بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

التشبيه الضمني و أغراض التشبيه : بيان إمكان وجود المشبّه، بيان حال المشبه، بيان مقدار حال المشبه ، تقرير حال المشبه ، تزيين المشبّه ، تقبيح المشبه ،و أمثلة التشبيه الضمنى

التشبيه الضمني و أغراض التشبيه : بيان إمكان وجود المشبّه، بيان حال المشبه،  بيان مقدار حال المشبه ، تقرير حال المشبه ، تزيين المشبّه ،  تقبيح المشبه ،و أمثلة التشبيه الضمنى

التشبيه الضمني: تشبيه لا يوضع فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة، بل يلمحان في التركيب. وهذا الضرب من التشبيه يؤتى به ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن.

وبيان ذلك أن الكاتب أو الشاعر قد يلجأ عند التعبير عن بعض أفكاره إلى أسلوب يوحي بالتشبيه من غير أن يصرّح به في صورة من صوره المعروفة.
ومن بواعث ذلك التفنّن في أساليب التعبير، والنزوع إلى الابتكار والتجديد، وإقامة البرهان على الحكم المراد إسناده إلى المشبه، والرغبة في إخفاء معالم التشبيه، لأنه كلما خفي ودقّ كان أبلغ في النفس.
ولنأخذ مثالا لذلك، وهو قول أبي فراس الحمداني:
سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فهو هنا يريد أن يقول: إن قومه سيذكرونه عند اشتداد الخطوب والأهوال عليهم ويطلبونه فلا يجدونه، ولا عجب في ذلك لأن البدر يفتقد ويطلب عند اشتداد الظلام.
فهذا الكلام يوحي بأنه تضمن تشبيها غير مصرّح به؛ فالشاعر يشبّه ضمنا حاله وقد ذكره قومه وطلبوه فلم يجدوه عند ما ألّمت بهم الخطوب بحال البدر يطلب عند اشتداد الظلام. فهو لم يصرّح بهذا التشبيه وإنما أورده في جملة مستقلة وضمنه هذا المعنى في صورة برهان.
ولنأخذ مثالا آخر وهو قول البحتري:
ضحوك إلى الأبطال وهو يروعهم وللسيف حدّ حين يسطو ورونق
فممدوح البحتري يلقى الشجعان بوجه ضاحك وهو يروعهم ويفزعهم في الوقت ذاته ببأسه وسطوته، وكذلك السيف له عند القتال والضرب رونق وفتك. وهذا كلام يشمّ منه رائحة التشبيه الضمني.
فالبحتري لم يأت بالتشبيه صريحا فيقول: إن حال الممدوح يضحك في غير مبالاة عند ملاقاة الشجعان ويفزعهم ببأسه وسطوته تشبه حال السيف عند الضرب له رونق وفتك، ولكنه أتى بذلك ضمنا، لباعث من البواعث السابقة.
ولنأخذ مثالا ثالثا وهو قول ابن الرومي:
قد يشيب الفتى وليس عجيبا أن يرى النّور في القضيب الرطيب (1)
__________
(1) النور: الزهر الأبيض. والقضيب الرطيب: الغصن الغضّ الندي.
فابن الرومي يودّ أن يقول هنا: قد يعتري الفتى الشيب في ريعان شبابه، وليس ذلك بالأمر العجيب لأن الغصن الغضّ الندي قد يظهر فيه الزهر الأبيض قبل أوانه.

فالأسلوب الذي عبّر به ابن الرومي عن فكرته هنا يتضمن تشبيها لم يصرّح به، فإنه لم يقل مثلا: إن الفتى وقد شاب مبكرا كالغصن الغضّ الرطيب وقد أزهر قبل أوانه، ولكنه أتى بالتشبيه ضمنا، لإفادة أن الحكم الذي أسند للمشبّه أمر ممكن الوقوع.
ولنأخذ مثلا أخيرا وهو قول أبي تمام:
لا تنكري عطل الكريم من الغنى السيل حرب للمكان العالي
يريد أبو تمام أن يقول لمن يخاطبها: لا تنكري خلوّ الرجل الكريم من الغني، فإن ذلك ليس غريبا، لأن قمم الجبال وهي أعلى الأماكن لا يستقر فيها ماء السيل.
فالكلام يوحي بتشبيه ضمني، ولو صرّح به لقال مثلا: إن الرجل الكريم المحروم الغنى يشبه قمة الجبل وقد خلت من ماء السيل. ولكن الشاعر لم يقل ذلك صراحة، وإنما أتى بجملة مستقلة وضمّنها هذا المعنى في صورة برهان على إمكان وقوع ما أسنده للمشبّه.
...

