بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

الإيغال في علم البديع وحد الإيغال و أمثلة الإيغال

الإيغال في علم البديع وحد الإيغال و أمثلة الإيغال

والإيغال ضرب من المبالغة، إلّا أنه في القوافي خاصة لا يعدوها.
والإيغال مشتق من الإبعاد، يقال: أوغل في الأرض إذا أبعد فيها. وقيل إنه سرعة الدخول في الشيء يقال: أوغل في الأمر إذا دخل فيه بسرعة.
فعلى القول الأول كأن الشاعر قد أبعد في المبالغة وذهب فيها كل الذهاب، وعلى القول الثاني كأنه أسرع الدخول في المبالغة بمبادرته القافية.

والإيغال الذي هو ضرب من المبالغة مقصور على القوافي يعني أن الشاعر إذا انتهى إلى آخر البيت استخرج قافية يريد بها معنى زائدا، فكأنه قد تجاوز حد المعنى الذي هو آخذ فيه، وبلغ مراده فيه إلى زيادة عن الحد.

وهذا النوع من المبالغة مما فرّعه قدامة بن جعفر وعرّفه بقوله: «هو أن يستكمل الشاعر معنى بيته بتمامه قبل أن يأتي بقافيته، فإذا أراد الإتيان بها ليكون الكلام شعرا أفاد بها معنى زائدا على معنى البيت» (1).
وعرف أبو هلال العسكري الإيغال بقوله: «هو أن يستوفي معنى الكلام قبل البلوغ إلى مقطعه، ثم يأتي بالمقطع فيزيد معنى آخر يزيد به وضوحا وشرحا وتوكيدا حسنا» (2).
سئل الأصمعي: من أشعر الناس؟ قال: الذي يجعل المعنى الخسيس بلفظه كبيرا، أو يأتي إلى المعنى الكبير فيجعله خسيسا، أو ينقضي كلامه قبل القافية فإذا احتاج إليها أفاد بها معنى، فسئل: نحو من؟ فقال:
نحو الأعشى إذ يقول:
كناطح صخرة يوما ليوهنها  فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل (3)
فقد تم المثل- أي التشبيه- بقوله: «وأوهى قرنه» فلما احتاج إلى القافية قال «الوعل». فسئل: وكيف صار الوعل مفضلا على كل ما ينطح؟ قال: لأنه ينحط من قنّة الجبل على قرنه فلا يضيره.
__________
(1) خزانة الأدب لابن حجة الحموي ص 234.
(2) كتاب الصناعتين ص 380.
(3) الوعل بكسر العين: ذكر الشاة الجبلية.

ثم سئل: نحو من؟ قال: نحو ذي الرّمة بقوله:
قف العيس في أطلال مية واسأل  رسوما كأخلاق الرداء المسلسل
أظن الذي يجدي عليك سؤالها  دموعا كتبديد الجمان المفصل (1)
ففي البيت الأول تمم الشاعر كلامه بقوله «كأخلاق الرداء» ثم احتاج إلى القافية، فقال «المسلسل» فزاد شيئا على المعنى.
وفي البيت الثاني تمّ كلامه بقوله «كتبديد الجمان» ثم احتاج إلى القافية فأتى بما يفيد معنى زائدا وهو «المفصل» (2).
ويقال: إن امرأ القيس أول من ابتكر هذا المعنى، أي الإيغال، وذلك بقوله يصف الفرس:
إذا ما جرى شأوين وابتل عطفه  تقول هزيز الريح مرت بأثأب (3)
فالمعنى هنا أن الفرس إذا أجرى شوطين وابتلّ جانبه من العرق سمعت له صوتا وخفقا كخفق الريح إذا مرّت بشجر الأثأب. فالشاعر بالغ في وصف الفرس وجعله على هذه الصفة بعد أن يجري شوطين ويبتل عطفه بالعرق، وقد تم المعنى بقوله «مرت» ثم زاد إيغالا في صفته بذكر الأثأب الذي يكون للريح في أضعاف أغصانه حفيف عظيم وشدة صوت.
__________
(1) أخلاق: جمع خلق بفتح الخاء واللام: الثوب البالي، المسلسل: المهلهل دموعا كتبديد الجمان المفصل: أي دموعا تتبدد وتتناثر كتبديد وتناثر عقد الفضة المفصل، أي الذي يجعل فيه خرزة بين كل حبتين من الجمان أي الفضة.
(2) كتاب العمدة ج 2 ص 54.
(3) الأثأب: شجر كالائل يشتد صوت الريح وهزيزه فيه، والعطف بكسر العين: الجانب.

وعلى هذا فإذا كانت لفظة «أثأب» قد استدعتها القافية ليكون الكلام شعرا، فإنها في الوقت ذاته أفادت معنى زائدا، وهو المبالغة في شدة حفيف الفرس بتشبيهه بهزيز الريح المنبعث من اصطدامها بأغصان هذا الشجر عند مرورها من خلاله.
ومن الإيغال قول امرئ القيس أيضا:
كأن عيون الوحش حول خبائنا  وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
فهنا شبه الشاعر عيون الوحش لما فيهن من السواد والبياض بالجزع، وهو الخرز الأسود المشوب بالبياض، ولما كانت عيون الوحش لا ثقوب فيها كانت أشبه بالخرز الذي لم يثقب. فمعنى التشبيه تمّ بقوله «الجزع» وقوله «الذي لم يثقب» إيغال في التشبيه زوّد البيت بالقافية وأفاد معنى زائدا هو تأكيده التشبيه، لأن عيون الوحش غير مثقبة. ولا يخفى ما في هذه الزيادة من حسن.
ومن الإيغال في التشبيه كذلك قول زهير:
كأن فتات العهن في كل منزل  نزلن به حبّ الفنا لم يحطم (1)
والمعنى الذي عبر عنه زهير انتهى عند قوله «حب الفنا» وزيادة المعنى في قوله «لم يحطم». فزهير شبه ما تفتت وتساقط من العهن أو الصوف الملون بحب الفنا الأحمر، ولما قال بعد تمام بيته «لم يحطم» أراد أن يكون حب الفنا صحيحا لأنه إذا كسر ظهر له لون غير الحمرة. فهذا البيت شبيه ببيت امرئ القيس السابق من حيث أن الإيغال فيه زوّد البيت بالقافية، وأفاد معنى زائدا في المشبه به.
__________
(1) العهن بكسر العين وسكون الهاء: الصوف المصبوغ أي لون كان، وفتات العهن: ما تساقط من الصوف المصبوغ ألوانا، والفنا: شجر ثمره حب أحمر، وقال الفراء: هو عنب الثعلب.

ومن الإيغال البليغ باتفاق البديعيين قول الخنساء في أخيها صخر:
وإن صخرا لتأتم الهداة به  كأنه علم في رأسه نار
فإن معنى جملة البيت كامل من غير القافية، ووجودها زيادة لم تكن له قبلها. فالخنساء لم ترض لأخيها أن يأتمّ به جهّال الناس حتى جعلته يأتمّ به أئمة الناس، ولم ترض تشبيهه بالعلم، وهو الجبل المرتفع المعروف بالهداية، حتى جعلت في رأسه نارا. فهذا الإيغال البديع أكمل معنى المشبه به، وزوّد البيت بالقافية.
ومن بديع إيغال المحدثين قول مروان بن أبي حفصة:
همو القوم: إن قالوا أصابوا، وإن دعوا  أجابوا، وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
فقوله «وأجزلوا» إيغال في نهاية الحسن.
...


والإيغال ليس مقصورا على الشعر، وإنما هو يجيء في الشعر والنثر على حد سواء. ومجيئه في النثر المسجوع أكثر وذلك لإتمام الفواصل وزيادة المعنى. ومن أمثلته قوله تعالى: وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ. أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ. وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ. فإن الكلام تمّ بقوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً ثم احتاج الكلام إلى فاصلة تناسب القرينة أو الفاصلة الأولى، فلما أتى بها وهي لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ أفاد بها معنى زائدا، وذلك لأنه لا يعلم أن حكم الله أحسن من كل حكم إلا من أيقن أنه سبحانه حكيم عادل.
ومثله قوله تعالى: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ. إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ. فإن المعنى تم بقوله تعالى: وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ ثم ورد ما بعد ذلك وهو إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ لإتمام الكلام بالفاصلة ولإفادة معنى زائد، هو المبالغة في إعراض الكفار الذين شبّهوا بالموتى في عدم انتفاعهم بالأدلة.
والإيغال الذي يعد من البديع حقا هو ما يستدعيه المعنى ويتطلبه الكلام استكمالا للشعر بالقافية وللسجع بالفاصلة. وليس من بديع المعنى في شيء كل إيغال يتكلفه الشاعر أو الناثر.

الكتاب: علم البديع
المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
المصدر : المكتبة الشاملة

BMW i8 Coupé
The future is taking shape – in the form of the new BMW i8 Coupé. Full of verve, fascinating and ready to newly define mobility. For unconditional driving pleasure, as far as the road goes. A mere glimpse of this iconic design elevates adrenaline levels. The tachometer shoots up just as fast: the innovative plug-in hybrid engine generates 374 hp and 570 Nm. Plus, it accelerates the new BMW i8 Coupé in just 4.4 seconds from 0 to 100 km. The fastest route to a new era.
VISUAL STATEMENT.
Show your colours and stand by them. Whether in Sophisto Grey, Chrystal White, E-Copper or Donington Grey – the BMW i8 Coupé is an impressive appearance in any colour variation.
A GLANCE AT THE FUTURE.
The BMW i8 Coupé reveals itself as futuristic right down to the last detail. Its progressive lines speak a formal language that can hardly be more dynamic. The most striking feature: the imposing lightweight carbon-fibre gull wing doors, which can be opened comfortably. The athletic front continues to display the individual character of the car and proudly bears the BMW double kidney, flanked by full-LED headlights and redesigned Air Curtains. Starting at the bonnet, the distinctive V-shaped black belt stretches along the entire car, underscoring its flat silhouette. The impressive streamflow design also optimises airflow and creates unprecedented aerodynamics. Thus, the BMW i8 Coupé is a perfect symbiosis of form and function that knows only one direction: forward.
”The BMW i8 Coupé is already the best-selling hybrid sports car in the world – and I think we will succeed with this car, too.“
KLAUS FRÖHLICH, BOARD MEMBER, BMW AG

Related Post:




0 Response to "الإيغال في علم البديع وحد الإيغال و أمثلة الإيغال"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel