قوانين ومبادئ النمو - Laws and principles of growth
Sunday, July 22, 2018
Add Comment
قوانين ومبادئ النمو:
يتميز نموّ الإنسان بأنه ليس
عملية عشوائية، بل يخضع لمبادئ عامَّة يشترك فيها جميع أفراد الجنس البشري، هذه
المبادئ أو القوانين تسهم في فهم ظاهرة النمو، وتمكّن الآباء والمربِّين في معرفة
العوامل الفردية والبيئية التي يحدث النمو في إطارها، كما تساعد في التنبؤ بمسار
نمو الفرد وتوجيهه بما يحقق صالح الفرد والمجتمع, وهذه القوانين والمبادئ التي
تحكم سير النمو هي:
1-
النمو كمي وكيفي معًا: quantative as well as qualitative:
فالكمُّ والكيف في النمو
مظهران لا يمكن فصلهما.
فالطفل كما ينمو في أعضاء
جسمه، ينمو في الوظائف التي تقوم بها هذه الأعضاء:
فالجهاز الهضمي للطفل يتحوّل
من تمثُّل السوائل إلى هضم الطعام الجامد وتحويله إلى عصارة يتمثلها تعود بالفائدة
على الطفل.
ومثل هذا يقال في تآزر أعضاء
الحسّ والحركة باطِّراد النمو.
وأيضًا: في نضج الإدراك
والقدرة على الاستدلال العقلي.
2-
النمو عملية مطَّردة ومنظَّمة: continuous & orderly
process:
ونعني باطرادها: أنها لا
تكاد تبدأ حتى تتقدَّم في طريقها بسرعة هائلة، وتظل آخذة هذا الطريق حتى تصل إلى
آخر الشوط.
وإذا كنا نعجب كيف أن هذا
الكائن حديث الولادة الذي لا حول له ولا قوة، ولا مهارة أو خبرة، لا يلبث أن يصبح
بهذا القدر من التقدُّم والتوافق مع البيئة "وما ذلك إلّا لأنه يتحصَّل له
اكتسابات تتابع في سرعة وترتيب"؛ فالجهاز الإنساني organism يحمل في باطنه دوافعه إلى التقدم، والارتقاء، ومواجهة مواقف
الحياة، والاستجابة لها، والتكيُّف بها بما لديه من ذكاء موروث وخبرة مكتسبة. ولو
أننا تركنا الطفل ولم نتدخَّل في تربيته لنما من تلقاء ذاته، وإنما يكون تدخلنا
لتقويم أعواجاج أو انحراف نخشى أن يعوق سير النمو الطبيعي إيمانًا منا بأنَّ أي
انحراف
في مرحلة نموٍّ سيؤثر من غير شك في سير بقية المراحل،
وأن من الخير أن نصون من الإهمال أو سوء الاستعمال الملكات والقوى التي يتمّ نضجها
واحدة بعد الأخرى "كمال دسوقي: 1979، 25-26".
أمَّا أن النموَّ عملية
منظَّمة: فدليلها تلك المبادئ العامة التي تجعلنا نتوقع بالنسبة للطفل حديث
الولادة ما سبق أن حدث بالنسبة لمواليد سابقين: فالنموّ لا يتم على نحوٍ عفوي غير
منتظم، ولكنه يحدث بشكل نظامي نموذجي، فكل مرحلة من مراحل النمو نتاج المرحلة
السابقة, ومقدِّمة للمرحلة التالية، ذلك أن النمو يقوم على أساس التتابع التطوري
بظهور خصائص معينة في كل فترة عمرية, وتكشف الملاحظات والدراسات التطورية للأطفال
منذ الميلاد أن هناك نموذجًا عامًّا يتبعه كل الأطفال على النحو التالي:
- من سن 4-16 أسبوعًا:
يتحقَّق للطفل القدر على التحكم في الإثنى عشرة عضلة الخاصة بحركة العين.
- من 16-28 أسبوعًا: يتمكَّن
الطفل من التحكُّم في العضلات التي تساعد على ضبط حركة الرأس، وعلى تحريك ذراعيه،
وبالتالي يبدأ في التوصل إلى تناول الأشياء.
- من 28-40 أسبوعًا: يتمكَّن
من التحكم في جذعه ويديه، وهذا يمكِّنه من الجلوس والتنقُّل، والقبض على الأشياء
وتناولها.
- من 40-52 أسبوعًا: تتَّسع
قدرته على ضبط رجليه وقدميه وأصابع يديه خاصَّة السبابة والإبهام، وهو الآن يستطيع
الوقوف باعتدال, وأن يتحرك بخفَّة ويلتقط الأشياء.
- وفي خلال العام الثاني:
يمشي ويجري، يتلفَّظ بكلمات وجمل، ويكتسب إمكانية التحكُّم في المعدة والمثانة,
ويكتسب إحساسًا أوليًّا بالهوية الشخصية والتملك الذاتي.
- وفي خلال العام الثالث:
يتكلَّم بجمل, ويستخدم الكلمات كأدوات للتفكير، ويبدي نزعة إلى تفهم بيئته، وإلى
الإذعان للمتطلبات الثقافية.
- وفي خلال العام الرابع:
يوجه أسئلة عديدة, ويدرك المتشابهات, ويبدي ميلًا إلى التعميم والتصور الذهني،
ويستطيع أن يعتمد على نفسه تقريبًا في مضمار الحياة المنزلية.
- وفي خلال العام الخامس:
يتمتَّع الطفل بدرجة طيبة من نضج التحكم الحركي فيستطيع القفز والوثب، يتكلّم بدون
تلفظ طفلي, ويستطيع أن يحكي قصة طويلة، يفضّل اللعب الجماعي, ويشعر بالاعتداد
بالملابس وبما يقوم بإنجازه من أعمال، وهو الآن يشعر بتأكيد الذات, ويتشرب معايير
الجماعة. "طلعت منصور، عادل الأشول: 1976".
3-
النمو يتقدم من العام إلى الخاص:
ففي كل مظاهر النمو تكون
استجابات الطفل ذات نمط عام قبل أن تصير متخصصة، كما أن النشاط العام يسبق النشاط
المتخصص النوعي, يتضح ذلك في:
- الاستجابات الحركية:
فالطفل يستطيع أن يرى الأشياء الكبيرة قبل أن يتمكَّن من رؤية الأشياء الصغيرة؛
لأن حركات عينيه تكون غير متَّسقة بدرجة كافية للتركيز على الأشياء أو الموضوعات
الصغيرة، ويتضح نفس النمط في استخدام اليدين: فحينما يصل الطفل في البداية إلى
موضع من الموضوعات لا يستخدم فحسب كلتا يديه, ولكنه أيضًا يلقي بجسمه ككل على
الشيء في آنٍ واحد، وفي حوالي الستة أشهر من عمر الطفل تتحدد استجابة الوصول إلى
الشيء باليدين، وفيما بعد في حوالي العام من العمر يصل إليه بيد واحدة, وفي حالة
تعلُّم مهارة جديدة كاللبس يشترك جسم الطفل ككل في هذا النشاط، ومع التحسن في هذه
المهارة يتحدد النشاط باليدين, بمعنى أن الأطفال يقومون بالأشياء البسيطة أولًا،
وبالأكثر تعقيدًا فيما بعد.
- واستنادًا إلى هذا المبدأ
الأساسي للنمو "تطور نمو الاستجابة من الكل إلى الجزء" يمكن تفسير تطور
النمو اللغوي عند الأطفال؛ فالملاحظة والخبرة الحسية العيانية تسبقان الصياغة
اللفظية، والنطق بالألفاظ يسبق تسمية الرموز المصورة، وهذا بدوره يسبق القراءة،
وفي بناء حصيلته اللغوية يتعلّم الطفل الكلمات العامَّة قبل الكلمات المتخصصة
النوعية، فمثلًا: يستخدم كلمة "لعبة" لكل أدوات اللعب قبل أن يتعلم أن
يسمي كل لعبة باسمها, ويسير تكوين
المفاهيم وفقًا لنفس هذا النموذج التتابعي؛ فالطفل يميز أولًا الموضوعات الحيَّة
عن الأشياء الجامدة غير الحية, والكائنات الإنسانية عن الحيوانات, ثم الأنماط
المختلفة من الكائنات الإنسانية؛ كالأبيض أو الأسود أو المصري، أو الصيني.
- وينطبق هذا المبدأ النمائي
كذلك على التواصل اللغوي؛ إذ نجد أولًا الاتصال الشفهي، ثم الاتصال التحريري دون
التقيُّد بالتفاصيل الدقيقة، وأخيرًا العناية بتفاصيل الهجاء وقواعد اللغة.
وتطبيق هذا المبدأ في ميدان
الكتابة يجعلنا نبدأ بتزويد الطفل بالخبرات الخاصة بنقش الحروف الكبيرة بالفرشاة
على لوحات كبيرة من الورق، وهذا التدريب يتضمَّن الكثير من الحركات الكلية للجسم
والذراع, ويلي ذلك استخدام الورق وقلم الرصاص للكتابة على مسافات متباعدة دون حاجة
إلى الضبط الحركي الدقيق, بعد ذلك يأتي دور استخدام مسافات وأقلام وحروف أصغر،
وأخيرًا يمكن الانتقال من مرحلة كتابة الحروف المنفصلة إلى كتابة الحروف المتَّصلة
بقدر ما يتحقق لدى الطفل من الضبط.
- وبالنسبة للسلوك
الانفعالي: يستجيب الطفل في البداية للأشياء الغريبة أو غير العادية بخوف عام،
يعبر عن نفس الخوف في كل المواقف, ثم تأخذ مخاوفه فيما بعد في أن تصير أكثر تخصصًا
ونوعيةً, وتتميز بأنماط مختلفة من السلوك في المواقف المختلفة؛ فكل أنماط
الاستجابات الانفعالية تنمو من حالات عامة للاستثارة والسكينة كلما يأخذ في النمو.
ولا يعني ذلك أن النمو يأخذ
في التمايز والتخصص المستمر فحسب وفقًا لمبدأ التعاقب من الكل إلى الجزء؛
فالاستجابات الجزئية النوعية تأخذ في التكامل الوظيفي مع كليات أكبر، ويتضح ذلك
خاصة في حالة الأداءات العقلية والأعمال المركَّبة. "طلعت منصور، عادل
الأشول: 1976، 17-17".
4-
النمو عملية مستمرة:
فالنمو يستمر منذ فترة الحمل
حتى وصول الفرد إلى النضج, ويتم النمو وفقًا لمعدَّل منتظم بطيء نسبيًّا أكثر مما
يتم وفقًا لمعدَّل سريع, ويستمر نمو الخصائص
الجسمية والعقلية بالتدريج حتى تصل هذه الخصائص إلى أقصى نموها خلال فترة المراهقة
المتأخرة, وإذا كنا نستخدم مصطلحات معينة لمراحل النمو، فلكي نؤكِّد بأنَّ ثمة
نمطًا خاصًّا للنمو حادث في هذه الفترة بعينها.
معنى ذلك أنه ليس هناك خصائص
-سواء جسمية أو عقلية- تظهر بطريقة فجائية، فكلها نتاج النمو الذي بدأ قبل
الميلاد, وهناك أمثلة عديدة على ذلك: فقد يتراءى لنا بظهور الأسنان الأولى خلال
السنة الأولى من عمر الطفل أنها تنمو بشكل فجائي، ولكن حقيقة الأمر عكس ذلك، فهي
تبدأ في النمو من الشهر الخامس من تكوين الجنين في بطن الأم، على الرغم من أنَّها
لا تخرج من اللثة إلّا في حوالي الشهر الخامس بعد الميلاد, كذلك لا يأتي الكلام
للطفل بين يوم وليلة، ولكنه ينمو بالتدريج من الصياح والأصوات الأخرى التي يأتي
بها الطفل بعد الولادة. "طلعت منصور، عادل الأشول: 1976".
ولكون النمو عملية مستمرة:
فإن ما يحدث في مرحلة معينة يمتد إلى المرحلة أو المراحل التالية ويؤثر فيها،
فمثلًا: سوء التغذية في السنوات الأولى من حياة الطفل سوف يؤدي إلى إحداث أضرار
جسمية ونفسية يصعب تعويضها كلية فيما بعد, كذلك يؤدي التوتُّر الانفعالي الناشئ عن
الظروف غير المواتية في المنزل إلى إحداث بصمات في تطور نمو شخصية الطفل, كما أن
تكوُّن اتجاهات غير صحية نحو نفسه، وعلاقته بالآخرين، خلال السنة الأولى من حياته
تظلّ مترسِّبة في كيانه النفسي في مرحلة النضج.
وهكذا ينطوي إقرار مبدأ
استمرارية النمو على حكمة تربوية؛ إذ يجعل في مقدورنا أن نسعى إلى تحديد مسار
النمو والتنبؤ به والتخطيط له.
5-
النمو عملية متكاملة:
لا شكَّ أن النموَّ عملية
مركَّبة وغاية في التعقيد, وسبب ذلك أن مظاهر النموِّ مرتبطة كلها بعضها بالبعض
الآخر ارتباطًا وثيقًا.
- فلا يمكن فهم نمو الطفل
الجسمي، دون أن نقدر في نفس الوقت نموه الانفعالي، وتوافقه الاجتماعي، ولا هذا
الأخير دون تقدير لصحة الطفل البدنية ومدى
إشباع حاجاته الجسمية والنفسية، بمعنى: أن هناك علاقة وثيقة بين صحَّة الطفل،
وكفاءته العقلية من ناحية أخرى, وتوافقه الاجتماعي للمدرسة ونموه الانفعالي.
- ومن الملاحظ: أنَّ الطفل
الذي يكون نموَّه العقلي فوق المتوسط يكون بصفة عامَّة فوق المتوسط في الحجم
والنضج الاجتماعي والاستعدادات الخاصة, ومن ناحية أخرى: فإن الطفل الذي يكون نموه
العقلي أقل من المتوسط لا يعوض هذا بنمو جسمي أو بصحة أفضل، أو بنمو أكبر
لاستعدادات خاصة، أو بمزيد من النضج الاجتماعي، ويميل الأطفال ضعاف العقول إلى أن
يكونوا أقصر قامة عن الأطفال الأسوياء؛ كما يميل المعتوهون والبلهاء إلى أن يكونوا
أقصر فئات الضعف العقلي.
- ومن ناحية ثالثة: فقد وجد
ارتباط بين الذكاء العالي والنضج الجنسي المبكِّر، وارتباط بين انخفاض الذكاء
وتأخُّر النضج الجنسي.
ويعني ذلك أن معظم السمات
تترابط في النمو, والنمو على هذا لا يحدث بشكل آلي بسيط، وإنما على أساس التكامل
بين جوانب النمو المختلفة: الجسمية، العقلية, المعرفية، الانفعالية, العاطفية،
الاجتماعية، وما بين هذا الجوانب من ارتباطات وتأثيرات متبادلة. "طلعت منصور،
عادل الأشول: 1976".
6-
النمو يخضع للفروق الفردية "فكل طفل ينمو بطريقته الخاصة":
إذا نظرنا إلى مجموعة من
الأطفال في نفس السنِّ وجدنا بينهم الطوال، والقصار، النحاف والسمان، الضعاف
جسميًّا والأقوياء، والأذكياء والأغبياء، الرزين والنشيط، الشجاع والجبان، المنطوي
والمنبسط.
ومن الطبيعي أن نتصوَّر أن
الأطفال في سنٍّ بعينها يختلفون في معدل نموهم العام، وفي النمو الخاص لكل عضو أو
صفة.
- فقد كشفت الدراسات
القياسية لمختلف مظاهر النمو عند الأطفال في السن ما بين الميلاد والثامنة عشرة:
عن فروق فردية شاسعة في نمو كل مظهر منها وذلك تبعًا للمنحنى الاعتدالي المعياري normal prebable سمة، ولقد ثبت:
- أن أخف الأطفال وزنًا في
سن 18 سنة يعادل أثقل الأطفال وزنا في سن 8 سنوات.
- وأنَّ أخف الأطفال وزنًا
في سن 8 سنوات يكاد لا يزيد عن أثقل طفل في سن الثانية.
كما بينت منحنيات الطول:
- أن الأطفال الذين كانوا
يتَّصفون بطول القامة في فترة عمرية مبكرة ظلوا يتصفون بطول القامة مقارنة
بأقرانهم المماثلين لهم في العمر، وكذلك يظل قصيروا القامة على معدل طولهم في
المراحل المختلفة.
وهكذا: فإنَّ اتجاه الفروق
الفردية الذي لوحظ عند الميلاد يميل إلى أن يظل ثابتا خلال مراحل الطفولة.
- وفي مرحلة ما قبل البلوغ
تميل الفتيات اللائي ينمون بمعدل كبير في عام من الأعوام أنهنَّ ينمون على هذا
النحو خلال كل الفترة، بينما تظل الفتيات اللائي ينمون بمعدل بطيء أنهن ينمون
نموًّا بطيئًا خلال الفترة كلها.
- وينطبق نفس المبدأ على
النمو العقلي؛ إذ تكشف منحنيات النمو على أن لدى الأطفال الأذكياء والمتوسطين
والأغبياء ميلًا إلى الثبات الذي يوجد في منحنيات النمو الجسمي، فالنمو السريع
يستمر على سرعته إلى حد كبير.
وهذه لا شَكَّ حالات متطرفة
إلّا أنها كفيلة بتحذيرنا من أن نقيس بالعمر الزمني كل مظاهر النمو، أو أن نعتمد
عليه في تصنيف التلاميذ.
- وبالنسبة للأطفال لا
يختلفون في المرور بنفس مراحل النمو المتعاقبة فيه بينهم، ولكن منهم من يتخطَّى
بعض المراحل الوسطى:
كأن يمشي بعضهم دون أن
يزحفوا أو يحبوا، مع أن الغالبية تزحف ثم تمشي على التعاقب.
وعند الأطفال الصم يتعطل نمو
الكلام بسبب عدم القدرة على السمع.
وقد يتعلَّم الطفل الكتابة
والقراءة قبل أن يجيد النطق.
ولكن يختلف الأطفال في معدل
النمو ذاته بالسرعة أو البطء عن المتوسط العادي داخل المرحلة الواحدة, فهناك في
أية مجموعة المتقدمين السابقون fast growers والمتخلفون اللاحقون slow growers. ووجد استولتز stalz & slolz أن البعض من المراهقين تظهر لديهم أعراض النضج الجنسي مبكرًا
جدًّا والبعض متأخرة، والمدى في الفارق الزمني خمس سنوات ونصف على الأقل كفارق
زمني بين الأفراد، وعلى هذا: يجوز لصبي في سن العاشرة أن يبدأ المراهقة، بينما لا
يبدأها زميله في الدراسة إلّا في سن الخامسة عشرة. "كمال دسوقي: 1979".
وتتضمن الفروق الفردية في
تفتح النمو أمورًا كثيرة، وعلى المدارس تقع مهمة التلاؤم معها, وترجع أهمية هذه
الفروق إلى عدة أسباب، منها مثلًا: أن الأطفال ينزعون بدرجة ما إلى التجمع وفقًا
لعمر نموهم، فالأكثر نضجًا منهم يميلون إلى التجمع معًا، وكذلك يغلب أن يفعل الأقل
نضجًا, والطفل البطيء النمو ينزع إلى أن يغدو مشكلًا، فهو يحدث عن الشغب أكثر مما
يفعل غيره، ويحتاج إلى مزيد من العناية، كما أنه يكون مصدر متاعب كثيرة لأبويه
ومدرسيه وغيره من الأطفال، أما الطفل سريع النمو فيغلب أن يصل إلى مركز الزعامة في
الجماعة بسهولة أكبر من الطفل بطيء النمو.
وتنطوي هذه الحقائق على مغزى
تربوي هام: فينبغي أن تعمل المدارس على تزويد كل صف دراسي بالفرص التي تغطي مدى
واسعًا من الخبرات. وبهذا يتاح للطفل الذي يبلغ من العمر الزمني عشر سنوات ولكن
عمره الحيوي لا يتجاوز ثماني سنوات أن يجد من الأعمال ما يناسب عمر نموه, فيستطيع
أن يحصل على الإشباع الناجم عن أداء هذه الأعمال أداءً كاملًا. "طعلت منصور،
عادل الأشول: 1976".
7-
النمو يمكن التنبؤ به:
إذا كان معدَّل النمو ثابت
إلى حد كبير بالنسبة لكل طفل، يتبع ذلك أنه الممكن أن نتنبأ بالمدى الذي يحتمل أن
يحدث فيه النمو الناضج للطفل، ومعرفة ما سيكون
عليه أقصى مستوى للنمو, ولقد بنيت دراسات تيرمان terman
"1926" من فحص تقارير الإنجازات الفردية
للعباقرة الذي عاشوا في الفترة ما بين عامي 1450-1850 أنهم كانوا مبرزين يبزون
غيرهم كأطفال فيما يتعلق بسماتهم العقلية المبكرة.
هذا, ويعتبر معرفة ما سيكون
عليه أقصى مستوى للنمو العقلي ذو قيمة بالغة في تخطيط تعليمه, وفي مساعدته على
التدريب على نمط العمل الذي يحقق فيه أقصى مستوى من الكفاءة والنجاح والإنجاز.
وإذا كان النمو يمكن التنبؤ
به فمن الخطأ أن نحاول الهيمنة على توقيت نظام النمو بالتدريب السابق لأوانه؛
لأننا لو حاولنا ذلك فإما أننا لا نحصل من ورائه على أية نتيجة، وإما أن نلحق
بالطفل ضررًا بالغًا بسبب تدخلنا في حياة كائن حي يتَّصف بالتعقيد والاتزان
والاكتفاء الذاتي.
ولذلك: فإننا ينبغي ألَّا
نتوقع نتائج عاجلة من وراء آية طريقة, كما ينبغي ألَّا نتوقع ظهور الخبرات
المرتبطة بالنمو بانتظام يعادل انتظام دقات الساعة؛ لأن من القدرات المدهشة
الكامنة في الكائن الحي قدرته على إحداث تعديلات كثيرة في سياق حياته.
8-
زمن النمو ليس مستويًا: Tempo of groth is not even:
فمراحل النمو لا تتقدَّم في
الزمان بخطى ثابتة, فهناك فترات نمو سريع, وفترات نمو بطيء, فعندما تتكون الخلية
المخصَّبة تبدأ بعد ذلك في الانقسام السريع، وتظلّ هكذا حتى تتكوَّن المضغة التي
تنمو بسرعة غريبة, فيزداد تبعًا لذلك حجمها, ويزاداد تكوينها الداخلي, وتتعقَّد
أنسجتها، ثم تمهد السبيل بعد ذلك لتكوين الجنين، وهكذا تصبح مرحلة ما قبل الميلاد
أسرع مراحل النمو, ومن الملاحظ أنه في أثناء الطفولة الأولى والسن قبل المدرسي pre-school age يتقدَّم النمو سريعًا,
وتظهر أمارات التقدم في مختلف مظاهره المتعددة في تتابع سريع، أما قبيل السن
المدرسي والسنوات المدرسية الأولى، يتلكأ النمو، ولا يعني هذا: أن ثمة تغيُّرات
رئيسية تحدث في الخفاء, بل يكون ذلك تثبيتًا للنمو السابق, وتعبئة القوى للنمو
اللاحق في المراهقة. أمَّا عند البلوغ: فتسرع بعض نواحي النمو، وتظل سريعة حتى يستقر للشخص تمام النضج وغاية الرشد, يمضي الراشد في طريق
حياته وهو مكتمل النضج, ويظل هكذا لا ينمو في استعداداته ومواهبه وقدراته، وإنما
ينمو في خبراته ومعرفته ومعلوماته, حتى ينوء تحت ثقل الزمن ويضمحلّ في شيخوخته,
فيضمر ما قد ترعرع منه، وتذبل حياته وهي في طريقها إلى الضعف. "فؤاد البهي:
1975، 74".
9-
اختلاف معدل النمو باختلاف مظاهره:
لكل مظهر من مظاهر النمو
معدلها الذي تنمو به, بمعنى: إنها لا تتقدم جميعًا صفًّا واحدًا في جبهة مستوية.
وإذا كانت غاية النمو الوصول
بالشخص إلى حالة النضج والاستقرار, فلا بُدَّ له إذن من تقديم الأهم على المهم.
وبالتالي بلوغ مختلف أعضاء
الجسم وأجهزته إلى تمام نضجها الجزئي في أزمنة مختلفة خلال النمو الكلي "شكل:
9":
فالأجهزة التناسيلة مثلًا:
تتأخَّر في النمو بكثير عن نمو الأمعاء والمخ والجهاز العصبي، بل ربما لا يبدأ
نموها إلّا بعد أن تصل هذه إلى غاية النمو، ذلك أن الفرد منذ الميلاد في حاجة إلى
خدمات معظم أعضاء الجسم إلّا القليل كالأعضاء التناسيلة.
وإذا كانت كافَّة الأعضاء
اللازمة للفرد تكون موجودة رغم صغر حجمها أو ضعف قوتها فإنها تستمر في نموها
النهائي بعد ذلك بمعدل بسيط.
ومع أنَّ من الأعضاء ما هو
كامل النموّ الوظيفي منذ الميلاد: كالرأس والرقبة والجذع؛ لكونها ألزم الأعضاء
للحياة، وأن النمو التركيبي التالي لهذه الأعضاء يكون بسيطًا إذا قورن بنموِّ
الذراعين أو الساقين مثلًا, فإن النمو النهائي للجسم كله لا يكتمل إلّا خلال العقد
الثالث من العمر.
ويلاحظ:
إن سنوات الطفولة الأولى
والمدرسة الابتدائية هي مرحلة نموّ الأطراف في الطفولة.
وأن سنوات الدراسة الثانوية
هي مرحلة نمو القامة والنضج الجنسي.
ومن ثَمَّ:
فإن نمو الجسم ليس متساويًا
ولا متشابهًا في جميع أقطاره، ولكن له أنماطًا مختلفة يتخذها في نموه حتى يصل إلى
تمام نضجه.
فمن الطبيعي إذن ألَّا يسبق
النمو إلّا الأعضاء التي يكون الجسم أحوج إلى نشاطها وفاعليتها، على أساس أن نضج
التركيب يهيئ العضو للقيام بالوظيفة. فكل عضو أو جهاز ينمو في حينه، أي: حين تمس
الحاجة لمزاولة الوظيفة. "كمال دسوقي: 1979، 27-29".
10-
لكل عملية نمائية فترة حرجة crirical period:
يطلق مصطلح الفترة الحرجة
على تلك الفترات التي يكون الفرد مهيئًا فيها لنمو عضوي أو مهاري أو سلوكي معين؛
إذ يؤدي النضج إلى الاستعداد والتهيؤ لأنماط سلوكية جديدة، ويشير علماء نفس الطفل
بأنه توجد فترات حاسمة أو ذات حساسية كبيرة في نمو الأطفال, والتي أثناؤها يصبح
تعلُّم أنماط سلوكية ممكنًا. "عادل الأشول: 1982، 40".
- فالطفل يتعلّم الحبو في
حوالي الشهر الخامس، ويستطيع الوقوف في حوالي الشهر العاشر، ويبدأ السير بعد إنهاء
العام الأول.
- ويستطيع الطفل ضبط عملية
الإخراج في النصف الثاني من العام الثاني.
- كما أن الطفل قبيل السادسة
يكون مهيئًا لتعلُّم القراءة والكتابة.
ومن ثَمَّ فإن التدريب أو
تعلُّم المهارات المختلفة في تلك الفترات يأتي بنتائج إيجابية، أمَّا إذا بدأ
التعليم في وقت مبكِّر للغاية, أو في وقت متأخِّر عن الفترة الحرجة للمهارة، فربما
يكون هذا التدريب أو التعليم غير مجد أو غير كفء، وربما يأتي بنتائج ضارة.
"عبد الرحمن سليمان: 1997، 277".
ولذا يشير علماء النفس إلى
وجوب توفير تفاعلات بيئية أثناء تلك الفترات الحرجة للمهارات المختلفة لكي يتقدَّم
النمو بصورة عادية، فإذا لم يحدث تفاعل مناسب أثناءها نجد النموَّ قد يبطئ أو
يتوقف. وبمعنى آخر: توجد فترات مناسبة, وأخرى غير مناسبة لتعلُّم واكتساب المهارات
المختلفة.
- فالأطفال الذين يتلقَّون
المديح لمحاولاتهم اللغوية المبكرة يكونون أميل إلى التكلُّم بطلاقة في عمر مبكر
إذا ما قورنوا بالأطفال الذين لا يتلقَّون استثارة لفظية عندما يكونون على استعداد
أو تهيؤ للكلام.
- وفي ضوء الفترات الحرجة:
يشير التربويون إلى أهمية البرامج النظامية التعليمية المبكرة التي تساعد الأطفال
على تلقي الاستثارة المعرفية في طفولتهم المبكرة.
- كما تؤكِّد على أهمية
البرامج التدخلية intervention أو الاستثارية للأطفال
المعوَّقين لمساعدتهم على تعويض النقص المبكِّر للاستثارة. "عادل الأشول:
1982، 41".
11-
معدل النمو ونمطه يتأثَّران بالظروف الداخلية والخارجية:
مع أن دافع النمو ينبعث من
قوى باطنة "كالوراثة والمكونات العضوية"، ومع أنَّ أنماطه محدَّدة
بالنسبة للأطفال جميعًا, إلّا أن معدَّل النمو ونمطه الصحيح يمكن أن يتغيرا إذا لم
تواجه حاجات الطفل الأساسية؛ كالتغذية، والنشاط، والراحة، وفرص التعليم، والأمن
النفسي، والعاطفي ...
إلخ، وقد يطرأ على بعض مظاهر النمو ما
يعوقها عن السير قدمًا في طريقها المرسوم صوب غايتها المرجوة, كأن يمرض الفرد
مرضًا يعوق نموَّه ويحول بينه وبين تطوره الطبيعي، وقد تضعف حدة المرض وتزول
أسبابه ودواعيه فيعاود النمو سيرته الأولى. "فؤاد البهي: 1975ن 73".
وعلى ذلك: فإن هذه الظروف هي التي ستحدّد المدى من السرعة والتفتُّح الذي سوف تحقق
بها إمكانيات نمو الطفل.
وأهم هذه الظروف:
- ظروف خارجية: كما في حالة
الأطفال الذين لم تتح لهم التغذية الكافية أثناء سني نموهم، فلن يستطيعوا أن
يتمتَّعوا بصحة جيدة.
- ظروف داخلية: مثل تحطم
شخصيات بعض الأطفال لأسباب سيكولوجية؛ كالحرمان من العاطفة، أو بسبب الحماية
الزائدة, أو عدم الاستقرار, أو سوء الخلق، وذلك رغم وجود هؤلاء الأطفال في بيئات
غنية وأسر راقية.
- ظروف داخلية وخارجية
مجتمعة: مثل:
- نقص الطعام والرياضة
والحياة الرغدة، إلى جانب انفصال الأسر، وتشتت الجماعات، وتحطم القيم، وربما
استمرت فترات الحرمان القاسية هذه من الحاجات المادية والنفسية أو كليهما زمنًا
طويلًا؛ كالفترة التي تعقب الحروب والكوارث.
- وهناك ظروف طبيعية في
البيئة ذاتها مثل:
- نقص اليود في الماء الذي
يشربه بعض الشعوب, مما ينشأ عنه القماءة cretinism أو القزمية dwarfism التي ترجع إلى عدم الإفراز الكافي للغدَّة الدرقية.
- ومرض الكساح ولين العظام rickets التي تنشأ عن نقص الطعام
أو أشعة الشمس, مما يترك أثرًا ظاهرًا في نمو الجسم يتمثَّل في الصدر المسطَّح أو
الظهر المقوس، وعظام الحوض peives المشوَّهة ... إلخ مما يؤثر في الأداء الوظيفي للجسم.
وعلى هذا:
إذا لم يتوفّر للنمو حدَّه
الأدنى من الإشباعين المادي والنفسي, فإنه يواجه تعطيلات وتأخرًا في تقدمه، ولكون
النمو لا يستطيع أن يحارب في جبهتين، بل هذه المقاومة لأزمات النمو كثيرًا ما تكون
على حساب الشخصية النامية، وذلك حين يدفن الشخص مؤقتًا المتاعب التي تقف في طريقه،
ويتجاهل العقبات التي تعترضه, أو يتهرب من حل مشاكله.
وهنا:
يكمن واجب المربين: من حيث
الموازنة في البيئة التربوية بين:
- الحماية الزائدة overprotection التي تعدم مقاومة الطفل
لأيّ ميكروب أو صدمة نفسية تعرض له، فينمو مدللًا ناعمًا غير خبير بالحياة.
- وبين عرقلة البيئة للنمو
بكثرة آفاقها ومتاعبها النفسية التي تحطّم الشخصية وتعوق النمو. "كمال دسوقي:
1979، 30-32".
12-
ميل الجسم في النمو إلى الاحتفاظ بالتوازن الحيوي homeostasis:
فالجسم يسعى إلى الاحتفاظ
دائمًا ببيئة ثابتة على الرغم من الظروف البيئية المتغيِّرة، سواء كانت هذه الظروف
داخلية أو خارجية ...
فعندما يحدث شيء يمكن أن يعرقل حالة الجسم الداخلية فإنه يقوم برد فعل تلقائي سريع
لاستعادة حالة الثبات أو التوازن: فوزن الجسم، والطعام المسحوب أو المأخوذ، ثم
وظائف الغدد، وتعويض الجروح أو اندمالها وشفائها، كل ذلك يمثل أدلة أو قرائن على
وجود مبدأ الاتزان الحيوي.
وإذا حدث عجز في إحدى
العمليات أو الوظائف ظهرت الحاجات التي تحدث توترًا للفرد لا يزول إلّا إذا أشبعت
الحاجة وعاد التوازن الذي هو ضروري لحياته.
كما أن هناك ما يشير إلى
إمكانية تطبيق مبدأ الاتزان الداخلي بالنسبة لجوانب الحياة العقلية والانفعالية
الاجتماعية، فالكائن الإنساني في سعي مستمر للاحتفاظ بشكله أو نموذجه الماضي في مواجهة الظروف المتقبَّلة
والمتغيرة من حوله، وبالتالي يترتَّب على كثير من المثيرات التي تسبب اضطرابات في
هذا الاتزان سلسلة من ردود الأفعال التلقائية التي تهدف إلى استعادة الجسم لاتزانه
الأصلي. "إبراهيم قشقوش 1988، 106".
13-
بعض السلوكيات المشكَّلَة تعتبر سوية في المرحلة العمرية التي تحدث فيها:
فكل مرحلة من مراحل النمو
تظهر فيها أشكال من السلوك تبدو غير مرغوبة فيها, على الرغم من أنها خصائص عادية
وسوية متناسبة مع المرحلة التي ظهرت فيها، وسرعان ما تختفي أو تتغيِّر بنمو الطفل
وانتقاله إلى المراحل التالية للنمو.
- فمن السلوكيات المميزة
للأطفال في سن الثالثة والنصف: حالات عدم التوازن الجسمي، الخوف من الوقوع، أو
الخوف من الأماكن المرتفعة، قضم الأظافر، أو اللجاجة في الكلام، الصعوبات البصرية،
عدم الأمان الانفعالي، التناقضات الانفعالية، الرغبة في الاستحواذ على انتباه
الكبار، الخجل ... إلخ. ثم يبدأ السلوك في الميل إلى التنظيم والاستقرار والتوازن.
- وفي سن الخامسة يبدو الطفل
متعاونًا، صدوقًا، رقيقًا، عطوفًا، ودودًا، ثم يعقب هذه الفترة من الاتزان فترة من
عدم التوازن، هي فترة اختبار يكون الطفل فيها صعبًا عدوانيًّا، مندفعًا، لحوحًا،
ميَّالًا إلى المنافسة والجدل، متهورًا وفظًّا. "عادل الأشول: 1982،
63".
- كما أن كثيرًا من أشكال
سلوك التلاميذ تعتبر سلوكًا يبعث على الانزعاج والقلق, ومنها: اللامبالاة، وعدم
اهتمام التلميذ بعمله المدرسي ومظهره، العدوانية اللفظية، كثرة أحلام اليقظة، نقص
الدافعية للدراسة والاستذكار.. ومع ذلك فهذه السلوكيات ليست إلّا سلوكًا سويًّا
للطفل في السن المدرسي.. ومن ثَمَّ فإن المعلمين محتاجون إلى فهم وتقبُّل الأنماط
السلوكية للأطفال، وأن هذه السلوكيات سوف تختفي من حياة الطفل بنموِّه وانتقاله
إلى مراحل أخرى أكثر نضوجًا.
14- النمو
محدود في بدايته ونهايته بزمان ومكان معينين:
فما دام النمو عبارة عن
الزيادة المطردة في الحجم والتعقد, فلا بُدَّ أن هذه الزيادة تأخذ بدايتها عند
نقطة معينة، وأنها تتوقف عند بلوغ حد معين.
- البداية: انقسام البويضة
الملقَّحة إلى خليتين.
- والنهاية: الوصول إلى تمام
النضج التركيبي والوظيفي.
أما من حيث الزمان:
- فالبداية: هي بدء الحمل.
- والنهاية: هي سن الرشد.
15-
خبرات النموّ في الطفولة هي الأساس لبناء الشخصية:
ففي مرحلة الطفولة يوضع أساس
بناء شخصية الفرد، وأنَّ السلوك السوي والسلوك المرضي "غير السوي" يرجع
في معظم الأحوال للطفولة:
- فالأشخاص الراشدين زائدي
الوزن: ترجع البداية لديهم إلى عادات الأكل الخاطئة التي تعلمها الفرد في طفولته.
- والحماية الزائدة في تربية
الطفل في الأسرة إبَّان طفولته المبكرة تنمِّي الشخصية الاعتمادية في الكبر, وعدم
القدرة على الاعتماد على النفس.
- والدور الذي يلعبه الطفل
في الأسرة وفي جماعة الأقران سوف تؤدي إلى تحديد ما إذا كان الطفل سوف تنمو لديه
سمات القيادة أو التبعية في تفاعله مع الجماعات المختلفة.
- وخبرات الطفولة غير
السليمة تحجب الطفل وتمنعه من التزوّد بالمهارات الكافية والملائمة لمواجهة بيئته
والتعامل معها بكفاءة، وينتج عن ذلك شعوره بعدم الكفاءة في مواجهة متطلِّبات
المجتمع.
- وأكدت كثير من الدراسات:
أن أعراض الانسحاب، والخجل وأحلام اليقظة، والعزلة الاجتماعية، والاغتراب، الفصام
والمشكلات السلوكية الحادة, أو اضطرابات الشخصة, نادرًا ما تظهر فجأة في المراهقة
أو الرشد، وإنما تكمن أصولها في مظاهر سوء التوافق في سنوات الطفولة المبكرة.
- وهكذا يتضح أهمية التنشئة
الاجتماعية التي تبدأ منذ الميلاد, ويكتسب الفرد عن طريقها السلوكيات والمعايير
والاتجاهات والأدوار الاجتماعية التي تمكنه من التوافق الاجتماعي, ويندمج في
الحياة الاجتماعية, ويستدخل ثقافة المجتمع لتصبح جزءًا من تكوين شخصية في الرشد.
"عبد الرحمن سليمان: 1997، 241-243".
16-
يكتسب الطفل أدواره من خلال عملية نموه:
فالطفل لا يولد مزودًا
بذخيرة من الأدوار التي يقوم بها في حياته، ولكنه يكتسب الأدوار المختلفة من خلال
عملية نموه وتربيته وتطبيعه الاجتماعي, مما يساعده على أن يحدِّد نفسه ودوره ككائن
حيّ مزوَّد عن غيره من الأفراد.
- وأوَّل الأدوار التي
يتعلَّمها أو يكتسبها دوره كطفل, ويتحدد هذا الدور بيولوجيًّا وثقافيًّا بالطريقة
التي يتربَّى بها الطفل, وبالتفاعلات مع الآخرين, واستجاباتهم لمظهره وسلوكه.
- ويتعلّم دوره الجنسي:
طبقًا للطريقة التي يتربَّى الطفل عليها طبقًا لجنسه أو نوعه, بأن يسلك الولد
كولد، والبنت كبنت, ويطلق على هذه العملية عملية التنميط الجنسي sexual typing أو الهوية الجنسية sexual identity، ويقوم بأوجه النشاط المرتبطة
بجنسه طبقًا لما هو سائد في ثقافته التي ينشأ فيها. من ذلك ما هو شائع من السيطرة،
والتمكن من الرياضة والتحصيل، والميل إلى التنافس والاستقلال لدى البنين، والميل
إلى الاتكالية، والسلبية، والوقار الاجتماعي، والدقة والنظام لدى البنات.
- بالإضافة لذلك يكتسب الطفل
من المحيط الاجتماعي وثقافة المجتمع أدوارًا مختلفة من خلال القيم والمعتقدات
الملائمة لطبقته الاجتماعية، ويتعرَّف على الضوابط السلوكية المختلفة, ويشمل ذلك
الأوقات التي يروِّح فيها عن نفسه, والأماكن التي يروّح فيها، والأعمال التي عليه
أن يقوم بها لخدمة أسرته, والحجرات والأدوات التي يسمح له باستخدامها، وارتداء
الملابس بطريقة مناسبة، وأوقات الاستذكار والدروس المطلوبة، وأن يخضع للضبط
الاقتصادي، ومفاهيمه عن الصواب والخطأ ... إلخ. "كونجر وآخرون: 1981، 495".
مطالب النمو:
أشار هافيجهرست havighurst "1953" إلى أنَّ مطالب
النمو تُعَدُّ من أهم المفاهيم في علم نفس النمو التي تكشف عن المستويات الضرورية
التي تحدِّد كل خطوة من خطوات نمو الفرد من الميلاد حتى نهاية العمر, وبذلك تصلح
هذه المطالب لتوقيت العمليات التعليمية والتدريبية المختلفة, وترتيبها في وحدات
متعاقبة.
وتبيّن هذه المطالب مدى
تحقيق الفرد لحاجاته وإشباعه لرغباته وفقًا لمستويات نضجه وتطور خبراته التي
تتناسب مع سنه، ولذا يظهر كل مطلب من مطالب النمو في المرحلة التي تناسبه من مراحل
نمو الفرد. وتحقيق المطلب يؤدي إلى سعادة الفرد، كما يؤدي إلى تحقيق المطالب
الأخرى التالية التي تظهر في نفس مرحلة النمو أو في المراحل التالية لها، وفشل
الفرد في تحقيق هذا المطلب يؤدي إلى صعوبة تحقيق المطالب الأخرى التالية له.
وتظهر بعض مطالب النموّ
كنتيجة للنمو العضوي؛ مثل: تعلُّم المشي في سنٍّ معين من حياة الطفل، وبعض هذه
المطالب ينتج عن الآثار والضغوط الثقافية للمجتمع القائم, مثل: تعلم القراءة
والكتابة، وبعضها ينتج من القيم التي يعيش بها الفرد، ومن مستوى الطموح الذي يهدف
إليه, مثل: اختيار المهنة المناسبة والاستعداد لمزاولتها.
وفيما يلي نتاول أهم مطالب
النمو وفقًا لما قرره هافيجهرست:
أ- مطالب النمو في مرحلتي
المهد والطفولة المبكرة "من الميلاد حتى السادسة":
1-
تعلُّم المشي، وتناول الأطعمة الصلبة، والكلام، والتحكُّم في عمليتي التبوّل
والتبرّز، والوصول إلى مستوى الاتزان العضوي الفسيولوجي.
2-
تعلم الفروق بين الجنسين وتكوين مدركات ومفاهيم بسيطة عن الطبيعة والواقع
الاجتماعي، والارتباط عاطفيًّا بالوالدين والخوة والآخرين.
3-
بدء تعلم التفرقة بين الصواب والخطأ، والخير والشر، وتكوين الضمير.
ب- مطالب النمو في مرحلة
الطفولة المتوسطة والمتأخرة "6-12 سنة":
1-
تعلم المهارات الجسمية الضرورية لممارسة الألعاب المختلفة، وغيرها من أشكال النشاط
العادية.
2-
بناء اتجاهات مفيدة نحو الذات ككائن حي ينمو، وتعلّم القيام بدور ملائم يتعلّق
بجنسه ذكري أو أنثوي.
3-
تعلُّم الانخراط في علاقات اجتماعية مع الزملاء، وتكوين صدقات، وممارسة الأخذ
والعطاء معهم، وتكوين المفاهيم والمدركات الخاصة بالحياة اليومية، وتنمية
الاتجاهات نحو الجماعة والمؤسسات الاجتماعية.
4-
تنمية المهارات الأساسية في القراءة والكتابة والحساب.
ج- مطالب النمو في مرحلة
المراهقة "12-20":
1-
يتقبّل الفرد التغيرات التي تحدث نتيجة لنموه الجسمي.
2-
الاستقلال العاطفي عن الوالدين والكبار، ونموّ الشعور بالكيان الذاتي.
3- تكوين
علاقات جيدة ناضجة مع الرفاق من كلا الجنسين.
4-
نمو الشعور بالمسئولية وممارسة السلوك الاجتماعي المرغوب، وتنمية المفاهيم العقلية
والمهارات اللازمة للانخراط في الحياة المدنية كمواطن صالح، وتكوين نظام ناضج من
القيم والمثُل العليا التي تؤهله لممارسة أدوار اجتماعية بناءة.
5-
تحقيق الاستقلال الاقتصادي، وتنمية التهيؤ المهني المتعلّق باختيار مهنة أو عمل
معين.
6-
التهيؤ للزواج والحياة الأسرية.
د- مطالب النمو في مرحلة
الرشد المبكر "21-40":
1-
بدء العمل في المهنة التي اختارها الفرد نفسه والاندماج فيها.
2-
اختيار الزوج أو الزوجة، وتكوين الأسرة وتربية الأبناء وإدارة البيت.
3-
الانخراط في علاقات اجتماعية متطورة، وتحمُّل المسئولية الوطنية, واكتشاف الجماعات
البشرية التي تتفق وشخصيته والمشاركة في نشاطها.
4-
تحقيق الاتزان الانفعالي والاستقرار النفسي.
5-
تحقيق مزيد من النضج العقلي والمعرفي, وتكوين نظرة بنَّاءة إلى الحياة.
هـ- مطالب النمو في مرحلة
وسط العمر "40-60 سنة":
1-
تكوين مستوى اقتصادي صحيح والمحافظة عليه، والوصول إلى التحمّل الكامل للمسئولية
الوطنية والاجتماعية.
2-تعميق
العلاقات القائمة بين الزوجين على أساس من التفاهم الصحيح والألفة الأصلية، إلى
جانب مساعدة الأبناء المراهقين للتغلُّب على أزمات النمو حتى يصلوا إلى المستوى
الصحيح للرشد.. وفوق ذلك: تقبل الآباء والشيوخ ومعاملتهم معاملة طيبة، والتكيف
لأسلوب الحياة المناسبة لهم.
3-
تقبل التغيرات الجسمية التي تحدث في هذه المرحلة من العمر, والتكيف لها, مع تكوين
وتنمية الهوايات المناسبة لهذه المرحلة من الحياة.
و مطالب النمو في الشيخوخة
"من 60 وما بعدها":
1-
التكيف للضعف الجسمي والمتاعب الصحية المصاحبة لهذه المرحلة.
2-
التكيف للإحالة على المعاش ونقص الدخل الشهري.
3-
التكيف لموت الزوج أو الزوجة، ورحيل الرفاق أو الأقران، والتكيف لحياة الوحدة بعد
زواج الأبناء.
4-
تنمية وتعميق العلاقات الاجتماعية القائمة بين الأقران, وتهيئة الجو المناسب
للحياة الصالحة لهذا السن.
المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر:
دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع
- This development principle also applies to linguistic
communication;
The translation below might be a lot of mistakes, so don't make
this translation a reference, take a reference from the Arabic text above !
Thank You
Laws and principles of growth:
These principles or laws contribute to the understanding of the
phenomenon of growth, and enable parents and educators to know the individual
and environmental factors under which growth occurs and to predict the growth
path of the individual And directing it to the benefit of the individual and
society, and these laws and principles governing the course of growth are:
1. Quantitative and qualitative growth together: quantative as well
as qualitative:
Valmkm and the quality of growth are inseparable.
As the child grows in the organs of his body, grows in the
functions carried out by these members:
The child's digestive system turns from representing liquids into
digesting solid food and turning it into a juicer that is beneficial to the
child.
Such is said in the synergy of members of the sense and movement is
growing steadily.
And also: in the maturity of cognition and the ability to mental
reasoning.
2. Growth is a steady and orderly process: continuous & orderly
process:
And we mean steadily: they hardly begin to progress in their way at
a tremendous speed, and continue to take this route until it reaches the end of
the break.
And if we marvel at how this newborn, helpless, skillless or
inexperienced creature, soon becomes so much more advanced and compatible with
the environment, "and that is only because it acquires a succession of
acquisitions in speed and order"; the human organism carries Inwardly
motivated to progress, uplift, confront life situations, respond to them, and
adapt them with his inherited intelligence and acquired experience. If we leave
the child and did not intervene in his upbringing to grow on his own, but our
intervention to correct the fainting or deviation we fear that impedes the
normal growth of the belief that any deviation in the stage of growth will
undoubtedly affect the progress of the rest of the stages and that it is good
to be careless Or misuse of queens and forces that are maturing one after the
other "Kamal Desouki: 1979, 25-26".
Growth is an organized process: its guide is the general principle
that we expect for a newborn child what has already happened to previous
births: growth is not spontaneously irregular, but occurs in a typical
systematic fashion. Each stage of growth is the product of the previous stage,
For the next stage, growth is based on the evolutionary sequence with the
emergence of certain characteristics in each age. The observations and
developmental studies of children from birth reveal that there is a general
model followed by all children as follows:
- From the age of 4-16 weeks: The child is able to control the
twelve muscles of the movement of the eye.
- 16-28 weeks: The child can control the muscles that help to
adjust the movement of the head, and to move his arms, and thus begin to get to
eat things.
- From 28 to 40 weeks: He can control his trunk and hands, and this
enables him to sit and move, and catch and eat things.
- From 40 to 52 weeks: the ability to adjust the legs and feet and
fingers of his hands, especially the index finger and thumb, and now he can
stand moderately, and move lightly and pick things up.
- During the second year: walking and being, uttering words and
sentences, and gaining control of the stomach and bladder, and acquire a sense
of identity and personal ownership.
- During the third year: speak sentences, use words as tools of
thought, show a tendency to understand his environment, and to comply with
cultural requirements.
- During the fourth year: he asks many questions, recognizes
similarities, shows a tendency to generalization and mental perception, and can
rely on himself almost in the sphere of domestic life.
- During the fifth year: the child enjoys a good degree of maturity
of motor control can jump and jump, speak without uttering my child, and can
tell a long story, prefer team play, and feel the clothes and what is done by
the work, and now he feels self-assertion, community. "Talaat Mansour,
Adel al-Ashul: 1976".
3. Growth progresses from year to year:
In all aspects of growth, the child's responses are of a general
pattern before they become specialized, and the general activity precedes the
specialized activity.
- Motor responses: A child can see the big things before he can see
the small things, because the movements of his eyes are not consistent enough
to focus on objects or small topics, and the same pattern is shown in the use
of hands: when the child initially to the subject of topics not Using only both
hands, but also casts his body as a whole at the same time, and in about six
months of the child's age is determined response to reach the thing by hands,
and later in about a year of age reach him with one hand, and in the case of
learning a new skill, The child as a whole in this activity, and with the Good
skill in this activity is determined by hands, in the sense that children are
doing simple things first, and with the most complicated later.
On the basis of this fundamental principle of growth, "the
growth of the response from the whole to the part," the development of
language development in children can be explained; observation and sensory
experience precede verbal formulation, pronunciations precede the naming of symbols,
which in turn precedes reading, General words before specific qualitative
words. For example, the word "game" is used for all play instruments
before learning to name each game in its own name. The composition of concepts
goes according to the same sequential model. The child first distinguishes
living subjects from non-living rigid objects, And then different types of
human beings, such as white, black, Egyptian, or Chinese.
0 Response to "قوانين ومبادئ النمو - Laws and principles of growth"
Post a Comment