الاستعارة metaphor
Thursday, July 19, 2018
Add Comment
المبحث الثالث الاستعارة
الاستعارة لغة رفع الشيء وتحويله من مكان إلى آخر، يقال استعار فلان سهما من كنانته: رفعه وحوّله منها إلى يده.
وعلى
هذا يصح أن يقال استعار إنسان من آخر شيئا، بمعنى أن الشيء المستعار قد انتقل من
يد المعير إلى المستعير للانتفاع به. ومن ذلك يفهم ضمنا أن عملية الاستعارة لا
تتمّ إلا بين متعارفين تجمع بينهما صلة ما.
ويؤكد
هذا المعنى ويوضحه قول ابن الأثير: «الأصل في الاستعارة المجازية مأخوذ من العارية
الحقيقية التي هي ضرب من المعاملة: وهي أن يستعير بعض الناس من بعض شيئا من
الأشياء، ولا يقع ذلك إلا من شخصين بينهما سبب معرفة ما يقتضي استعارة أحدهما من
الآخر شيئا، وإذا لم يكن بينهما سبب معرفة بوجه من الوجوه فلا يستعير أحدهما من
الآخر شيئا إذ لا يعرفه حتى يستعير منه. وهذا الحكم جار في استعارة
الألفاظ بعضهما من بعض، فالمشاركة بين اللفظين في نقل
المعنى من أحدهما إلى الآخر كالمعرفة بين الشخصين في نقل الشيء المستعار من أحدهما
إلى الآخر» (1).
__________
(1) المثل
السائل ص 143.
ولعلنا
نلحظ من ذلك صلة بين المعنى اللغوي أو الحقيقي للاستعارة ومعناها المجازي، إذ لا
يستعار أحد اللفظين للآخر في واقع الأمر إلا إذا كان هناك صلة معنوية تجمع بينهما.
وإذا
شئنا التعرف على تاريخ «الاستعارة» لدى البلاغيين فإننا نجد الجاحظ «255 هـ» من
أوائل من التفتوا إليها وعرّفوها وسمّوها وأفاضوا بعض الشيء في الحديث عنها.
فالاستعارة
عنده: «هي تسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه»، ورد ذلك التعريف في تعليقه على
البيت الثالث من الأبيات التالية:
يا
دار قد غيّرها بلاها … كأنما بقلم
محاها ..
أخربها
عمران من بناها … وكرّ
ممسناها على مغناها
وطفقت
سحابة تغشاها … تبكي على
عراصها عيناها
فقد
علق الجاحظ على البيت الثالث هنا بقوله: «وطفقت، يعني ظلت. تبكي على عراصها
عيناها، عيناها ها هنا للسحاب، وجعل المطر بكاء من السحاب على طريق الاستعارة،
وتسمية الشيء باسم غيره إذا قام مقامه» (2).
__________
(2) كتاب البيان والتبيين ج 1 ص 153، والعراص:
جمع عرصة بسكون الراء، وهي كما يقول الجاحظ: كل جوبة منفتقة ليس فيها بناء،
والجوبة: فجوة ما بين البيوت.
وكثيرا ما يستعمل الجاحظ في تعليقاته على النصوص عبارات «على التشبيه»: «وعلى المثل»، «وعلى الاشتقاق» وهو يعني بها الاستعارة أو المجاز بمعناه العام الذي تندرج تحته الاستعارة. وليس في ذلك من غرابة، فالاستعارة مجاز علاقته المشابهة، وكلمة التشبيه ترد عند تحليل الاستعارة أو إجرائها، ثم هي في حقيقتها تشبيه حذف أحد طرفيه.
...
وجاء
بعد الجاحظ ابن المعتز «296 هـ» فتحدث عن الاستعارة وعدها أول باب في كتابه
«البديع» وأورد لها أمثلة من الكلام البديع من نحو قوله تعالى: وَإِنَّهُ فِي
أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ وقوله تعالى أيضا: وَاخْفِضْ لَهُما
جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ، وقول الشاعر: «... والصبح
بالكوكب الدريّ منحور».
وقد
علق على هذا الكلام بقوله: «وإنما هو استعارة الكلمة لشيء لم يعرف بها من شيء قد
عرف بها مثل أم الكتاب، ومثل جناح الذل، ومثل قول القائل «الفكرة مخ العمل» فلو
كان قال «لب العمل» لم يكن بديعا» (1). ومن هذا التعليق يمكن استشفاف مفهوم ابن
المعتز للاستعارة.
__________
(1) كتاب
البديع ص 2.
وكما
أورد أمثلة شتى للاستعارة البديعة وعلق على بعضها بما يؤكد مفهومه السابق
للاستعارة أورد كذلك أمثلة للاستعارة المعيبة في نظره من مثل قول أبي تمام:
كلوا
الصبر غضا واشربوه فإنكم … أثرتم بعير
الظلم والظلم بارك
متى
يأتك المقدار لا تك هالكا … ولكن زمان
غال مثلك هالك (1)
__________
(1) كتاب
البديع ص 23.
...
ثم
نلتقي بعد ابن المعتز بقدامة بن جعفر المتوفي سنة 337 للهجرة، فقد عقد قدامة في
كتابه «نقد النثر» بابا للاستعارة تحدث فيه عن الحاجة إليها في كلام العرب ومفهومها
عنده، كما تحدث عن الاستعارة المكنية وإن لم يسمها الاسم الذي عرفت به فيما بعد.
فعن الأمرين الأولين يقول قدامة: «وأما الاستعارة فإنما احتيج إليها في كلام العرب لأن ألفاظهم أكثر من معانيهم، وليس هذا في لسان غير لسانهم، فهم يعبرون عن المعنى الواحد بعبارات كثيرة ربما كانت مفردة له، وربما كانت مشتركة بينه وبين غيره، وربما استعاروا بعض ذلك في موضع بعض على التوسع والمجاز، فيقولون إذا سأل الرجل الرجل شيئا فبخل به عليه: «لقد بخّله فلان»، وهو لم يسأله ليبخل وإنما سأله ليعطيه؛ لكن البخل لمّا ظهر منه عند مسألته إياه، جاز في توسعهم ومجاز قولهم أن ينسب ذلك إليه.
ومنه
قول الشاعر: «... فللموت ما تلد الوالدة»، والوالدة إنما تطلب الولد ليعيش لا ليموت،
لكن لما كان مصيره إلى الموت جاز أن يقال: للموت ولدته» (2).
__________
(2) كتاب نقد النثر لقدامة ص 64.
فالاستعارة في نظر قدامة تتمثل في استعارة بعض الألفاظ في موضع بعض على سبيل التوسع والمجاز.
وعن
الاستعارة المكنية التي التفت إليها ولم يسمها باسمها الاصطلاحي المعروف
يقول: «ومن الاستعارة ما قدمناه من إنطاق الربع وكل ما لا ينطق إذا ظهر من حاله ما
يشاكل النطق. ومما جاء من هذا النوع في القرآن قوله: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ
هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ. لما جاز أن تحتمل مزيدا من
الكافرين حسن أن يقال: قالت وهل من مزيد؟ وكذلك قوله: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى
السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً
قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ، وذلك لما كانتا عن إرادته من غير استصعاب عليه ولا
عصيان له، جاز أن يقال إنهما قالتا أتينا طائعين.
وكذلك
قوله: فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ، لما كانت
الإرادة من أسباب الفعل وكان وقوع الفعل يتلوها، جاز لما قد كاد أن يقع وقرب
وقوعه، أن يقال أراد أن يقع.
ومثل
ذلك قول الشاعر: «... امتلأ الحوض وقال قطني»، أي لما لم تكن فيه- الحوض- سعة لغير ما قد
وقع فيه من الماء، جاز على الاستعارة أن يقال: قد قال حسبي، وهذا شائع في اللغة
كثير» (1).
__________
(1) كتاب
نقد النثر ص 65 - 66.
وإذا
كانت الاستعارة المكنية هي ما حذف فيها المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه فإن في
كل من «جهنم، والسماء، والأرض، والحوض» الواردة في الأمثلة السابقة استعارة مكنية
حذف في كل منها المشبه به وهو شخص أو إنسان ورمز إليه بشيء من لوازمه هو «النطق
والقول».
ومن
البلاغيين من يسمي هذا النوع من الاستعارة «التشخيص» حيث تمثل فيه المعاني
والجمادات إلى أشخاص تكتسب كل صفات الكائنات الحية أيا كانت وتصدر عنها أفعالها.
وهم
يعدون هذا النوع من أجمل الصور البيانية لما فيه من التشخيص والتجسيد وبث الحياة
والحركة في الجمادات وتصوير المعنويات في صورة محسة حية.
وبعد
فقد عرضنا في مستهل هذا الكتاب وعلى التحديد في مبحث «نشأة علم البيان وتطوره»
لتاريخ الاستعارة مبينين كيف نشأ البحث فيها وتطور لدى رجال البلاغة في العصور
المختلفة.
وليس
من قصدنا أن نعيد هنا ما سبق أن ذكرناه عن الاستعارة، فهذا أمر يمكن الرجوع إليه
وتتبعه تاريخيا في مكانه من الكتاب. وإنما القصد أن نلقي مزيدا من الضوء على أوائل
من فطنوا إلى الاستعارة وقاموا بالمحاولة الأولى في بحثها، تلك المحاولة التي
التقطها البلاغيون من بعدهم وتوسعوا في دراستها، حتى وصلت الاستعارة بفضل جهودهم
إلى ما وصلت إليه من التفريع والتقسيم.
ذلك
هو القصد، وقصد آخر هو أن نتخذ من ذلك مدخلا إلى دراسة الاستعارة دراسة موسعة
تعززها الأمثلة والشواهد الكثيرة، وذلك لأهميتها في باب البيان العربي، تلك
الأهمية التي جعلت إماما من أئمة البلاغة هو عبد القاهر الجرجاني ينظر إليها وإلى
المجاز والتشبيه والكناية على أنها عمد الإعجاز وأركانه، والأقطاب التي تدور
البلاغة عليها، وذلك إذ يقول: «ولم يتعاط أحد من الناس القول في الإعجاز إلا
ذكرها، وجعلها العمد والأركان فيما يوجب الفضل والمزية، وخصوصا الاستعارة والمجاز،
فإنك تراهم يجعلونهما عنوان ما يذكرون وأول ما يوردون» (1).
__________
(1) انظر
دلائل الإعجاز ص 329 - 330.
المصدر : المكتبة
الشاملة
الكتاب: علم البيان و المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الطبعة: بدون و عام النشر: 1405 هـ - 1982 م و عدد الأجزاء: 1
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
The
third topic metaphor
The
metaphor is the language of lifting the thing and turning it from one place to
another. It is said that he borrowed a share from his candlestick: he lifted it
and turned it into his hand.
Based
on this, it is correct to say that a person borrowed from another person in the
sense that the almighty thing has been transferred from the hand of the ma'ir
to the abuser for the benefit of it. It is implicitly understood that the
borrowing process takes place only between two interlocutors.
And
confirms this meaning and explains Ibn al-Atheer's saying: «The origin of
metaphor metaphor taken from the naked, which is a real treatment: to borrow
some people from some of the things, and this is only two people between them
the reason of knowing what is required to borrow from each other something ,
And if there is no reason for them to know the face, do not borrow one from the
other something that does not know even borrow from it. And this provision is
going to borrow words from each other, the partnership between the two words in
the transfer of meaning from one to the other as knowledge between the two
people in the transfer of the alias from one to the other »(1).
__________
(1)
The liquid example p.
We
may note from this a link between the linguistic or real meaning of metaphor
and its metaphorical meaning, since one does not borrow one word for the other
in fact unless there is a moral connection between them.
If
we want to know the history of "metaphor" with the Balaghein, we find
Al-Jahiz «255 AH» from the first to look at it and knew it and called it and
expanded a bit to talk about.
The
metaphor is: «is the name of the thing in the name of others if he took his
place», and that definition was mentioned in his comment on the third house of
the following verses:
O
Dar, there is others like her ... as if by a pen.
And
Amran destroyed her from her building ... and she mourned her money for her
singing
And
a cloud was smothered, and she was weeping. She cried on her eyelids
Al-Jahez
commented on the third verse here: Crying on her eyelids, her eyes here to the
clouds, and make the rain crying from the clouds on the metaphor, and naming
the thing in the name of others if he took his place »(2).
__________
(2)
The Book of Manifestation and Interpretation 1, p. 153, and Al-Arsam:
Collecting an interest in the silence of Al-Raa, which is what Al-Jhaiz says:
Every Juba is open and there is no building in it, and there is a gap between
the houses.
In
his comments on the texts, Al-Jahiz often uses the words "on
analogy": "on the proverb" and "on the derivation",
which means metaphors or metaphors in the general sense under which metaphors
fall. It is not surprising that the metaphor is related to the similar
relationship, and the metaphor is given when analyzing or conducting metaphor,
and then in fact it is similar to the deletion of one of its ends.
...
And
came after Al-Jazeez Ibn al-Mu'taz «296 e» And talk about metaphor and promised
the first door in his book «Budaiya» and cited examples of the wonderful words
of the meaning of the Almighty: And in the mother of the book to have a wise
and also says: And lower them wing humiliation of mercy, The poet: «... and the
morning of the planet is carved».
He
commented on this speech by saying: "Rather, he is borrowing the word for
something he did not know of anything that was known as the mother of the book,
and like the wing of humiliation, and like the saying that the idea is the
brain of work. ). It is from this commentary that the concept of Ibn al-Mu'taz
is explored.
_________
(1)
The Book of Budaiya p.
As
cited various examples of the metaphor of the wonderful and commented on some
of them confirms the concept of the former metaphor also cited examples of the
loan is flawed in his view of the words of Abu Tammam:
Eat
impatiently and drink it, you ... You have done with injustice and injustice
Park
How
long will you spend the day?
__________
(1)
The Book of Badi 'p.
...
In
the book "Criticism of Prose", Qudaamah held a chapter on metaphor in
which he spoke about the need for it in the words and concept of the Arabs. He
also spoke about the metaphor of the machine, although it did not name it.
As
for the first two things, Qudaamah says: As for borrowing, they are used in the
words of the Arabs because their words are more than their meanings, and this
is not in the tongue other than their tongue. They express the same meaning in
many terms that may have been singular to him. This is in some places on the
expansion and the metaphor, and they say if the man asked the man something,
Vajl by him: «He was so foolish», and he did not ask him to leave but asked to
give him; but the scorn of what emerged from him when he asked him, it is
permissible in their expansion and permissible to say that attributed to him .
And
from the poet's saying: "... Let the death give birth to the mother,"
and the mother asks the child to live not to die, but when his fate to death
may be said: death and gave birth »(2).
__________
(2)
Criticism of prose book of Qadamah 64.
The
metaphor in the eyes of Qudaamah is to borrow some words in the place of some
in terms of expansion and metaphor.
As
for the metaphorical metaphor that I have referred to and which he did not name
by its well-known conventional name, he says: "From metaphor, we have
presented the quarter and all that can not be uttered. And what came from this
kind in the Koran as saying: the day we say to hell is filled and say more.
Because it is permissible to tolerate more disbelievers is better to be said:
She said Is more? And he said: Then he turned to the sky, which is smoke, and
he said to her and to the earth, whether she was willing or not, she said:
"We came to him willingly, because they were not willing to do so.
As
well as saying: Vjda where a wall wants to be broken and set up, because the
will of the causes of the act was the occurrence of the act followed, it may
almost happened and near the occurrence, to be said wanted to fall.
This
is what the poet said: "... the basin is full of water," and he said:
"If I did not have the basin,
0 Response to "الاستعارة metaphor"
Post a Comment