مبادئ التطور وعلاقتها بالنمو Principles of evolution and its relation to growth
Monday, July 23, 2018
Add Comment
مبادئ التطور وعلاقتها
بالنمو: principles of evaluation
سبق أن أوضحنا أن دراسة
النمو الإنساني تشتمل على النمو الفردي ontogeny, وهو دراسة التغيُّر في الفرد، والنمو التطوري للنوع phylogency, وهو دراسة نشأة الأنواع
وتغيراتها, أي: تطورها. ومن أهم مبادئ التطور هو حدوث تغيرات الطفرة mutation تلقائيًّا وتكرارها في
الجينات، وهي تغيُّرات لا تكون دائمًا مدمِّرة أو غير تكيفية, ومن الواضح أنَّه
عندما تكون هذه التغيُّرات مدمِّرة فإن التركيب العضوي "النوع" يموت،
ويعجز التكوين البيولوجي عن الظهور. ومع حدوث طفرة تكيفية هامشية فإن التركيب
العضوي المتأثِّر لا يحتمل له البقاء هو الآخر؛ لأنه لا يستطيع التكيُّف مع
متطلبات البيئة, ولا يحتمل أن ينجب، وأحيانًا يموت, وأحيانًا تحدث طفرة ليست مدمرة
بيولوجيًّا ولا تعجز عن التكيف البيئي environmental
adaptation, وإذا افترضنا أن المتغير بالطفرة يستطيع
الإنجاب "ليس كل المتغيرين قادرين على الإنجاب"، فإن تركيبًا عضويًّا
معدلًا سوف يولد وقد ينمو, والمتغير الذي يعيش قد يكون أو لا يكون متفوقًا أو أكثر
تقدمًا عن المعدَّل السكاني للنوع.
وتتميِّز عملية التطور
بظاهرة هامَّة هي أن فرز مجموعات الكروموسومات الفردية يكون عشوائيًّا.. والتنوع
العشوائي يؤدي إلى زيادة التنوع في الأنواع، وبذلك يوفر تكيفًا أكبر في نطاق من
الضغوط البيئية أكثر اتساعًا.. وهذا يدفعنا إلى مناقشة هذه المفاهيم المرتبطة
بالنموِّ الإنساني والمؤثرة فيه, ومنها ما يلي:
1-
التكيف adaptation:
بخلاف الوظائف البيولوجية
الواضحة، فإن من أهم مبادئ التطور قدرة التركيب العضوي "النوع" على
التكيّف مع متطلبات البيئة, وقد سبق أن رأينا أن بيولوجية التوالد هي في حد ذاتها
ظاهرة تكيفية، مثال ذلك: أن ازدواج الجينات المدمِّرة، والذي يفترض أنه حدث
عشوائيٌّ يجعل بقاء النسل مستحيلًا, فمفهوم التكيف يجمع بين مكونات التطور
الوارثية والسلوكية، وربط المكونات الوراثية والسلوكية بالنظرية يعرف باسم:
"النظرية التركيبية".
وطبقًا لما قرره كل من
سمبسون، ورو simpson & roe "1958" فإنهما يريدان أن:
"من مظاهر النظرية
التركيبية، والتي لها دلالتها هنا، هي أنها تفيد بأنَّ السلوك عنصر مركزي، وهي لا
تقتصر على تحديد الطريق نحو تفسيرات تطورية وتاريخية للأنماط السلوكية القائمة، بل
تتضمَّن السلوك كعامل من العوامل التي تولّد وترشد التطور.. إن بعض مراحل
الانتخاب، كما في الزيجوت، والجنين، ليست سلوكية مباشرة، في حين أن ظواهر التربية
ورعاية الصغار, والبقاء المترتِّب على ذلك تعتبر ظواهر سلوكية واضحة، وهي عناصر
حاسمة في عملية الانتخاب".