وفيما يلي طائفة من أمثلة التشبيه الضمنى:

1 - قال المتنبي:
وما أنا منهم بالعيش فيهم ولكن معدن الذهب الرغام (1)
المشبه حال الشاعر لا يعدّ نفسه من أهل دهره وإن عاش بينهم، والمشبه به حال الذهب يختلط بالتراب، مع أنه ليس من جنسه.
2 - وقال أيضا:
ومن الخير بطء سيبك عني أسرع السحب في المسير الجهام (2)
__________
(1) الرغام: التراب.
(2) السيب: العطاء، والجهام: السحاب لا ماء فيه.

المشبه حال العطاء يتأخر وصوله ويكون ذلك دليلا على كثرته، والمشبّه به حال السحب تبطئ في السير ويكون ذلك دليلا على غزارة مائها.
3 - وقال أبو العتاهية:
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها؟ إن السفينة لا تجري على اليبس
المشبه حال من يرجو النجاة من عذاب الآخرة ولا يسلك مسالك النجاة، والمشبه به حال السفينة التي تحاول الجري على الأرض اليابسة.
4 - وقال ابن الرومي:
ويلاه إن نظرت وإن هي أعرضت وقع السهام ونزعهنّ أليم
المشبه حال المحبوبة إذا نظرت وإذا أعرضت، والمشبه به حال السهام تؤلم إذا وقعت وتؤلم إذا نزعت.
التشبيه البليغ: والتشبيه إذا ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه فهو «التشبيه البليغ» وهو أعلى مراتب التشبيه في البلاغة وقوة المبالغة، لما فيه من ادّعاء أن المشبّه هو عين المشبه به، ولما فيه من الإيجاز الناشئ عن حذف الأداة والوجه معا، هذا الإيجاز الذي يجعل نفس السامع تذهب كل مذهب، ويوحي لها بصور شتى من وجوه التشبيه، كقول أبي فراس:
إذا نلت منك الودّ فالكل هينّ وكل الذي فوق التراب تراب

أغراض التشبيه

قد يلجأ الكاتب أو الشاعر في التعبير إلى أسلوب التشبيه لشعوره بأنه أكثر من غيره في إصابة الغرض ووضوح الدلالة على المعنى.

وأغراض التشبيه منوعة، وهي تعود في الغالب إلى المشبّه، وقد تعود إلى المشبّه به. وهذه الأغراض هي:

1 - بيان إمكان وجود المشبّه: وذلك حين يسند إلى المشبه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له.

مثال ذلك قول المتنبي:
فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
فالتشبيه هنا ضمني، وفيه ادّعى الشاعر أن المشبّه وهو الممدوح مباين لأصله بصفات وخصائص جعلته حقيقة منفردة. ولما رأى غرابة دعواه وأن هناك من قد ينكر وجودها احتجّ على صحتها بتشبيه الممدوح
بالمسك الذي أصله دم الغزال.
ومن أمثلة ذلك أيضا قول البحتري:
دان إلى أيدي العفاة وشاسع عن كل ندّ في الندى وضريب
كالبدر أفرط في العلو وضوؤه للعصبة السارين جدّ قريب
ففي البيت الأول وصف الشاعر ممدوحه بأنه قريب للمحتاجين، بعيد المنزلة، بينه وبين نظرائه في الكرم والندى بون شاسع. ولكن الشاعر حينما أحسّ أنه وصف ممدوحه بوصفين متضادين، هما القرب والبعد في وقت واحد، أراد أن يبينّ أن ذلك ممكن، وأن ليس في الأمر تناقض، ولهذا شبّه الممدوح في البيت الثاني بالبدر الذي هو بعيد في السماء، ولكن ضوءه قريب جدا للسارين بالليل. فالغرض من التشبيه في هذين المثالين هو بيان إمكان وجود المشبّه.

2 - بيان حال المشبه: وذلك حينما يكون المشبه مجهول الصفة غير معروفها قبل التشبيه، فيفيده التشبيه الوصف.

ومن أمثلة ذلك قول النابغة الذبياني:
فإنك شمس والملوك كواكب إذا طلعت لم يبد منهنّ كوكب
فالنابغة يشبه ممدوحه بالشمس، ويشبّه غيره من الملوك بالكواكب، لأن عظمة ممدوحه تغضّ من عظمة كل ملك كما تخفي الشمس الكواكب. ولما كانت حال الممدوح وغيره من الملوك، وكلّ منهما مشبّه، مجهولة غير معروفة، فقد أتى بالمشبّه به لبيان أن حال الممدوح مع غيره من الملوك كحال الشمس مع الكواكب، فإذا ظهر أخفاهم كما تخفي الشمس الكواكب بطلوعها.
ومن أمثلته أيضا قول ابن الرومي:
حبر أبي حفص لعاب الليل يسيل للإخوان أيّ سيل
فالمشبّه هنا هو حبر أبي حفص أو مداده، والمشبّه به هو لعاب الليل أي سواده. فالمشبه وهو الحبر مجهول الحال أو الصفة لأن للحبر أكثر من لون. ولذلك التمس ابن الرومي له مشبها به هو لعاب الليل الأسود لبيان حاله. فبيان حال المشبه إذن غرض من أغراض التشبيه.

3 - بيان مقدار حال المشبه: أي مقدار حاله في القوة والضعف والزيادة والنقصان، وذلك إذا كان المشبه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية، ثم يأتي التشبيه لبيان مقدار هذه الصفة. وذلك نحو قول عنترة:

فيها اثنتان وأربعون حلوبة سودا كخافية الغراب الأسود
فعنترة يخبر في هذا البيت بأن حمولة أهل محبوبته تتألف من اثنتين وأربعين ناقة تحلب، ثم وصف هذه النوق بأنها سود، والنوق السود هي أنفس الإبل وأعزّها عند العرب.
ولبيان مقدار سواد هذه النوق شبّهها بخافية الغراب الأسحم، أي جناحه الأسود. فالغرض من التشبيه بيان مقدار حال المشبّه.
ومن قول المتنبي في وصف أسد:
ما قوبلت عيناه إلا ظنّنا تحت الدجى نار الفريق حلولا
فالمتنبي يصف عينيّ الأسد في الليل بأنهما محمرّتان، ولبيان مقدار احمرارهما لمن يراهما في الليل عن بعد يشبههما بنار لفريق من الناس حلول مقيمين. وقد اضطر المتنبي إلى التشبيه ليبينّ هذا الاحمرار وعظمه، أي ليبينّ مقدار حال المشبه. وهذا غرض من أغراض التشبيه.
ومنه كذلك قول ابن شهيد (1) الأندلسي يصف برغوثا: «أسود زنجيّ. أهليّ وحشيّ ... كأنه جزء لا يتجزأ من ليل، أو نقطة مداد، أو سويداء فؤاد ...» فالغرض من التشبيهات الثلاثة هنا هو بيان مقدار حال المشبه، لأنه لما وصف البرغوث بالسواد أراد أن يبيّن مقدار هذا السواد.
__________
(1) من أدباء الأندلس وشعرائهم، له شعر جيد ومؤلفات قيّمة. توفي سنة 426 هـ.

فالغرض من التشبيه عند عنترة والمتنبي وابن شهيد هو بيان مقدار حال المشبه، أي بيان مقدار صفته المعروفة فيه قبل التشبيه معرفة إجمالية.

4 - تقرير حال المشبه: أي تثبيت حاله في نفس السامع وتقوية شأنه لديه، كما إذا كان ما أسند إلى المشبه يحتاج إلى التأكيد والإيضاح بالمثال؛ وذلك نحو قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ.

فالآية الكريمة تتحدث في شأن عبّاد الأوثان الذين يتخذون آلهة غير الله، وتصفهم بأنهم إذا دعوا آلهتهم لا يستجيبون لهم، ولا يعود عليهم دعاؤهم إياهم بفائدة. وقد أراد الله سبحانه أن يقرّر هذه الحال ويثبتها في الأذهان، فشبّه هؤلاء الوثنيين بمن يبسط كفّيه إلى الماء ليشرب فلا يصل الماء إلى فمه بداهة، لأنه يخرج من خلال أصابعه ما دامت كفّاه مبسوطتين. فالغرض من التشبيه هنا تقرير حال المشبه.
ومن أمثلة هذا الغرض أيضا قول الشاعر:
وأصبحت من ليلى الغداة كقابض على الماء خانته فروج الأصابع
فحال الشاعر مع صاحبته ليلى هي حال من كلما دنا منها بعدت عنه، أو حال من كلما أوشك أن يظفر بها أفلتت منه، وقد أراد الشاعر أن يقرر هذه الحالة ويوضّحها فشبّهها بحال القابض على الماء يحاول إمساكه والظفر به فيسيل ويخرج من بين أصابعه.
فالغرض من هذا التشبيه أيضا تقرير حال المشبه. ومما يلاحظ على هذا الغرض أنه لا يأتي إلا حينما يكون المشبه أمرا معنويا، لأن النفس لا تسلّم بالمعنويات تسليمها بالحسيّات، ومن أجل ذلك تكون في حاجة إلى الإقناع.
وأغراض التشبيه الأربعة السابقة، وهي: بيان إمكان وجود المشبّه، وبيان حاله، وبيان مقداره، وتقرير حاله، تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبّه به أتم وهو به أشهر؛ إذ على تمام وجه الشبه في المشبه به واشتهاره به يكون حظ التشبيه في تحقيق الغرض بالنسبة للمشبّه.
...

5 - تزيين المشبّه: ويقصد به تحسين المشبّه والترغيب فيه عن طريق تشبيهه بشيء حسن الصورة أو المعنى.

ومن أمثلة ذلك قول الشريف الرضي:
أحبّك يا لون الشباب لأنني رأيتكما في القلب والعين توأما (1)
سكنت سواد القلب إذ كنت شبهه فلم أدر من عزّ من القلب منكما؟
__________
(1) التوأم من جميع الحيوان: المولود مع غيره في بطن إلى ما زاد، ذكرا كان أو أنثى، أو ذكرا مع أنثى. ويقال: هما توأمان، وهما توأم، والمراد بالتوأم في هذا البيت النظيران.

فالشريف الرضي في قوله: «سكنت سواد القلب إذ كنت شبهه» يشبّه حبيبته بحبة القلب السوداء التي هي مناط الحياة في الإنسان.
فالغرض من التشبيه هنا تزيين المشبه وبيان أن منزلته في نفس الشاعر منزلة المشبّه به.
ومن أمثلته أيضا قول أبي الحسن الأنباري (1) في رثاء مصلوب:
مددت يديك نحوهم احتفاء كمدّهما إليهم بالهبات
__________
(1) أحد الشعراء المجيدين، عاش في بغداد، وتوفي سنة 328 هـ. وقد اشتهر بمرثيته التي رثى بها أبا طاهر بن بقية، وزير عزّ الدولة بن بويه، لما قتل وصلب. والمرثية التي منها هذا البيت من أعظم المراثي، ولم يسمع بمثلها في مصلوب. قيل إن عضد الدولة الذي أمر بصلبه لما سمعها تمنى لو كان هو المصلوب وقيلت فيه. انظر المختصر في أخبار البشر لأبي الفداء ج 4 ص 8.

فالأنباري يشبّه مدّ ذراعي المصلوب على الخشبة والناس حوله بمدّ ذراعيه بالعطاء للسائلين أيام حياته. فالمشبّه وهو هنا الصلب أمر قبيح تشمئز منه النفوس، ولكن صورة المشبّه به وهي مدّ اليدين بالعطاء للسائلين قد أزالت قبحه وزينته.
فالغرض من التشبيه في هذين المثالين هو التزيين، وأكثر ما يكون هذا الغرض في المدح والرثاء والفخر ووصف ما تميل إليه النفوس.
...

6 - تقبيح المشبه: وذلك إذا كان المشبّه قبيحا قبحا حقيقيا أو اعتباريا فيؤتى له بمشبّه به أقبح منه يولّد في النفس صورة قبيحة عن المشبّه تدعو إلى التنفير عنه.

ومن أمثلة ذلك قول الشاعر المتنبي في الهجاء:
وإذا أشار محدّثا فكأنه قرد يقهقه أو عجوز تلطم
فالمتنبي يشبّه المهجو عند ما يتحدث بالقرد يقهقه أو العجوز تلطم.
والغرض من التشبيه تقبيح المشبّه لأن قهقهة القرد ولطم العجوز أمران مستكرهان تنفر منهما النفس.
وقول ابن الرومي في وصف لحية طويلة:
ولحية سائلة منصبّة شهباء تحكي ذنب المذبّة
فابن الرومي يشبّه لحية طويلة شهباء يختلط فيها السواد بالبياض بذنب المذبة، أي المنشة التي يذب بها الذباب ويطرد. والغرض هو تقبيح هذه اللحية والسخرية بصاحبها.
وقول أعرابي في ذم امرأته:
وتفتح- لا كانت- فما لو رأيته توهمته بابا من النار يفتح
فالأعرابي الساخط على امرأته بعد أن يدعو عليها بالحرمان من الوجود يشبه فمها عند ما تفتحه بباب من أبواب جهنم. والغرض من هذا التشبيه هو التقبيح.
والتشبيه بغرض التقبيح أكثر ما يستعمل في الهجاء والسخرية والتهكم ووصف ما تنفر منه النفس.
وفيما يلي بعض أمثلة أخرى للتشبيه عند ما يكون الغرض منه التقبيح:
قال ابن الرومي في وصف لؤم شخص ذي لحية:
لا تكذبن فإن لؤمك ناصل كنصول تلك اللمّة الشمطاء
شبّه لؤمه الظاهر بظهور اللحية المخضوبة حين يزول الخضاب عنها.
وقال السري الرفاء في وصف منزله:
لي منزل كوجار الكلب أنزله ضنك تقارب قطراه فقد ضاقا
فهو يشبّه منزله الضيق الذي تقارب قطراه أي جانباه بوجار الكلب وجحره.
وقال ابن الرومي:
أبدئت صفحة قسوة وخشونة من دون تافه نيلك المطلوب
فكأنك الينبوت في إبدائه شوكا يذود به عن الخروب
يشبّه ابن الرومي هنا شخصا فظّا غليظ القلب حين يطلب منه أقل معروف بشجر الخروب الذي لا يعادل شوكه ما يجنى من ثمره الأسود المعوجّ الصلب.
وقال أيضا في وصف قينة:
غنّت فمسّ القلب كلّ كرب واستوجبت منّا أليم الضرب
لها فم مثل اتساع الدّرب (1)
__________
(1) الدرب: المدخل بين جبلين، والعرب تستعمله في معنى الباب، فيقال لباب السكة:
درب، وللمدخل الضيق درب، لأنه كالباب لما يفضي إليه.

شبّه فم هذه القينة وهي تغني بالدرب أي الباب الواسع.
ومن فوائد التشبيه أنه يمكن عن طريقه تحسين الشيء وتقبيحه في وقت واحد كقول ابن الرومي في مدح العسل وذمّه:
تقول: هذا مجاج النحل تمدحه وإن تعب قلت: ذا قيء الزنابير
فابن الرومي قد مدح وذمّ الشيء الواحد بتصريف التشبيه المجازي المضمر الأداة الذي خيّل به إلى السامع خيالا يحسّن الشيء عنده تارة
ويقبّحه أخرى، ولولا التوصل بطريق التشبيه إلى هذا الوجه لما أمكنه ذلك.
...

وبعد فمن بحثنا السابق لأغراض التشبيه يتضح أن للتشبيه أغراضا شتى نلخص ما ذكرناه منها فيما يلي:

1 - بيان إمكان وجود المشبه: وذلك حين يسند إلى المشبّه أمر مستغرب لا تزول غرابته إلا بذكر شبيه له.
2 - بيان حال المشبّه: وذلك حينما يكون المشبه مجهول الصفة قبل التشبيه، فيفيده التشبيه الوصف.
3 - بيان مقدار حال المشبه: وذلك إذا كان المشبّه معروف الصفة قبل التشبيه معرفة إجمالية، ثم يأتي التشبيه لبيان مقدار هذه الصفة من جهة القوة والضعف والزيادة والنقصان.
4 - تقرير حال المشبّه: وذلك بتثبيت حال المشبّه في نفس السامع وتقوية شأنه لديه، كما إذا كان ما أسند إلى المشبّه يحتاج إلى التأكيد والإيضاح بالمثال. وأغراض التشبيه الأربعة السابقة تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبّه به أتمّ وهو به أشهر، وذلك لكي تتحقق هذه الأغراض بالنسبة للمشبّه.
5 - تزيين المشبّه: وذلك بأن يلتمس للمشبّه مشبّه به حسن الصورة أو حسن المعنى يرغب فيه. وأكثر ما يكون هذا الغرض في المدح والرثاء والفخر ووصف ما تميل إليه النفس.
6 - تقبيح المشبّه: وذلك إذا كان المشبّه قبيحا حقيقيا أو اعتباريا، فيؤتى له بمشبه أقبح منه للتنفير منه. وأكثر ما يكون هذا الغرض في الهجاء ووصف ما تنفر منه النفس.
وتجدر الإشارة أخيرا إلى أن جميع هذه الأغراض ترجع في الغالب إلى المشبّه، وقد ترجع إلى المشبّه به وذلك في حالة التشبيه المقلوب.
...
المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم البيان و المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الطبعة: بدون و عام النشر: 1405 هـ - 1982 م و عدد الأجزاء:  1
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان

The translation below might be a lot of mistakes, so don't make this translation a reference, take a reference from the Arabic text above ! Thank You
Implicit analogy

Impossible analogy: A metaphor in which the likeness and likeness are not placed in a picture of the known metaphor, but rather in the composition. This is a multiplication of analogy
It is brought to bear that the judgment given to the subject is possible.
The statement that the writer or poet may resort to the expression of some of his ideas to the method suggests the analogy without being authorized in the form of a known image.
The motivation for this is the understanding of the methods of expression, the tendency to innovate and innovate, the proof of the rule to be attributed to the subject, and the desire to hide the features of the analogy, because the more subtle and accurate the more self-explanatory.
Let us take an example of this, which is the view of Abu Firas al-Hamdani:
It will remind me of my nationality if their grandfather finds it ... In the dark night, the moon is missing
Here he wants to say: that his people will remember him when the intensification of speeches and horrors on them and ask him do not find it, and no wonder in that because the moon is missing and ask when the dark.

This speech suggests that it included an unauthorized character. The poet is like an implied condition, and his people mentioned it and asked him, but they did not find him when the khutbahs had not touched them. He did not declare this analogy, but he cited it in an independent sentence and included this meaning in the form of proof.

Let us take another example:
He laughs at the heroes and he frightens them

Mamdouh al-Bahtri brave faces with a laugh and it frightens them and frightens them at the same time with his courage and his middle, as well as the sword to him when fighting and beating brilliance and death. And this talk smells the smell of the implicit analogy.
Al-Bahtari did not come up with an explicit analogy. He says: The situation of Almamdouh laughs indifferently when he meets the brave and frightens them with his courage and his middle is similar to the sword when beating him luster and death, but he did so implicitly, motivated by previous motives.

Let us take a third example: Ibn al-Rumi said:
The boy may be gripped and not strange ... to see the light in the penis wet (1)
__________
(1) Light: white cast. The penis is wet: the wisp of the wolves.

Al-Roumi would like to say here: The boy may be gray in the prime of his youth, and this is not strange because the wicker branch may show the white dice prematurely.
He did not say, for example: that the boy was young as early as the twinkling wet branch has bloomed prematurely, but it came implicitly, to indicate that the provision given to the apprehension is possible to fall.

Let us take a final example: Abu Tammam said:
Do not deny a decent holiday of riches ... Torrent war for the high place Abu Tammam wants to say to those who address it: Do not deny the rich man of the rich, it is not strange, because the peaks of the mountains and the highest places do not settle water torrent.
The speech suggests an implicit analogy, even if it is said to say, for example: that the rich man deprived of wealth resembles the top of the mountain and has been free of water torrent. But the poet did not say that explicitly, but came in an independent sentence and within this meaning in the form of proof of the possibility of the occurrence of what I assigned to the suspect.
...
The following are a number of examples of implicit analogy:
1 - Mutanabi said:
And what I am of them to live in them ... but gold metal trachea (1)
If the poet does not consider himself the people of his life and lived among them, and likened to the case of gold mixed with soil, although it is not of his sex.
2. He also said:
It is good to slow you Sibek about me ... The fastest drag in the path Jahm (2)
__________
(1) Trachea: Dust.
(2) Seeb: tender, and the clouds: there is no water in it.

The similarity of the case of tender delay arrival and be evidence of the abundance, and likened to the case of clouds slow down in the walk and be evidence of the abundance of water.

3 - Abu Ataheih said:
Do you want to escape and not walk? ... The ship does not do on the oppressor of the case of those who seek salvation from the torment of the Hereafter and do not follow the paths of salvation, and likened him to the case of the ship trying to run on the dry ground.

4 - Ibn al-Roumi said:
And behold, if I look, and if she is exposed, the arrows shall fall, and they shall be scarred
The likeness of the beloved case if you look and if you are exposed, and liking him if the arrows hurt if it occurred and hurt if removed.
The metaphor, if the tool is removed from it and the similarity is the "eloquent analogy," is the highest level of analogy in the rhetoric and the power of exaggeration, because of the claim that the likeness is the eye of the liking, and because of the brevity resulting from the deletion of the tool and the face together, Makes the same listener go every doctrine, and suggests to them various images of the object of analogy, as the words of Abu Firas:
If you get the affection, all is easy ... and all that is above the dirt dust

The purposes of analogy
The writer or poet may resort to the expression of the style of analogy to his sense that more than others in the injury purpose and clarity of meaning.
The purposes of the analogy are varied, and they are often attributed to the imam, and may be attributed to him. These purposes are:
1 - A statement of the possibility of the presence of the suspect: when he assigns to the suspect a surprising thing that does not disappear his crowning only by mentioning similar to him.
For example, al-Mutanabi said:
If you agree with them and you are from them ... the musk is some of the blood of the deer

The analogy here is implied, in which the poet claimed that the Mashbih, the Mamdouh, is the originator of his qualities and qualities that made him a single fact. And when he saw the strangeness of his claim and that there are those who may deny its existence protested against the authenticity of the Almmdouh Almmsak Almzak blood.

An example of this is also the saying of al-Bahtari:
Dan to the hands of the goats and the sun ... for every thing in the dew and tax
Calder was overshadowed in its highness ... The Sarin is very close

In the first house, the poet described Mamdouh as being close to those in need, far away from him, with his peers in the vineyard and the dune. But the poet, when he felt that he described his praise as contradictory, both proximity and dimension at the same time, wanted to show that it was possible, and that it is not contradictory. Therefore, the Mamdouh in the second house resembled the Badr, which is far in the sky, but its light is very close to the Sarin at night. The purpose of the analogy in these two examples is to indicate the possibility of a similarity.

Related Post:




0 Response to "التشبيه الضمني و أغراض التشبيه : بيان إمكان وجود المشبّه، بيان حال المشبه، بيان مقدار حال المشبه ، تقرير حال المشبه ، تزيين المشبّه ، تقبيح المشبه ،و أمثلة التشبيه الضمنى"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel