Principles of Growth Determinants of Human Behavior مبادئ النمو
Friday, September 20, 2019
Add Comment
مبادئ النمو: Principles of Growth Determinants of Human Behavior
النمو ليس عملية اعتباطية، بل هو عملية تنظيم الحياة الإنسانية وإعداد
لتكاملها، وهو بذلك يخضع لمبادئ عامة أساسية يشترك جميع الأفراد الإنسانيين في
سلوكها من بدء الحياة إلى ختامها، وهذه المبادئ تخضع في وجودها لعوامل طبيعية في
السلالة البشرية، ولذا فإن البيئة أو الرعاية لا تستطيع إلا أن تفعل أثرًا ثانويًا
في بعض الجوانب.
ولقد درس بعض أخصائيو علم نفس النمو الأطفال بهدف وصف وتفسير المبادئ التي ينمون بواسطتها، وكان هدفهم ليس فقط المساعدة في تفسير سلوك الكائن الآدمي في عمر زمني ولكن بالإضافة القدرة على عمل تنبؤات في كيفية تصرف مجموعة من الأفراد في أي مرحلة معينة من نموهم, وعمومًا فإن المبادئ التي سنوردها فيما بعد تحكم جميع مظاهر النمو سواء كانت جسمية، سلوكية، حركية، معرفية، اجتماعية أو انفعالية, ويمكن إيجاز هذه المبادئ فيما يلي:
1- النمو يسير وفقًا لنمط معين:
يتبع الكائن الحي، حيوانًا أو إنسانًا، نموذجًا أو نمطًا للنمو يميز النوع
الحيواني أو الإنساني ويتشابه معدل وحدود النمو لدى كل أعضاء النوع, وفي حالة
الكائن الحي الإنساني، لا يتم النمو على نحو عفوي غير منظم، ولكن يحدث بشكل نظامي
أو نموذجي، فكل مرحلة من مراحل النمو نتاج المرحلة السابقة ومقدمة للمرحلة
التالية, ويصدق ذلك على نمو الطفل قبل الميلاد وبعد الميلاد, ذلك النمو الذي يقوم
على أساس التتابع التطوري بظهور خصائص معينة في كل فترة عمرية فالطفل على سبيل
المثال، يستطيع أن يقف قبل أن يمشي، وأن يتمكن من رسم الدائرة قبل أن يتمكن من رسم
المربع.
يذهب "جيزل 1941"، استنادًا إلى البيئة المتجمعة من الدراسات
التطورية لمجموعات من الأطفال خلال سنوات عديدة، إلى أن النمو السلوكي يتبع
نموذجًا منظمًا يتأثر بالخبرة بدرجة ضئيلة نسبيًا، ويقرر كذلك أنه بالرغم من أنه
لا يوجد ثمة فردان متشابهان بالضبط، يميل كل الأطفال الأسوياء، إلى أن يسيروا
وفقًا لتتابع عام للنمو مميز للنوع الإنساني والجماعة الثقافية, وإذا كان لكل طفل
نموذجا فريدًا للنمو إلا إن هذا النمط مرتبط بالخطة البنائية الأساسية، فالتتابع
النوعي جزء من نظام ثابت للطبيعة "جيزل 1949".
2- التتابع الرأسي الذنبي Caphalocaudal Sequence:
يسير النمو قبل وبعد الميلاد، وفقًا لنمط التتابع الرأسي الذنبي، الذي يعني
أن ضبط الجسم، وكذلك التحسن في البنية ذاتها، ينمو أولا في الدماغ ثم يتقدم فيما
بعد إلى المناطق الأبعد من الرأس, فالحساسية الجلدية تتوفر لدى الطفل حديث الولادة
في الأجزاء العليا من الجسم قبل أن تظهر في الأجزاء الأدنى "شيرمان
1925".
ويتضح هذا التتابع الرأسي الذنبي كذلك في الوظائف الحركية فحينما يوضع الطفل في وضع
مائل يستطيع أن يرفع رأسه بواسطة عنقه قبل أن يستطيع أن يفعل ذلك برفع صدره قبل أن
يتمكن من الجلوس ويستطيع الطفل أن يتحكم في عضلات الجذع، قبل أن يتحكم في عضلات
الذراعين والرجلين، ويتحكم في عضلات ذراعيه ورجليه قبل أن يتمكن من ضبط عضلات
القدمين واليدين, فالطفل في سن العشرين أسبوعًا، على سبيل المثال يتمتع بالقدرة
على التحكم في عضلات عينيه والرأس والكتفين، ولكن لا يزال الجذع رخوًا بحيث يستلزم
إسناده على الكرسي لكي يتمكن من الاحتفاظ بوضع الجلوس. وفي هذا السن، تكون منطقة
الحوض Pelvic Zone والأطراف extremities
غير ناضجة "جيزل 1954".
وفي هذا التتابع الرأسي الذنبي، لا يمتد النمو فحسب من الرأس إلى القدمين
في اتجاه المحور الطولي, ولكن يتقدم أيضًا من القطاعات المركزية إلى القطاعات
الطرفية Peripheral
من الجسم، ففي المراحل النمائية الأولى يميل الذراعان والرجلان إلى الاستجابة ككل,
ويظهر التحكم تدرجيًا في المفاصل المرفقة Elboe Joints
والمفاصل الرسغية Erist
Joints وفيما بعد
في مفصل الركبة والكعب.
وقد وجد في دراسة عن تناول الأطفال للأشياء والقبض عليها أن المرفق
والأصابع تسهم في تحقيق حركات ذات فاعلية متزايدة من الأسبوع السادس عشر إلى
الأسبوع الأربعين من العمر "هالفيوسون 1933"، ولا يتم التحكم في الرجلين
والقدمين بالنسبة للوقوف والمشي قبل الستين أسبوعًا من العمر "جيزل
1954".
والنمو كذلك يسير في طريق قريبة بعيدة Proximo distal fashion
بمعنى ينمو من الأطراف القريبة من الجهاز العصبي المركزي متجهًا إلى أطراف الجسم،
ولهذا السبب فإن عضلات الذراع تنمو قبل عضلات الأصابع، ويتعلم الأطفال التحكم في
حركات الذراع قبل أن يتحكموا في الأصابع بصورة جيدة، كما أنهم لا ينمون ضبط
أناملهم بصورة كافية لعمل الحركات الدقيقة في الكتابة إلى ما يقرب من سن السادسة
"انظر شكل رقم1".
ولا يتغير النموذج العام للنمو بسرعة النمو، فكل الأطفال تمر بنفس الأشكال الرئيسية،
في أوقات واحدة تقريبًا، وتبين دراسة "جيزل" "1930" على
الأطفال المبتسرين "الذين ولدوا قبل اكتمال النضوج Premature
والأطفال الذين ولدوا بعد فترة النضوج Post-mature
إن برنامج النمو يسير وفقًا للتابع تطوري، بصرف النظر عن عدم انتظار الميلاد،
فبينما لا يتفق نموذج النمو لدى الأطفال الذين ولدوا قبل اكتمال النضوج مع نموذج
النمو لدى الأطفال المكتملي النضوج خلال الثلاثة إلى الخمسة الأشهر الأولى بعد
الميلاد، إلا أنهم يتفقون في نموذج الفرد المتوسط من نفس السن "ميلكر
1937".
ومن المبادئ التي أسفرت عنها بحوث متعددة في النمو إنه إذا أحللنا في حياة
الطفل بصورة طبيعية مصطنعة عاملا تجريبيًا من شأنه أن يحدث تغييرًا في نموه، فإن
الطفل يستأنف المعدل العادي لنموه بمجرد إبعاد هذا العامل.
ويمكن صياغة مبدأ مقاومة الإحلال على النحو التالي، عندما يكون الكائن الحي
في حالة نمو بمعدل معين منتظم فإنه ينزع إلى مقاومة أي إحلال لعوامل تؤدي إلى مزيد
من الاستثارة والحرمان, وإلى معاودة النمو بالمعدل الأصلي بمجرد زوال هذه العوامل
الدخلية.
ويكفينا للتدليل على هذا المبدأ قليل من الأمثلة، فالأطفال المبتسرين يكون
محيط الرأس عندهم أصغر من محيط الرأس عند الأطفال الذين يولدون مكتملين حتى ولو
أضفنا إلى ذلك المحيط ما يعوض من فترة عدم اكتمال النضج غير أن رأس مثل هؤلاء
الأطفال المبتسرين لا تلبث أن تكبر بالتدريج حتى لا يكاد الطفل منهم يبلغ من العمر
ما بين 12 و18شهرًا إلا ويصبح حجم رأسه مساويًا لحجم رأس الطفل العادي, ويبدو أنه
قد احتاج إلى بعض الوقت للتعويض عما فقده في النمو في الشهر الأخير من الحمل.
ويسوق أولسون "1943" مثلا إيضاحيًا لهذا المبدأ عن تطور نمو أحد
الصبيان، ففي الفترة التالية لبلوغ هذا الصبي الشهر الرابع والثمانين من عمره تعرض
لهزات بيئية عنيفة منها موت أمه، وإصابته بالتهاب شعبي ربوي مع وجود استجابة
إيجابية لاختبار التوبركلين "الدرن", وقد أثبت التشخيص الطبي أنه كان يعاني
من سوء التغذية، وفي هذه الفترة كان الطفل يستنفد جزءًا كبيرًا من طاقته في السير
مسافة طويلة لتناول طعام الغذاء، فكان طبيعيًا أن يفقد الكثير من وزنه، ولكن سرعان
ما زاد وزنه عندما تحسنت ظروفه، واتجهت هذه الزيادة نحو استعادة خط نموه الطبيعي،
على الرغم من أن هذا النمو دون المتوسط، ومما يثير الاهتمام أن هذا الصبي أصبح بعد
عشرين سنة مواطنًا صالحًا، وأبا يتمتع بصحة جيدة.
ونزعة الطفل لاستئناف المعدل الطبيعي لنموه بعد استبعاد الاستثارة أو
الحرمان غير العادية قد أوضحها عدد من التجارب مثل تجارب محاولات تحسين النمو
بالعلاج بخلاصة الغدد، وتغيير الاتجاهات، وإثارة التقدم في الحساب، أو إحداث
تغييرات في قدرة الطفل على القراءة.
فلكل طفل خطة للنمو، وتقوم الرعاية المثلى بتحقيق هذه الخطة، وأي محاولة
تبذل لفرض النمو عنوة بالمقاومة، كما أن الطفل ينزع إلى الإسراع في نموه عن فترات
الحرمان المؤقتة، "أولسون 1959".
النموذج العام للنمو:
تكشف الدراسات التطورية للأطفال منذ الميلاد بالملاحظات والفحوص والاختبارات
المتكررة، أن هناك نموذجًا عامًا يتبعه كل الأطفال على النحو التالي "جيزل
1954".
- من سن 14-16 أسبوعًا يتحقق للطفل القدرة على التحكم في الاثني عشر عضلة
لحركة العين Oculmotor
muscles.
- من 16-28 أسبوعًا، يتمكن الطفل من التحكم في العضلات التي تساعد على ضبط حركة
الرأس وعلى تحريك ذراعيه، وبالتالي يبدأ في التوصل إلى تناول الأشياء.
- من 28-40 أسبوعًا يتمكن في التحكم في جذعه ويديه، وهذا يمكنه من الجلوس،
والتنقل، والقبض على الأشياء وتناولها.
- من 4-52 أسبوعًا، يتسع ضبطه إلى رجليه وقدميه، وإلى أصابع السبابة
والإبهام، وهو الآن يستطيع الوقوف باعتدال، وأن يتحرك بخفة ويلتقط الأشياء.
- وفي خلال العام الثاني، يمشي ويجري, ويتلفظ بكلمات وجمل، يكتسب إمكانية
التحكم في المعدة والمثانة، ويكتسب إحساسًا أوليًا بالهوية الشخصية وبالتملك
الذاتي.
- وفي خلال العام الثالث، يتكلم بجمل ويستخدم الكلمات كأدوات التفكير،
ويبدي نزعة إلى تفهم بيئته وإلى الإذعان للمتطلبات الثقافية.
- وفي خلال العام الرابع، يوجه أسئلة عديدة ويدرك المتشابهات ويبدئ ميلا
إلى التعميم والتصور الذهني، ويستطيع أن يعتمد على نفسه تقريبًا في مضمار الحياة
المنزلية.
- وفي خلال العام الخامس، يتمتع الطفل بدرجة طيبة من نضج التحكم الحركي،
يستطيع القفز والوثب, يتكلم بدون تلفظ طفلي ويستطيع أن يحكي قصة طويلة, يفضل اللعب
الجماعي ويشعر بالاعتداد بالملابس وبما يقوم بإنجازه من أعمال, وهو الآن يشعر
بتأكيد الذات, ويتشرب معايير الجماعة.
3- النمو يتقدم من العام إلى الخاص:
في كل مظاهر النمو الحركي أو العقلي، تكون استجابات الطفل ذات نمط عام قبل
أن تصير متخصصة، كما أن النشاط العام يسبق النشاط المتخصص النوعي، سواء قبل
الميلاد أو بعد الميلاد, ويتضح هذا أولا في الاستجابات الحركية، فالطفل الوليد يحرك
جسمه ككل في وقت واحد.
بدلا من أن يحرك أي جزءا منه, ويحرك الطفل ذراعيه بصفة عامة ويأتي بحركات
عشوائية قبل أن يستطيع الإتيان بحركات متخصصة مثل مد ذراعيه، نحو الأشياء وتناول
الأشياء بيديه بنجاح، كذلك، يستخدم الطفل رجليه في الركل العشوائي قبل أن يتمكن من
تنسيق عضلات الرجلين لكي يستخدمها.
والطفل يستطيع أن يرى الأشياء الكبيرة قبل أن يتمكن من رؤية الأشياء
الصغيرة لأن حركات عينيه غير متسقة بدرجة كافية في البداية للتركيز على الأشياء أو
الموضوعات الصغيرة، ويتضح نفس النمط في استخدام اليدين، فحينما يصل الطفل في البداية
إلى موضوعات لا يستخدم فحسب كلا يديه، ولكن يلقي برجليه وبجسمه ككل على الاستجابة
في آن واحد, وفي حوالي الستة أشهر الأولى من عمر الطفل تتحدد استجابة الوصول إلى
الشيء باليدين، وفيما بعد -في حوالي العام من العمر- بيد واحدة, وفي حالة تعلم
مهارة جديدة كاللبس، يشترك جسم الطفل ككل في هذا النشاط، ومع التحسن في هذه
المهارة، يتحدد النشاط باليدين، فالأطفال تقوم بأداء الأشياء البسيطة أولا
وبالأكثر تعقيدًا فيما بعد "آمس 1940".
وقد اتضح من دراسة على التتابع الحركي في عملية القبض على الأشياء أن الطفل
الوليد في البداية يأتي بحركة عامة من ذراعيه، بأن دفعهما إلى الخلف، ثم أعادهما
في اتجاه الشيء المراد مسكه، وأخيرًا مد يده إلى الشيء فأمسكه، والقبض على الأشياء
ذاته يمر بعملية تخصص تبدأ باليد، ثم بمقابلة الإبهام، بالأصابع، وتنتهي
"وذلك في حالة الأشياء الصغيرة" يمسك الشيء بالتقاطه بين الأبهام
والسبابة.
واستنادًا لهذا المبدأ الأساسي للنمو "تطور نمو الاستجابة من الكل إلى
الجزء" يمكن تفسير تطور النمو اللغوي عند الأطفال, فالملاحظة والخبرة الحسية
العيانية تسبقان الصياغة اللفظية، والنطق بالألفاظ يسبق تسمية الرموز المصورة،
وهذا بدوره يسبق القراءة، وفي بناء حصيلته اللغوية يتعلم الكلمات العامة قبل
الكلمات المتخصصة النوعية، فمثلا يستخدم كلمة "لعبة" لكل أدوات اللعب
قبل أن يتعلم أن يسمي كل لعبة باسمها، ويصير تكوين المفاهيم وفقًا لنفس هذا
النموذج التتابعي، فالطفل يميز أولا الموضوعات الحية من الأشياء الجامدة غير
الحية، والكائنات الإنسانية عن الحيوانات ثم الأنماط المختلفة من الكائنات
الإنسانية كالأبيض والأسود أو المصري أو الصيني.
وينطبق هذا المبدأ النمائي أيضًا على الاتصال إذ نجد أولا، الاتصال الشفهي،
ثم الاتصال التحريري دون التقيد، بالتفاصيل الدقيقة وأخيرًا العناية بتفاصيل
الهجاء وقواعد اللغة.
وتطبيق هذا المبدأ في ميدان الكتابة يجعلنا نبدأ بتزويد الطفل بالخبرات
الخاصة بنقش الحروف الكبيرة بالفرشاة على لوحات كبيرة من الورق، وهذا التدريب
يتضمن الكثير من الحركات الكلية للجسم والذراع.
ويلي ذلك استخدام الورق وقلم الرصاص للكتابة على مسافات متباعدة دون حاجة
إلى الضبط الحركي الدقيق, بعد ذلك يأتي دور استخدام مسافات وأقلام وحروف أصغر,
وأخيرًا يمكن الانتقال ما مرحلة كتابة الحروف المنفصلة إلى كتابة الحروف المتصلة
بقدر ما يتحقق لدى الطفل من الضبط.
وبالنسبة للسلوك الانفعالي. يستجيب الطفل في البداية للأشياء الغريبة أو
غير العادية بخوف عام، يعبر عن نفس الخوف في كل المواقف، ثم تأخذ مخاوفه فيما بعد
في أن تصير أكثر تخصصًا ونوعية وتتميز بأنماط مختلفة من السلوك في المواقف
المختلفة, فكل أنماط الاستجابات الانفعالية تنمو من حالات عامة للاستثارة والسكينة
كلما يأخذ في النمو "سبيتز 1949 بانهام 1950".
ولا يعني ذلك أن النمو يأخذ في التمايز والتخصص المستمر فحسب وفقًا لمبدأ
التعاقب من الكل إلى الجزء فالاستجابة الجزئية، النوعية تأخذ في التكامل الوظيفي
مع كليات أكبر ويتضح ذلك في حالة الأداءات العقلية والأعمال المركبة.
4- النمو عملية مستمرة:
إذا تناولنا أحد معالم النمو، كالنمو من حيث الطول مثلا، قد يتراءى لنا أن
الفرد ينمو بطريقة "متناوبة منقطعة" أكثر من أن ينمو بمعدل مستمر, كذلك
يفترض استخدام مصطلحات مثل مرحلة "المهد" و"المراهقة" النمو
يتوقف محددة يحدث فيها النمو، ويتضمن في نفس الوقف أن النمو يتوقف في أوقات أخرى
ولعل أصدق مثل على ذلك نظرية "ستانلي هول" عن المراهقة بأنها مرحلة
ميلاد جديدة.
وتعتبر هذه تطورات خاطئة عن حقيقة النمو، فالنمو يستمر منذ فترة الحمل حتى
وصول الفرد إلى النضوج، ويتم النمو وفقًا لمعدل منتظم بطيء نسبيًا أكثر مما يتم
وفقًا لمعدل سريع، ويستمر نمو الخصائص الجسمية والعقلية بالتدرج حتى تصل هذه
الخصائص إلى أقصى نموها خلال فترة المراهقة المتأخرة، وإذا كنا نستخدم مصطلحات معينة
لمراحل معينة للنمو فلكي نؤكد الحقيقة بأن ثمة نمطًا خاصًا للنمو يحدث في هذه
الفترة بعينها.
وليس هناك خصائص، سواء جسمية أو عقلية، تنمو بطريقة فجائية، فهي -على
العكس- كلها نتاج النمو الذي بدأ قبل الميلاد, وهناك أمثلة عديدة على ذلك, فقد
يتراءى لنا بظهور الأسنان الأولى خلال السنة الأولى من عمر الطفل أنها تنمو بشكل
فجائي، ولكن حقيقة الأمر عكس ذلك فهي تبدأ في النمو من الشهر الخامس من تكوين
الجنين في بطن الأم، على الرغم من أنها لا تخرج من اللثة، إلا في حوالي الشهر
الخامس بعد الميلاد، كذلك لا يتأتى الكلام للطفل بين يوم وليلة، ولكنه ينمو
بالتدريج من الصياح والأصوات الأخرى التي يأتي بها الطفل بعد الولادة.
ولكون النمو عملية مستمرة، فإن ما يحدث في مرحلة معينة يمتد إلى المرحلة أو
المراحل التالية، ويؤثر فيها، فمثلا سوء التغذية في السنوات الأولى من حياة الطفل
سوف يؤدي إلى إحداث أضرار جسمية ونفسية يصعب تعويضها كلية فيما بعد، كذلك يؤدي
التوتر الانفعالي الناشئ عن الظروف غير المواتية في المنزل إلى إحداث بصمات في
تطور نمو شخصية الطفل، كما أن تكون اتجاهات غير صحيحة نحو نفسه، وعلاقته بالآخرين
-خلال السنوات الأولى من حياته- تظل تؤثر في اتجاهاته فيما بعد, فتأثيرها على نظرة
الفرد إلى الحياة تظل مترسبة في كيانه النفسي في مرحلة النضج.
وهكذا ينطوي إقرار مبدأ استمرارية النمو على حكمة تربوية، إذا يجعل في
مقدورنا أن نسعى إلى تحديد مسار النمو والتنبؤ به والتخطيط له.
وإذا كنا نرفض فجائية تفتح إمكانات وخصائص الطفل الكامنة، ذلك الاعتقاد الذي
كان يتخذ أساسًا في بعض محاولات تخطيط المناهج في الماضي، استنادًا إلى الشواهد
الحقيقية للنمو، فإن هذا لا يعني القول بأن من الإسفاف المناداة بوجود بعض العلاقة
بين خبرات الطفل ومرحلة بزوغ استعدادات معينة مركبة، فالطفل العادي فيما يبدو يكون
متأهبًا لتعلم القراءة عند سن السادسة أو السادسة والنصف تقريبًا، ولكن بعض
الأطفال قد يتعلمون أبكر من ذلك،
والبعض الآخر قد يتأخر في تعلم القراءة عن هذا السن ويبدو أن توقيت فرص التعلم في
ضوء مراحل النضج أضمن سبيل لنجاح العملية التعليمية، وليس ثمة فائدة تجنى من وراء
فرض القراءة على الطفل لمجرد أنه بلغ السادسة على حين يكون نموه في الحقيقة لم
يتجاوز الخامسة, وفيما يتصل بنمو الخلق والشخصية من المفيد في بعض حالات الانحراف
عن السواء أن نتج للأطفال عن قصد الفرص التي تعينهم على أن يحيوا مرة ثانية مرحلة
من مراحل نموهم يكونون قد افتقدوها بسبب التعسف أو الحرمان أو سوء التربية بصفة
عامة.
5- النمو عملية متفردة "الفروق الفردية
في معدل النمو تظل ثابتة":
هناك عديد من البيانات التجريبية التي توضح أن معدل النمو ثابت فالأطفال
الذين قد نموا في البداية بسرعة، سوف يستمرون على هذا النحو، في حين أن أولئك
الذين كان نموهم بطيئًا سوف يستمرون في النمو في نحو بطيء, وتبين منحنيات الطول أن
الأطفال الذين كانوا يتصفون بطول القامة في فترة عمرية معينة يتصفون بالطول، كذلك
في فترات أخرى بينا يظل قصيرو القامة على معدل طولهم في المراحل المختلفة
"بالدوين 1922". وتكشف مقاييس الطول والوزن، التي تؤخذ على فترات كل نصف
عام لدى الأولاد والفتيات حتى سن الثالثة عشر من العمر والذين صنفوا إلى مجموعات
وفقًا للوزن عند الميلاد، أن اتجاه الفروق في معدل النمو الذي لوحظ عند الميلاد
يميل إلى أن يظل ثابتا خلال مرحلة الطفولة "إيلينجورث وآخرين 1949", وفي
مرحلة ما قبل البلوغ، تميل الفتيات اللائي ينمون بمعدل كبير في عام من الأعوام،
ينمون على هذا النمو خلال كل فترة، بينما تظل الفتيات اللائي ينمون بمعدل بطيء
ينمون نموا بطيئًا خلال الفترة كلها "موهسام 1947".
وينطبق هذا المبدأ على الأنماط السلوكية، فلقد وجد أن الحركات الفردية سواء
كانت ذات نمط بسيط أو معقد، تظل ثابتة بشكل واضح خلال فترة من الزمن "آمس
1940" وتكشف منحنيات النمو العقلي لدى الأطفال الأذكياء والمتوسطين والأغنياء
ميلا إلى الثبات الذي يوجد في منحنيات النمو الجسمي، فالمنو العقلي "السريع
يستمر على سرعته إلى حد كبير "جيزل 1928"، وتكشف دراسات "تيرمان
1926-1947" على العباقرة أنهم يبدون ميلا إلى التبكر في النمو خلال مرحلة
الطفولة.
وتتضمن الفروق الفردية في تفتح النمو أمورًا كثيرة، وعلى المدارس تقع مهمة
التلاؤم معها، وترجع أهمية هذه الفروق إلى عدة أسباب، منها مثلا أن الأطفال تنزعون
بدرجة ما إلى التجمع وفقًا لعمر نموهم، فالأكثر نضجًا منهم يميلون إلى التجمع
معًا، وكذلك يغلب أن يفعل الأقل نضجًا ذلك والطفل بطيء النمو ينزع إلى أن يغدو
مشكلا فهو يحدث من الشغب أكثر مما يفعل غيره, ويحتاج إلى مزيد من العناية، كما أنه
يكون مصدر متاعب كثيرة لأبويه ومدرسيه وغيره من الأطفال، أما الطفل سريع النمو
فيغلب أن يصل إلى مركز الزعامة في الجماعة بسهولة أكبر من الطفل بطيء النمو.
وينطوي هذه الحقائق على مغزى تربوي هام، فينبغي أن تعمل المدارس على تزويد
كل صف دراسي بالفرص التي تغطي مدى واسعًا من الخبرات, وبهذا يتاح للطفل الذي يبلغ
من العمر الزمني عشر سنوات، ولكن عمره العقلي لا يتجاوز ثماني سنوات أن يجد من
الأعمال ما يناسب عمر نموه، فيستطيع أن يحصل على الإشباع الناجم عن أداء هذه
الأعمال أداء كاملا.
6- اختلاف معدل النمو:
لا تنمو كل أجزاء الجسم بمعدل واحد، كما أن كل جوانب النمو العقلي لا تتقدم
بدرجة متساوية, فعند الميلاد تختلف الأجزاء المتنوعة للجسم في علاقتها ببعضها
البعض، ويتم نمو الأوجه المختلفة للنمو العقلي والجسمي وفقًا لمعدلاتها الخاصة
وتصل إلى النضوج في أوقات مختلفة وفي بعض أجزاء الجسم قد يكون النمو سريعًا بينما
يكون بطيئًا أو متقطعًا في أجزاء أخرى من الجسم "ويشيك 1950"، ومن ثم
يتغير نمط الجسم النسبي لأعضاء الجسم من وقت لآخر "انظر الشكل رقم 2".
ويصل الدماغ إلى حجمه الناضج في حوالي سن ست إلى ثمان سنوات. ولكي يتحقق له
الكثير من النمو من ناحية التنظيم بعد هذه الفترة العمرية، وتصل القدمان واليدان
والأنف إلى أقصى نموها في بداية مرحلة المراهقة، وهذا يعتبر مسئولا إلى حد ما عن
عدم الاتزان وعن الوعي بالذت المميز لهذه السنوات من العمر, ويتم نمو القلب والكبد
والجهاز الهضمي خلال مرحلة المراهقة وتحدث الزيادة في الوزن بمعدل
التغيرات في نسب الرأس والجذع والأطراف في أربع نقاط للنمو، ويتضح من الشكل
مقارنة لنسب النمو الجسمي في الأجزاء المختلفة في أربعة أعمار، لاحظ أن طول الرأس
يصل إلى حوالي 50% من طول الجسم كله عند الجنين الذي يبلغ من العمر شهرين، ثم يصبح
طولها 25% من طول الجسم عند الوليد، وهكذا نجد أن نسب أجزاء الجسم بعضها للبعض
الآخر تتغير خلال عملية النمو.
سريع في السنة الأولى من الطفولة المبكرة، ثم أخرى حول مرحلة البلوغ.
وتكشف مقاييس نمو القدرات العقلية المختلفة أنها تنمو وفقًا لمعدلات مختلفة
ويتحقق لها النضوج في فترات عمرية مختلفة "وكسلر 1950"، وينمو التخيل
المبدع بسرعة في مرحلة الطفولة، ويبدو أنه يصل إلى قمته خلال مرحلة الشباب، ومن
ناحية أخرى، يرتقي التفكير والتعقل بمعدل بطيء نسبيًا للنمو، الذاكرة الآلية
والذاكرة المرتبطة بالموضوعات والحقائق الحسية بطريقة أسرع من التذكر القائم على
المادة النظرية المجردة.
ويصل نمو الذكاء العام بالنسبة للفرد المتوسط إلى أقصاه في حوالي سن
الرابعة عشر من العمر.
ويبدو أن هناك ثمة توافقًا بين الإسراع والتأخر في نمو الطول والوزن
والذكاء ونضج العمليات الانفعالية أو النضج الجنسي، وعدم انتظار معدلات نمو
الجوانب المختلفة للتركيب والوظيفة والتوافق الاجتماعي والذكاء يحمل تطبيقات نفسية
جسمية متعددة, فالطفل النابه مثلا قد يفوق أقرانه في ميوله ومناشطه، ولكن لا يلقي
تقبلا من الناحية الاجتماعية من جماعة الأطفال الأكبر سنًا, وهذا قد يؤثر بدوره في
توافقه الاجتماعي، في إحساسه بالأهلية الشخصية، وفي الحالة الدافعية "سونتاج
1946".
ويستخدم مصطلح "نمط تطور النمو" في هذه الحالة للإشارة إلى
العلاقة بين شتى الخصائص المقاسة الدى الفرد، فطفل العاشرة الذي يكون متقدمًا من
حيث العمر العقلي والعمر التحصيلي، ولكنه متخلف إلى حد ما من حيث عمر الطول وعمر
الوزن والعمر الرسغي وعمر التسنين، مثل هذا الطفل يختلف من حيث النمط عن طفل متقدم
في أعماره الجسمية ويختلف نسبيًا في عمره التحصيلي، كذلك قد نقول عن نمط النمو عند
أحد الأطفال في القراءة بأنه قد بلغ هضبة فيما بين السادسة والتاسعة أعقبتها زيادة
سريعة فيما بين التاسعة والثانية عشر.
وهكذا يشير معدل النمو إلى مقدار الزيادة في التركيب أو الوظيفة في وحدات الزمن, ويختلف معدل
النمو بشكل ملحوظ من طفل لآخر.
وليست لدينا من البينة الثابتة ما يعين أي متخصص على أن يغير من معدل النمو
في حدود ضيقة, كما أنه ليس لدينا من الوسائل السحرية ما يمكننا من محو الفردية
الناجمة عن اختلاف معدلات النمو، وكل المأمول هو أن ينمو الجميع من حيث شتى أبعاد
التطور.
7- النمو عملية متكاملة:
ما يشيع من افتراض بأن التعويض قاعدة عامة في نمو الطفل لم ينشأ من
الدراسات التجريبية, فليس من الصحيح أن الطفل الذي يكون فوق المتوسط في سمة من
السمات يكون أقل من غيرها، والعكس، كوسيلة لتوازن قدراته، يقرر "جيزل
1954" أن نواتج النمو يمكن تصويرها بمصنع تتضح فيه الخطوط والتصميمات.
فالطفل الذي نموه العقلي فوق المتوسط يكون عادة فوق المتوسط في الحجم
والنضج الاجتماعي، والاستعدادات الخاصة، ومن ناحية أخرى، الطفل الذي يكون نموه
العقلي أقل من المتوسط لا يعوض هذا بنمو جسمي أو بصحة أفضل، أو بنمو أكبر
لاستعدادات خاصة، أو بمزيد من النضج الاجتماعي, ويميل الأطفال ضعاف العقول إلى أن
يكونوا أقصر قامة من الأطفال الأسوياء، كما يميل المعتوهين والبلهاء إلى أن يكونوا
أقصر فئات الضعف العقلي, وقد وجدت أنه يوجد ارتباط بين الذكاء العالي والنضج
الجنسي المبكر، وارتباط بين انخفاض الذكاء وتأخر النضج الجنسي.
ويعني ذلك أن معظم السمات تترابط في النمو، والنمو على هذا لا يحدث بشكل
آلي بسيط، وإنما على أساس التكامل بين جوانب النمو المختلفة، الجسمية، والعقلية،
المعرفية، الانفعالية، العاطفية، الاجتماعية، وما بين هذه الجوانب من ارتباطات
وتأثيرات متبادلة.
8- النمو يمكن التنبؤ به:
إذا كان معدل النمو ثابت إلى حد كبير بالنسبة لكل طفل، يتبع ذلك أنه من
الممكن أن نتنبأ في فترة مبكرة بالمدى الذي يحتمل أن يحدث فيه النمو الناضج للطفل،
فمثلا تبين أشعة إكس لعظم الرسغ حجمها الأقصى الذي ستكون عليه "بايليي
1946".
ومعرفة ما سيكون عليه أقصى مستوى للنمو العقلي، يعتبر ذا قيمة بالغة في
تخطيط تعليمه وفي مساعدته على التدريب على نمط العمل الذي يحقق فيه أقصى مستوى من
الكفاية والنجاح والإنجازية, ففي إعادة الاختبار على الأطفال خلال السنتين
الأوليين من الحياة مثلا وجد أن 80% من الحالات تتفق فيها معدلات النمو في المراحل
الأولى من إجراء اختبار مستويات النمو العقلي مع التقدير النهائي الذي كشفت عنه
إعادة الاختبار في نهاية العامين من العمر "جيزل 1928"، ومن بين أولئك
الأطفال الذين كشفت عنهم اختبارات الذكاء على أنهم ينتمون إلى فئة ضعاف العقول، لم
يكن هناك إلا طفلا واحدًا لم يبد نفس المستوى من النمو العقلي في نهاية العامين من
العمر "جيزل 1930".
وعندما تتبع نفس هذه المجموعة من الأطفال حتى سن العشرين من العمر، يقرر
"جيزل 1954" أن مسار النمو لم يبد في حالة خروجًا عن القاعدة. ولم يشذ
عن هذه القاعدة إلا حالة واحدة, ففي الظروف غير المواتية فحسب يصبح النمو الأقصى
للفرد أقل تنبؤا، وتشير "جود أنف 1954" أنه حينما تحدث تغيرات كبيرة في
تقديرات نسبة الذكاء في أعمار متأخرة، فإن هذا يوجد عادة في حالة أولئك الأطفال
الذين تبين تقديراتهم الأولى انحرافات كبيرة بصفة عامة عما يمكن توقعه على أساس
ذكاء الأسلاف. وقد بينت دراسات "تيرمان 1926" على السمات العقلية
المبكرة للعباقرة الذين عاشوا في الفترة ما بين عام 1945 إلى 1950، كما تتضح في
تقارير إنجازاتهم أنهم كانوا مبرزين يبزون غيرهم، كأطفال.
ومن المبادئ الأساسية في فهم حقيقة الطفل أن النمو يتأثر بنمط التفتح
بالتدرج فقوى الطفل تزداد عن طريق ما يحققه من نمو بعض الوقت، ومن الخطأ أن نحاول
الهيمنة على توقيت نظام النمو بالتدريب السابق لأوانه، لأننا لو حاولنا ذلك فإننا
لا نحصل من ورائه على أية نتيجة وسوف نلحق بالطفل ضررًا بالغًا بسبب تدخلنا في
حياة كائن حي يتصف بالتعقيد والاتزان والاكتفاء الذاتي. إن تفتح النمط يحدث
بالتدريج ومن ثم ينبغي ألا نتوقع نتائج عاجلة من وراء أي طريقة للرعاية، كما ينبغي
ألا نتوقع ظهور الخبرات المرتبطة بالنمو بانتظام يعادل انتظام دقات الساعة، فإن من
القدرات المدهشة الكامنة في الكائن الحي قدرته على إحداث تعديلات كثيرة في أثناء
العملية الحياتية.
9-
لكل مظهر نمائي سمات مميزة له:
في كل مرحلة عمرية تنمو بعض السمات على نحو أكثر سرعة وأكثر وضوحًا من
السمات الأخرى.
ووفقًا لما يذهب إليه "فيلدمان 1941"، أن حياة الإنسان تتقدم
وفقًا لمراحل معينة، وليست الفترات العمرية للإنسان الفرد أقل واقعية ودلالة من
الأعمار الجيولوجية للأرض والمراحل التطورية للحياة, وتتميز كل مرحلة ببعض المعالم
المسيطرة، بخاصية رئيسية، توفر للمرحلة ترابطها وتكاملها ووحداتها وتفردها, فحتى
سن العامين من عمر الطفل مثلا، يتوجه اهتمام الطفل لتكشف بيئته، يأخذ في التحكم في
جسمه، وفي تعلم الكلام، ومن سنة 3-6 سنوات يتجه النمو إلى مزيد من النضوج
الاجتماعي "بورولسكي 1953".
وتكشف الدراسات التي أجريت على جماعات الأطفال التي اختبرت في فترات مختلفة
خلال سنوات النمو أن كل طفل لا يبدو فحسب أنه يتمتع بفردية مميزة محددة تكوينيًا
تعبر أولا عن نفسها وتستمر في الظهور على نحو متسق خلال سنوات ما قبل المدرسة -أو
بعد ذلك- ولكن أيضًا إن لكل مستوى عمري نمطًا مميزًا بذاته، يكون متسقًا من طفل
لآخر، ولذا يتلون سلوك أي طفل في أي مرحلة عمرية جزئيا بفرديته الأساسية الخاصة
وجزئيا بنمط مستواه العمري، ولا يتألف النمط كثيرًا مما يمكن أن يحققه الطفل.
وإنما يتألف من الطريقة التي يسلك بها "الج وآخرون 1949".
وأكثر من ذلك، هناك مظاهر في نمط النمو، تتميز "بالتوازن وأخرى تتميز
"بعدم التوازن"، بالنسبة للمظاهر النمائية التي تميل إلى الاتزان يحقق
الطفل توافقات طيبة تيسر له الاستقرار النفسي، أما بالنسبة للمظاهر النمائية
الأخرى، على العكس من ذلك، تعيق توافقاته بظروف داخلية, أن يحقق مستويات طيبة من
التوافق النفسي، حيث يعاني من التواترات والعجز وقلة الحيلة والشعور بعدم الأمان
وغير ذلك من المشكلات السلوكية، وتتغير فترات التوازن وعدم التوازن، حسبما يقرر
"جيزل 1941"، وفقًا لمبدأ النماذج أو التناسج الحركي العصبي المتناوب Reciprocal neuromotor, interweaving وفي فترة عدم التوزن، قد يبدو سلوك الطفل "سلوكًا مشكلا", وهذه الصعوبات السلوكية ليست
انحرافات فردية, ولكنها مظاهر مميزة لهذا المستوى العمري وبالتالي يمكن التنبؤ
بها.
وتكشف الدراسات التطورية عن إمكانية التنبؤ بالفترات العمرية التي تتميز
بعدم التوازن، ففي السنوات المبكرة من حياة الطفل، مثلا، يوجد فترات عدم توازن
تحدث في سن الـ15 شهر، 21 شهر، العامين والنصف، الثلاث أعوام ونصف، وبين 10-12 سنة
قبيل التغيرات المتعلقة بالبلوغ "فورفي 1962، بيولر 1927-1935، جيزل 1939،
جيزل والج 1950" وبين هذه الفترات من عدم التوازن توجد فترات للتوازن حينما
يبدي سلوك الطفل دلائل لتوافق أفضل، إلا أن هناك -طبعًا- فروقًا في الأعمار
الحقيقية التي تظهر هذه الفترات المرتبطة بالتوازن وعدم التوازن.
10- الكثير من الأشكال المعروفة "بالسلوك
المشكل" تعتبر سلوكًا سويًا بالنسبة للمرحلة التي يحدث فيها:
لكل مرحلة من مراحل النمو أشكال غير مرغوبة للسلوك تعبر عن خصائص عادية
"سوية" في هذه المرحلة، وتأخذ في التطور كلما ينتقل الطفل إلى المراحل
التالية للنمو، وتكشف الدراسات المتعلقة بالسلوك المميز للأطفال في سن الثلاثة
أعوام ونصف من العمر عن الأشكال التالية للسلوك التي تميز حالة عدم الاتزان، وعدم
التناسق الجسمي، والخوف من الوقوع أو من الأماكن المرتفعة، التواترات المتعددة،
مثل ترميش العين أو قضم الأظافر أو اللجلجة في الكلام, الصعوبات البصرية، عدم
الأمان الانفعالي، مشكلات تتعلق بالعلاقات بين الطفل والكبار مثل الرغبة في
استحواز انتباه الكبار والخجل، والشعور بالإيذاء بسهولة، التناقضات الانفعالية،
والتعبيرات الواضحة عن العطف والانفعال, ففي هذه الفترة العمرية هناك طفرة في
النمو، وخاصة لدى الأولاد, ثم يأخذ السلوك في الميل إلى التنظيم والاستقرار الذي
يميز بداية فترة التوازن "الج وآخرين 1949".
وعلى العكس من ذلك النمط المشكل من السلوك، تكون الأنماط السلوكية للطفل في
الخامسة من العمر, ففي هذه المرحلة العمرية, يكون الطفل متعاونًا، صدوقًا, رقيقًا,
عطوفًا، ودودًا, ويعقب هذه الفترة من الاتزان فترة من عدم التوازن التي هي
"فترة اختبار" يكون الطفل فيها صعبًا عدوانيا مندفعًا لحوحًا، ميالا إلى
المناقشة والجدل، متهورًا، وفظا "جيزل والج 1946"، وبعد دخول الطفل المدرسة يأخذ سلوك الطفل في
التحسن بصفة عامة "ستندلر وينج 1950", ويظل على حالة التوازن حتى حدوث
التغيرات الجسمية المصاحبة لفترة البلوغ, "فيرفي 1926، ويكمان 1929، هورلوك
وماكدونالد 1934، هورلوك وسندر 1930، ستون وباركر 1937، لونج 1941، ستولز وستولز
1951, ستاوفر 1952".
ويعتبر فهم السلوك السوي للأطفال في مراحل عمرية مختلفة مسئولا عن الكثير
من الاحتكاك بين الوالدين والطفل, بل وغالبًا ما يتضايق المعلمون من السلوك الذي
يكون في الحقيقة سلوكا سويًا تماما بالنسبة لمستوى نمو الطفل, ففي إحدى الدراسات,
على سبيل المثال، تبين أن لكثير من أشكال سلوك تلاميذهم التي يعتبرونها سلوكًا
يبعث على الانزعاج والقلق ليست إلا سلوكا سويًا بالنسبة للطفل, فما قد يبدو من
الطفل من دلائل عدم الاهتمام بعمله وبمظهره والعدوانية اللفظية يعبر عن مظاهر
سلوكية عادية مميزة للأطفال في هذا السن، وما يبديه الطفل من عدم مبالاة بعمله
المدرسي, وما يبديه من أحلام اليقظة بدلا من العمل يوضح أن الطفل يعتبر دروسه كما
لو أنها ذات قيمة عملية ضئيلة بالنسبة له، وبالتالي تكون لديه دافعية أقل للدراسة
والاستذكار, وهكذا يمكن أن نصل إلى نتيجة بأن المعلمين محتاجون إلى فهم وتقبل
وتحمل الأنماط السلوكية السوية للأطفال، وأنهم ينبغي أن يتقبلوا الأطفال في ضوء
المعايير الاجتماعية والسلوكية للطفولة، وألا يحاولوا طبع الأطفال وفقًا للصور
التي قد يتبناها المعلم بشأن السلوك والتحلي السليم "كابلان 1952".
ولكن ينبغي أن نقرر أن أشكالا معينة من السلوك المشكل لا ينبغي إغفالها على
أساس أنها سوف تختفي من حياة الطفل بنموه وانتقاله إلى مراحل أخرى أكثر نضوجًا,
فالسلوك الذي لا يميز مرحلة عمرية معينة يعتبر مؤشرًا خطيرًا لاضطربات في
المستقبل، فالفترة من الميلاد حتى سن الثامنة عشر من عمر الطفل تمثل سنوات من
الاختبار والاكتشاف. والطفل الذي يبدي اضطرابًا يحتمل أن ينمو معه في مرحلة الرشد
بعض مظاهر اضطرابات الشخصية إلا إذا اكتشفت وعولجت المظاهر الدالة على هذا
الاضطراب في مراحل مبكرة وقبل أن تتجسم وتتمكن من بنيته الشخصية ككل "توب
1950".
11-
النمو يستمر طوال الحياة:
إن التغيرات التي تضبط بواسطة العملية النمائية تكون خاضعة لنظام معين،
وتميل إلى أن تحدث في توالي غير متباين، وهذا يعني أن جسم الشخص وأنماط سلوكه
تستمر في التغير في اتجاهات يمكن التنبؤ بها مادام الشخص يبقى على قيد الحياة، فكل
طفل يتوقف منه أن يجلس قبل أن يقف، وأن يقف قبل أن يمشي، كما يتوقع من جميع
المسنين أن يفقدوا تدريجيًا قدراتهم التي يتملكونها, وهذه الحقيقة التي أدت "بهافجهرست"
وعلماء نفس آخرين أن يخطوا المطالب النمائية المتوقعة لجميع فترات العمر, ولقد أدى
ذلك بأحد الباحثين إلى أن يصف الموت كما لو أنه المرحلة الأخيرة من النمو.Ross. K؛
"1975".
وحيث أن النمو عملية مستمرة، فإن ما يحدث في فترة معينة يؤثر في جميع
المراحل التالية، فالأفراد يتغيرون نتيجة اتحاد النضج والخبرة، ولقد أشار علماء
التحليل النفسي أن الطفل الذي يتلقى عناية وعطف أموي ضعيف في السنة الأولى من
حياته يتوقع وجود مشكلات اجتماعية وتوافقية في المراحل المتقدمة من نموه, وعلى ذلك
فإننا نجد كثيرا من علماء النفس الآن يهتمون بدراسة نمو الطفل للتفهم الأحسن لسلوك
الراشد.
الكتاب: علم
نفس النمو من الجنين إلى الشيخوخة
المؤلف:
عادل عز الدين الأشول
والطبعة: - و عدد الأجزاء: 1
الناشر:
مكتبة الأنجلو المصرية
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
Chapter Two: Determinants of Human BehaviorPrinciples of Growth:
Growth
is not an arbitrary process, but a process of organizing and integrating human
life. It is therefore subject to basic general principles that all human beings
share in their conduct from the beginning to the end of life. These principles
are subject to natural factors in the human race, so the environment or care
cannot But do have a minor effect in some aspects.
Some
developmental psychologists have studied children in order to describe and
interpret the principles by which they grow, and their aim was not only to help
explain the behavior of the human being at a chronological age but also the
ability
To
make predictions of how a group of individuals behave at any given stage of
their development, the principles we will outline will govern all aspects of
growth, whether physical, behavioral, motor, cognitive, social or emotional.
These principles can be summarized as follows:
1.
Growth goes according to a certain pattern:
An
organism, an animal or a human being, follows a model or pattern of growth that
distinguishes the animal or human species and the rate and limits of growth of
all members of the species are similar. In the case of the human organism,
growth does not occur spontaneously unorganizedly, but occurs systematically or
typically. From the stages of growth the product of the previous stage and the
introduction to the next stage, and this is true of the growth of the child
before birth and birth, that growth, which is based on the evolutionary
sequence of the emergence of certain characteristics in each age, for example,
the child can stand before walking, and be able to Draw the circle before he
can draw the square.
Based
on the clustered environment of evolutionary studies of groups of children over
many years, Gisele 1941 argues that behavioral growth follows a relatively
modestly structured model of experience, and further decides that although no
two individuals are exactly the same, all normal children tend to If each child
has a unique model of growth, but this pattern is linked to the basic
structural plan, the qualitative sequence is part of a fixed system of nature
(Gisele 1949).
Caphalocaudal
Sequence
Growth
before and after birth, according to the pattern of the vertical caudal
sequence, which means that the control of the body, as well as the improvement
in the structure itself, grows first in the brain and then advances later to
the farthest areas of the head. Before they appear in the lower parts
"Sherman 1925".
This
vertical sequence is also evident in motor functions. When the child is placed
in an inclined position, he can raise his head by his neck before he can do so
by lifting his chest before he can sit and the child can control the muscles of
the trunk, before he controls the muscles of the arms and legs. He controls the
muscles of his arms and legs before he can adjust the muscles of the feet and
hands.The child at the age of twenty weeks, for example, has the ability to
control the muscles of his eyes, head and shoulders, but the trunk is still so
soft that it should be supported on the chair in order to be able to maintain a
sitting position. At this age, the Pelvic Zone and the extremities are immature
(Gisele 1954).
In
this caudal vertical sequence, growth not only extends from head to toe in the
longitudinal axis, but also progresses from the central to the peripheral
segments of the body.In the early developmental stages, the arms and legs tend
to respond as a whole, and control appears gradually in the attached joints
Elboe Joints and carpal joints Erist Joints and later in the knee and heel
joint.
In
a study of children eating and capturing, it was found that elbows and fingers
contribute to increasingly effective movements from the 16th to the 40th week
of Halveuson 1933. The legs and feet are not controlled for standing and
walking before 60 weeks of age. 1954 ".
Proximo
distal fashion is a way that grows from the periphery of the central nervous
system to the extremities of the body.This is why the arm muscles grow before
the muscles of the fingers.Children learn to control arm movements before they
control the fingers well. They do not develop enough control of their
fingertips to make fine movements in writing to about the age of six (see
Figure 1).
The
general pattern of growth does not change rapidly. All children undergo the
same major forms, almost at one time. The 1930 Gisel study shows premature
babies born before maturity and premature babies. While the growth model in
children born before maturity is incompatible with the growth pattern in
children who have matured during the first three to five months of birth, they
agree with the average individual model of the same age. "Melker
1937".
One
of the principles of multiple growth research is that if we artificially
analyze a child's life as an experimental factor that would change his or her
growth, the child resumes the normal rate of growth once the factor is removed.
The
principle of substitution resistance can be formulated as follows, when an
organism is growing at a regular rate it tends to resist any substitution of
factors that lead to further excitement and deprivation, and to re-grow at the
original rate once these intrinsic agents are gone.
A
few examples are sufficient to demonstrate this principle. Premature babies
have a smaller head circumference than a full-fledged head circumference, even
if we add to that periphery the maturity period.
0 Response to "Principles of Growth Determinants of Human Behavior مبادئ النمو"
Post a Comment