وهذا النص يدل على أن
التكوين الوراثي وما يتبعه من سلوك ومتطلبات البيئة وكلها مترابطة، إن تغييرًا في
أحد المكونات يحفِّز على التغيُّر في كل المكونات الأخرى. إنَّ الضغوط النوعية أو
الوراثية داخل الأنواع التي لا تستطيع التكيُّف بتغيرات البيئة يجري استبعادها
وتندثر, مع أنَّ هذ العمليات يسهل استعراضها بين الأنواع الأدنى من الإنسان، إلّا
أن الأمثلة العديدة التي تظهر بين الكائنات البشرية تجعل المفاهيم هامة في دراسة
النمو الإنساني.
2-
التزاوج الانتقائي selective mating:
إن التطور أكثر ما يكون
عملية عشوائية تولد قدرًا كبيرًا من التغيّر الوراثي، ولكن التطور لا يجري
بالضرورة في اتجاه يضمن سلالة محسنة, ومع ذلك: فإنه من المعقول أن نقول: إنه على
مَرِّ أزمان لا نهائية ظهر نتاج متفوق هو الإنسان, وتفسير تكوّن نتاج متفوق يجب أن
ننظر إلى ما هو أبعد من العشوائية, والتزواج يعتبر من مظاهر التطور التي لا يتمّ
انتقاؤها عشوائيًّا. وقد أظهرت البحوث أن التزاوج اللا عشوائي يحدث في داخل النوع
البشري. إن التكوينات الوراثية للوالدين أكثر ما تكون ترابطًا، الأمر الذي يقلل من
مدى إمكانية التغير. والتزواج الانتقائي لا ينجح إلّا بقدر بقاء البيئة ثابتة ولو
نسبيًّا.
معنى ذلك: أن بعض الأفراد
سوف يضارّون في هذه الظروف، ويمكن اعتبارهم ضمانًا وقائيًّا في حالة تغيّر البيئة
بطرق تتلاءم مع تراثهم, وفي أحسن الأحوال
يمكننا أن نزعم بأن المجتمع يجب أن يبذل جهده في سبيل بقاء بيئات منوَّعة يمكن
فيها لكافة القدرات الوراثية أن تعمل بنجاح, وفي عملية التزاوج الانتقائي، أو
الانتقاء الطبيعي يعمل عاملان: اللياقة البيولوجية للوالدين، وعامل أكثر اتجاهًا
اجتماعيًّا هو الجاذبية الجنسية، وهذا المتغير الأخير يرتبط بالدخل، والتعليم،
والمهنة، والأمومة، وعدد آخر من المتغيرات البيئية والوراثية, حتى إنه يصبح من الصعب
جدًّا التفرقة بينها.
3-
الطفرة mulation:
يقوم التزاوج الانتقائي
بتخفيض التغيُّر الوراثي، وبالتالي تكيف النوع, وليس تكيف النوع البشري, ولحسن
الحظ فإن عملية ثابتة هي الطفرة تقوم بإنتاج نسل مختلف وتعوض آثار التزواج
الانتقائي.
ويقول وليم ج. ماير william j. maeyer "1979": "إننا لا
نفهم جيدًا الأسباب الطبيعية للطَّفرة، ولكننا نعرف أن الأشعة السينية، وهي شكل من
أشكال الإشعاع والتطرف في درجات الحرارة تزيد من احتمال حدوث الطفرة ... ".
وبعض مسببات الطفرة تتجلَّى
في بعض الحالات المرضية، ولكن يبدو من المحتمل أن النوع الإنساني يضم حالات طفرة
أخرى، ولكنها أقل وضوحًا بدرجة كبيرة؛ وحيث إن هذه الطفرات غير ملحوظة، فلا يمكن
بعد تحديد مدى ما ستؤدي إليه بالنوع البشري على مدى بضع ملايين السنين القادمة.
وبالرغم من أن معظم حالات
الطفرة ضارّة بالبقاء، وهي أيضًا متنحية "ولولا ذلك لكان من الضروري أن يظهر
قدر كبير من حالات الطفرة" إلّا أنها ليست كلها سلبية، فعندما تتغير متطلبات
البيئة، فإن نسبة صغيرة ممن يتعرضون للطفرة يمكن أن يكونوا في وضع تكيفي متفوق؛
وحيث إن نسبة صغيرة فقط من الأفراد قد تكون لديهم الجينات اللازمة للتكيف مع تغير البيئة،
فإن الأمر قد يتطلب وقتًا طويلًا لكي تصبح الطفرة جزءًا من السكان الطبيعيين.
وفي الظروف التي يشتد فيها
التغيُّر البيئي، نجد أن البقاء الانتقائي يساعد على احتمال نجاح الطفرة في
التوالد, كما أن التغيُّر البيئي الشديد يستغرق وقتًا طويلًا، ولذلك فإن التكوينات الوراثية للباقين على قيد الحياة
تصبح قابلة للتكيف تدريجيًّا.
4-
السلوك غير المتعلّم:
إن نظرية التطور مستمدة من
مبادئ الانتقال الوراثي، وتفترض أن السلوك التكيفي adaptive
behavior مظهر لتكوين وراثي محدَّد يكمن خلفه, وهذ
الأنماط السلوكية تكتسب قدرتها على التكيف من خلال التطور، وهي محددة فطريًّا, أي:
إنها مبرمجة وراثيًّا وغير متعلمة، والعلماء الذين يدرسون السلوك في صورته
الطبيعية ويركزون على مكوناته التي تبدو غير متعلمة, يطلق عليهم علماء أطوار البشر
ethnologists مثل تينبرجن tinbergen "1951"، كيو kuo "1972"، هس hess "1970"، لورنز lorenz "1965"، وكثيرون غيرهم..
وقد أسهم هؤلاء بالكثير من تفهمنا لتفاعل المتطلبات البيئية والسلوك الفطري،
وأظهروا كيف تعمل المثيرات البيئية كمؤشرات على الاستجابات الفطرية، علاوة على ذلك
كيف تكون هذه الاستجابات تكيفية؟ ويقدم علماء الصفات الإنسانية ملاحظاتهم في
إطارات طبيعية, وذلك بسبب كثرة المثيرات الموجودة في الطبيعة بالمقارنة بالقليل
منها في المعمل، ومن خلال عملية ملاحظة السلوك الجاري دراسته وهي عملية تتسم
أحيانًا بالمشقة ...
وهم يرون أن الإناس تركيب عضوي بيولوجي، وأن له تاريخًا تطوريًّا, وأن أفراد النوع
الإنساني لديهم حصيلة قديمة من الأنماط سلوكية فطرية كانت في وقت ما هي الضمان
لبقاء التركيب العضوي، حتى بدون مساعدة التعلُّم الاجتماعي أو العادات
الاجتماعية.. وبعض هذ الأمثلة للأنماط السلوكية الفطرية تتضمَّن عناصر من السلوك
الجنسي والسلوك العدواني، والاستجابات الاجتماعية الفطرية.
إن معرفة هذه الجوانب كجزء
من تراثنا لها أهميتها، وذلك لأننا بالنسبة للتاريخ التطوري للإنسان لسنا بعيدين
عن الوقت الذي لم تكن توجد فيه تأثيرات ثقافية واسعة الانتشار على السلوك, وبدون
أنماطنا السلوكية الراسخة فينا، فإننا كنوع لم تكن لنتمكن من البقاء مليون سنة.
ومن أقدم الموضوعات التي
شغلت علماء النفس هي ما إذا كان السلوك الإنساني والسلوك الحيواني غزيزيين أو
متعلمين، فالسلوك الغريزي يكون موروثا وليس متعلَّمًا، وذلك من خلال التجربة أو
المحاكاة، وقد يكون أبسط أنواع هذا السلوك هو طرف العين استجابة لموقف مثير,
والكائنات البشرية تبدي الكثير من مثل هذا الانعكاس الذي يبدو متكيفًا. إن المفهوم
القديم للغريزة كقوة داخلية تحددها الجينات، ومستقلة عن المثيرات البيئية
"تعلم"، قد غضَّ النظر عنه بدرجة كبيرة بسبب هذه الأنماط السلوكية, ولا
يقبل علماء الصفات الإنسانية المعاصرين بعض الآراء القائلة بأن الوراثة تحدد
نظامًا جسميًّا سابق البرمجة يتفاعل مع مجموعة كبيرة من المثيرات البيئية, وبعبارة
أخرى: فإن البيئة تتفاعل مع الإمكانات الوراثية لإنتاج تنظيم لكل نظام استجابة،
وفي الكائنات البشرية نجد أن البيئة لها دور قوي على الإمكانات الوراثية، وبالتالي
تلعب دورًا أكثر نشاطًا في تحديد أنماط الفعل. الأمر الذي قد يكون راجعًا إلى
زيادة تنوع هذه البيئة بالمقارنة ببقية الحيوانات الأدنى.
صفات الاستجابات غير
المتعلمة:
إن المفتاح لفهم السلوك
الفطري هو أن شكله يتجسَّم ويظهر حتَّى ولو أتيحت للتركيب العضوي الفرصة لملاحظة
الكثير الذي يظهر السلوك أو يقابله, وأنماط السلوك التي تتفق وهذا المعيار تسمَّى
بأنماط الفعل الثابت fixed action patterns، وأنماط السلوك الغريزي ثابتة بقدر ثبات هيئة الأنواع؛ وحيث إن
التركيب العضوي لا يستطيع البقاء إذ كان عليه أن يستجيب دون تمييز لكل المثيرات في
بيئته, فهو يجب ألّا يستجيب إلّا لعدد منها، فما الذي يحدد أي المثيرات هو الذي
يستوجب الفعل الثابت: هل هو التعلُّم أو آلية فطرية؟
إن الجواب طبقًا لآراء علماء
الصفات الإنسانية هو أن كلًّا من المثير الفطري والمتعلَّم يمكن أن يولد استجابة
معينة ولا يستجيب لكل المثيرات البيئية الممكنة, ومن المعتقد أن هذه الآليات تعمل
كمستقبل للمثيرات الرئيسية، وهي بالضرورة متكيفة مع العالم كما هو، وبذلك لا
يستجيب إلّا للمثيرات التي لا بُدَّ وأن تتسم بها مواقف بيولوجية معينة.
وللسلوك الفطري ثلاث صفات
أخرى هي: العمومية، التتابع، والتكيف المحدد للنوع. ومع أن أنماط السلوك التي
اعتبرت عادةً أنها فطرية لها هذه الصفات الثلاثة، إلّا أن هذه المعايير وحدها غير
كافية لاستبعاد التعلُّم كفرض تبادلي محتمل, وفيما يلي توضيح لهذه الصفات الثلاث
للسلوك الفطري:
أ- العمومية universality:
تتطلَّب العمومية أن يظهر
نمط فعل ثابت في كل أفراد النوع البشري لكي يمكن وصفه بالسلوك الفطري, وقد يحدث أن
قليلًا من أفراد النوع لا يظهرون هذا السلوك، وقد يرجع ذلك إلى طفرة ومرض، ومن
الصعب التأكيد عمَّا إذا كان بعض التحول في السلوك ناتجًا عن طفرة أو عن التعلم،
ولكن يبدو من المعقول أنه إذا ظهر هذا التحول على عدد قليل فقط من أفراد النوع
البشري، فمن المحتمل أن يكون السبب راجعًا إلى طفرة. إن العموم كمعيار لا تستبعد
احتمال التعلُّم، وحتى لو أن كل أفراد مجموعة ما يظهرون سلوكًا معينًا، فهو مع ذلك
قد يكون نتيجة تأثير بيئي عام, وإذا علمنا أن كل أفراد النوع يشتركون في هيئة
وتركيب جسمي واحد، وأنهم يشاركون في نفس البيئة العامة، فإننا لن ندهش إذا وجدنا
أن كل أفراد النوع يسلكون نفس السلوك في نفس الظروف، ويلاحظ أن مثل هذه النتيجة لن
تضر كثيرًا الاعتقاد بالآليات الفطرية، وذلك لأن الطرق التي تستجاب بها المتطلبات
الفطرية للتركيب العضوي "مثل الحاجة إلى النوم أو الدفء" يمكن جدًّا أن
تكون متعلَّمة. إن التركيبات العضوية يمكن أن تكون لها متطلبات فطرية للبقاء، ولكن
السلوك يمكن أن يتخذ العديد من الأشكال لتحقيق هذه المتطلبات للفطرة.
ولإيضاح كيف يمكن لاستجابة
فطرية ظاهريًّا أن تتأثَّر بالتعلُّم، نختار تجربة استخدمت فيها أفراخ البط، وقام
بها إيكارد هس Eckhard hess" 1959", وقد حصلت تجارب
أخرى على نفس النتائج باستخدام الكلاب والطيور, وقد خططت تجربة هس لاختبار مثل:
أفراخ لإتباع البطة الأم", وقد وصلت بطة كبيرة صناعية بجهاز دوار، وأتيحت
لأفراح البط فرصة لمتابعة البطة الصناعية، وكانت سرعة دوران البطة الخداعية وعدد
الدورات تسجّل آليًّا، وكان هناك أجهزة تسجيل
تطلق أصوات نداء البط، الذكور والأنثى، ووضعت أفراخ البط في الجهاز في أوقات
مختلفة بعد الفقس، تتراوح من 1-4 ساعات، إلى 29-32 ساعة، وقد عرضت كل الأفراخ
أولًا لذكر البط الخداعي، ولكن في ظروف التجربة وضعت الأفراخ بين نموذج الذكر
الخداعي والأنثى الخداعية التي لا تختلف عن الذكر إلّا في لونها, وقد أخذ
"هيس" يلاحظ إلى أيّ النوذجين الخداعيين تتجه الأفراخ؟ وكان يتوقع أن
تتجه الأفراخ نحو النموذج الذكر, وكانت الظروف الأربعة التجريبية تمثل نظمًا
متدرجًا في الصعوبة:
1-
كلا النموذجين ثابتان وصامتان.
2-
كلا النموذجين ثابتان ويناديان.
3-
الذكر ثابت والأنثى تنادي.
4-
الذكر ثابت وصامت, والأنثى تتحرك وتنادي.
فإذا استجاب الفرخ للنموذج
الذكر في التجارب الأربعة كلها، وحصل على 100% من النقط، ويرى "هيس" أنه
تبدو أن هناك سِنًّا حرجة كانت فيه آثار التجربة الأولية أكثر فاعلية "14
ساعة بعد الفقس تقريبًا". والظاهرة التي وصفتها توحي بأن سلوك التتبُّع
بالنسبة للأفراخ يتطلب مثيرًا، ويعزز الاعتقاد العام بأن تجارب الطفولة المبكرة
لها أهميتها في النمو اللاحق للتركيب العضوي. "شكل: 26".
النسب المئوية للحيوانات في
كل محموعة عمرية التي اتبعت في كل محاولة اختبارية.
وتبين نتائج تجربة هيس hess "1959" أن أنماط السلوك
التي تبدو وكأنَّها غريزية أو غير متعلمة تتوقف في الواقع على مثيرات معينة في
فترة الحياة المبكرة للتركيب العضوي, وقد أشار هيس hess إلى هذه الأنماط باعتبارها "شبه غريزية"، ولكن المهم
فيها هو أن ظهورها يتوقَّف ليس فقط على أحداث بيئية معينة، ولكن أيضًا على توقيت
هذه الأحداث، فإذا طرأت مناسبة بيئية مبكِّرة أو متأخِّرة أكثر من اللازم تضعف قوة
المثير، وفي بعض الحالات المتطرفة لا يحدث إطلاقًا, وقد تحدث مناسبة مماثلة
للأطفال حديثي الولادة في تكوين الصلات بين الأم والطفل.
ب- التتابع sequentially:
وهو الآخر كمطلب للسلوك
الفطري يثير نفس المشاكل التي سبق وصفها في حالة العمومية, ولنتصور نمو ما كالمشي،
ظاهريًّا يشير مثل هذا التتابع إلى أن
السلوك فطري ويتجلى بيولوجيًّا.. وتبين التجربة الفاصلة أن البيئة لا تقوم ببرمجة
التعلُّم الذي يتلقَّاه الطفل برمجة تتابعية، وبذلك تبدو وكأنها تتابع مبني
داخليًّا.. وسوف نستكشف هذه المسألة بتفصيل أكبر عند مناقشة مفهوم بياجيه للنمو
المعرفي الذي يعتمد على افتراض التتابعات العامة، وعند مناقشة مثل هذه التتابعات
لن يكون هناك جدل كبير حول التغيرات الكبرى في السلوك, إن طفلًا في السادسة من
عمره "لا يحتمل أن يحل المعادلات الجبرية"؛ حيث إن الاختلاف الأكبر هو
ترتيب المراحل الجارية في تتابع ثابت.
ج- التكيف النوعي للأنواع sepcies - specific asaptiveness:
وهو المعيار النهائي للسلوك
الفطري, فأنماط السلوك التي توافق هذا المعيار لا تستخدم إلّا في مواجهة المتطلبات
البيئية، وهي ضرورية للبقاء, ورغم أن أمثلة لا حصر لها من هذه الظاهرة تبدو في
الدراسات الخاصة بالتركيبات العضوية التي دون الإنسان، فإن مجموعة من الأبحاث التي
أجراها فريدمان freedman "1961، 1964" قد دلَّت على أنَّ الاستجابة الأولية لابتسام الوليد هي
"أ" عامة، "ب" لها تكيف شاذ؛ لأنها تحمي الطفل من الأذى. وكما
هو الحال في معيار العمومية والتتابعية، فإن التكيف الشاذ يحتاج لِأَنْ تكون كل
الفرص للتعلُّم محكومة، وهو شرط لا يبدو تحقيقه محتملًا عن طريق ابتسامة الطفل ... وفي الحيوانات التي تظهر تتابعًا سلوكيًّا شديد التعقيد، ولا يحتمل
أن تتعلم في فترة قصيرة، توفر التكيفية الشاذة أقوى الحالات الثلاثة من المعايير
التي ناقشناها، وذلك لوجود أنماط سلوكية غير متعلمة.
وبصفة عامة: فإنه من الأسهل
مع الحيوانات مما هو مع الإنسان أن تقدم أمثلة لسلوك يناسب معيار النظرية, وإن
السلوك غير المتعلم بين أفراد الإنسان لا يعتبر حاسمًا؛ لأنه من الصعب جدًّا خلق
مواقف تجريبية تحرم التركيب العضوية من فرص التعلّم، ولأن الإنسان أكثر استجابة
للتغيرات مع متطلبات البيئة.
وبالنسبة للصعوبات في تحديد
ما إذا كان السلوك فطريًّا وغير متعلم، لنا أن نتسائل ما إذا كان أي سلوك يوافق
المعيار، وهناك العديد من التجارب التي أجراها عديد من العلماء حول السلوك الفطري
والسلوك المتعلّم, ومن التجارب التقليدية
التي أجراها كارميكل carmichael "1926" فقد استخدم سلمندر مغموسة تمامًا في محلول يحتوي على
الكلوريتون الذي يشل التركيب العضوي تمامًا دون أن يؤثر على النمو العضلي العصبي،
وقد غمس السلمندر في المحلول قبل موعد حدوث الحركات الجسمية في مرحلة نموها، ثم
رفعها من المحلول في الوقت الذي كان المفروض أن تبدأ فيه السباحة في حالتها
الطبيعية، ثم وضعت مجموعة ضابطة من الأجنَّة في ماء عادي وربيت في ظروف تقرب من
الظروف الطبيعية، وعندما بدأت المجموعة الضابطة في السباحة، رفعت السلمندر من
محلول الكلوريتون ووضعت في ماء عادي، ثم أثيرت بقضيب كهربي، وفي خلال 30 دقيقة
تقريبًا أظهرت ردود فعل طبيعية للسباحة, وتفسير هذه التجربة أنَّ الاستجابة
للسباحة لا يمكن أن تكون قد تَمَّ تعلمها، ولكنها كانت تعتمد على عمليات نمو
فطرية، وأما السبب الذي جعل التركيب العضوي يستغرق 30 دقيقة ليبدأ في السباحة هو
أن مفعول الكلوريتون استغرق 30 دقيقة ليزول. وقد كرر "كاميلك" التجربة
مستخدمًا مجموعات ضابطة مناسبة لاختبار تأثير الكلوريتون وتوصَّل إلى دليل قاطع
على أن الثلاثين دقيقة كانت راجعة فعلًا إلى زوال تأثير الكلوريتون.
وهناك تجربة تقليدية قام بها
كروز cruze "1935" على الكتاكيت
لبيان أن سلوك النقر عند الكتاكيت فطري, وقد أجريت دراسات عديدة على صغار الكتاكيت
لتظهر: هل القدرة على النقر السريع الدقيق تظهر عند الكتاكيت منذ فقسها حتى لو
ربيت في الظلام؟ وقد قام كروز بتربية الكتاكيت في الظلام، وأطعمها بوضع كريات صغيرة
من الغذاء في فمها، وسقاها الماء بقطارة.. إلخ. وأظهرت النتائج أن الكتاكيت آليات
جسمية فطرية للنقر، ولكنها تحتاج لتمرين قبل أن تصل لمستوى عال من الكفاءة.
"شكل: 27".
وعلى هذا فإن مؤدَّى نتائج
التجارب يوضح أن السلوك ما هو إلّا جزء من مخزون التركيب العضوي, أما حدوث الفترات
الحرجة critical period في النمو فهو محل جدل,
ومن الصعب وجود دليل قاطع لتعزيز هذه الفكرة, ومهما يكن من أمر، فإن الذين
يحبذونها، يرون أن الفترة الزمنية التي يجب أن تحدث فيها
الخبرات الحاسمة لظهور
تأثيرات مثيرة على الاستعداد الفطري للاستجابة، هذه الفترة لدى الإنسان أكبر منها
لدى التركيبات العضوية دون الإنسان.
إن دراسات أنماط الفعل
الثابت مثلها مثل دراسات النضج الجسمي، تضع الأساس لفطرية بعض أنماط السلوك,
وسنحاول تحليل مضمون عدد قليل من هذه التجارب, ولعل من أهم الدراسات التي أجراها
تينبرجن tinbergen وهو من أبرز الباحثين في
هذا المجال، دراسة تبحث في توالد سمكة "أبو شوكة".. وتمثل هذه الدراسة
معالجة أخلاقية من حيث إن ملاحظات السلوك قد أجريت في إطار طبيعي.. وهذه الأبحاث
ضرورية لكي نحدد قطعًا ما إذا كانت المثيرات الإشارية متعلمة أو فطرية, فالقدر الهائل
من الأبحاث التي من هذا النوع تبين بما لا يدع مجالًا للشك أن آليات فطرية داخلية
تتفاعل مع المثيرات البيئية بطرق فريدة بالنسبة للأنواع, وفي تقديرنا أن ذلك مفهوم
بالغ الأهمية لدراسة النمو الإنساني.
المصدر : المكتبة
الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
Principles
of evolution and its relation to growth: principles of evaluation
We
have already explained that the study of human growth includes individual
ontogeny, the study of individual change, and the evolutionary growth of
phylogeny, the study of the genesis and changes of species, that is, their
evolution. One of the most important principles of evolution is mutational
changes and their replication in genes, which are not always destructive or
non-adaptive. Obviously, when these changes are destructive, the organic structure
"species" dies, and the biological composition fails to appear. With
a marginal adaptive mutation, the affected organic structure is also unlikely
to survive because it can not adapt to the requirements of the environment, is
not likely to have children, sometimes dies, and sometimes a mutation that is
not biologically destructive and fails to adapt to environmental adaptation.
With a mutation that can reproduce, "not all variables are able to
reproduce", a modified organic structure will be born and grow, and the
variable that lives may or may not be superior or more advanced than the
population's sex rate.
The
process of evolution is characterized by the important phenomenon that the
sorting of groups of individual chromosomes is random .. Random diversity leads
to increased diversity of species, thus providing greater adaptation to a range
of environmental pressures more extensive .. This leads us to discuss these
concepts associated with human growth and impact, the following:
Adaptation:
Unlike
the obvious biological functions, one of the most important principles of
evolution is the ability of organic structure to adapt to the requirements of
the environment. We have already seen that the biology of reproduction is
itself an adaptive phenomenon, for example: Birth control is impossible. The
concept of adaptation combines the components of inherited and behavioral
evolution, linking genetic and behavioral components to the theory known as
structural theory.
According
to Simpson and Roe (1958), they want to:
"One
of the manifestations of structural theory, which is significant here, is that
it teaches that behavior is a central element. It is not limited to defining
the path to evolutionary and historical interpretations of existing patterns of
behavior. Rather, it includes behavior as a factor that generates and guides
evolution. As in zygote and fetus, are not directly behavioral, while the
phenomena of education and care of young people, and the consequent survival
are clear behavioral phenomena, which are crucial elements in the election
process.
This
text indicates that the genetic composition and subsequent behavior and
requirements of the environment are all interrelated, that a change in one
component stimulates change in all other components. Specific or genetic
pressures within species that can not adapt to environmental changes are
excluded and disappear, although these processes are easier to review among
lower species, but many examples that appear among human beings make concepts
important in the study of human growth.
Selective
mating:
Evolution
is more often a random process that generates a great deal of genetic change,
but evolution does not necessarily take place in a direction that ensures an
improved strain. However, it is reasonable to say that over infinite times
superior human output has emerged, We must look beyond randomization, and
marriage is a manifestation of evolution that is not picked randomly. Research
has shown that non-random mating takes place within the human species. Genetic
configurations of parents are more closely interrelated, reducing the
possibility of change. Selective marriage succeeds only if the environment
remains relatively constant.
This
means that some individuals will be adversely affected in these circumstances
and can be considered a safeguard if the environment changes in ways that are
appropriate to their heritage. At best, we can argue that society must strive
to maintain diverse environments in which all genetic capabilities can work
successfully. In the process of selective mating, or natural selection, two
factors work: the biological fitness of parents and a more socially oriented
factor is sexual attractiveness. This latter variable is related to income,
education, occupation, motherhood, and a number of other environmental and
genetic variables. B Weigh.
3.
Mulation:
Selective
mating reduces genetic variation, thus adapting the species, rather than
adapting the human species. Fortunately, a steady process is a mutation that
produces different offspring and compensates the effects of selective breeding.
William
J. Mayer william j. maeyer 1979: "We do not understand well the natural
causes of the mutation, but we know that x-rays, a form of radiation and
extreme temperature increases the probability of a mutation ...".
Some
of the causes of the mutation are evident in some cases, but it seems likely
that the human species includes other, but less obvious, mutation cases. Since
these mutations are not noticeable, it is not yet possible to determine the
extent to which they will result in human species over the next few million
years .
Although
most mutation cases are detrimental to survival, they are also recessive.
"Otherwise, it would have been necessary to show a great deal of
mutation," but not all of them are negative. When environmental requirements
change, a small proportion of those exposed to mutation can be in a superior
adaptive state ; Since only a small proportion of individuals may have genes to
adapt to environmental change, it may take a long time for the mutation to
become part of the natural population.
In
conditions of high environmental change, selective survival helps to predict
the success of the reproductive boom
0 Response to "مبادئ التطور وعلاقتها بالنمو Principles of evolution and its relation to growth"
Post a Comment