بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

الغلو في علم البديع حد الغلو و أمثلة الغلو و أقسام الغلو : مقبول وغير مقبول

الغلو في علم البديع حد الغلو و أمثلة الغلو و أقسام الغلو : مقبول وغير مقبول

الغلو في أصل الوضع اللغوي مجاوزة الحد والقدر في كل شيء والإفراط فيه. وهو مشتق من المغالاة، ومن غلوة السهم بفتح الغين وسكون اللام، وهي مدى رميته، يقال: غاليت فلانا مغالاة وغلاء بكسر الغين، إذا اختبرتما أيكما أبعد غلوة سهم.

وقد عرفنا مما سبق أن المبالغة بمعنى التبليغ هي إمكان الوصف المدعى عقلا وعادة، وأن الإغراق هو إمكان الوصف المدعى عقلا لا عادة.

أما الغلو في اصطلاح البديعيين فهو: امتناع الوصف المدعى عقلا وعادة. وعلى هذا فإذا كان الإغراق فوق المبالغة بمعنى التبليغ في تجاوز الحد والإفراط في الصفة المدعاة، فإن الغلو فوق المبالغة والإغراق من هذه الناحية.

ولعل ابن رشيق القيرواني (1) من أوائل من توسعوا في بحث فهو أولا يعارض من يرى أن فضيلة الشاعر إنما هي في معرفته بوجوه الإغراق والغلو، ولا يرى ذلك إلا محالا، لمخالفته الحقيقة وخروجه عن الواجب والمتعارف.
وهو يوافق الحذاق القائلين: «خير الكلام الحقائق، فإن لم تكن فما قاربها وناسبها، وأنشد المبرد قول الأعشى:
فلو أن ما أبقين مني معلقا  بعود ثمام ما تأوّد عودها
فقال: هذا متجاوز، وأحسن الشعر ما قارب فيه القائل إذ شبّه، وأحسن منه ما أصاب الحقيقة فيه».
وأصح الكلام عند ابن رشيق ما قام عليه الدليل، وثبت فيه الشاهد من كتاب الله، فقد قرن الغلو فيه بالخروج عن الحق، فقال جلّ من قائل: يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ.
كما أتى على تعريف قدامة «للغلو» وهو: تجاوز في نعت ما للشيء أن يكون عليه، وليس خارجا عن طباعه. وعلى هذا تأويل أصحاب التفسير قوله تعالى: وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ، أي: كادت ...
__________
(1) انظر باب الغلو في كتاب العمدة لا بن رشيق ج 2 ص 57 - 62.
«الغلو»، فقد تناوله في كتابه العمدة من جوانب متعددة ألّم فيها ببعض آراء سابقيه ومعاصريه وعلق عليها بما عنّ له شخصيا من آراء وأفكار.

كذلك أورد رأي القاضي الجرجاني (1) في الإفراط، وخلاصته أن الإفراط مذهب عام في المحدثين وموجود كذلك لدى الأوائل، وأن الناس مختلفون فيه: من مستحسن قابل، ومستقبح راد، وأن له رسوما متى وقف الشاعر عندها، ولم يتجاوز بالوصف حدها سلم، ومتى تجاوزها اتسعت له الغاية، وأدته الحال إلى الإحالة، وإنما الإحالة نتيجة الإفراط، وشعبة من الإغراق.
__________
(1) هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز الشهير بالقاضي الجرجاني المتوفى سنة 366 هـ، وصاحب كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه.

وللحاتمي (1) في الغلو رأي ذكره ابن رشيق وهو: «وجدت العلماء بالشعر يعيبون على الشاعر أبيات الغلو والإغراق، ويختلفون في استحسانها واستهجانها، ويعجب بعض منهم بها، وذلك على حسب ما يوافق طباعه واختياره، ويرى أنها من إبداع الشاعر الذي يوجب الفضيلة له، فيقولون: أحسن الشعر أكذبه، وأن الغلو إنما يراد به المبالغة والإفراط، وقالوا: إذا أتى الشاعر من الغلو بما يخرج عن الموجود ويدخل في باب المعدوم فإنما يريد به المثل وبلوغ الغاية في النعت، واحتجوا بقول النابغة وقد سئل: من أشعر الناس؟ فقال: من استجيد كذبه وأضحك رديئه.
وقد طعن قوم على هذا المذهب بمنافاته الحقيقة، وأنه لا يصح عند التأمل والفكرة».
ويعلق ابن رشيق على زعم القائلين بأن أبا تمام هو الذي توسع في باب الغلو وتبعه الناس بعد فيقول: «وأين أبو تمام مما نحن فيه؟ فإذا صرت إلى أبي الطيب- المتنبي- صرت إلى أكثر الناس غلوا، وأبعدهم فيه همة، حتى لو قدر ما أخلى منه بيتا واحدا، وحتى تبلغ به الحال إلى ما هو عنه غنيّ، وله في غيره مندوحة كقوله:
يترشفن من فمي رشفات  هنّ فيه أحلى من التوحيد
وإن كان له في هذا تأويل ومخرج بجعله التوحيد غاية المثل في الحلاوة بفيه ...» (2).
...
__________
(1) هو أبو علي محمد بن الحسن الحاتمي. كاتب شاعر ناقد له عدة كتب في النقد والأدب واللغة والتراجم، توفي سنة 388 هـ.
(2) كتاب العمدة ج 2 ص 57 - 62.

