الإغراق في علم البديع و حد الإغراق و أداة الإغراق
Saturday, March 3, 2018
Add Comment
الإغراق في علم البديع و حد الإغراق و أداة الإغراق
ذكرنا فيما سبق أن
المبالغة المقبولة عند السكاكي تنحصر في التبليغ والإغراق والغلو. فإذا كان الوصف
المدعى ممكنا عقلا وعادة فهو التبليغ، وإذا كان ممكنا عقلا لا عادة فهو الإغراق،
وإن كان ممتنعا عقلا وعادة فهو الغلو.
كذلك ذكرنا أن السكاكي
عرف المبالغة المقبولة بقوله: «هي أن يدّعى لوصف بلوغه في الشدة والضعف حدا
مستحيلا أو مستبعدا».
وإذا تأملنا هذا التعريف وجدنا أنه ينطبق على نوعين فقط من أنواع المبالغة عند السكاكي هما: الغلو والإغراق. ذلك لأن الغلو هو المستحيل عقلا وعادة، والإغراق هو المستبعد وقوعه عادة لا عقلا.
وعلى ذلك فالإغراق في
اصطلاح البديعيين: هو الوصف الممكن وقوعه عقلا لا عادة، أو بعبارة أخرى: هو
الإفراط في وصف الشيء بما يمكن عقلا ويستبعد وقوعه عادة. ومن أمثلة ذلك قول عمير
التغلبي السابق:
ونكرم جارنا ما دام
فينا … ونتبعه الكرامة حيث مالا
فإكرامهم للجار مدة
إقامته بينهم من الأخلاق الجميلة الموصوفة، ومدّه بالكرم عند رحيله وجعل هذا الكرم
يتبعه ويشمله حيث كان وفي كل جهة يميل إليها هو الإغراق هنا. وهذا أمر ممتنع عادة
وإن كان غير ممتنع عقلا.
وكل من الإغراق والغلو لا يعدّ من محاسن القول وبديع المعنى إلا إذا دخل عليه أو اقترن به ما يقربه إلى الصحة والقبول، نحو «قد» للاحتمال، و «لو» و «لولا» للامتناع، و «كاد» للمقاربة، وما أشبه ذلك من أدوات التقريب.
ولم يقع شيء من الإغراق
والغلو في القرآن الكريم ولا في الكلام الفصيح إلا بما يخرجه من باب الاستبعاد
والاستحالة ويدخله في باب الإمكان، نحو: كاد ولو وما يجري مجراهما.
ومن أمثلة ذلك في الإغراق
قوله تعالى: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ
بِالْأَبْصارِ، إذ لا
يستحيل في العقل أن البرق يخطف الأبصار، ولكنه يمتنع عادة. والذي زاد وجه الإغراق
هنا جمالا هو تقريبه إلى الصحة بلفظة «يكاد»، واقتران هذه الجملة بها هو الذي
صرفها إلى الحقيقة، فقلبت من الامتناع إلى الإمكان.
ومن شواهد تقريب نوع الإغراق بلفظة «لو» قول زهير:
لو كان يقعد فوق الشمس من
كرم … قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
فاقتران هذه الجملة أيضا
بامتناع قعود القوم فوق الشمس المستفاد بلو «هو الذي أظهر بهجة شمسها في باب
الإغراق» على حد قول ابن حجة الحموي.
ومما استشهد به أيضا على
نوع الإغراق بلفظة «لو» التي يمكن الإغراق بها عقلا ويمتنع عادة قول القائل:
ولو أن ما بي من جوى
وصبابة … على جمل لم يدخل النار كافر
وقبل الحديث عن الإغراق
في هذا البيت نذكر أن فيه نظرا من طرف خفي إلى قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ
السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ
الْخِياطِ. وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ فالجمل له معنيان: الذكر من الإبل
والحبل الغليظ، وسم الخياط: ثقب الإبرة.
فالمعنى هنا أن المكذبين
بآيات الله والمستكبرين عنها لا تفتح لهم أبواب السماء، أي لا تقبل دعواتهم ولا
أعمالهم، ولا يدخلون الجنة حتى يدخل الجمل بأي معنى من معنييه السابقين في ثقب
الإبرة. وبما أن دخول الجمل المعروف أو الحبل الغليظ في ثقب الإبرة الضيق الصغير
أمر بعيد فكذلك دخول هؤلاء المكذبين بآيات الله الجنة أمر مستبعد.
ولهذا المعنى نظر الشاعر
في البيت السابق، فهو يريد أن يقول: لو كان ما به من الحب بجمل لأصابه النحول
والضمور والهزال إلى حد يمكّنه من الدخول في سم الخياط، ولو تحقق دخول الجمل في سم
الخياط لما بقي في النار كافر لزوال المانع لهم من دخول الجنة.
ودخول الجمل في سم الخياط
لا يستحيل عقلا إذ القدرة قابلة لذلك لكنه ممتنع عادة. فإن الله جلّت قدرته إذا
شاء وسّع سم الخياط حتى يدخل فيه الجمل، وإذا شاء رقق الجمل حتى يصير كالخيط
الرفيع فيدخل في سم الخياط. ومن ذلك يتبين أن الأمر غير مستحيل عقلا لكنه ممتنع
عادة، وهذا غاية في الإغراق.
...
ومما استشهدوا به على
الإغراق بغير أداة من أدوات التقريب قول امرئ القيس في وصف أنفاس صاحبته عند
النهوض من النوم:
كأن المدام وصوب
الغمام … وريح الخزامى ونشر القطر
يعل به برد أنيابها ... … إذا غرد الطائر المستحر (1)
__________
(1) المدام: الخمر يدام
على شربها أو التي أديمت في دنها، وصوب الغمام: مطر السحاب، وريح الخزامى: رائحة
هذا النبت الطيب الريح، ونشر القطر بضم القاف والطاء:
فامرؤ القيس يصف طيب
رائحة فم صاحبته سحرا عند تغير الأفواه بعد النوم بأنه شبيه بطيب الرائحة المنبعثة
من روائح الخمر المشوبة بالماء النقي والخزامى والبخور مجتمعة. فإذا كانت هذه
رائحة ثغرها عند نهوضها مبكرة من النوم، فكيف تظن رائحة ثغرها في هوادي الليل رائحة العود الذي يتبخر
به، يعل به برد أنيابها: يسقى به ثناياها الباردة مرة بعد مرة، الطائر المستحر:
المصوت في وقت السحر.
وأوائله؟. فالإغراق في
تشبيه طيب رائحة فم امرأة عند تغير الأفواه بعد النوم بالرائحة الناشئة من اختلاط
رائحة الخمر المشوبة بالماء النقي برائحة الخزامى والبخور- أمر غير مستحيل عقلا
لكنه ممتنع عادة.
ومن الإغراق في الوصف
أيضا بغير أداة تقريب قول الشاعر:
قد سمعتم أنينه من
بعيد … فاطلبوا الشخص حيث كان الأنين
فوصف الشخص بأنه لا يرى
لشدة نحوله إلا بأنين أو تأوه إغراق في الوصف ممتنع عادة، لكنه غير مستحيل عقلا.
ونظير هذا المعنى قول ابن
حجة الحموي:
وقد تجاوز جسمي حد كل
ضنى … وها أنا اليوم في الأوهام تخييل
ونظيره أيضا قول شرف
الدين عمر بن الفارض:
كأني هلال الشك لولا
تأوهي … خفيت فلم تهد العيون لرؤيتي
ومنه قول صفي الدين الحلي
في وصف معترك:
في معرك لا تثير الخيل
عثيره … مما تروى المواضي تربه بدم
فوصف المكان الذي يعترك
فيه الفرسان بأن الخيل التي تحملهم وتعدو بهم هنا وهناك لا تثير غبارا فوقها لكثرة
ما ارتوى به تراب المعترك من الدماء التي أراقتها السيوف المواضي- أقول هذا الوصف
فيه إغراق شديد، إذ لم تجر العادة أن ترتوي أرض معركة بالدم إلى هذا الحد، لكنه
أمر غير مستحيل عقلا.
...
من كل ما تقدم يتضح أن
الإغراق، وهو الوصف الممكن وقوعه عقلا لا عادة نوعان: إغراق في الوصف تدخل عليه
أداة تقربه إلى الصحة
والقبول، وإغراق في الوصف مجرد من أدوات التقريب.
ولا شك أن المقارنة بين
النوعين وعلى ضوء الشواهد السابقة تظهر أن الإغراق المقترن بأداة التقريب هو
الأبلغ في وضوح الدلالة على المعنى وفي الإضافة إليه معنويا بما يكسبه رونقا وبهاء
وقبولا.
ولكن على الرغم من كل شيء
يبقى الإغراق بنوعيه فنا قائما بذاته من فنون البديع المعنوية.
الكتاب: علم البديع
المؤلف: عبد العزيز عتيق
(المتوفى: 1396 هـ)
الناشر: دار النهضة العربية
للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
المصدر : المكتبة الشاملة
And entering the camel in the name of the tailor is not impossible
mind, as the ability to do so, but usually abstained. If Allaah wills, he will
be able to extend the name of the tailor until he enters the camel, and if he
wishes, the camel will soften until it becomes like the fine thread and he will
enter the name of the tailor. It turns out that this is not impossible, but it
is usually avoided.
The translation below might be a lot of mistakes, so don't make
this translation a reference, take a reference from the Arabic text above !
Thank You
dumping
We have mentioned above that the acceptable exaggeration in the
sacrament is limited to reporting, dumping and exaggeration. If the description
is possible, the mind is usually a communication, and if possible mind is not
usually dumping, although the mind and usually is excessive.
We also mentioned that Sakaki defined the accepted exaggeration by
saying: "It is to be called to describe his attainment in intensity and
weakness as impossible or excluded."
If we look at this definition, we find that it applies to only two
types of exaggeration in the Sakaki: excessive and dumping. That's because the
hyperbole is impossible and usually mind, and dumping is unlikely to occur
normally and not mind.
Thus, the drowning in the term Bdayin: is a possible description of
the mind is not usually, or in other words: is excessive description of the
thing, which can be a mind and usually ruled out. Examples of this are the
former Amir Al-Teghalbi:
And we honor our neighbor as long as we ... and follow him dignity
where money
The dignity of the neighbor during the period of his residence,
including the beautiful ethics described, and generosity when he left and make
this generosity followed and included where he was in each side tends to it is
dumping here. This is usually avoided, although not mind-boggling.
Both dumping and ignorance is not a good thing to say and a good
meaning unless he enters it or is associated with it, which brings him closer
to health and acceptance, to "the possibility" of the possibility, to
"if" and "to" to refrain, "close" to the
approach, Rounding tools.
There has been nothing of dumping and exaggeration in the Holy
Quran nor in the literal speech except in the way that it removes it from the
door of exclusion and impossibility and introduces it in the door of
possibility, towards: almost, and what goes on.
Examples of this in the dumping of the verse: almost the light of
his eye goes, because it is impossible in the mind that lightning captures the
sight, but usually abstain. Which increased the face of dumping here beauty is
close to health word "almost", and the conjunction of this sentence
is the one who sent it to the truth, and turned from abstention to possible.
One of the evidence of the proximity of the dumping type with the
word "if" Zuhair said:
If he were to sit above the sun from the vineyard ... the people of
their first or glory were seated
This phrase also coincided with the abstention of the people over
the sun that was used by Blue, "who showed the joy of her sun in the door
of dumping", according to Ibn Hajjah al-Hamawi.
It is also cited on the type of dumping with the word
"Lu" that can be dumped by reason and usually refrain from saying
that:
If I were not a bird and a bird ... a camel would not enter the
fire as a kaafir
Before talking about dumping in this house, we recall that from the
hidden side to the verse: Those who lied to our revelations and proud of them
do not open the doors of heaven and do not enter Paradise until the camel draws
in the name of the tailor. As well as the reward of criminals, the camel has
two meanings: male camels and thick rope, and marking the tailor: needle hole.
The meaning here is that those who deny the signs of Allah and
those who are arrogant do not open the doors of heaven to them, that is, they
do not accept their prayers or their deeds, nor enter paradise until the camel
enters any sense of its former meaning in the hole of the needle. And since the
entry of the well-known camel or the thick rope in the hole of the small needle
is far away, so is the entry of those who deny the verses of God Paradise is
unlikely.
This is what the poet looked at in the previous house. He wants to
say: If his love was in the camel, he would suffer from rotting, drowsiness and
wasting to the extent that he could enter the name of the tailor. If the camel
entered the name of the tailor, he would not be allowed to enter the fire. the
Paradise.
0 Response to "الإغراق في علم البديع و حد الإغراق و أداة الإغراق"
Post a Comment