morning than in the dowry. But the poet changed the most common, and the heart of the analogy of exaggeration, claiming that the likeness of the likeness stronger in the dowry of the morning.
And from the words of Muhammad ibn Wahib al-Humeiri (1) in the same analogy:
And the morning seemed to be lost ... the face of the Caliph when he praises
__________
 (1) Shiite poet Abbasi cut to praise the safe.

The analogy here is also the light of the morning in the first of its divisions, and the likeness is the face of the caliph when he hears praise. The analogy, as you see inverted, and the origin is the opposite, because the familiar that the thing is always similar to what is stronger and clearer than in the face of resemblance; to gain strength and clarity. But the poet devoid of him in the opposite expression of the case and the heart of the analogy of exaggeration and dumping by claiming that the likeness stronger in the likeness.
And from the saying of Al-Bahtari,
As if we prostrated in the nest for her weeping ... Jesus smiled when he uttered the promise
Al-Bahtari The lightning of the cloud, which remained shining throughout the night by the smile of Almmdouh when tender, and undoubtedly the luster of lightning stronger than the luster of smiling, was fashionable to resemble the smile of lightning on the habit of poets, but Bahtri heart of the analogy of our dedication to the expression and reluctance to exaggerate the claim that the face stronger in Comparative.
Another poet said:
I am longing for them and without them Fallah ... as if the chest of the Halim
The poet in this house is almost as wide as the falaat with the chest of Halim, so the likeness is seen inverted. But the poet wanted to exaggerate the claim that the Halim issued more than the desert opposite metaphor.
...

Related Post:




0 Response to "التشبيه المقلوب وأمثلة التشبيه المقلوب"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel