التَّعْلِيم الْخَامِس فصل وَاحِد وَخمْس جمل مَاهِيَّة الْعُضْو وأقسامه فَنَقُول الْأَعْضَاء أجسام مُتَوَلّدَة من أول مزاج الأخلاط المحمودة كَمَا أَن الأخلاط أجسام مُتَوَلّدَة من أول مزاج الْأَركان. والأعضاء: مِنْهَا مَا هِيَ مُفْردَة وَمِنْهَا مَا هِيَ مركبة
Thursday, January 10, 2019
Add Comment
التَّعْلِيم الْخَامِس فصل وَاحِد وَخمْس جمل مَاهِيَّة الْعُضْو وأقسامه فَنَقُول الْأَعْضَاء أجسام مُتَوَلّدَة من أول مزاج الأخلاط المحمودة كَمَا أَن الأخلاط أجسام مُتَوَلّدَة من أول مزاج الْأَركان. والأعضاء: مِنْهَا مَا هِيَ مُفْردَة وَمِنْهَا مَا هِيَ مركبة. والمفردة هِيَ الَّتِي أَي جُزْء محسوس أخذت مِنْهَا كَانَ مشاركاً للْكُلّ فِي الِاسْم وَالْحَد مثل اللَّحْم وأجزائه والعظم وأجزائه والعصب وأجزائه وَمَا أشبه ذَلِك تسمى متشابهة الْأَجْزَاء. والمركبة: هِيَ الَّتِي إِذا أخذت مِنْهَا جُزْءا أَي جُزْء كَانَ لم يكن مشاركاً للْكُلّ لَا فِي الِاسْم وَلَا فِي الْحَد مثل الْيَد وَالْوَجْه فَإِن جُزْء الْوَجْه لَيْسَ بِوَجْه وجزء الْيَد لَيْسَ بيد وَتسَمى أَعْضَاء آلية لِأَنَّهَا هِيَ آلَات النَّفس فِي تَمام الحركات وَالْأَفْعَال.
وَأول الْأَعْضَاء المتشابهة الْأَجْزَاء الْعظم: وَقد خلق صلباً لِأَنَّهُ أساس الْبدن ودعامة الحركات. ثمَّ الغضروف: وَهُوَ أَلين من الْعظم فينعطف وأصلب من سَائِر الْأَعْضَاء وَالْمَنْفَعَة فِي خلقه أَن يحسن بِهِ اتِّصَال الْعِظَام بالأعضاء اللينة فَلَا يكون الصلب واللين قد تركبا بِلَا متوسط فَيَتَأَذَّى اللين بالصلب وخصوصاً عِنْد الضَّرْبَة والضغطة بل يكون التَّرْكِيب مدرجاً مثل مَا فِي الْعظم الكتفي والشراسيف فِي أضلاع الْخلف وَمثل الغضروف الحنجري تَحت القصٌ وَأَيْضًا ليحسن بِهِ تجاور المفاصل المتحاكة فَلَا ترضّ لصلابتها وأيضاَ إِذا كَانَ بعض العضل يَمْتَد إِلَى عُضْو غير ذِي عظم يسْتَند إِلَيْهِ ويقوَى بِهِ مثل عضلات الأجفان كَانَ هُنَاكَ دعاماً وعماداً لأوتارها وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قد تمس الْحَاجة فِي مَوَاضِع كَثِيرَة إِلَى اعْتِمَاد يَتَأَتَّى على شَيْء قوِيٍ لَيْسَ بغاية الصلابة كَمَا فِي الحنجرة.
ثمَّ العصب: وَهِي أجسام دماغية أَو نخاعية المنبت بيض لدنة لينَة فِي الانعطاف صلبة فِي الِانْفِصَال خلقت ليتم بهَا للأعضاء الإحساس وَالْحَرَكَة ثمَّ الأوتار وَهِي أجسام تنْبت من أَطْرَاف العضل شَبيهَة بالعصب فتلاقي الْأَعْضَاء المتحركة فَتَارَة تجذبها بانجذابها لتشنج العضلة واجتماعها ورجوعها إِلَى وَرَائِهَا وَتارَة ترخيها باسترخائها لانبساط العضلة عَائِدَة إِلَى وَضعهَا أَو زَائِدَة فِيهِ على مقدارها فِي طولهَا حَال كَونهَا على وَضعهَا المطبوع لَهَا على مَا نرَاهُ نَحن فِي بعض العضل وَهِي مؤلفة فِي الْأَكْثَر من العصب النَّافِذ فِي العضلة البارزة مِنْهَا فِي الْجِهَة الْأُخْرَى. وَمن الْأَجْسَام الَّتِي يَتْلُو ذكرهَا ذكر الأوتار وَهِي الَّتِي تسميها رباطات: وَهِي أَيْضا عصبانية الْمرَائِي والملمس تَأتي من الْأَعْضَاء إِلَى جِهَة العضل فتتشظّى هِيَ والأوتار ليفاً فَمَا ولي العضلة مِنْهَا احتشى لَحْمًا وَمَا فَارقهَا إِلَى الْمفصل والعضو المحرك اجْتمع إِلَى ذَاته وانفتل وترا لَهَا ثمَّ الرباطات الَّتِي ذكرنَا وَهِي أَيْضا أجسام شَبيهَة بالعصب بَعْضهَا يُسمى رِبَاطًا مُطلقًا وَبَعضهَا يخص باسم الْعقب فَمَا امْتَدَّ إِلَى العضلة لم يسم إِلَّا رِبَاطًا وَمَا لم يَمْتَد إِلَيْهَا وَلَكِن وصل بَين طرفِي عظمي الْمفصل أَو بَين أَعْضَاء أُخْرَى وَأحكم شدّ شَيْء إِلَى شَيْء فَإِنَّهُ مَعَ مَا يسمّى رِبَاط قد يخصّ باسم الْعقب وَلَيْسَ لشَيْء من الروابط حس وَذَلِكَ لِئَلَّا يتَأَذَّى بِكَثْرَة مَا يلْزمه من الْحَرَكَة والحك. وَمَنْفَعَة الرِّبَاط مَعْلُومَة مِمَّا سلف. ث
مَّ الشريانات: وَهِي أجسام نابتة من الْقلب ممتدة مجوفة طولا عصبانية رباطية الْجَوْهَر لَهَا حركات منبسطة ومنقبضة تنفصل بسكنات خلقت لترويح الْقلب ونفض البخار الدخاني عَنهُ ولتوزيع الرّوح على أَعْضَاء الْبدن بِإِذن الله. ثمَّ الأوردة: وَهِي شَبيهَة بالشريانات وَلكنهَا نابتة من الكبد وساكنة ولتوزع الدَّم على أَعْضَاء الْبدن ثمَّ الأغشية وَهِي أجسام منتسجة من لِيف عصباني غير محسوس رقيقَة الثخن مستعرضة تغشى سطوح أجسام أخر وتحتوي عَلَيْهَا لمنافع مِنْهَا لتحفظ جُمْلَتهَا على شكلها وهيئتها وَمِنْهَا لتعلقها من أَعْضَاء أخر وتربطها بهَا بِوَاسِطَة العصب والرَّباط الَّتِي تشظى إِلَى ليفها فانتسجت مِنْهُ كالكلية من الصلب وَمِنْهَا ليَكُون للأعضاء العديمة الْحس فِي جوهرها سطح حساس بِالذَّاتِ لما يلاقيه وحساس لما يحدث فِيهِ الْجِسْم الملفوف فِيهِ بِالْعرضِ وَهَذِه الْأَعْضَاء مثل الرئة والكبد وَالطحَال والكليتين فَإِنَّهَا لَا تحسّ بجواهرها الْبَتَّةَ لَكِن إِنَّمَا تحس الْأُمُور المصادمة لَهَا بِمَا عَلَيْهَا من الأغشية وَإِذا حدث فِيهَا ريح أَو ورم أحس.
أما الرّيح فيحسه الغشاء بِالْعرضِ للتمدد الَّذِي يحدث فِيهِ وَأما الورم فيحسّه مبدأ الغشاء ومتعلقه بِالْعرضِ لأرجحنان الْعُضْو لثقل الورم. ثمَّ اللَّحْم: وَهُوَ حَشْو خلل وضع هَذِه الْأَعْضَاء فِي الْبدن وقوتها الَّتِي تعدم بِهِ وكل عُضْو فَلهُ فِي نَفسه قُوَّة غريزية بهَا يتمّ لَهُ أَمر التغذي وَذَلِكَ هُوَ جذب الْغذَاء وإمساكه وتشبيهه وإلصاقه وَدفع الْفضل ثمَّ بعد ذَلِك تخْتَلف الْأَعْضَاء فبعضها لَهُ إِلَى هَذِه الْقُوَّة قُوَّة تصير مِنْهُ إِلَى غَيره وَبَعضهَا لَيْسَ لَهُ ذَلِك. وَمن وَجه آخر فبعضها لَهُ إِلَى هَذِه الْقُوَّة قُوَّة تصير إِلَيْهِ من غَيره وَبَعضهَا لَيْسَ لَهُ تِلْكَ فَإِذا تركبت حدث عُضْو قَابل معطٍ وعضو معطٍ غير قَابل وعضو قَابل غير معط وعضو لَا قَابل وَلَا معطٍ أما الْعُضْو الْقَابِل الْمُعْطِي فَلم يشك أحد فِي وجوده فَإِن الدِّمَاغ والكبد أَجمعُوا أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا يقبل قُوَّة الْحَيَاة والحرارة الغريزية وَالروح من الْقلب.
وكل وَاحِد مِنْهُمَا أَيْضا مبدأ قُوَّة يُعْطِيهَا غَيره. وَأما الكبد: فمبدأ التغذية عِنْد قوم مُطلقًا وَعند قوم لَا مُطلقًا. وَأما الْعُضْو الْقَابِل الْغَيْر الْمُعْطِي فالشك فِي وجوده أبعد مثل اللَّحْم الْقَابِل قُوَّة الْحس والحياة وَلَيْسَ هُوَ مبدأ لقُوَّة يُعْطِيهَا غَيره بِوَجْه. وَأما القسمان الْآخرَانِ فَاخْتلف فِي أَحدهمَا الْأَطِبَّاء مَعَ الْكثير من الْحُكَمَاء فَقَالَ الْكثير من القدماء: أَن هَذَا الْعُضْو هُوَ الْقلب وَهُوَ الأَصْل لكل قُوَّة وَهُوَ يُعْطي سَائِر الْأَعْضَاء كلّها القوى الَّتِي تغذو وَالَّتِي تدْرك وتحرك. وَأما الْأَطِبَّاء وَقوم من أَوَائِل الفلاسفة فقد فرقوا هَذِه القوى فِي الْأَعْضَاء وَلم يَقُولُوا بعضو معط غير قَابل لقُوَّة وَقَول الْكثير عِنْد التَّحْقِيق والتدقيق أصح وَقَول الْأَطِبَّاء فِي بادىء النّظر أظهر. ثمَّ اخْتلف فِي الْقسم الآخر الْأَطِبَّاء فِيمَا بَينهم والحكماء فِيمَا بَينهم فَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَن الْعِظَام وَاللَّحم الْغَيْر الحساس وَمَا أشبههما إِنَّمَا يبْقى بقوى فِيهَا تخصها لم تأتها من مبادٍ أخر لَكِنَّهَا بِتِلْكَ القوى إِذا وصل إِلَيْهَا غذاؤها كفت أَنْفسهَا فَلَا هِيَ تفِيد شَيْئا اَخر قُوَّة فِيهَا وَلَا أَيْضا يفيدها عُضْو قُوَّة أُخْرَى. وَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَن تِلْكَ القوى لَيْسَ تخضها لَكِنَّهَا فائضة إِلَيْهَا من الكبد أَو الْقلب فِي أول الْكَوْن ثمَّ اسْتَقَرَّتْ فِيهِ والطبيب لَيْسَ عَلَيْهِ أَن يتتبع الْمخْرج إِلَى الْحق من هذَيْن الاختلافين بالبرهان فَلَيْسَ لَهُ إِلَيْهِ سَبِيل من جِهَة مَا هُوَ طَبِيب وَلَا يضرّه فِي شَيْء من مباحثه وأعماله وَلَكِن يجب أَن يعلم ويعتقد فِي الِاخْتِلَاف الأوّل أَنه لَا عَلَيْهِ كَانَ الْقلب مبدأ فِي الْحس وَالْحَرَكَة للدماغ وللقوة المغتذية للكبد أَو لم يكن فَإِن الدِّمَاغ إِمَّا بِنَفسِهِ وَإِمَّا بعد الْقلب مبدأ للأفاعيل النفسانية بِالْقِيَاسِ إِلَى سَائِر الْأَعْضَاء.
والكبد كَذَلِك مبدأ للأفعال الطبيعية المغذية بِالْقِيَاسِ إِلَى سَائِر الْأَعْضَاء. وَيجب أَن يعلم ويعتقد فِي الِاخْتِلَاف الثَّانِي أَنه لَا عَلَيْهِ كَانَ حُصُول الْقُوَّة الغريزية فِي مثل الْعظم عِنْد أوّل الْحُصُول من الكبد أَو يسْتَحقّهُ بمزاجه نَفسه أَو لم يكن وَلَا وَاحِد مِنْهُمَا وَلَكِن الْآن يجب أَن يعْتَقد أَن تِلْكَ الْقُوَّة لَيست فائضة إِلَيْهِ من الكبد بِحَيْثُ لَو انسد السَّبِيل بَينهمَا وَكَانَ عِنْد الْعظم غذَاء مغذِ بَطل فعله كَمَا للحس وَالْحَرَكَة إِذا انسد العصب الجائي من الدِّمَاغ بل تِلْكَ الْقُوَّة صَارَت غريزية للعظم مَا بَقِي على مزاجه فَحِينَئِذٍ ينشرح لَهُ حَال الْقِسْمَة ويفترض لَهُ أَعْضَاء رئيسية وأعضاء خادمة للرئيسة وأعضاء مرؤوسة بِلَا خدمَة وأعضاء غير رئيسة وَلَا مرؤوسة. فالأعضاء الرئيسة هِيَ الْأَعْضَاء الَّتِي هِيَ مبادٍ للقوى الأولى فِي الْبدن الْمُضْطَر إِلَيْهَا فِي بَقَاء الشَّخْص أَو النَّوْع.
أما بِحَسب بَقَاء الشَّخْص فالرئيسة ثَلَاث الْقلب وَهُوَ مبدأ قُوَّة الْحَيَاة والدماغ وَهُوَ مبدأ قُوَّة الحسّ وَالْحَرَكَة والكبد هُوَ مبدأ قُوَّة التغذية. وَأما بِحَسب بَقَاء النَّوْع فالرئيسة هَذِه الثَّلَاثَة أيضاَ ورابع يخصّ النَّوْع وَهُوَ الانثيان اللَّذَان يضْطَر إِلَيْهِمَا لأمر وَينْتَفع بهما لأمر أَيْضا. أما الِاضْطِرَار فلأجل توليد الْمَنِيّ الْحَافِظ للنسل وَأما الِانْتِفَاع فلأجل إِفَادَة تَمام الْهَيْئَة والمزاج الذكوري والأنوثي اللَّذين هما من الْعَوَارِض اللَّازِمَة لأنواع الْحَيَوَان لَا من الْأَشْيَاء الدَّاخِلَة فِي نفس الحيوانية. وَأما الْأَعْضَاء الخادمة فبعضها تخْدم خدمَة مهيئة وَبَعضهَا تخْدم خدمَة مؤدّية والخدمة المهيئة تسمى مَنْفَعَة والخدمة المؤدية تسمّى خدمَة على الاطلاق والخدمة المهيئة تتقدم فعل الرئيس والخدمة المؤدية تتأخّر عَن فعل الرئيس. أما الْقلب فخادمه المهيء هُوَ مثل الرئة والمؤدي مثل الشرايين. وَأما الدِّمَاغ فخادمه المهيئ هُوَ مثل الكبد وَسَائِر أَعْضَاء الْغذَاء وَحفظ الرّوح والمؤدي هُوَ مثل العصب. وَأما الكبد فخادمه المهيئ هُوَ مثل الْمعدة والمؤدي هُوَ مثل الأوردة. وَأما الانتيان فخادمهما المهيء مثل الْأَعْضَاء المولّدة للمني قبلهَا وَأما الْمُؤَدِّي فَفِي الرِّجَال الإحليل وعروق بَينهمَا وَبَينه وَكَذَلِكَ فِي النِّسَاء عروق ينْدَفع فِيهَا الْمَنِيّ إِلَى المحبل وللنساء زِيَادَة الرَّحِم تتمّ فِيهِ مَنْفَعَة الْمَنِيّ.
وَقَالَ جالينوس: إِن من الْأَعْضَاء مَا لَهُ فعل فَقَط وَمِنْهَا مَا لَهُ مَنْفَعَة فَقَط وَمِنْهَا مَا لَهُ فعل وَمَنْفَعَة مَعًا. الأول كالقلب وَالثَّانِي كالرئة وَالثَّالِث كالكبد. وَأَقُول: أَنه يجب أَن نعني بِالْفِعْلِ مَا يتم بالشَّيْء وَحده من الْأَفْعَال الدَّاخِلَة فِي حَيَاة الشَّخْص أَو بَقَاء النَّوْع مثل مَا للقلب فِي توليد الرّوح وَأَن نعني بِالْمَنْفَعَةِ مَا هِيَ لقبُول فعل عُضْو آخر حِينَئِذٍ يصير الْفِعْل تَاما فِي إِفَادَة حَيَاة الشَّخْص أَو بَقَاء النَّوْع كإعداد الرئة للهواء وَأما الكبد فَإِنَّهُ يهضم أَولا هضمه الثَّانِي ويعد للهضم الثَّالِث وَالرَّابِع فِيمَا يهضم الهضم الأول تَاما حَتَّى يصلح ذَلِك الدَّم لتغذيته نَفسه وَيكون قد فعل فعلا وَرُبمَا قد يفعل فعلا عينا لفعل منتظر يكون قد نفع. ونقول أَيْضا من رَأس: أَن من الْأَعْضَاء مَا يتكوّن عَن الْمَنِيّ وَهِي المتشابهة جُزْءا خلا اللَّحْم والشحم وَمِنْهَا مَا يتكون عَن الدَّم كالشحم وَاللَّحم فَإِن مَا خلاهما يتكوّن عَن المنيين مني الذّكر ومني الْأُنْثَى إِلَّا أَنَّهَا على قَول من تحقق من الْحُكَمَاء يتكون عَن مني الذّكر كَمَا يتكون الْجُبْن عَن الأنفحة ويتكوّن عَن مني الْأُنْثَى مَا يتكوّن الْجُبْن من اللَّبن وكما أَن مبدأ العقد فِي الأنفحة كَذَلِك مبدأ عقد الصُّورَة فِي مني الذّكر وكما أَن مبدأ الِانْعِقَاد فِي اللَّبن فَكَذَلِك مبدأ انْعِقَاد الصُّورَة أَعنِي الْقُوَّة المنفعلة هُوَ فِي مني الْمَرْأَة وكما أَن كل وَاحِد من الأنفحة وَاللَّبن جُزْء من جَوْهَر الْجُبْن الْحَادِث عَنْهَا كَذَلِك كل وَاحِد من المنيين جُزْء من جَوْهَر الْجَنِين.
وَهَذَا القَوْل يُخَالف قَلِيلا بل كثيرا قَول جالينوس فَإِنَّهُ يرى فِي كل وَاحِد من المنيين قُوَّة عاقدة وقابلة للْعقد وَمَعَ ذَلِك فَلَا يمْتَنع أَن يَقُول: إِن العاقدة فِي الذكوري أقوى والمنعقدة فِي الأنوثي أقوى وَأما تَحْقِيق القَوْل فِي هَذَا فَفِي كتبنَا فِي الْعُلُوم الْأَصْلِيَّة. ثمَّ إِن الدَّم الَّذِي كَانَ ينْفَصل عَن الْمَرْأَة فِي الْأَقْرَاء يصير غذَاء فَمِنْهُ مَا يَسْتَحِيل إِلَى مشابهة جَوْهَر الْمَنِيّ والأعضاء الكائنة مِنْهُ فَيكون غذَاء منمياً لَهُ وَمِنْه مَا لَا يصير غذَاء لذَلِك وَلَكِن يصلح لِأَن ينْعَقد فِي حشوه ويملأ الْأَمْكِنَة من الْأَعْضَاء الأولى فَيكون لَحْمًا وشحماً وَمِنْه فضل لَا يصلح لأحد الْأَمريْنِ فَيبقى إِلَى وَقت النّفاس فتدفعه الطبيعة فضلا.
وَإِذا ولد الْجَنِين فَإِن الدَّم الَّذِي يولده كبده يسد مسد ذَلِك الدَّم ويتولد عَنهُ مَا كَانَ يتَوَلَّد عَن ذَلِك الدَّم وَاللَّحم يتولّد عَن متين الدَّم ويعقده الْحر واليبس. وَأما الشَّحْم فَمن مائيته ودسمه ويعقده الْبرد وَلذَلِك يحله الْحر وَمَا كَانَ من الْأَعْضَاء مُتَخَلِّفًا من المنيين فَإِنَّهُ إِذا انْفَصل لم ينجبر بالاتصال الْحَقِيقِيّ إِلَّا بعضه فِي قَلِيل من الْأَحْوَال وَفِي سنّ الصِّبَا مثل الْعِظَام وَشعب صَغِيرَة من الأرودة دون الْكَبِيرَة وَدون الشرايين وَإِذا انْتقصَ مِنْهُ جُزْء لم ينْبت عوضه شَيْء وَذَلِكَ كالعظم والعصب وَمَا كَانَ متخلّقاً من الدَّم فَإِنَّهُ ينْبت بعد انثلامه ويتصل بِمثلِهِ كَاللَّحْمِ وَمَا كَانَ متولداً عَن دم فِيهِ قُوَّة الْمَنِيّ بعد فَمَا دَامَ الْعَهْد بالمني قَرِيبا فَذَلِك الْعُضْو إِذا فَاتَ أمكن أَن ينْبت مرّة أُخْرَى مثل السنّ فِي سنّ الصِّبَا وَأما إِذا استولى على الدَّم مزاج آخر فَإِنَّهُ لَا ينْبت مرّة أُخْرَى. ونقول أَيْضا: إِن الْأَعْضَاء الحساسة المتحرّكة قد تكون تَارَة مبدأ الْحس وَالْحَرَكَة لَهما جَمِيعًا عصبَة وَاحِدَة وَقد يفْتَرق تَارَة ذَلِك فَيكون مبداً لكل قُوَّة عصبَة. ونقول أَيْضا: ان جَمِيع الأحشاء الملفوفة فِي الغشاء منبت غشائها أحد غشاءي الصَّدْر والبطن المستبطنين أما مَا فِي الصَّدْر كالحجاب والأوردة والشريانات والرئة فمنيت أغشيتها من الغشاء المستبطن للأضلاع وَأما مَا فِي الْجوف من الْأَعْضَاء وَالْعُرُوق فمنبت أغشيتها من الصفاق المستبطن لعضل الْبَطن وَأَيْضًا فَإِن جَمِيع الْأَعْضَاء اللحمية إِمَّا ليفية كَاللَّحْمِ فِي العضل وَإِمَّا لَيْسَ فِيهَا لِيف كالكبد وَلَا شَيْء من الحركات إِلَّا بالليف.
أما الإرادية فبسبب لِيف العضل. وَأما الطبيعية كحركة الرَّحِم وَالْعُرُوق والمركبة كحركة الازدراد فبليف مَخْصُوص بهيئة من وضع الطول وَالْعرض والتوريب فللجذب المطاول وللدفع الليف الذَّاهِب عرضا العاصر وللإمساك الليف المورب. وَمَا كَانَ من الْأَعْضَاء ذَا طبقَة وَاحِدَة مثل الأوردة فَإِن أَصْنَاف ليفه الثَّلَاثَة منتسج بَعْضهَا فِي بعض وَمَا كَانَ طبقتين فالليف الذَّاهِب عرضا يكون فِي طبقته الْخَارِجَة والآخران فِي طبقته الدَّاخِلَة ألاَ أَن الذَّاهِب طولا أميل إِلَى سطحه الْبَاطِن وَإِنَّمَا خلق كَذَلِك لِئَلَّا يكون لِيف الجذب وَالدَّفْع مُقَابل لِيف الجذب والإمساك هما أولى بِأَن يكونَانِ مَعًا أَلا فِي الأمعاء فَإِن حَاجَتهَا لم تكن إِلَى الْإِمْسَاك شَدِيدَة بل إِلَى الجذب وَالدَّفْع. ونقول أيضاَ: إِن الْأَعْضَاء العصبانية المحيطة بأجسام غَرِيبَة عَن جوهرها مِنْهَا مَا هِيَ ذَات طبقَة وَاحِدَة وَمِنْهَا مَا هِيَ ذَات طبقتين وَإِنَّمَا خلق مَا خلق مِنْهَا ذَا طبقتين لمنافع
: أَحدهَا مس الْحَاجة إِلَى شدَّة الِاحْتِيَاط فِي وثاقة جسميتها لِئَلَّا تَنْشَق لسَبَب قُوَّة حركتها بِمَا فِيهَا كالشرايين. وَالثَّانِي مس الْحَاجة إِلَى شدَّة الِاحْتِيَاط فِي أَمر الْجِسْم المخزون فِيهَا لِئَلَّا يتَحَلَّل أَو يخرج. أما استشعار التَّحَلُّل فبسبب سخافتها إِن كَانَت ذَا طبقَة وَاحِدَة وَأما استشعار الْخُرُوج فبسبب إجابتها إِلَى الانشقاق لذَلِك أَيْضا وَهَذَا الْجِسْم المخزون مثل الرّوح وَالدَّم المخزونين فِي الشرايين اللَّذين يجب أَن يحْتَاط فِي صونهما وَيخَاف ضياعهما. أما الرّوح فبالتحلل وَأما الدَّم فبالشق وَفِي ذَلِك خطر عَظِيم.
وَالثَّالِث أَنه إِذا كَانَ عُضْو يحْتَاج أَن يكون كل وَاحِد من الدّفع والجذب فِيهِ بحركة قَوِيَّة أفرد لَهُ آلَة نجلا اخْتِلَاط وَذَلِكَ كالمعدة والأمعاء. وَالرَّابِع أَنه إِذا أُرِيد أَن تكون كل طبقَة من طَبَقَات الْعُضْو لفعل يَخُصُّهُ وَكَانَ الفعلان يحدث أَحدهمَا عَن مزاج مُخَالف للْآخر كَانَ. التَّفْرِيق بَينهمَا أصوب مثل الْمعدة فَإِنَّهُ أُرِيد فِيهَا أَن يكون لَهَا الْحس وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بعضو عصباني وَأَن يكون لَهَا الهضم وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بعضو لحماني فأفردا لكل من الْأَمريْنِ طبقَة: طبقَة عصبية للحس وطبقة لحمية للهضم وَجعلت الطَّبَقَة الباطنية عصبية والخارجة لحمانية لِأَن الهاضم يجوز أَن يصل إِلَى المهضوم بِالْقُوَّةِ دون الملاقاة والحاس لَا يجوز أَن يلاقي المحسوس أَعنِي فِي حس اللَّمْس. وَأَقُول أَيْضا: إِن الْأَعْضَاء مِنْهَا مَا هِيَ قريبَة المزاج من الدَّم فَلَا يحْتَاج الدَّم فِي تغذيتها إِلَى أَن يتصرَف فِي استحالات كَثِيرَة مثل اللَّحْم فَلذَلِك لم يَجْعَل فِيهِ تجاويف وبطون يُقيم فِيهَا الْغذَاء الْوَاصِل مُدَّة لم يغتذ بِهِ اللَّحْم وَلَكِن الْغذَاء كَمَا يلاقيه يَسْتَحِيل إِلَيْهِ.
وَمِنْهَا مَا هِيَ بعيدَة المزاج عَنهُ فَيحْتَاج الدَّم فِي أَن يَسْتَحِيل إِلَيْهِ إِلَى أَن يَسْتَحِيل أَولا استحالات متدرجة إِلَى مشاكلة جوهره كالعظم فَلذَلِك جعل لَهُ فِي الْخلقَة إِمَّا تجويف وَاحِد يحتوي غذاءه مُدَّة يَسْتَحِيل فِي مثلهَا إِلَى مجانسته مثل عظم السَّاق والساعد أَو تجويف متفرق فِيهِ مثل عظم الْفلك الْأَسْفَل وَمَا كَانَ من الْأَعْضَاء هَكَذَا فَإِنَّهُ يحْتَاج أَن يمتاز من الْغذَاء قوق الْحَاجة فِي الْوَقْت ليحيله إِلَى مجانسته شَيْئا بعد شَيْء. والأعضاء القوية تدفع فضولها إِلَى جاراتها الضعيفة كدفع الْقلب إِلَى الإبطين والدماغ إِلَى مَا خلف الْأُذُنَيْنِ والكبد إِلَى الأربيتين.
الكتاب: القانون في الطب
المؤلف: الحسين بن عبد الله بن سينا، أبو علي، شرف الملك: الفيلسوف الرئيس (المتوفى:428هـ)
المحقق: وضع حواشيه محمد أمين الضناوي وعدد الأجزاء: 3
المصدر : المكتبة الشاملة
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
Fifth
Education One chapter and five sentences What is the member and its sections
The members say bodies are generated from the first mood of mixtures praise and
the mixtures objects generated from the first mood of the pillars. And members:
including what is single and what is composite. The individual is that any
tangible part of which was taken was shared by all in the name and size, such
as flesh, parts, bone, parts, nerve, parts and so on are called similar parts.
And the vehicle: is that if you take part of any part was not a participant of
all in the name and not in the limit, such as hand and face, the part of the
face is not in the face and part of the hand is not by hand and called
mechanism members because they are the machines of self in full movements and
actions.
The
first members are similar bone parts: it has been created solid because it is
the basis of the body and the pillar of the movements. Then the cartilage:
which is a lot of bone and bend and harder than the other members and the
benefit in his creation to improve the connection of the bones soft organs do
not be solid and soft have been installed without the average will be affected
soft to steel, especially when the strike and pressure, but the installation is
included such as what in the shoulder bone and the back ribs Like the cartilage
of the larynx under the shear and also to improve the proximity of the joints
of the crucifixion does not satisfy the hardness, and also if some muscle
extends to a member of bone is based on him and strengthen him like the muscles
of the eyelids was E AK Daama and staking tendons and also it would be needed
in many places to come on the adoption of something strong is not utmost
firmness as in the throat.
Then
the nerve: a brain or brain body that sprouts soft spandex eggs in the solid
turn in the separation created to be for members sensation and movement and
then tendons are bodies that sprout from the limbs muscle similar to the nerve
and meet the moving organs attracted by the attraction to muscle spasm and
meeting and return to behind and sometimes relax her Astrkhanya muscle muscle
Due to its status or excessive in its amount in length if it is on the printed
position to what we see in some muscles and is composed in most of the nerve in
force in the Prominent of them have missed on the other side. One of the
objects mentioned is the mention of tendons, which are called
"ribatons": they are also the neuron of the mirror, and the texture
comes from the members to the point of the muscle, so they and the tendons are
fibrous, so the muscular limb, which is eaten by flesh, and which is separated
to the joint and the motor member, Also objects similar to the nerve some of
them called the Ribat at all and some of them belong to the name of the
scorpion extended to the muscle was not called only a ligament and did not
extend to it, but between the ends of the bones of the bone For or among other
members, and the wisest thing to tighten it with the so-called ligament may
regard as the Stub and not something of a sense of links so as not to hurt
frequently the necessary movement and itchiness. The benefit of Rabat is well
known. W
M
arterioles: which are bodies protruding from the heart extended hollow hollow
length of the radial essence of the movements have a flat and grip separated by
the sedans created to cheer the heart and smelted the steam from him and to
distribute the spirit to members of the body, God willing. Then the veins: It
is similar to the arteries, but it is derived from the liver and is static and
the distribution of blood to the organs of the body and then the membranes,
which are bodies of the fibers of the nerve fiber is not sensitive thick thin
cross-sectional surfaces of other bodies and contain the benefits of them to
retain the whole form and form and to attach them from other members and linked
by The nerve and ligament, which splits into its fibers, are woven from it like
a kidney of steel, such that the sensory organs, in essence, have a very
sensitive surface for their contact and sensitivity to what happens when the
body is exposed to it. Its organs such as the lung, liver, spleen and kidneys,
they do not feel at all but Bjawahrha but things have improved, including the
clash of membranes If wind or feel where the tumor occurred.
0 Response to "التَّعْلِيم الْخَامِس فصل وَاحِد وَخمْس جمل مَاهِيَّة الْعُضْو وأقسامه فَنَقُول الْأَعْضَاء أجسام مُتَوَلّدَة من أول مزاج الأخلاط المحمودة كَمَا أَن الأخلاط أجسام مُتَوَلّدَة من أول مزاج الْأَركان. والأعضاء: مِنْهَا مَا هِيَ مُفْردَة وَمِنْهَا مَا هِيَ مركبة"
Post a Comment