بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد ، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

النمط النمائي المعرفي Cognitive - Develpmental Model

2- النمط النمائي المعرفي Cognitive - Develpmental Model:
النمط الثاني في الكون الذي كان له أثر بالغ على أبحاث علم النفس هو النمط العضوي "Oveton & Reese, 1973" Organic Model وريس وأوفرتون "Reese & Overton, 1970" وهذا النمط يفترض أن الكون يعمل أشبه بتركيب عضوي حي وليس كآلة, ويعتبر من المؤكد حدوث التغير في تركيب المجموع "الكل"، وأن هذا التغير يكون في شكل أو حالة الكون، ولذلك فإنه تغير نوعي وليس كمي, ونتيجة لذلك يفهم التغير بأنه يحدث في مراحل متتابعة، تختلف كل منها اختلافًا نوعيًّا عن الآخرى, وأكثر منها تعقيدًا، ولكنها لا تختصر فيما بينها, والأهمية الكبرى هي في اكتشاف قواعد الانتقال من مرحلة إلى مرحلة ثانية.
وفي هذا النمط نجد أن المجموع أكبر من مجموع أجزائه، ذلك لأنه يضفي معنى على الأجزاء، بمعنى: إن معرفة الأجزاء لا تعني بالضرورة كما هو الحال في النمط الآلي أنها تسمح لجزء واحد بمعرفة شيء عن المجموع، وأخيرًا: فإن أسباب السلوك وتغيراته في هذا النمط نمائي أو قصدي بطبيتعه, يسير متقدمًا إلى الأمام. والتغير لا يحدث فقط عن أسباب فعالة، ولو أن هذه الأسباب قد تسهل أو تعوق التغير، والسبب في ذلك هو أن النَّمط يفترض أن المجموع نشط, وفي حالة انتقال متواصلة، ومن هنا يجب تحديد موضع السبب في المجموع، ويسمَّى ذلك بالسبب الشكلي frmal cause. والسبب الشكلي بالنسبة لمفهوم "كون" نشط تخضع لتغير نوعي تحول دون وجود كون قابل للتنبؤ به, ويمكن تحديد كمَّه، ذلك لأنَّ الأسباب الغائبة لا تسمح بالتنبؤ الكامل، والتغيرات النوعية لا يمكن أن تكون كمية تمامًا. وثَمَّة مثال شائع في الحياة اليومية قد يساعد على إيضاح هذا النمط, فلننظر إلى التركيب الكيميائي للماء, ونفحص خواص الأكسجين والأيدروجين كلًّا على حدة، فمن الواضح أن أيًّا منهما ليس له خواص الماء, ولكن
عندما يتحد الاثنان اتحادًا كيميائيًّا تبرز خواص الماء "البلل مثلًا", وفي مجال الكيمياء يعتبر هذا مثلًا للمجموع الذي يزيد على أجزائه كل على حدة, وبمعنى آخر: فإن المجموع "أكسجين + أيدروجين" أكبر، وله صفات مختلفة عن أيٍّ من الجزئيين كل على حدة، كما أن التغير نوعي ويرجع إلى طبيعة العناصر المشتركة في التفاعل "سبب شكلي", وهذا التغير لا يشبه إضافة أجزاء إلى آلة ما، ذلك لأن الخواص الجديدة الناتجة لا يمكن اختصارها إلى العناصر الأبسط، غير أنها في الآلة ممكنة "فالترانزيستور" يعمل بنفس الطريقة في آلة بسيطة. وثَمَّةَ مثال يشمل عدة مراحل نوعية يبدو لنا في تتابع التغيرات التي تبرز منها الفراشة: البيضة، اليرقة، الشرنقة، الفراشة، فهذه التغيرات نوعية, ومن نوع غير قابل للانعكاس "reese & overton, 1970"، وكما تدل على هذه الأمثلة فإن المجموع يضفي معنى على الأجزاء.
وفي مجال علم النفس يترجم النمط العضوي للكون إلى نمط التركيب العضوي النشط active - organism model للسلوك الإنساني "reese & overton 1973", فالإنسان يعتبر "نشطًا بالفطرة وتلقائيًّا"، وهو "مصدر لأفعال، ولا يتقصر على النشاط بأسباب فاعلة, ويعتبر الإنسان مصدرًا للسلوك، وقادرًا على توليد أنماط سلوكية جديدة، ليس فقط كمستودع لأفعال متعلمة تصدر تبعًا لأسباب فاعلة، إن مختلف نظريات التركيب العضوي النشط في النمو مثل: نظرية بياجية piaget's Theory "1952" عن النمو المعرفي cognitive development ونظرية فرويد freud's theory "1930، 1935" عن تكوين الشخصية تستندان على النمط العضوي, ونظريات النمو المنبثقة عن النمط العضوي مثلها في ذلك كمثل مختلف نظريات الآلية بها بعض الاختلافات الأساسية, ومهما يكن من أمر: فإن العموميات التي تضم هذه النظريات تضعها في "أسرة واحدة, وكل نظرية في هذه الأسرة تشارك الأخريات مبدأ أساسيًّا فيما يختص بطبيعة التركيب العضوي للإنسان.
ومن داخل النمط العضوي للنمو، يعتبر التغير واقعًا مقبولًا, وبعبارة أخرى: فإن النمط العضوي قابل للنمو والتغير "reese & overton 1973". إن طبيعة
التغير النمائي طبيعة نوعية "تغير في النوع"، أكثر مما هو تغير كمِّي "تغير في الكمية"، والتغير يكون من مرحلة نموٍ ما أقل تعقيدًا إذا تَمَّ الانتقال إلى مرحلة أكثر تعقيدًا, ونتيجة لذلك: فإن هذا النمط لا يفترض التنبؤ الكامل بالسلوك، كما أنه لا يشدد في إيجاد علاقة بين السلوك وأسباب فاعلة محددة. وفي كل مستوى جديد من مستويات النمو تبرز خواص تركيبية جديدة للجسم, لا يمكن اختصارها مباشرة إلى خواص المستوى الأدنى, ومع نمو التركيب العضوي، ونضجه، ونموه، يكتسب أشكالًا جديدة مختلفة نوعيًّا للتفاعل مع البيئة, وذلك بسبب التغيرات التي تجعل التنبؤ بالسلوك في منتهى الصعوبة. والتصور الأساسي طبقًا لـ" rees & overton, 1970, 126" هو أنه "يوجد تركيب عضوي منظم يعرض بعض الوظائف، وأن التركيب يتغيّر في تنظيمه أو شكله مع تغيرات تالية في الوظيفة, وبالنسبة لكثير من علماء النفس، خاصَّة أولئك الذين أطلق عليهم اسم "علماء نفس النمو", فإن التغيّرات ليست إتجاهية أو قابلة للانعكاس، وهي موجهة نحو حالات أو أهداف معينة, ولذلك فإن الأبحاث التي تقوم على نمط التركيب العضوي النشط تؤكّد التغيرات النوعية التي يتقدّم فيها الإنسان في أثناء النمو, وفي مناقشتنا لنظرية بياجيه المعرفية سوف نناقش مراحل متعددة تتطور فيها عمليات التفكير. إن الطفل الوليد يفكّر مع الأفعال، والشخص البالغ يمكنه أن يفكّر برموز تجريدية, وتعتبر هذه طرقًا نوعية مختلفة للتفكير، وهي نتيجة الانتقال من مراحل نمو مبكرة إلى مراحل تالية أكثر نضجًا وتعقيدًا. وهذه التغيرات، وتغيرات أخرى أكثر دقة تحدث مواكبة تنكشف في السلوك. إن قدرات الفرد البالغ على التفكير تسمح بأنواع مختلفة من السلوك أكثر مما في حالة الطفل، وأن السلوك الظاهر phenomeno behavior، بدلًا من أن يعتبر نتيجة النمو فحسب، فإنه يمثل أيضًا النمو ويفهرسه، وذلك أنه يعكس تغيرات في تكوين التركيب العضوي.
ولذلك فإن وجهة النظر الخاصَّة بالنمو المعرفي، تنظر إلى النمو كمتغير أساسي يحدث داخل تركيب عقل أو شخصية "التركيب العضوي" نفسه, وطبيعة هذا التغيُّر يتجه دائمًا نحو تعقيدات أكبر في النمو " rees & overton, 1970". ووجهة النظر هذه ذات عدة دلالات, نرى أنه من المناسب عرضها الآن, وهي:
أ- الاستمرارية/ التوقف "عدم الاستمرارية" continuity/ dizontinnity:
ثمة موضوع يثار عمَّا إذا كان النمو يحدث بطريقة مستمرة أو أنه يتوقف, ويرى أصحاب نظرية "التركيب العضوي النشط" أن النمو يحدث خلال سلسلة من المراحل، كل منها يمثل نمطًا نوعيًّا مختلفًا من التفاعل مع البيئة. إن نظرية "بياجية" عن النمو المعرفي "1952" تقدم سلسلة من المراحل في نمو الذكاء، وكل مرحلة أكثر تعقيدًا من المرحلة السابقة لها، وتضم تقدمًا نمائيًّا عن المراحل السابقة.
ومع أن النمو قد يبدو كمجوعة من مراحل غير مستمرة، فإن هذه المراحل تمثل رؤية أساسية للنمو، ولا تدل على توقف حقيقي، وينظر إلى النمو كعملية تغيّر مستمرة وبطيئة, وفي كل مرحلة يحدّد مستوى النمو من واقع مكونات التركيب العضوي، أي: إن السلوك يدل على النمو البنائي للتركيب العضوي، وهو الطريقة التي يمكن بها أن نعرف مرحلة النمو لهذا التركيب, والتكوينات بدورها يفترض أن تنعكس في السلوك, ومن هنا فإنَّ التسلسل المنطقي هو أنَّ السلوك يتحدَّد بتكوينات تعكس بدورها مراحل النمو, ويفترض أن تضم كل مرحلة القدرات "التكوينات" الخاصة بالمراحل السابقة، ولكن يفترض فيها أيضًا أن تكون أكثر من ذلك, ومن ثَمَّ فإنه من المستحيل تخفيض سلوك معقَّد إلى مجموعة من الأنماط السلوكية الأبسط، وهي الأنماط التي تكوّنه "شكل: 43"، كما يحاول ذلك أصحاب نظرية التعليم. وينظر إلى الطفل باعتباره قادرًا على توليد تكوينات
جديدة, وبالتالي أنماط سلوكية من مجموعة عقلية من عناصر موجودة فعلًا، ولكن تمثّل أنماطًا جديدة أكثر تعقيدًا من الوظيفية, ولنتذكر المثل الذي قدَّمناه عن مزج الأيدروجين والأكسجين ليكون لهما خاصية البلل "الماء" الذي يتمّ الحصول عليه من مزجهما. إن التغيّر الذي يحدث للعناصر عند مزجها تغيّر نوعي, وتبرز خاصة جديدة "الماء" لا يمكن اختفاءها مباشرة إلى العناصر الأبسط, وكذلك السلوك الناتج من العناصر الممتزجة يختلف عن سلوك أيّ عنصر منفرد, ويفترض نمط التركيب العضوي أن السلوك الإنساني "الذكاء بصفة خاصة" هو أيضًا نتيجة لتغيرات نوعية, وخواص السلوك العقلي المعقَّد لا يمكن اختصارها إلى خواص السلوك العقلي البسيط الذي انبثقت منه.
وتعتبر كل مرحلة أن لها صفاتها الخاصّة، علاوةً على صفات كل المراحل السابقة, مثال ذلك: ما اقترحه بياجية "1952" من أنَّ القدرات العقلية الخاصة بكل مرحلة تندرج في قدرات المرحلة التالية, وهكذا فإن التفكير الإجرائي المحسوس concrete operational thinking "المرحلة الثالثة" يندرج في التفكير الإجرائي الشكلي frmal operational thinking "القدرات التجريدية للفكير في المرحلة الرابعة"، ولكن التفكير التجريدي يختلف في النوع عن التفكير المحسوس, كما أن التفكير الإجرائي الشكلي لا يمكن اختصاره مباشرة إلى تفكير محسوس, ولذلك فإن مجموع نمط التركيب العضوي في وقت معين أكبر من إجمالي الأجزاء.
ب- الكفاءة والأداء competence / porformance:
وثمة موضوع هام آخر يبرز من نمط التركيب العضوي النشط، وهو التفرقة بين الكفاءة "الجدارة"، والأداء, ويمكن تعريف الكفاءة competence بأنها مدى إمكانات "قدرات" التركيب البشري في إطار معيّن من السلوك. أما الأداء performance فيمكن أن يعرَّف بأنه: السلوك العملي "الفعلى" للفرد في وقت معين وظرف معين, وفي داخل رؤية التركيب العضوي المتفاعل، فإن سلوك الفرد أي أداءه يدل على ما يستطيع الفرد عمله بالفعل, ولا يسري ذلك بالنسبة لنمط التركيب العنصري. إن السلوك في أيّ وقت معيّن يفترض أن يعكس الأداء فقط، وليس كل أجزاء الكفاءة "الاقتدار".
والأداء ليس سوى قياس غير كامل الاقتدار "الكفاءة", وعلى ذلك: فإن سلوك الفرد يعكس جزئيًّا اقتدار الفرد, وكمثال لتأمّل نمو اللغة: إن طفلًا في الثالثة من عمره قد يستطيع استخدام جملة من ثلاث أو أربع كلمات للاتصال بوالديه أو من هم أكبر منه, ولكن هل هذا هو أقصى إمكانيات potentials الطفل؟ الواضح أن الإجابة عن هذا التساؤل هي النفي, والمؤكد أن الطفل يستطيع أن ينتج جملًا أطول، وحتَّى لو اعتبرنا عينة من الأداء أكثر اتساعًا، فمن المحتمل ألَّا نحصل على مقياس دقيق لاقتدار "كفاءة" الطفل, والسبب في ذلك أن الأداء يتأثَّر بعدد من العوامل مثل: التعب.
وإذا نحن غيرنا هذه العوامل: فإن الأداء لا بُدَّ وأن يتغيِّر، ولكنه لا يحتمل أن يضاهي الاقتدار "الكفاءة" مباشرة, ويبدو لنا ذلك شديد الوضوح إذا سألنا الطفل أن يقلد مجموعة من الكلمات لا معنى لها, فهو قد يتمكَّن من محاكاتها "أداء"، ولكن لا يحتمل أن نستنتج من ذلك أن اقتدار الطفل يعكس كفاءته على تقديم كلمات لا معنى لها بطريقة مباشرة, ولما كان المفترض أن الاقتدارات "الكفاءة أو الجدارة أو الأهلية" تتغيّر مع مستوى النمو للفرد، وحيث إن النمو يتغيّر باستمرار، فإن الاقتدرات "الكفاءات" تتغير باستمرار.
والآن يجب أن يكون بالإمكان فهم معنى مصطلح "تركيب عضوي نشط" active prganism, والمفترض أن التركيب العضوي النشط في حالة تغير مستمر, وهذا التغير نوعي؛ لأن التركيب العضوي -بطريقة ما- يضيف إلى خبراته، ويكون طرقًا جديدة مختلفة للتفاعل مع البيئة، وهذه الطرق لا يمكن اختصارها مباشرة إلى خبرات بيئية محددة، كما لا يمكن تفسيرها بأسباب فعالة, وبعبارة أخرى: يبدو التركيب العضوي نشطًا بطريقة غريزية وتلقائية، كمصدر للسلوك ولتغيرات السلوك, وهو يقوم بدور نشط في تغيير كفاءته "جدارته"، الأمر الذي لا تستطيع أي آلة أن تفعله, وهذه التغيرات تعكس اختلاقات نوعية في النمو؛ فاليافع ذو الخمسة عشر ربيعًا مثلًا يستطيع أو لديه الكفاءة على إنتاج أنواع مختلفة من الحلول للمسائل أكثر مما يستطيعه طفل في الخامسة, وسواء قلنا أن الشاب ذو الخمسة عشر ربيعًا أفضل من طفل الخامسة بمقدار عشر مرات أو ثلاث مرات
في حل المسائل، فإن ذلك خارج عن الموضوع. إنَّ ما يتعلق بالموضوع هو أنَّ الاقتدارات أو الكفاءات والجدارة أو المستوى الوظيفي للشاب ذي الخمسة عشر ربيعًا تختلف عن اقتدارات أو كفاءات طفل الخامسة.
وقد يكون من المناسب الآن أن تسأل كيف تحدث هذه الاختلافات في الاقتدار أو الكفاءات, وما هي الدوافع خلف هذا النوع من التغير؟ إن السبب الأساسي للتغيّر في النمط العضوي كما سبق وذكرنا "سبب نمائي موجَّه نحو حالة محددة", وفي داخل النمط العضوي يوجد نوعان من الأسباب الغائبة الهادفة: "شكلي formal، نهائي final".
- والسبب الشكلي formal cause:
يشير إلى تنظيم الفرد, أي: التكوينات النفسية التي يتكوّن منها التركيب العضوي؛ وحيث إن هذه التكوينات تتَّجه دائمًا نحو مستويات وظيفية متزايدة في التعقيد، فإن السبب الشكلي يكون غائيًّا "هادفًا" في طبيعته, هو يقود التركيب العضوي للأداء بطرق متزايدة في التعقيد نحو مستويات وظيفية متزايدة.
- والسبب النهائي "الختامي" final cause:
يشير إلى محاولة الفرد تتميز نفسه وبيئته "peese & overton 1970", وبعبارة أخرى فإن الفرد والبيئة بينهما علاقة فعل متبادل، يغيِّر كلّ منهما في الآخر, وعملية التمييز هذه تعتبر ضرورية كشرط دافع "سبب" للنمو motivating condition, وطبقًا لنموّ التركيب العضوي النشط فإن الأسباب الفعّالة "تفاعل بيئي أو تعلم" ليست هي الطرق الوحيدة التي يحدث بها التغيير.
وتفسيرات النمو هذا تختلف تمامًا عن تفسيرات التركيب العضوي النشط، أو النمط الآلي, ونتيجة لذلك: فإن المتخصصين في النمو المعرفي يطرحون أسئلة مختلفة عمَّا يطرحه أصحاب نظرية التعلم حول طبيعة النمو. فمثلًَا يهتم أصحاب نظرية النمو المعرفي بصفة أولية بعمليات النمو, واهتمامهم أقل بنتائجها، "أي: بأنماط السلوك" التي تلقى اهتمامًا بالغًا من أصحاب نظرية التعلّم, فمثلًا عندما يعزز سلوكًا مقبولًا من الطفل حتى يتغير حسبما نريد, فإن هذا التغير في سلوك
الطفل الذي هو "نتاج" هذا التغير يعتبره أصحاب نظرية التعلم نموًّا، في حين أنه قد لا يكون نموًّا في رأي علماء النفس المعرفيين. ذلك لأنه قد لا يؤدي إلى تغيُّر تركيبي في الطفل، مثلًا ذلك: إننا قد نعرض على طفل في الثالثة كوبين متساويين مليئين بالماء, فإذا سكبنا محتويات أحد الكوبين من الماء في طبق, وسألنا الطفل ما إذا كان الطبق أو الكوب الآخر به ماء أكثر، أو أنهما مستويان, فإنه من المحتمل جدًّا أن يقول بأن أحدهما به ماء أكثر من الآخر. الطبق أن الكوب مثلًا، لأنه أوسع، لأن مستوى سطح الماء فيه أعلى, والواقع أننا نعرف أن كلًّا منهما به نفس المقدار من الماء, وباستخدام مبادئ التعزيز "التدعيم" نستطيع أن نعلِّم الطفل أن يقول بأن الطبق والكوب كلًّا منهما يحتوي على نفس المقدار من الماء، ولكن من غير المحتمل أن يتعلّم الطفل القاعدة العامة، وهي أنه إذا كان لدينا كمية من شيء ما, ولم نضف إليها أو نأخذ منها، فإن الكمية تظل كما هي. إنَّ ما تعلمه الطفل هو استجابة محددة لموقف محدد. وعلى ذلك فإن التعزيز "سبب فعَّال" يمكن أن يغيّر الأداء دون أن يقتضي ذلك تغيير الصفات التكوينية للطفل، أي: الطريقة التي يفهم بها العالم.
ج- التكوينات النفسية:
ويجدر بنا هنا أن نقول كلمة عن التكوينات النفسية: إن هذه التكوينات تركيبات افتراضية، هي مفاهيم تصف العمليات التي تشاهد مباشرة, وأصحاب نظرية النمو المعرفي لا يقولون بأن الإنسان لديه هذه التكوينات، بل هو يعمل كما لو أنه يمتلكها, وهذه التكوينات ليست واقعية، ولا تتواجد منفصلة عن النظريات التي تضمها. إننا لا نستطيع أن نفتح رؤسنا ونختبر هذه التكوينات منها, ولذلك فعندما نتكلم عن التغير التكويني فإننا نتكلم عن نمط من التغيرات في الطريقة التي يتعامل بها التركيب العضوي مع البيئة, وسواء كان الإنسان يمتلك هذه التكوينات حقيقة أم لا، فالأمر لا علاقة له بجدوى المفهوم كأداة لفهم السلوك الإنساني.
وتعتبر الأبحاث التي توضح العلاقات بين مختلف موضوعات النمو محاولة هامة في نظرية النمو المعرفي. وقد بذلت مجهودات كبيرة في البحث لإيضاح العلاقات بين الذكاء والنمو الأخلاقي "kohberg, 1969, 1973" moral development وبين
الذكاء ونمو اللغة، وبين النمو المعرفي والنمو الاجتماعي social develpment "shantz, 1975"، وبين النمو الأخلاقي والسلوك الأخلاقي moral behavior "محمد مراد 1988، hogan, 1973"، وبين النمو المعرفي والنمو الأخلاقي "عادل عبد الله 1985", وبين النمو النفسي الاجتماعي والنمو الأخلاقي "حسن مصطفى: 1991".. إلخ.
وهكذا فإن مثل هذه العلاقات حاسمة بالنسبة "للمذهب الكلي"1 التِّي يرتكز عليها نمط النمو المعرفي "overton, reese, 1970".
- ومن هذا يتَّضح أن النمط المعرفي يشير إلى أن التنبؤ بالسلوك وتفسيره موضوعان منفصلان، فالتنبؤ على أحسن الفروض ضئيل؛ لأنَّنَا لا نستطيع كتابة معادلات دالية تربط السلوك بأسباب فاعلة محددة. إن فهم أو تفسير السلوك يعكس معرفتنا بنمو الطفل عبر مرحلة سن معينة, وهذا حقيقي حتى ولو لم نتمكن من تحديد كيفية تفاعل البيئة، والصفات والتغيرات في تكوين الطفل لتنتج هذا السلوك المعين.
إن النمطين اللذان ناقشناها لهما وجهتا نظر متميزتان بالنسبة للتركيب العضوي الإنساني، ونتيجة لذلك فإنهما يمثلان وجهتي نظر مختلفتين تمام الواحدة عن الأخرى بالنسبة لطبيعة نمو الطفل، وهما يقدمان إجابات مختلفة على المسائل المتعلقة بالنمو, وإذا نظرنا إلى الأسئلة الثلاثة التي طرحناها في بداية هذا الفصل نجد:
- إن أصحاب نظرية التعلّم: يعتبرون الطفل سلبيًّا نتاجًا للبيئة ومجموعة من عناصر الإثارة والاستجابة. إنهم يعتبرونه وقد وُلِدَ أشبه باللوح الأملس أو الصفحة البيضاء, وكل أشكال النمو تحدث بسبب التدخّل البيئي "التعلم", ولذلك فإن الطفل يعتبر مستودعًا لأنماط متعلمة "عناصر الإثارة والاستجابة"، ويرجع النمو إلى تجمعات تعليمية من أنماط سلوكية أبسط، مما يجعل بالإمكان قياس النمو.
- ويعتبر أصحاب نظرية النمو المعرفي أن الطفل مستكشف نشط للبيئة، وأن له صفات متوارثة "مثال ذلك، آليات بياجيه الاستعابية التلاؤمية"، وأنه قد استكمل تكوينات معرفية, ويعتبر النمو تغيرًا نوعيًّا في تكوينات التركيب العضوي ناتجًا عن استكشافه النشط للبيئة.
ومن استطراد القارئ لفصول الكتاب سيجد أن الطرق التي أثَّر بها هذان النمطان في البحث في مجال نمو الطفل قد أصبحت واضحة, وفي كثير من الحالات سيتاح لنا أن نناقش مجال بحث مثل: اكتساب الدور الجنسي، ومن كلٍّ من هذين المنظورين، ومع ملاحظة أن وجهتي النظر في النمو تولِّدان مسائل مختلفة للبحث، فإن القارئ سرعان ما يتبين أن البحث مستندًا إلى كل نمط يسهم بقدر كبير من تفهمنا للموضع الجاري بحثه, علاوة على ذلك: فإن المسائل المختلفة التي تطرحها كل معالجة عن المفهوم تصبح أكثر وضوحًا, ولذلك فإننا نعتقد أنه من المهم أن نلمّ بهذين النمطين العامين للنمو.
__________
1 المذهب الكلي holism. wholism: المذهب الكلي محاولة للظر إلى الإنسان ككل، يجمع الجسم والعقل في وحدة متآزرة غير منعزلة وليس كأجزاء.


المصدر : المكتبة الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع




The text below is a translation from google translate where it is possible to have many errors, please do not use this translation as a reference, and take a reference from the Arabic text above. thanks.

Cognitive-Develpmental Model:
The second type in the universe that has had a profound impact on research in psychology is the organic pattern "Oveton & Reese, 1973" Organic Model, Reese & Overton, 1970. This pattern assumes that the universe acts as a living organism rather than as a machine, The change in the composition of the total, and that this change is in the shape or condition of the universe, so it is a qualitative rather than quantitative change. As a result, change is understood to occur in successive stages, each of which is qualitatively different and more complex, Concise among them, the greatest importance is to discover the rules of transition from stage to stage.

In this pattern, the total is greater than the sum of its parts, because it makes sense of the parts. In other words, knowing the parts does not necessarily mean, as in the automatic pattern, that they allow one part to know something about the sum. Finally, the causes of the behavior and its changes in this pattern Developmental or petty development, is moving forward. The change does not occur only for effective reasons, although these reasons may facilitate or impede change. The reason is that the pattern assumes that the sum is active and in a continuous state of transition, hence the cause of the cause in the sum. The formal reason for the concept of an active universe is subject to a qualitative change that precludes a predictable universe and can be quantified, because the missing causes do not allow full prediction, and qualitative changes can not be entirely quantitative. A common example of everyday life may help to clarify this pattern. Let's look at the chemical composition of water, and examine the properties of oxygen and hydrogen separately. It is clear that neither has the properties of water, but

When the two combine a chemical union that highlights the properties of water, "wet" for example, in the field of chemistry, this is an example of the total, which is more than its parts separately, in other words: the total "oxygen + hydrogen" and has different characteristics of each of the individual parts , And the change is qualitative due to the nature of the elements involved in the interaction "form factor." This change is not like adding parts to a machine because the resulting new properties can not be abbreviated to the simpler elements, but the machine is possible. In a simple machine. There is an example of several stages in which the butterfly, the larva, the cocoon, the butterfly, and the reaper (1970) On the parts.

In the field of psychology, the organic pattern of the universe translates into an active-organism model of human behavior (reese & overton 1973). Man is considered to be "active by instinct and spontaneously", "a source of action, not limited to activity for effective reasons, , And capable of generating new behavioral patterns, not only as repositories of educated actions emanating from active causes. The various theories of organic structure active in growth, such as Piaget's theory (1952) on cognitive development and Freud's theory (1930, 1935) Character formation is based on the organic style, and the growth theories of the pattern Like the various theories of the mechanism, there are some basic differences. However, the generalities of these theories put them in "one family, and each theory in this family, others share a basic principle regarding the nature of the organic structure of man.
From within the organic pattern of growth, change is an accepted reality, in other words, the organic pattern can grow and change "reese & overton 1973". Nature

Developmental change The nature of the quality of a "change in type" is more than a quantified change in quantity. The change is from a less complex stage of growth if a transition to a more complex stage is achieved. It does not stress in finding a relationship between behavior and specific effective reasons. At each new level of growth, new synthetic properties of the body, which can not be directly reduced to lower-level properties, and with the growth, maturity and growth of organic structure, acquire new and qualitatively different forms of interaction with the environment due to changes that make prediction of behavior extremely difficult . The basic perception according to Rees & Overton, 1970, 126 is that "there is a structured organic structure that presents some functions, that the structure changes in its organization or form with subsequent changes in function, and for many psychologists, especially those who are called" Growth, "the changes are not directional or reversible, and are oriented towards specific situations or goals. Therefore, research based on the pattern of active organic synthesis confirms the qualitative changes that humans make during growth. In our discussion of Piaget's cognitive theory, The child develops thinking processes The adult can think of abstract codes, and these are different ways of thinking, the result of moving from early stages of growth to more mature and complex stages, and these changes, and other more subtle changes occur, are revealed in behavior. Allows for different kinds of behavior than in the case of a child. Phenomena behavior, rather than being the result of growth alone, also represents growth and indexing, as it reflects changes in the composition of organic composition.


Related Post:




0 Response to "النمط النمائي المعرفي Cognitive - Develpmental Model"

Post a Comment

Iklan Atas Artikel

Iklan Tengah Artikel 1

Iklan Tengah Artikel 2

Iklan Bawah Artikel