بعد هذه المقتبسات من كتاب العمدة لا بن رشيق والتي تعرض فيها للغلو من بعض الجوانب نذكر أن رجال البديع يقسمون الغلو قسمين:

مقبول وغير مقبول:

1 - فالغلو الحسن المقبول عندهم هو ما دخل عليه أو اقترن به أداة من الأدوات التي تقربه إلى الصحة والقبول من نحو: «قد» للاحتمال، و «لو» و «لولا» للامتناع، و «كأنّ» للتشبيه، و «يكاد» للمقاربة، وما أشبه ذلك.

ومن أمثلة الغلو الحسن المقبول لاقترانه بأداة من أدوات التقريب قوله تعالى: يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ، فإن إضاءة الزيت من غير مسّ نار مستحيلة عقلا، ولكن لفظة «يكاد» قربته فصار مقبولا. ولهذا يجب على ناظم الغلو أن يسبكه في قوالب التخيلات الحسنة التي يدعو العقل إلى قبولها في أول وهلة.
ومن أمثلة الغلو المقبول أيضا قول المعري:
تكاد قسيّه من غير رام  تمكن من قلوبهم النبالا
تكاد سيوفه من غير سل  تجد إلى رقابهم انسلالا
فالقسي التي تسدد نبالها إلى القلوب من غير رام، والسيوف التي تنسل إلى الرقاب فتعمل فيها من غير أن تسلّ من أغمادها أمران مستحيلان عقلا وعادة، ولكن الذي حسّن هذا الغلو وجعله مقبولا هو دخول لفظة «تكاد» التي صيرت ما بعدها قريب الوقوع لا واقعا فعلا كما كان الشأن قبل تدخلها.
وعلى هذا النحو يمكن تفسير الغلو الحسن المقبول الذي دخلت عليه «يكاد» في قول ابن حمديس يصف فرسا:
ويكاد يخرج سرعة من ظله  لو كان يرغب في فراق رفيق
وقول الفرزدق في علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:
يكاد يمسكه عرفان راحته  ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم
وقول أبي صخر:
تكاد يدي تندي إذا ما لمستها  وينبت في أطرافها الورق النّضر
ومن الغلو الحسن المقبول لدخول أداة الامتناع «لو» عليه قول البحتري في مدح الخليفة المتوكل:
ولو أن مشتاقا تكلّف فوق ما  في وسعه لسعى إليه المنبر
فسعى المنبر إلى الخليفة الممدوح تعبيرا عن اشتياقه له عند ما يعلوه ليخطب في الناس إفراط في الغلو قرّبه إلى الصحة والقبول لفظة «لو».
ومن هذا الضرب من الغلو المقبول قول أبي الطيب في ممدوحه:
لو تعقل الشجر التي قابلتها  مدت محيّيه إليك الأغصنا
فمد الأشجار أغصانها تحية للممدوح عند مروره بها أمر مستحيل لامتناعه عقلا وعادة، لكن الذي حسّن هذا الغلو وجعله مقبولا هو دخول «لو» التي أفادت امتناع وقوع هذا الأمر المستحيل لامتناع أن تعقل الأشجار.
والمتنبي كما يقول ابن رشيق من أكثر الشعراء ولعا بالغلو وأبعدهم فيه همة، حتى لو قدر ما أخلى منه بيتا واحدا. ومما جاء عنده أيضا من هذا الغلو المقبول لدخول «لو» عليه، قوله مخاطبا طللا:
لو كنت تنطق قلت معتذرا  بي غير ما بك أيها الرجل
وقوله مفتخرا:
ولو برز الزمان إليّ شخصا  لخضب شعر مفرقه حسامي (1)
وقوله في قبيلة الممدوح:
ولو يممتهم في الحشر تجدو  لأعطوك الذي صلوا وصاموا (2)
ومن الغلو المقبول والأداة المقربة إلى الصحة «لولا» قول أبي العلاء المعري يصف سيف ممدوحه:
يذيب الرعب منه كلّ عضب  فلولا الغمد يمسكه لسالا (3)
فالمعنى هنا أولا: أن سيفك أيها الممدوح تهابه السيوف وتصاب بالرعب والفزع منه كما يهابك الرجال ويصابون بالرعب والفزع منك، وأشد ما يجوز على السيف أن يسيل حديده ولولا الغمد يمسكه لظهر سيلانه.
فذوبان كل سيف إلى حد السيلان في غمده بباعث الرعب من سيف الممدوح أمر ممتنع عقلا وعادة. ولكن تدخّل «لولا» التي أفادت امتناع سيلان هذا السيف الذائب لوجود غمده الذي يمسكه عن السيلان قد جعلت هذا الغلو
المفرط في المعنى مقبولا.
...
__________
(1) المفرق: وسط الرأس، والحسام: السيف القاطع. يقول: إن الزمان الذي هو محل النكبات والنوائب لو كان شخصا ثم برز إلي محاربا لخضب شعر رأسه سيفي.
(2) يممتهم: قصدتهم، وتجدو: تطلب جدواهم وعطاءهم. يقول: إن أبناء قبيلة الممدوح لجودهم وكرمهم لا يردون سائلا حتى لو قصدهم سائل يوم القيامة لأعطوه صلاتهم وصيامهم.
(3) العضب: السيف.

2 - أما الغلو غير المقبول فيتمثل في المعنى الذي يمتنع عقلا وعادة مع خلوه من أدوات التقريب التي تدنيه إلى الصحة والقبول. فمن أمثلة ذلك قول المتنبي مادحا:

فتى ألف جزء رأيه في زمانه  أقل جزيئ بعضه الرأي أجمع (1)
فعلى ما في البيت من بعض التعقيد الناشئ عن التقديم والتأخير الذي اقتضاه الوزن يريد المتنبي أن يقول: إن هذا الممدوح فتى رأيه في أحوال زمانه بقدر ألف جزء، وأقل جزء من هذه الأجزاء يعادل جزء منه كل ما لدى الناس من الرأي.
فوجود إنسان رأيه على النحو الذي صوره الشاعر ممتنع عقلا وعادة، وهو غلو غث لا يدعو إلى الإعجاب به بل إلى التعجب منه!
ومنه أيضا مادحا:
ونفس دون مطلبها الثريا  وكف دونها فيض البحار
ومنه قول أبي نواس في وصف الخمر:
فلما شربناها ودب دبيبها  إلى موضع الأسرار قلت لها: قفي
مخافة أن يسطو علي شعاعها  فيطلع ندماني على سري الخفي
فسطوة شعاع الخمر عليه بحيث يصير جسمه شفّافا يظهر لنديمه ما في باطنه لا يمكن عقلا ولا عادة، فهو غلو مفرط.
...
__________
(1) ترتيب البيت هكذا: فتى رأيه في زمانه ألف جزء أقل جزء من هذه الأجزاء بعضه- أي بعض جزيء من رأيه الرأي الذي في أيدي الناس كله.


ومراتب القبول في الغلو تتفاوت إلى الحد الذي تؤول بقائلها إلى الكفر، فمن ذلك قول أبي نواس مادحا:
وأخفت أهل الشرك حتى أنه  لتخافك النّطف التي لم تخلق
وهذا كما لا يخفى أمر مستحيل، لأن قيام العرض الموجود وهو الخوف بالمعدوم وهي النطف التي لم تخلق لا يمكن عقلا ولا عادة.
ومنه قول ابن هانئ الأندلسي في مطلع قصيدة يمدح بها المعز لدين الله الفاطميّ:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار  فاحكم فأنت الواحد القهار
فادعاء أن مشيئة المعز فوق مشيئة الأقدار وأنه هو الواحد القهار غلو يوهم الكفر.
ومنه قول المتنبي في مدح سيف الدولة:
تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى  إلى قول قوم أنت بالغيب عالم
فعلم الغيب مما استأثر الله به، فالزعم بأن إنسانا كائنا من كان يعلم الغيب إفراط في الغلو يؤول بقائله إلى الكفر.


الكتاب: علم البديع
المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
المصدر : المكتبة الشاملة


The translation below might be a lot of mistakes, so don't make this translation a reference, take a reference from the Arabic text above ! Thank You
Excessive

Exaggeration in the origin of the language situation exceeds the limit and the extent in all things and excessive. It is derived from overstatement, and from the glare of the arrow to open the gap and the silence of the non, and the extent of throwing it, it is said: Gallet let us exaggeration and expensive break the jealousy, if you experience any farther beyond the glut of shares.

We have already learned from the above that exaggeration in the sense of reporting is the possibility of descriptive description of reason and usually, and that dumping is the possibility of descriptive alleged reason not usually.

The exaggeration in the term of the two senses is: the avoidance of the alleged description of mind and usually. Therefore, if the dumping is over exaggeration in the sense of reporting in excess of the limit and excessive in the claimed nature, the excesses over exaggeration and dumping in this respect.

Ibn Qirwani (1) is one of the first to expand his research. First, he opposes those who believe that the virtue of the poet is in his knowledge of the faces of dumping and stupidity, and he sees this only as a substitute for the truth and his departure from duty and knowledge.
And he agrees with the taste that say: «The best speech facts, if not what is close and fit, and sang the coolant, saying:
If what keeps me suspended ... I will return to what I am going back to
And he said: This is a transgression, and the best of poetry is what is close to the one who says that he is likened, and the better is the truth.
It is more correct to speak when Ibn al-Razaq is the evidence on which the evidence is based. The witness from the Book of Allaah has proven it. He has become an outsider. He said: "O people of the Book, do not be misled in your religion except the truth.
He also referred to the definition of Qudaamah as "the exaggeration", which is: to transcend in the attribute of something to be, not out of print. Based on this interpretation of the interpretation of the interpretation of the words: the heart reached the throats, ie: almost ...
__________
(1) See the section of hyperbole in the book of the Mayor, not Ben Rachig c 2 p. 57 - 62.

«Exaggeration», dealt with in his book the mayor of multiple aspects pain in which some of the views of his predecessors and contemporaries and commented on him personally from the views and ideas.
In addition, the opinion of Judge Jarjani (1) in exaggeration, and the conclusion that the over-general doctrine in the modern and is also in the early, and that the people are different: the recommended met, and the martyr Rad, and has a fee when the poet stopped, and not described by a ladder, Their excesses widened to the end, and the case was brought to the referral, but the referral as a result of excessive, and a division of dumping.
__________
(1) is the father of Hassan Ali bin Abdul Aziz, known for Judge Jarjani died in 366 AH, and the owner of the book of mediation between Mutanabi and his opponents.

Al-Hashimi (1) in the most extreme view of Ibn Rushiq, which is: «scientists found poetry abhorrent poet Abayat exaggeration and dumping, and differ in the approval and disdain, and admire some of them, and according to the printing and selection, and see that it is the creativity of the poet, , They say: the best hair lies, and that excess is intended to exaggerate and excessive, and said: If the poet came from the excess of what is out of the existing and enter the door of the wrong, he wants the example and reach the end in the denomination, and protested the words of the Prophet was asked: Who feel people? And he said: Whoever praises his lie and laughs his evil.
"Some people have challenged this doctrine with its truth, and it is not true when contemplating and thinking."
Ibn al-Rishiq comments on the claim that Abu Tammam was the one who expanded in the door of exaggeration, and the people followed him and said: "Where is Abo Tamam what we are in? If you become the father of the good - Mutanabbi - became the most people, and the most exalted in it, even if the amount of vacated one house, and even to inform him of what he is rich, and in other Mandoha as saying:
They will sip from my mouth sips ... They are sweeter than monotheism
And if he has in this interpretation and exit by making him the monotheism is the ideal in the sweetness of his mouth ... »(2).
...
__________
(1) is Abu Ali Mohammed bin Hassan al-Hatami. Writer poet critic of several books in criticism, literature, language and translations, died in 388 AH.
(2) the book of the Mayor C 2 p. 57 - 62.

After these quotations from the book of Mayor La Ben Rachig, which exposed to the glaucoma from some aspects, we recall that the men of Budaiya divide exaggeration two parts:
Acceptable and unacceptable:

1 - The acceptable good for them is what is entered or accompanied by a tool that brings it closer to health and acceptance of the «may» for the possibility, «if» and «Lula» to refrain, and «as« for the analogy, and «almost» to approach , And so on.

Related Post:




0 Response to "الغلو في علم البديع حد الغلو و أمثلة الغلو و أقسام الغلو : مقبول وغير مقبول"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel