بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

نظريات النمو اللغوي Theories of linguistic growth

نظريات النمو اللغوي
مدخل
...
نظريات النمو اللغوي:
مقدمة:
إذا كان للغة وظائف حيوية هامة في حياة الإنسان، لذا فعندما نتفحَّص بدقة مظاهر نمو هذه القدرة ونمكِّن الطفل من استخدامها، نجد تساؤلًا رئيسيًّا يفرض نفسه علينا، وهو: كيف يتكمن هذا السلوك المعقد؟ وكيف تتطور وتنمو هذه المهارات اللغوية بهذا الكم والكيف في فترة زمنية وجيزة من حياة الطفل؟ وقبل أن يتمَّ تناول ذلك، ينبغي التعرُّف على النظريات المفسّرة لاكتساب اللغة, وسوف نستعرض ثلاثة توجهات في تفسير اكتساب اللغة ونموها، وهذه التوجهات هي: النظرية السلوكية "التعلّم"، والنظرية العقلية "الفطرية"، ثم النظرية المعرفية.
نظريات التعليم والتشريط
...
1- نظرية التعلّم والتشريط:
تتناول نظرية التعلّم اللغة من خلال مصطلحات التعلّم الترابطي associative learning, وبشكل أضيق مصطلحات الاقتران والتشريط خصوصًا في سياق التعلّم اللفظي.
ولقد قدَّم واطسون warson نظريته السلوكية منذ عام 1924, والتي عرفت بنظرية التعلّم فيما بعد، ونشر فصلًا بعنوان "الكلام والتفكير"، اعتبر فيها أن التفكير بمثابة كلام الفرد إلى نفسه، أو هو الكلام ناقص الحركة، وحاول تفسير السلوك اللفظي، كيفية أشكال السلوك في ضوء تكوين العادات وتدخل المعززات "المدعمات" المختلفة بين المثيرات والاستجابات لإحداث التشريط, ومن هنا: كانت اللغة استجابات يصدرها الكائن ردًّا على مثيرات تأخذ شكل السلوك الخاضع للملاحظة المباشرة, وبذلك: فإن واطسون يتعامل مع الكلام لا مع اللغة. وقد أوضحت بعض التجارب أنَّ الاستجابات اللفظية عندما تدعم "تعزز" تميل إلى الحدوث المتكرّر شأنها شأن بقية الاستجابات. "جمعة يوسف: 1990، 116-117".
وبذلك تهتم نظرية التعلّم في معالجتها للنمو اللغوي بالعلاقة بين المدخلات والمخرجات، وتعتبر أن النمو اللغوي يخضع للتغير من خلال المعايير المتضمنة في مبادئ التعلم مثل: التقليد والمحاكاة، التعزيز "التدعيم، والاقتران والتشكيل.
وغيرها". فاللغة مهارة مثل كل المهارات التي تخضع للتدريب الشكلي، ويمكن اعتبار التغيّر في الأداء أو الإضافة الكمية معيارًا للنمو اللغوي ومؤشرًا للانتقال من مرحلة استيعابية إلى مرحلة أخرى.
ويعتبر "سكينر" Skinner أبو النظرية الاشتراطية الإجرائية، الذي استخدمها في تفسيره لاكتساب اللغة؛ إذ يعتبر "سكنير" -مثل كل السلوكيين- اللغة فصل من فصول التعليم، وأنَّ كافة أنماط التعلم بما فيها اللغة تخضع للتغيّر الذي يضعه التعليم الإجرائي من أنَّ الاستجابات الإجرائية التي يليها تعزيز تستمر، أما تلك التي لا يليها تعزيز تتلاشى، وهذا التعزيز مصدره الذين يحيطون بالطفل, ويأتي على شكل ابتسامات وضحكات، وأوصوات التشجيع والأحضان.
وهذه الأنماط المختلفة من التعزيز الإيجابي تزيد من احتمال ظهور تلك الأصوات التي لا تأتي في مصفوفة الأصوات الداخلة في تركيب اللغة.
فالطفل يولد ولديه من الاستجابات الإجرائية, وتشكل بعض الأصوات جزءًا من هذه الاستجابات, وعند صدروها على أشكال تقارب اللغة التي يتحدثها الأبوان يتمّ تعزيزها، وكلما نما الطفل يلاحظ نوعية الأصوات والجمل التي ينطقها الكبار, فييدأ في تقليدها.
ويستمر المحيطون بالطفل في تعزيزها إمّا عن طريق الإثابة الفورية أو الاستجابة الفورية أو الاستجابة لما تتضمنه، بينما تتلاشى تلك الاستجابات والتي لا تصادف مثل هذا التعزيز, والتي في أساسها تعتبر همهمات غير مفهومة للأبوين. "محمد رفقي، 1981".
وقد قدم "سكينر" skinner وجهة نظر مفصّلة لاكتساب اللغة، وهو يرى أن اللغة عبارة عن مهارة ينمو وجودها لدى الفرد عن طريق المحاولة والخطأ، ويتم تدعيهمها "تعزيزها" عن طريق المكافأة، وقد تكون أحد احتمالات عديدة مثل: التأييد الاجتماعي, أو التقبيل من الوالدين أو الآخرين للطفل عندما يقوم بمنطوقات معينة, خصوصًا في المراحل المبكرة من الارتقاء.
ويميز "سكينر" بين ثلاث طرق يتمّ بها تشجيع تكرار استجابات الكلام:
- الأولى: قد يستخدم الطفل استجابات ترددية echoicc حيث يحاكي صوتًا يقوم به آخرون يظهرون التأييد فورًا، وتحتاج هذه الأصوات لأن تتم في حضور شيء قد ترتبط به.
- والثانية: تتمثَّل في نوعٍ من الطلب؛ حيث تبدأ كصوت عشوائي, وتنتهي بارتباط هذا الصوت بمعنى لدى الآخرين.
- والثالثة: تظهر فيها الاستجابة المتقنة، وتتم بإحدى الاستجابات اللفظية عن طريق المحاكاة عادة في حضور الشيء "child, d, 1977" جمعة يوسف: 1990، 17".
وهكذا نرى أن مبادئ التعليم التي أوردها "سكينر" لا يمكن رفضها من أساسها كتفسير لاكتساب اللغة, ولا يمكن قبولها باعتبارها أساسًا للتفسير الكامل لهذا الأمر.
وفي دراسة أجراها روث routh "1979" لتأييد وجهة نظر "سيكنر" تَمَّ إجراء التعزيز الإيجابي لمجموعتين من الأطفال بين 2-7 شهور لإصدارهم فونيمات "وحدات صوتية" مختلفة، وتَمَّ تشجيع الأطفال بالابتسامات وبعمل أصوات "tsk", ولمسات جانبية على أجسامهم، كما تَمَّ تعزيز إحدى المجموعتين لنطقهم بعض الأصوات المتحركة، بينما عززت المجموعة الأخرى لنطقهم بعض الأصوات الساكنة, ولقد استجاب الأطفال بتزايد إصدار الفونيمات التي تَمَّ تعزيزها. "سهير شاش: 1998".
وبرغم التسليم بأن للتدعيم "التعزيز" دورًا في اكتساب اللغة، إلّا أنَّ هذا الدور يظل محدودًا وقاصرًا لعدة أسباب هي:
1- إذا كان الكلام ليس دائمًا لطلب "ماء" أو "طعام", فكيف يتم اكتساب الملفوظات التي لا تلق تدعيمًا؟
2- هناك كلمات عديدة وجمل تشير إلى حالات خاصة في الذهن أكثر منها إلى أشياء أو أحداث في العالم الخارجي, فكيف يتمّ تدعيمها اجتماعيًّا عندما يكون الحاكم بصوابها صعبًا على الراشدين الذين لا يعرفون ما يدور في عقول الأطفال.
3- لو أن الكلام يتم تعلمه بواسطة عملية انتقائية, فكيف نفسر الحدوث في الكلام الناضج للتراكيب اللغوية الجديدة التي لا تحدث لا في التلفظ العشوائي, ولا في تقليد أن نموذج آخر؟ "ولذلك تبدو مصطلحات الثواب والعقاب في نظر البعض أساليب غير فعّالة في تفسير اكتساب اللغة باستثناء المراحل المبكرة جدًّا. "herriot, d. 1970, rimble & thers, 1980".
هذه نظرة عامة لما يراه سكينر. فاللغة مهارة مثل كل المهارات تخضع للمبادئ العامَّة للتعليم: التعزيز، التقليد، بالإضافة الكمية, وقد سيطرت هذه الأفكار على الدراسات المختلفة للنمو اللغوي.
وتنقل اللغة أيضا عن طريق المحاكاة imitation والارتباط الشرطي؛ حيث إن الحياة الاجتماعية تؤثر تأثيرًا مباشرًا في الوليد البشري، وخاصَّة أن العجز الكبير الذين يولد به الطفل الرضيع يقوده إلى درجة عالية من الاعتمادية على المحيطين به, وخاصة الوالدين, للحصول على إشباعات لحاجاته الحيوية والنفسية، وأثناء عملية الإشباع هذه يكتسب الطفل الوليد ألوان السلوك المختلفة عن طريق المحاكاة لمن يحيطونه بالرعاية، وهذه الرعاية تمثّل ألوانًا من التعزيز لتثبيت وتقوية الارتباطات السلوكية، واكتساب اللغة من أهم ألوان السلوك ارتباطًا بهذه النظرية.
وثمة معطيات تدل على نسق الأصوات التي تصدر من الطفل منذ ولادته وحتى الشهر الثاني عشر تصبح في اطِّراد أكثر شبهًا باللغة القومية, وتشير معظم الدراسات إلى انعكاس لغة الأبوين والإخوة المخالطين انعكاسًا كبيرًا على سلوك الأطفال اللغوي.
ولقد أكَّد ألبرت بندورا A. Bandura "1977" على دور التعليم من خلال الملاحظة observational learnning, فهو يفترض أن الأطفال ترتقي لغتهم بصفة أساسية بتقليد المفردات والتراكيب اللغوية التي يستخدمها الآباء والأخرون في الحياة العادية, ولقد أيدت دراسة نلسون nelson "1977" وجهة النظر هذه, فلقد
استجاب بعض الكبار إلى تعبيرات نطقها أطفال في عمر سنتين, وذلك بالاستخدام المقصود لبعض التعبيرات المعقدة نوعًا ما، وبعد شهرين تكوَّن لدى الأطفال مزيد من التراكيب اللغوية المعقَّدة أكثر من الأطفال الذين لم يتعرَّضوا للنماذج التي يستخدمها الكبار "nelson, 1977".
وقد أوضحت أعمال هاملتون وستيوارت Hamliton & Serwart "1977" أن أطفال ما قبل المدرسة قد أضافوا إلى مفرداتهم بنسخ كلام الآخرين وهذه حقيقة وليست بدعة بالنسبة لأي مربية.
وقدَّم كلٌّ من براون وبيلوجي Brown & Bellugi "1984" في بحثهما الذي أجرياه على الطفلين "آدم وإيف" على أساس نظرية المحاكاة في اكتساب اللغة، قدَّمَا الدليل على أن بعض الجمل التي يستخدمها الأطفال في سنين أعمارهم المبكرة كانت عبارة عن محاكاة لكلام الأم.
كما أوضح هوايتهورث وآخرون whitehurt et al "1988" تعزيزًا إضافيًّا لدور النمذجة modeling ينبثق من النتائج التي أظهرها أطفال في عمر سنتين, والذين يقرأ لهم آباؤهم ويكتسبون اللغة بطريقة أسرع من الأطفال الذين في نفس العمر ولا يقرأ لهم آباؤهم.
ولا يقتصر دون الأبوين على تقديم النماذج لهذه الأصوات, ولكنهما يعززان الأصوات الملائمة؛ حيث يقترن التعزيز بين الأصوات الصحيحة ما يعمل على اكتسابها، أما الأصوات غير المناسبة فيخلو مواقف استخدامها من عملية التعزيز ممايؤدي إلى عدم اكتسابها، ويلعب التعزيز دوره الأساسي في اكتساب الأطفال للتتابع السليم للنماذج المختلفة للكلمة: أسماء، وأفعال، وحروف.
وهناك فنية أخرى من الفنيِّات التي أكَّدت عليها نظرية التعلّم في اكتساب اللغة, تلك هي فنية التشكيل shaping والتي تعرف أحيانًا باسم التقريب المتتابع successive approximation أو مفاضلة الاستجابة response differentiation, وهو أسلوب لتوليد سلوكيات جديدة عن طريق التدعيم الأولي لسلوكيات موجودة لدى الفرد، وبالتدريج تقوم بحسب التدعيم من السلوكيات الأقل مماثلة, ومركّزة على
السلوكيات الأكثر تشابهًا والتي تصبح شيئًا فشيئًا مشابهة للسلوك النهائي المرغوب, ويمكن استخدام أسلوب التشكيل في التدريب على إخراج الحروف وحالات اضطرابات النطق:
- في البداية يقوم المربي بتدعيم استجابة تقليد الصوت التي تصدر عن الطفل.
- وفي الخطوة الثانية: فإن الطفل يدرَّب على التمييز، ويدعم المربي الاستجابات الصوتية لإخراج حرف من الحروف إذا حدث في خلال خمس ثوان من النطق للطفل.
- وفي الخطوة الثالثة: فإن الطفل يكافأ عند إصدار الصوت الذي أصدره المربي, وكلما كرر ذلك.
- أما في الخطوة الرابعة: فإن المربي يكرر ما فعله في الخطوة الثالثة مع صوت آخر شبيه بالصوت الذي تَمَّ في الخطوة الثالثة. "محروس الشناوي 1996، 337".
ويشير ستاتس stasts "1971" إلى أهمية استخدام التعزيز في اكتساب الطفل التتبعات النموذجية لاستخدام كلمات الجمل وأفضليات الحدوث, والتي يتم تعلمها بالارتباط الشرطي.
إذ إن الأطفال يتعلّمون "انظر إلى الحصان", وليس "انظر الحصان إلى", فالجملة الأولى الصحيحة تعزز من الوالدين, فتثبت وتكرر عند الطفل، أما الجملة الثانية الخاطئة لا تجد تعزيزًا, ولذا يلغيها الطفل وينساها.
وتمثل أفضليات الحدوث -لدى سبتاتس staats- النمو بشكل يشمل نمو النماذج اللغوية في شكل ونسق، يتعلّم بواسطة آليات المثير والاستجابة في تتابع من البسيط إلى المركب، ويتتابع نمو الجمل النحوية هي الأخرى من البسيط إلى المركب، فإذا ارتبط مثيرٌ ما باستجابة خاصة به, وتبع هذا وجود تعزيز مناسب في الوقت الذي يقرن هذا التعزيز بكلمة مناسبة، فإن الارتباط يتزايد، وتتوالى الكلمات في تتابع وتناسق مكونة الجمل، ويقرر ستاتس staats أن الكلمات المستخدمة في الجملة يمكن أن تمثل مثيرات واستجابة في وقت واحد.
ويمكن تبسيط هذا النسق في صورة كلمتين منطوقتين على النحو التالي:
مثير استجابة.......... مثير استجابة.
الكلمة الأولى............ الكلمة الثانية.
خبز.......... من فضلك
حيث استخدم ستاتس staats "من فضلك" كلمة ثانية؛ حيث إذا قرنها الطفل بكملة خبز "أي: أريد خبزًا" فتقول الأم: "خبز من فضلك"، وحينما يكرّر الطفل الجملة كاملة يحصل على قطعة الخبز التي تمثل تعزيزًا للسلوك اللغوي المناسب.
ويعتبر ستاتس staats أن مقطع "من فضلك" هو المثير التمييزي الذي يسيطر على الاستجابة، والخبز كما استخدم هنا هو الاستجابة، هو أيضًا مثير لكلمة "من فضلك".
وإذا أمكن تدريب الطفل على كلمات مختلفة "لبن، خبز، برتقالة" بصفة مستمرة بكلمة "من فضلك" فإنها تكون طائفة ترتبط باستجابة واحدة.
وقد قدَّم براين braine "1963" سلسلة من التجارب توضّح كيفية ارتباط مثيرات الكلام ارتباطًا شرطيًّا في مواضع معينة داخل الجمل؛ حيث استخدم فيها كلمات غير ذات معنًى, ولها سمات تمييزية عامّة، وقد تبيِّن "براين" أن الكلمات يمكن تتباعها لتظهر في مواضع معينة، والأهم من ذلك أن الأطفال تمكنوا من استخدام الكلمات غير ذات المعنى في المواضع الصحيحة، وأن تعلم الموضع يعتبر حالة تعلم إدراكي حسي.
وتفسير نظرية الاقتران كيفية اكتساب الطفل معنى الكلمات بطريقة مباشرة نسبيًّا؛ حيث ترتبط الأشياء والأفعال المختلفة في بيئة الطفل باستجابات كلامية واضحة في ذاكرته، وهذا الشكل من الارتباط الشريط يسمَّى عادةً بالترقيم, وهناك العديد من الدراسات التي تبيّن أن تعلم الترقيم يمكن بسهولة إحداثه بالارتباط الشرطي السببي, وفي الواقع أن هذه المسائل قد استخدمت على نطاق واسع لنمو المحصول اللفظي vocabulary لدى الأطفال.
والنظرية السلوكية أو نظرية التعلُّم قد وجِّه إليها كثيرٌ من النقد فيما يتعلّق باكتساب اللغة؛ فبالرغم من أن المثيرات الخارجية "البيئة" عامل هام في تطوير لغة الطفل، إلّا أنها لا تفسر الطريقة التي يستطيع بها الأطفال ترديد الأشياء التي يسمعونها من قبل. فمن المحتمل أن يكون طفل في سن 2، 6 سنة جملة مثل: "أحمد أكلت" أو "مها لعب", ومن الواضح أن ذلك ليس تقليدًا بحتًا, ولكن ذلك يعكس عملية الاستخدام المفرط للغة overregularication. وفضلًا عن ذلك فإن معظم الآباء يكافئون أطفالهم على صحة مقولاتهم بدلًا من صحة التركيب اللغوي, فاستجابة لجملة مثل: "القطة خرج" فإن الوالد من المحتمل أن يوافق في ذلك حتى لو كانت الجملة في الحقيقة ينبغي أن تكون: "القطة خرجت".
ورغم أن هناك اعتراضات على بعض تفاصيل النظرية الارتباطية إلّا أنها لاقت قبولًا واسعًا في أواخر الخمسينات وبداية الستينات كنموذج توضيحي لاكتساب اللغة؛ حيث إن الاتفاق كان عامًّا على المبادئ الأساسية, وأهمها:
- إن اكتساب اللغة يمكن فهمه بتطبيق المبادئ السلوكية للارتباط الشرطي دون اللجوء إلى المفاهيم العقلانية "إجراء أو تكون معرفي".
- وإن الطريقة الوحيدة لفهم اكتساب اللغة هي من خلال التناول المنهجي للمتغيرات المستقلة عندما تؤثر على المتغيرات التابعة.
ويلخص ستاتس staats "1971" القضية على أنّ المحاكاة تعتبر أحد عوامل تعلّم اللغة، والمترابطات البيئية تتزايد أهميتها لدى علماء اللغة المعاصرين.
والخلاصة: إنه يمكن القول بأنه من المهم بيان طبيعة النظرية في موضوع اللغة، وبيان كل أسلوب نظري يقوم بتفسير أحد ظواهر اكتساب اللغة في ضوء إهمال بعض العوامل الأخرى، ولهذا لا نستطيع القطع بأن الارتباطية يمكن أن تسهم في تفسير جميع ظواهر اكتساب اللغة, ولكن يمكن أن تعزز أهمية كل من:
- العوامل البيولوجية والحيوية وعامل النضج.
- الممارسة والمحاكاة السليمة, واستخدام ألوان من التعزيز.
- فاعلية الطفل ومدى إثارته الداخلية لاكتساب اللغة.
وكل هذه العوامل تعمل مجتمع على اكتساب اللغة ونموها نموًا سليمًا يخدم نمو شخصية الطفل.
3- النظرية العقلية أو الفطرية:
تنسب هذه النظرية تشومسكي chomsky، ولينيرج lenneberg "1967" وهما أنصار هذا الاتجاه.
فلقد ولد بوام تشومسكي boam chomsky عام 1928 في مدينة فيلادلفيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وتابع دراسته الجامعية في جامعة بنسلفانيا في مجالات الألسنية واللغويات والرياضيات والفلسفة. حصل على الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا, وعمل بجامعة هارفارد في الفترة 1950-1955 وهي الفترة التي أنجز فيها معظم أبحاثه في مجال اللغة، ويعمل حاليًا بمعهد ماساتشوستس التقني.
واشتهر تشومسكي بادئ الأمر في مجال اللغويات, إلّا أن شهرته لم تقتصر على هذا المجال، بل تعدَّته إلى مجالات الكتابة السياسية, خاصة انتقاداته لسياسة الولايات المتحدة الخارجية.
ويعتبر تشومسكي مؤسّس النظرية التوليدية والتحويلية التي هي حاليًا أكثر النظريات الألسنية انتشارًا ليس فقط في الجامعات الأمريكية، إنما أيضًا في الجامعات الأوروبية، والتي ترجع النمو اللغوي إلى العوامل العقلية الفطرية. فلقد ركَّز أصحاب هذه النظرية على التركيب الداخلي للغة, وعلى الأنماط العامَّة للنمو اللغوي, والتشابه الأساسي بين كل اللغات، العلاقة بين نضج الجهاز العصبي والقدرة اللغوية.
ويعتبر ظهور مراحل النمو دليل قوي ومؤثِّر يدعم هذا الاتجاه الفطري للغة.
وقد تأثَّر "تشومسكي" في نظريته عن النحو التوليدي التحويلي بآراء الفيلسوف الفرنسي "ديكارت"، واعتبر أن مهمة تفسير النشاط اللغوي يجب ألّا تقتصر على النظر في ظاهرة اللغة "الأداء"، وإنما يعمل على استنباط القواعد التي تكون أساس اللغة، تلك القواعد التي تشكّل المعرفة الحقيقة للغة "الكفاءة".
وتمكن هذه الكفاءة -أو القواعد- الفرد من توليد عدد لا نهائي من الجمل الصحيحة، وكذلك من إخضاع الجمل البسيطة إلى عدد من التحويلات، كما أنها تمنع تكوين جمل غير صحيحة لا يقبلها الناطقون بهذه اللغة. وهذا ما دفع "تشومسكي" إلى التفرقة بين البنية الظاهرية للغة "الكلام، أو المنطوق اللغوي للفرد كما يسمعه الناس", وبين البنية العميقة التي تمثل العلاقات المعنوية بين مكونات الجملة والتي تلزم لفهم الجملة المنطوقة. "محمد رفقي، 1987".
ولقد انتقد تشومسكي وأتباعه فرضيات نظرية التعلّم في اكتساب اللغة، فلقد وجد عند تحليل التفاعل بين الآباء والأبناء أنَّ الأطفال يمرون بنفس المراحل, ويتعلمون لغتهم الأصلية دون تعلّم أبوي رسمي، فالأطفال يردِّدون أشياء لم يعلّمها لهم الكبار مطلقًا، وأن كثيرًا من الآباء لا يعززون القواعد النحوية الصحيحة بطريقة إيجابية, أو يصححون الأخطاء اللغوية بطريقة ثابتة, وأشار إلى أنَّ النمذجة والتقليد لا تستطيع تفسير جميع مراحل تعلّم اللغة؛ لأن ملاحظة الأطفال تظهر أنهم مختلفون في درجة تقليدهم لما يقوله الآباء. "سهير شاش: 1998".
وقد انتقد تشومسكي أيضًا فكرة اقتران المثير الشرطي بالاستجابة لوحدات لغوية، أو بين الوحدات اللغوية والأشياء التي تشير إليها الوحدات, فتقوم بتحديد الاستجابات المحتملة، وأن المزاوجة هذه بين المثير والاستجابة هي التي تحدّد تواتر الوحدات التي بالإمكان ملاحظتها في المدونة اليومية، لذا يرى أن هذا النموذج السلوكي لا يمكن أن يحلل عمل الكلمات كأشياء تحتوي على معاني، وبالتالي لا يمكنه أن يحلل القضايا اللغوية تفسيرًا آليًّا. واللغة في نظره ليست في الواقع مجموعة عادات كلامية، وهي مختلفة عن لغة الحيوان، وأنها تتسم بخصائص مميزة، ويرفض كذلك اعتبار عملية الاكتساب في مجال اللغة نتيجة لتأثير البيئة والوسط المحيط بالطفل. "ميشال زكريا: 1985، 49-50".
والمبادئ الأساسية التي تعتمد عليها النظرية:
1- اللغة خاصية إنسانية:
يرى تشومسكي أن مفاهيم المثير والاستجابة وتعزيز الاستجابات التي ترتدي بعض المعاني في إجرائها على الحيوان تفقد كل معانيها ومسوغاتها عندما يتعلق الأمر باللغة الإنسانية، فتصبح هذه المفاهيم مجرد تخيلات وأوهام عارية، فاللغة عند الحيوان مجرد أصوات أو تنظيم مغلق يحتوي على عدد من الصرخات التي تقترن بالجوع أو الخوف, وما إلى ذلك, في حين أن اللغة الإنسانية تنظيم مفتوح وخلاق يحتوي على عدد لا متناه من الجمل والأفكار والمشاعر والغايات المتجددة، فمثلًا: عندما نقول: "لقد آن الأوان لتعديل البرامج الدراسية والجامعية لتواكب التكنولوجيا المعاصرة", فهذه الجملة تفتح مجموعة لا متناهية من المعاني والأفكار، وكل متكلم للغته قادر على إنتاج وعلى تفهُّم عدد لا متناهٍ من جمل لغته لم يسبق له سماعه من قبل أو التلفظ به، وتختص هذه الخاصية بالإنسان باعتبار كائن ناطق وعاقل.
وعندما يتكلم تشومسكي عن قدرة الإنسان على إنتاج عدد غير متناهٍ من الجمل, فهو يشير إلى المظهر الإبداعي الخاص باللغة الإنسانية؛ فالسلوك اللغوي العادي يمتاز بالابتكار وبالتجديد عبر بناء جمل جديدة, وإقرار بنى جديدة تتلاءم مع المقدرة الإنسانية على استعمال اللغة استعمالًا طبيعيًّا ومتجددًا بعيدًا كل البعد عن المفهوم الآلي الذي يتضح عند السلوكيين عندما يعتبرون أن الاستعمال اللغوي لا يتعدَّى كونه ردود فعل مشروط بعامل المثير. "ميشال زكريا: 1985، 151-153".
2- الميل الفطري لاكتساب اللغة:
عارض تشومسكي "1968" وأتباعه فرضية أن اللغة تكتسب فقط بالتعلم، وصمم على أن الأطفال يولدون ولديهم ميل للارتقاء اللغوي مثلما يمتلكون القدرة الكامنة على المشي، كما يعتقد أنهم يرثون التركيب البيولوجي لأعمال السمات اللغوية العامة, وهذا التركيب يهيئه نضج الجهاز العصبي المركزي، وقد أطلق تشومسكي على المخطط التفصيلي لاكتساب اللغة "أداة اكتساب اللغة".
The language acquisition device وتختصر إلى LAD، وهذه الأداة تعتبر ميكانيزم عقلي "آلية عقلية", تجعل الأطفال على قدر من الحساسية للفونيمات "الوحدات الصوتية" والتراكيب اللغوية والمعاني، وهي تحتوي على عموميات لغوية تتألَّف من قواعد تنطبق على جميع اللغات، فهي تقوم بإعداد المعلومات, وتساعد الطفل على تحصيل وفهم مفردات وقواعد اللغة المنطوقة. ويرى تشومسكي أنه بدون هذه المقدرة الفطرية لا يستطيع الأطفال فهم الجمل التي يسمعونها، كما أدَّاه اكتساب اللغة -هذه- تساعد على اكتساب القواعد النحوية التي تمكِّن الطفل من تفسير وتكوين الجمل. وكلما نضج العقل يكتسب الأطفال مهارات أكبر في فهم وإنتاج اللغة. "سهير شاش، "bee, 1985, 290-291", ويدعم رأي تشومسكي حول الميل الفطري لاكتساب اللغة بملاحظة عامة بأن الطفل الصغير لأبوين مهاجرين ربما يجعله يتعلّم لغة ثانية من احتكاكه بالأطفال الآخرين, ومن خلال وسائل الإعلام وبسرعة مدهشة، ويمكن لهذا الطفل أن يتحدث اللغة الجديدة بطلاقة مثل الأطفال الآخرين من أهل هذه اللغة. "محمد السيد عبد الرحمن، 1999".
3- عملية اكتساب اللغة والبنى العقلية النظرية:
يؤكِّد تشومسكي باستمرار على أنَّه لا بُدّ لنا لتطوير المفاهيم النظرية لاكتساب اللغة أن نتخلَّى عن المذاهب التي تَرُدُّ الاكتساب اللغوي إلى تأثير المحيط على الطفل الذي يكتسب لغة بيئته، لأن ما يلزمنا هو الاعتقاد بأن المعرفة الفطرية بالمبادئ الكلية التي تخضع لها بنى اللغة الإنسانية, والتي يمتلكها الطفل الرضيع، وهي التي تقود عملية الاكتساب اللغوي، هذه المبادئ هي جزء مما يسمَّى بالفكر، وهي قائمة في العقل الإنساني بشكل من الأشكال، فوراء اكتساب اللغة قدرة عقلية فطرية قائمة بصورة طبيعية عند الطفل, وتعده لاكتساب اللغة. فالطفل يكتسب في الواقع لغة بيئته خلال مدة زمنية قصيرة نسبيًّا، ومن خلال تعرُّضه لجمل هذه اللغة، ويصعب علينا أن نقول: إن اكتساب اللغة هذا يتمّ نتيجة عمل تعميمي يقوم به على مجموعة الجمل هذه, فالطفل في الواقع يقوم بعمل ذهني بالغ الأهمية والتعقيد حين يكتشف بقدراته الخاصة تنظيم القواعد الضمني الكامن في كفاية اللغوة الذي يتيح له تكلم لغته. "ميشال زكريا: 1985، 156-157".
4- الكفاءة/ الأداء:
يميز تشومسكي بين الكفاءة اللغوية, أي: المعرفة الضمنية لقواعد اللغة لمتكلِّم هذه اللغة المثالي, تلك الكفاءة التي تتيح له التواصل بواسطتها، ميِّز بينها وبين الأداء اللغوي, أي: طريقة استعمال اللغة بهدف التواصل في ظروف التكلُّم العادية. "ميشال زكريا: 1983، 292". وعلى ذلك يستطيع أي فرد يعيش في بيئة لغوية معينة أن يفهم عددًا غير محدود من التعبيرات الواردة بهذه اللغة، حتى وإن لم يتعرَّض لها بصفة مسبقة، كما أن بإمكانه كذلك إصدار تعبيرات مختلفة لأول مرة دون أن يكون له سابق معرفة بها, ولا شكَّ أن ما نتحدث به في كل لحظة رغم أنه يبدو وكأنه مألوف لنا, إلّا أنه في الواقع يختلف في صيغته عمَّا استخدمناه سابقًا. وهذا ما يطلق عليه الأداء اللغوي.
ويعرف الأداء اللغوي linguistic performance بأنه إمكانية الفرد للتعبير عن طريق توضيح أفكاره باستخدام الكلمات المناسبة، أو هي عملية إصدار الأصوات الكلامية لتكوين كلمات أو جمل لنقل المشاعر والأفكار من المتكلّم إلى السامع، بالإضافة لذلك: فإنه مجموعة المفردات التي يستخدمها الطفل حتى يتسنَّى له التعبير عن الأغراض والمعاني العادية التي تجري في التخاطب اليومي بطريقة آلية تلقائية, وهو الطريقة التي يعبّر بها الإنسان عن كل ما يجول في ذهنه, ويدور في خاطره, وتجيش به عواطفه في نطاق أوسع ومدى أطول، ويدخل في ذلك إلى جانب الكلام وسائل التعبير الأخرى كالإيماءات والإشارات والحركات وغيرها. تلك الوسائل التي يلجأ إليها الإنسان ليؤكِّد أو يوضح ويثبت ما ينطق به, أو يعبر عنه لفظيًّا أو ليعوض عمَّا ينقصه أو يعجز عن استحضاره من تعبيرات وألفاظ. "سهير شاش: 1998: 9".
ومن ناحية أخرى ترجع النظرية التوليدية التحويلية القدرة على السيطرة على قواعد وتراكيب وبلاغة اللغة إلى ما تسميه الكفاءة اللغوية, وهي المعرفة المفترضة بالقواعد النحوية التي تعتبر من أوضح مظاهره -إن لم يكن من مهامها الرئيسية- استطاعة الفرد أن يقوم بعدد كبير من التوليدات والتحويلات فيمكَّن من استيلاد تراكيب لغوية كثيرة الدلالة على معنى واحد، وكذلك يتمكَّن عن
طريقها من تحويل أي صيغة لغوية تعرض له إلى صيغ مختلفة؛ كأن يحوّل صيغة الخبر إلى الاستفهام أو النفي أو المبني للمجهول.. إلخ. "محمد رفقي: 1987". وبذلك تحدد الكفاءة اللغوية بأنها معرفة متكلم اللغة بقواعد لغته بصورة ضمنية، وبأنها قدرة المتكلم على أن يجمع بين الأصوات اللغوية وبين المعاني في تناسق مع قواعد لغته بتنظيم, وهذه الكفاءة تقود عملية تكلّم الإنسان. والمظهر الإبداعي في اللغة مرتبط بتنظيم قواعد تتيح لمن يدركها أن ينتج عددًا لا منتاهٍ من الجمل, وأن يفهم أيضًا بموجب التنظيم نفسه عددًا لا متناهيًا من الجمل ينتجها الآخرون، فمع أن عدد قوانين تنظيم قواعد اللغة محدود إلّا أن الإنسان بموجب الكفاة اللغوية ينتج عددًا لا متناهيًا من الجمل والتركيبات. "ميشال زكريا: 1985، 153-154".
5- العالميات اللغوية:
يشير هذا المصطلح إلى أن دراسة اللغات البشرية تشترك في بعض المظاهر الأساسية كما يلي:
أ- إن كافّة اللغات لها مجموعة صوتية محدودة "تتمثل في الحروف الساكنة والمتحركة، أو الصوامت والصوائت", يشتق منها أعدادًا كبيرة من الأصوات الكلية "تتمثّل في المورفيمات أو الكلمات أو الجمل".
ب- تشترك اللغات الإنسانية في أن لها تقريبًا نفس العلاقات النحوية التي تشير إلى وظائف المفردات اللغوية، مثل: أن تكون بعض الكلمات في موضع صفة أو في فاعل, أو تكون في موقع مفعول, كأن نقول في اللغة العربية: "أكل الولد السمك" أو "أكل السمك الولد" فهنا يختلف المعنى في الجملتين.
ج- إن الأطفال يمرون بنفس المراحل، بغض النظر عن اللغة التي يتحدثونها مع تقدّم أعمارهم "مثل مرحلة الأصوات قبل اللغوية، فمرحلة الكلمات الخاصة، فمرحلة الكلمة الواحدة، فمرحلة الكلمتين".
د- إن ما نعرفه من لغات البشر يمكن أن نحصر تراكيبها الأصولية في ثلاثة نظم رئيسية هي: فاعل، فعل، مفعول به، أو فعل فاعل مفعول به.
هـ- كما استندوا إلى أبحاث لينبرج lennnberg التي تشير إلى أن قدرات تعلُّم اللغة أمر مرتبط بالإنسان, وبالإنسان فقط. "محمد رفقي: 1987، 69-70".
الأطفال في كل أنحاء العالم يكتسبون اللغة بطريقة واحدة.
أ- أم من النيجر.
ب- أم من تايلاند.
ج- جدة من هونج كونج يتحدثن جميعًا مع أبنائهن وأحفادهن ليكسبوهم اللغة القومية.
وتبعًا لهذه المظاهر الأساسية التي تشترك فيها اللغات البشرية، فإن الطفل يستطيع اكتساب أية لغة إنسانية بدون أي تمييز, وتفسير ذلك: إن الطفل يمتلك الأشكال العامَّة المشتركة بين كل اللغات, أي: ما يسمَّى بالقواعد الكلية كجزء من كفايته الذاتية الفطرية. ولكون التنظيم اللغوي بالغ التعقيد يستحيل على الطفل أن يكتسب اللغة ما لم يكن قائمًا في ذهنه الإلمام بالقواعد الكلية، فتكون عملية اكتساب اللغة بمثابة إجراء يقوم به الطفل لاكتشاف قواعد لغته بالذات من ضمن القواعد الكلية الكامنة ضمن كفايته اللغوية الفطرية. ومن الطبيعي ألا تعمل المبادئ الفطرية إلّا من خلال تفاعلها مع المادة اللغوية التي يتعرَّض لها الطفل، فالملكة اللغوية تبني القواعد عندما تتوافر لها الإثارة الملائمة في مراحل النمو الملائمة.
وعلى هذا تكتسب اللغة انطلاقًا من حالة معرفية أساسية محددة بيولوجيًّا ومختصة بالقواعد الكلية للغة، ويمر بحالات معرفية وسيطة "هي قواعد اللغة التي
يتعرض لها الطفل"، ليصل في النهاية إلى حالة ثابتة بتنظيم قواعد ومبادئ تتلاءم مع القواعد الكلية العامة.
إن الانتقال من الحالة الأساسية إلى الثابتة النهائية مرورًا بالحالات الوسيطة المتعددة يتمّ بالتوافق مع النمو الطبيعي, وعبر تعرُّض الطفل إلى لغة بيئية. "ميشال زكريا 1985، 157-158".
6- البنية السطيحة والبنية العميقة:
يهدف هذا المبدأ إلى تقسيم التركيب اللغوي بين بنية ظاهرة تتمثَّل في الصورة الكلامية التي ينطق بها المتكلم، وبنية تحتية تتمثّل في الجملة الأصولية أو اللبنية "التي تكون لبناتها الأساسية".
فنقول: إن البنية العميقة: "أصلح النجار الطاولة", يمكن أن نعبر عنها في بنى سطحية مختلفة مثل: "الطاولة أصلحها النجار، النجار أصلح الطاولة، الذي أصلح الطاولة هو النجار", فعلى المستوى السطحي فإن هذه الجمل لها نفس التركيب من الفعل الفاعل والمفعول والصفة أو الحال، ولكن من البديهي أن ندرك أن المعنى المتضمّن في كل جمل لا يختلف فيما بينها، وبذا نقول: إن كل جملة لها تراكيب بنائية متعمقة مختلفة. ورغم اختلاف البنى السطحية إلّا أنها جميعًا تتفق في بنية عميقة واحدة، وقد تتطابق البنية السطحية مع البنية العميقة، وهو ما نراه غالبًا على تعبيرات الأطفال حين تنتظم الكلمات في الجملة أو المنطوق اللغوي على أساس تلقائي يحقق البنية العميقة, ويأتي مطابقًا لها، وعلى هذا فإن التركيب الظاهري أو البنية السطحية تمثّل البنية العميقة، ولكن البنية العميقة هي التي تحتوي على الدلالة الحقيقية للجملة. "محمد رفقي، 1987، chomisky, 1987".
وعلى الرغم من أنَّ قواعد عمل التحويلات اللغوية معقَّدة للغاية، فإن الأطفال يحققون تقدمًا واضحًا نحو إجادة هذه التحولات قبل الخامسة أو السادسة
من العمر، ويبدو أن الأطفال يكتشفون التركيب المتعمق للغتهم أولًا, ثم يأخذون مسارهم لإجادة عملية التحويل بعد ذلك. "محمد السيد عبد الرحمن: 1999".
تقييم نظرية تشومسكي:
يدَّعي أصحاب هذه النظرية أن السمات العامَّة والمألوفة لجميع البشر غريزية, وقد استهوت هذه الآراء علماء النفس التجريبي, ولاقت إقبالًا من جانبهم.
ويفترض "لينبرج" 1961 lenneberg "1961" أن القابلية لإنتاج اللغة هي خاصية من خصائص البشر الموروثة، وتستند اللغة على مؤثرات بيولوجية آلية, وأن مراحل اكتساب اللغة تحدث لدى الأطفال الأسوياء بنسق ثابت منظّم في جميع أنحاء العالم, كما تحدث بنفس المعدل تمامًا رغم التباين البيئي والثقافي، فالأطفال في كافة أنحاء العالم ينطقون كلمتهم الأولى قبل نهاية سنتهم الأولى تقريبًا، وتعتبر هذه العملية المنسّقة كما لو كانت مرتبطة بالنضج البيولوجي بنفس الطريقة التي يحدث فيها نضج مراحل تعلّم المشي. "ماير، 1980".
هذا ولقد أيَّدت أبحاث لينبرج lenneberg "1976" ما أطلق عليه تشومسكي القدرة الفطرية لاكتساب اللغة؛ حيث افترض بأنَّ تطور اللغة يسير سيرًا موازيًا مع التغيرات العصبية neurological changes التي تحدث كنتيجة للنضج، وهو يشير إلى حقيقة, وهي أنَّ الأطفال في جميع الثقافات يتعلمون اللغة تقريبًا في نفس العمر، ويرتكبون نفس الأخطاء في التعبير بلغتهم, كما يشير لينبرج إلى حدوث تغيرات في منظومة العقل في سن الثالثة, مما يساعد الأطفال في قدرتهم على فهم اللغة والتعبير بها، وهذه السرعة التي يتمكَّن بها الأطفال من لغتهم, بين 2-3 سنوات, يصعب تفسيرها دون الرجوع إلى التغيرات التي تطرأ على القدرة العصبية كليةً لاكتساب اللغة. "سهير شاش: 1988 gromly, 1997, 192".
وقدَّم سلوبين slobin "1982" دليلًا مساندًا شيقًا في أنَّ هذه القدرة على تمثّل القواعد والعملية اللغوية هي في الواقع جزء من عملية اكتساب اللغة. ففي دراسة أجراها على "4" من أطفال الثقافات المختلفة, حاول التعرُّف على ما إذا كانت هناك استراتيجيات عامَّة لتنمية القواعد التي يستخدمها الأطفال الذين يمثلون
أصولًا ثقافية متباينة، ولقد وجد أن هناك في الواقع استراتيجيات عامَّة أو مبادئ فعَّالة يستخدمها الأطفال في عديد من اللغات بدون ترصيعها في جمل صريحة. "hendrickk, 1992, 402".
كذلك: فقد حاولت دراسة بوهانون وستانوفيتش bohannon & stanowiez "1988" اختبار صحة ادِّعاء تشومسكي وأنصاره, من أن الكبار يهملون أخطاء أبنائهم في اللغة ولا يوفقون في تصويب أخطائهم اللغوية, وقد توصَّلت إلى أنَّ اكتساب اللغة يتوقَّف على التغذية الرجعية feedback التي يقوم بها الكبار الذين يصوبون الحالات اللغوية الخاصة، ولكن في صياغة لغوية صحيحة, أو سؤال الطفل لتصحيح ما يقول. "sadorow, 1995, 346".
هذا ورغم تأثير نظرية تشومسكي عن اكتساب اللغة إلّا أن أفكاره لم تلق قبولًا كبيرًا؛ لأن ما ادَّعاه باسم أداة اكتساب اللغة LAD تقوم على افتراضية التركيب اللغوي العام الذي يكتسبه الأطفال، ولم يقم الدليل على عمومية التركيب اللغوي، ويبدو أن تطور اللغة يستغرق زمنًا أطول مما ينبغي, خاصَّة إذا كان خاضعًا لعوامل النضج والنمو والنمو البيولوجي، كما أن النظرية العقلية الفطرية تتجاهل خبرات الطفل وقدراته المعرفية.
ومع ذلك, فإن تشومسكي يصرُّ على أنَّ نظريات المثير والاستجابة لا تكفي لتفسير إمكانات الطفل في استخدام اللغة أو فهمها، وأكثر من هذا, فإنه يسلّم بأن لدى الأطفال استعدادًا لمهارة لغوية فطرية تسمَّى جهاز اكتساب اللغة، وهو ميكانزم افتراض داخلي, يمكن الأطفال من السيطرة على الإشارات القادمة, وإعطائها معنى وإنتاج استجابة، وتقدّم قواعد اللغة إلى الأطفال فيما يبدو بطريقة طبيعية حتى إذا كانوا ينتمون لمستويات شديدة الاختلافات من الذكاء والبيئة الثقافية، وأن القواعد تصاغ في حدود معينة دون أن يظهر ما يدل على فهمها، ويؤيد "تشومسكي" النظرة القائلة أنَّ الإنسان فريد بما لديه من استعدادات لغوية. "chilk, d, 1977".
غير أنَّ بعض علماء النفس مثل: "سوبس" supps, واسجود osgood, وماك كوركاديل mac corquadale, يرون أن "تشومسكي" وغيره ممن انتقدوا نظريات التعلم قد أساءوا تفسير مبادئ التشريط الفعال والمناحي الأخرى في التعلم.
"د. جمعه يوسف، 1990 ص122" "Tiendler, 1974".
3- النظرية المعرفية:
يهتم أتباع هذه النظرية بالنموّ المعرفي كأساس لجوانب النمو الأخرى, ومنها اللغة "فاللغة نتائج مباشر للنمو المعرفي"، ويعتبرون أنَّ مراحل النمو حلقات مختلفة تقوم على عدم الاستمرارية, فلكلٍّ طبيعتها، وكذلك يعتقدون بأن النمو حصيلة التفاعل بين الفرد والبيئة، ومن بين الذين أسهموا في النظرية المعرفية في تفسير النمو اللغوي ما يلي:
أ- جان بياجيه:
وتمثِّل نظرية "جان بياجيه" الأساس الذي تقوم عليه النظرية المعرفية النمائية, ورغم أن النظرية في حد ذاتها تهتم بطبيعة النمو المعرفي خاصَّة, إلَّا أنها لا تغفل التكامل العضوي بين جوانب النمو بصفة عامة، وقد يكون من الخطأ أن نرى في هذه النظرية انفرادًا بالجانب المعرفي دون الجوانب الأخرى.
ويعتبر "بياجيه" أن النمو بجميع جوانبه يخضع للتفاعل بين الفرد بمكوناته وبين البيئة بعناصرها، فرغم اتفاق الأفراد فيما يتعرَّضون له من خبرات مادية واجتماعية, إلّا أن ما يتميز به كلٌّ منهم من خصائص وقدرات تجعل ناتج التفاعل من هذه الخبرات متباينًا كيفًا وكمًّا. ويقع النمو المعرفي عند "بياجيه" في مراحل متتالية متباينة يمكن تمييزها عن طريق التعرُّف على محتوى كل مرحلة من التراكيب والأبنية المعرفية، وتشير التراكيب المعرفية ببساطة إلى أساليب التعامل مع البيئة، ولذا نجد أن كل مرحلة تختلف عن غيرها من المراحل في أسلوب اكتساب الخبرة واستيعابها، كما يختلف الأفراد فيما بينهم بخصوص ما يتكوَّن لديهم من أبنية معرفية. "محمد رفقي، 1987".
ولقد كان بياجيه piaget من أبرز الباحثين الذين ربطوا نمو اللغة بالنمو المعرفي, فعندما يكون الطفل مخططًا معرفيًّا فإنّه يستطيع تطبيق المدلول اللغوي
عليه "gormly, 1997, 192". ففي المرحلة الحسية الحركية senorimotor تبدأ بذور اللغة في البزوغ؛ حيث يتم استدخال السلوك اللغوي في عمليات التفكير؛ إذ يرى بياجيه أن اللغة يمكن أن تتطوَّر من نهاية المرحلة الحس حركية, وذلك عندما يبدأ التمثّل الداخلي للأشياء والذاكرة، وبمجرد أن يصبح الطفل قادرًا على استخدام اللغة ليتعلَّم أشياء مختلفة عن العالم فإنه يتخطَّى الذكاء الحس حركي؛ حيث يتضمَّن استخدام اللغة القدرة على إدارك الرموز, وتقوم الكلمة مقاوم ما تشير إليه. أما في مرحلة ما قبل العمليات، يرى بياجيه أن الأطفال في هذا السن تواجههم صعوبة في استخدام اللغة في الاتصال؛ إذ كان استخدامها لهذا الغرض يتطلّب منهم القيام بدور المستمع, والتكيف مع الرسالة التي يودون نقلها إليه, حتى يضعوا في اعتبارهم ما الذي قد لا يعرفه الشخص الذي يتحدثون إليه. كما يرى أن الأطفال في مرحلة ما قبل العمليات ينغمسون في الحوار الذاتي حين يتخيلون أنهم يتحدثون إلى شخصٍ ما على الطرف الآخر, وهو ما يطلق عليه الحديث المتمركز حول الذات، وبمجرَّد أن يصبح الحديث اجتماعيًّا بدرجة أكبر, فإن هذه الحوارات الذاتية تختفي, وقرب نهاية فترة ما قبل المدرسة يكتمل نمو اللغة من الناحية العملية, وتتطور المهارات اللغوية وتصبح متناسقة ومعدَّة للقيام بالنطق السليم الذي يختصر أو يختزل المعنى الذي يقصده المتكلّم بطريقة تجعل من الممكن بالنسبة للمستمع أن يحل مثل هذه الشفرة بحدّ أدنى من سوء الفهم. "ج. تيرنر: 1992، 86-87، 136-137".
وجوهر النظرية المعرفية عند بياجيه هو ارتقاء الكفاءة اللغوية كنتيجة للتفاعل بين الطفل والبيئة، وبالرغم من أن أنصار "بياجيه" لا يدَّعون أن النظرية المعرفية في الارتقاء يمكن اعتبارها أيضًا نظرية صريحة في تفسير النمو اللغوي، إلّا أنها مع ذلك تتضمَّن المفاهيم والعلاقات الوظيفية الأساسية التي تسمح لها بالقيام بالدور التفسيري في هذا المجال. والنظرية المعرفية وإن كانت تعارض فكرة "تشومسكي" في وجود تنظيمات موروثة تساعد على تعلُّم اللغة، إلّا أنها في الوقت نفسه لا تتفق مع نظرية التعلُّم في أن اللغة تكتسب عن طريق التقليد والتدعيم لكلمات وجمل معينة ينطق بها الطفل في سياقات موقفية، فاكتساب اللغة في رأي "بياجيه" ليس عملية تشريطية بقدر ما هو وظيفة إبداعية.
إن اكتساب التسمية المبكرة للأشياء والأفعال قد تكون نتيجة التقليد والتدعيم, ولكن "بياجيه" يفرِّق ما بين الكفاءة والأداء, وهو أحد محاور نظرية "تشومسكي", فالأداء في صورة التركيبات التي لم تستقر بعد في حصيلة الطفل اللغوية، وقبل أن تكون قد وقعت نهاية تحت سيطرته التامَّة، يمكن أن تنشأ نتيجة التقليد، إلّا أن الكفاءة لا تكتسب إلّا بناءً على تنظيمات داخلية تبدأ أولية، ثم يعاد تنظيمها بناءً على تفاعل الطفل مع البيئة الخارجية المعرفية، ولكن عندما يتحدَّث "بياجيه" عن تنظيمات داخلية, فإنه لا يعني في الوقت نفسه ما يقصده "تشومسكي" من وجود نماذج التركيب اللغوي, أو القواعد اللغوية, بقدر ما يعني وجود استعداد للتعامل مع الرموز اللغوية التي تعبّر عن مفاهيم تنشأ خلال تفاعل الطفل مع البيئة, منذ المرحلة الأولى وهي المرحلة الحسية الحركية. "محمد عماد إسماعيل 1986".
ب- فيجوتسكي:
ومن ناحية أخرى: قدَّم فيجوتسكي vygotsky رأيًا مختلفًا؛ إذ يعتقد أن اللغة والفكر ينشآن على مرحلتين مختلفتين:
المرحلة قبل العقلية preinllectual: ويطلق عليها أحيانًا فكر ما قبل اللغة.
والمرحلة قبل اللغوية preinllectual stage: ويطلق عليها أيضًا كلام ما قبل العمليات العقلية.
وفي سن العامين يلتقي هذان الخطَّان التطوريان باندماج اللغة والفكر كلما اقترب الطفل من مرحلة ما قبل العمليات, وهنا يتأثَّر فكر الطفل بما يريد أن يقوله، وفضلًا عن ذلك تساعد اللغة الطفل على ترتيب أفكاره وتوصيلها وجود بعض جوانب استقلال كلٍّ من اللغة والفكر, واستمرار هذه الاستقلالية. وتشير التجارب إلى أنَّ فكر ما قبل اللغة يقع في مرحلة النشاط الحسي الحركي، ويستمر الطفل بعد هذه المرحلة إلى استخدام الصور الذهنية والمهارات الحركية mobor skills في الأعمال العملية، وقد يؤدي التعلُّم عن طريق الحفظ عن ظهر قلب learning heart دون استيعاب المعنى إلى كلام ما قبل العمليات الفكرية. "فيصل الزراد: 1990، 75-76".
ويعتقد فيجوتسكي أن التفكير نشاط يعتمد على الكلام الداخلي "التحدث إلى النفس"، والكلام الخارجي "التحدث مع الآخرين"، وهذا التوحُّد بين اللغة والفكر يساعد على تفسير سرعة استخدام الأطفال لمفردات جديدة في وقتٍ يشتد فيه حب الاستطلاع حول الناس والأشياء. ويبدو أنه خلال وقت قليل يكون الطفل قد تعلَّم الكلام ولديه كثيرًا ما يقوله, وبينما يعتقد بياجيه أن اللغة هي ظاهرة للنمو المعرفي، يعتقد فيجوتسكي أن اللغة والمعرفة يتطوران تطورًا منفصلًا "gormly, 1997, 192".
نظرة تكاملية لتفسير اكتساب ونمو اللغة:
من العرض السابق يتضح أن النظريات السابقة في تفسير اكتساب اللغة ونموِّها قد اتخذت موقفًا تنافسيًّا في انتقاداتها لأصحاب النظريات الأخرى, والأفضل الأخذ بوجهة نظر تكاملية لتفسير هذا السلوك المعقَّد؛ لأنه لم يثبت إلى الآن أنَّ منحًى واحدًا نجح بمفرده في تفسير النمو اللغوي. وهذا الاتجاه التكاملي يطلق على أصحاب أنصار النظريات التفاعلية أمثال: بركو berko، إرفن ervin عام "1964"، براون brown عام "1973" الذين قبلوا النظرة العقلية في تطور ونمو اللغة, ولكنهم ركَّزوا على طرق تعلُّم الطفل لقواعد اللغة، ورفضوا وجهة النظر التعلُّمية التي ترى أن الطفل يكتسب اللغة بالتقليد والممارسة، فهم يجادلون بأن الطفل الذي يقلّد الكبار بطريقة سليمة لا يكون قادرًا بالضرورة على إثبات فهمه للقواعد اللغوية النحوية، لذا فهم يركّزون في دراساتهم لتطور اللغة على الطريقة التي يكتسب بها الأطفال المفاهيم.
ولكننا نرى أن آراء سكينر وبندورا وتشومسكي وبياجيه يجب أن تتكامل لتفسير كيفية اكتساب اللغة ونموها، فمن الواضح أننا نتعاطف مع الميل الارتقائي للغة، فهو الذي يمدّنا بالأساس الفطري الكامن للغة، ولكن قد نتعلّم لغتنا نتيجة للجوانب اللغوية الأساسية الخاصة, من خلال الإشراط الإجرائي operant conditioning، ومن خلال التعلُّم بالملاحظة observational learning، ومن ناحية أخرى لا نغفل أثر البيئة التي يعيش فيها الطفل ويترعرع في وسطها.
وعلى هذا: فلكي نتكلم ونكتسب اللغة لا بُدَّ من استعداد فطري ولادي يعمل كأساسٍ تُبْنَى عليه هذه المهارة؛ حيث إن كل أطفال العالم يتكلَّمون اللغة في مراحل متشابهة ومتتابعة، وأن حدوث تعطّل نمائي في أي مرحلة من المراحل يؤثر سلبيًّا على كفاءة اكتساب ونمو اللغة. بالإضافة لذلك: فلا يمكن إنكار دور البيئة وما تقدمه للطفل من تنبيهات مختلفة لنمو اللغة, ومن المتوقَّع أن الطفل إذا تجاوز المراحل الأولى لاكتساب اللغة دون وجود تنبيهات ومثيرات اجتماعية لغوية, أو نماذج يمكن محاكاتها، كانت البيئة فقيرة من الناحية اللغوية، مما لا شكَّ فيه أن مثل هذا الطفل سيصاب بتدهور الوظيفة اللغوية عند الكبر. "جمعة يوسف: 124".
المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع



The translation below might be a lot of mistakes, so don't make this translation a reference, take a reference from the Arabic text above ! Thank You
Theories of linguistic growth
entrance
...
Theories of linguistic growth:
an introduction:
If language has vital functions in human life, so when we examine the manifestations of growth of this ability and enable the child to use it, we find a key question that imposes itself on us: how does this complex behavior? How do these language skills evolve and grow in such a short amount of time in a child's life? Before we address this, we need to identify the theories that explain the acquisition of language, and we will review three trends in the interpretation of language acquisition and growth, these trends are: the theory of behavioral "learning", the theory of mental "innate", and cognitive theory.
Theories of Education and Bargaining
...
1 - Theory of learning and stripping:
Learning theory addresses language through associative learning, and narrower terms of conjugation, especially in the context of verbal learning.

Watson has presented his behavioral theory since 1924, which was later known as the Theory of Learning, and published a chapter entitled "Speech and Thinking," in which he thought that thinking was like talking to oneself, or speechless, trying to explain verbal behavior, The light of the formation of habits and the intervention of the various "reinforcements" between the stimuli and responses to the creation of the stripping, and hence: the language responses produced by the object in response to stimuli take the form of direct observation behavior, thus: Watson deals with speech and not with the language. Some experiments have shown that verbal responses when supported "promote" tend to occur as frequently as other responses. "Jum'a Yousef: 1990, 116-117".

Thus, learning theory deals with the linguistic development of the relationship between inputs and outputs, and considers that linguistic growth is subject to change through the standards embodied in the principles of learning such as imitation, simulation, reinforcement, consolidation, coupling and formation.

Etc. "Language is as skillful as all skills subject to formal training, and change in performance or quantitative addition can be considered a criterion for linguistic growth and an indicator of transition from one stage of absorption to another.

Skinner is considered to be one of the classes of education, and all types of learning, including language, are subject to the change in procedural education that procedural responses Followed by an ongoing promotion, and those that do not follow the fading, and this reinforcement is the source of those who surround the child, and comes in the form of smiles and laughter, and encouragement and embrace.

These different types of positive reinforcement increase the likelihood of those sounds that do not come in the matrix of sounds involved in language synthesis.

A child is born with procedural responses, and some voices form part of these responses. When they adopt language-related forms of parenting, they are strengthened, and the more the child grows, the greater the voices and sentences spoken by adults.

Children around the child continue to strengthen them either by instant gratification, immediate response or response to what they contain, while those responses that do not encounter such reinforcement, which at the core are perceived misunderstood by parents, disappear. "Mohammed Rafaki, 1981".

Skinner has presented a detailed view of language acquisition. He believes that language is a skill that grows up in an individual through trial and error and is called "enhanced" by reward, and may be one of many possibilities such as social support, Parents or others of the child when he or she performs certain stimuli, especially in the early stages of development.

Skinner distinguishes between three ways in which speech responses are encouraged:

First, the child may use echoicc responses, mimicking the voice of others who show support immediately, and these sounds need to be in the presence of something that may be associated with it.

The second is a type of demand. It begins as a random sound and ends with the connection of this sound to that of others.

The third is the response, which is done in one of the verbal responses by simulation, usually in the presence of the object "child, d, 1977".

Thus, we see that the principles of education provided by Skinner can not be rejected as an interpretation of language acquisition, and can not be accepted as the basis for the full interpretation of this matter.

In a study conducted by Ruth Routh (1979) to support Sikner's view, positive reinforcement of two groups of children was made between 2-7 months for issuing different phonemes. Children were encouraged by smiles, tsk sounds and side touches on their bodies. One of the groups was strengthened to speak some moving sounds, while the other group reinforced their voices with static voices. The children responded by increasing the number of phonemes that were enhanced. "Szczecin: 1998".

While it is recognized that strengthening "enhancement" has a role in language acquisition, this role remains limited and limited for several reasons:

1 - If the speech is not always a demand for "water" or "food", how to acquire the verses that do not receive support?

2 - There are many words and phrases that refer to special cases in mind more than things or events in the outside world, how to be socially supported when the governor is right in difficult adults who do not know what is going on in the minds of children.

3 - If speech is learned by selective process, how do we explain the occurrence of mature speech of the new linguistic structures that do not occur in random, not in the tradition that another model? "So the terms of reward and punishment seem to some to be ineffective in interpreting the acquisition of language except in the very early stages."

Related Post:




0 Response to "نظريات النمو اللغوي Theories of linguistic growth"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel