ثانيًا: نظرية النمو الجسمي والتعلم الاجتماعي لروبرت ر. سيرز Robert R. Sears' Theory of Physical Growth and Social Learning
Tuesday, July 24, 2018
ثانيًا: نظرية النمو الجسمي
والتعلم الاجتماعي لروبرت ر. سيرز
مدخل
...
ثانيًا: نظرية النمو الجسمي
والتعلّم الاجتماعي "لروبرت ر. سيرز":
روبرت ريتشارد سون سيرز R. R. sears عالم نفس أمريكي, استخدم
مدخلًا تجريبيًّا أكثر منه إكلينيكيًّا إلى نمو الطفل.
ولد عام 1908 بكاليفورنيا،
وتخرَّج في جامعة ستانفورد، استجاب لتأثير لويس تريمانl.m.
terman فانتقل إلى ييل yale لاستمكال دراساته النفسية, وأتم رسالة الدكتوراه بعنوان:
"تأثير الفصل البصري على السلوك البصري، الحركي لسمكة الذهب" عام 1932.
حصل على الأستاذية وعمل بجامعة "إلينوي" ومعهد أبحاث الأحداث بشيكاغو،
ومعهد العلاقات الإنسانية بجامعة ييل، ثم محطة أبحاث "إيوا" لرعاية
الطفل، ومعمل هارفارد للنمو النفسي، وتولى منصب المدير التنفيذي لقسم علم النفس,
وعميدًا للإنسانيات والعلوم بجامعة ستانفورد، وانتخب لرئاسة الجمعية الأمريكية
لعلم النفس مرَّتان في عامي 1950، 1960.
اهتمَّ سيرز بنظرية التعلّم
لمشاركته الوثيقة لكلارك ل. هل hull, وتأثرت
بـ"دولاد" و"ميللر" و"دوب"، و"مارو" dollard, miller, doob & mowrer, فبحث معهم تطبيق نظرية
التعلم على مسائل نمو الطفل, واقتنع بدلالة العلاقات بين الطفل والأبوين في
الطفولة المبكرة، وركَّز على المظاهر السلوكية الواضحة في النمو والتي يمكن
قياساها. وهو يرى أن نمو الشخصية يمكن قياسه من خلال السلوك ومن خلال التفاعل
الاجتماعي، وهو ينظر إلى النمو باعتباره عملية مستمرة, أو أنه سلسلة متصلة من
الأحداث تضيف إلى الاكتسابات السابقة، فكل لحظة من حياة الطفل التي يقضيها متصلًا
بوالديه لها بعض التأثير على سلوكه الحاضر, وعلى قدراته على الفعل في المستقبل.
ويرى أن الطفل الوليد له
احتياجات بيولوجية متعددة تؤدي إلى الدوافع الأولية كالجوع، والعطش، والنوم،
والحاجة للنشاط، والتخلص من الفضلات، والمحافظة على درجة الحرارة الأنسب وكلها
ترتبط فيما بينها مع الدوافع الأولية، وهذه الدوافع تكون عقدة وتحفز على التعلم
الاجتماعي.
ويشدد سيرز على تأثير
الوالدين على نمو شخصية الطفل، فطريقة التربية التي يتبعانها هي التي تحدد طبيعة
نمو الطفل، وبالتالي فإن اختلافات الشخصية بين الأفراد ترجع بدرجة كبيرة إلى
الاختلافات بين الوالدين في تناولهم مختلف أشكال المعلومات حول وسائل تربية الطفل,
ولذلك: فمن المهم أن يكون هناك سهولة في حصول الوالدين على أحد المعارف في هذا
الشأن.
وبناء على ذلك: فإننا سنعرض
وجهة نظر سيرز في ثلاث مراحل نمو:
1-
مرحلة السلوك البدائي "الفطري" التي ترتكز على الحاجات البيولوجية
الأولية والتعلّم في طور الطفولة المبكرة.
2-
مرحلة النظم الدافعية الثانوية التي ترتكز على التعلّم في الأسرة.
3-
مرحلة النظم الدافعية الثانوية التي ترتكز على التعلّم أبعد من الأسرة.
المرحلة الأولى: السلوك
الفطري "البدائي":
الحاجات البيولوجية والتعلم
في فترة الطفولة المبكرة:
وتتضمّن هذه المرحلة أساسًا
الشهور العشرة إلى الستة عشر الأولى من حياته, عندما لا تكون خبراته البيئية قد
بدأت في توجيه تعلمه، لذلك تتضمَّن هذه المرحلة محاولات الطفل لخفض حدة التوتر الداخلي
الناشئ عن دوافعه الداخلية، وأهمّ حاجات الطفل في هذه المرحلة:
1-
الحاجة إلى الغذاء والراحلة الجسمية:
فالجوع والتعب والألم.. إلخ
تولد توترًا يبحث عن التخفيف عنه من خلال أيّ استجابة إشباعية، وقدر كبير من هذا
البحث عن الإشباع المبدئي يحدث بالتجربة والخطأ, وبالتدريج يتعلم الطفل أن خفض
الألم يتعلق ببعض أفعاله، ثم يحاول جاهدًا أن يقلّد هذه الأفعال التي سبق أن نجحت.
مثال ذلك: إن إشارة الجوع تصبح مقرونة بالتتابع: البكاء والثدي "أو
الزجاجة" مع السائل المخفض للجوع، وتصبح أفعاله أكثر, وأكثر سلوكه متعلمًا،
أي: إن أفعاله تصبح جزئيًّا تتابع مع استجابة متعلمة.
2- الحاجة
للتخلص من الفضلات:
على الرغم من أن رغبة الطفل
الطبيعية للتخلص من الفضلات تظل رغبة غير اجتماعية، فإن الضغط على الطفل للمحافظة
على صحة ونظافة الجسم تصبح خبرة ذاتية تنمو من الطفل في المرحلة التالية، فالاستجابات
التي تتكرَّر مع الطفل وتؤدي إلى الرضا "الإشباع", ينظر إليها معًا
كخبرات مجزية. فنشاط الأم مع وليدها ودفئها الشخصي "الملامسة الجسدية
والتدليل ... إلخ" توفر التعزيز اللازم لطفلها؛ فالأم التي تكفل عناية لائقة
لطفلها في الأوقات التي يحتاج إليها فيها تعتبر إثابة معزّزة، والطفل بدوره أكثر
استعدادًا لتكيف سلوكه بالأشكال التي تضمن له استمرار عناية أمه.
3-
الحاجة الاجتماعية:
وينمو الدافع الاعتمادي مع
الطفل في استجاباته للناس كظواهر بيئية تتكرر من الشهرين الأوَّليين من حياته, من
خلال العلاقة الثنائية للتغذية والتخلص من الفضلات, والحماية من البرد, أو أي حالة
احتياج بيولوجي أخرى. بدءًا من الشهر الرابع إلى الشهر الثاني عشر تبدأ هذه
العلاقة الجوهرية بأولى الاحتكاكات بين الطفل وأمه عندما ينقل الطفل عمليات تعلمه
من الاعتماد على التجربة والخطأ إلى العمليات التي ترتكز على التعزيز الثنائي,
فكلٌّ من الأم والطفل تصبح لديه حصيلة من الأفعال ذات دلالات خاصة به, تستخدم
لإثارة استجابات كل من الآخر بما يتفق وتوقعاتهما. فمن الملاحظ أن حاجة الطفل
البيولوجية لخفض دافع الجوع سرعان ما تقترن بمكونين أساسيين متداخلين خاصين بتناول
الغذاء هما "المص، والتواجد بالقرب من الشخص المرضع", سرعان ما تصبح
عادة متأصلة ودافعًا مستقلًا يزداد قوة مع تقدم السن، فيبدأ الطفل ينظر إلى الأم
كجزء لا غنى عنه من نشاط المص وتناول الغذاء، وتصبح صورتها ورائحتها وملمسها.. إلخ
تقترن اقترانًا وثيقًا بالإشباع.. ومن هنا: فإن الطفل لا يقتصر على أن يتعلّم أن
يتوقَّع حضورها عندما يجوع، ولكنه يتعلم أيضًا أنه يحتاج إليها، مما يعزز
الاعتمادية عليها باعتبارها الراشد الكبير الذي يقوم بالرعاية.
4- تعلم
السلوك العدواني:
فالعدوانية في أبحاث سيرز
إنما هي نتيجة للإحباط؛ حيث تصبح العدوانية مظهرًا مبكرًا وحيويًّا من مظاهر
السلوك التعلُّمي، وذلك لأنها تحدث في اللحظة الأولى التي يواجه فيها الطفل خبرته
بالضيق أو الألم أو التأخير في التخلص من التجربة الكريهة, وتتجلَّى العدوانية
عادة من خلال الغضب على شكل اهتياج "ثورة" أو إظهار حدَّة الطبع، التي
هي في الواقع استجابة لهذا الإحباط, وتجد العدوانية تنفيثًا عنها من خلال البكاء،
وتغيّر في اتزان التنفس، أو وضعه الجسماني كله.. إلخ.
العوامل الاجتماعية المؤثرة
على النمو:
للبيئة الاجتماعية التي يولد
فيها الطفل تأثيرات كامنة على نمو الطفل وتعلمه المتوقّع في هذه المرحلة, ويتمثل
ذلك في عدة عوامل نذكر منها:
أ- جنس الطفل:
فمنذ مولد الطفل ينتمي لأحد
الجنسين أو للآخر، ومن هنا يبدأ المجتمع يغرس فيه الدوافع والاهتمامات والمهارات
والاتجاهات المناسبة لمثل جنسه، فجنس الطفل يمد الأم بمثير هام، ويضع الطفل في
مرتبة اجتماعية لها تأثيرات بالغة الأهمية في تدريبه.
ب- ترتيب الطفل في الأسرة:
يعتبر سيزر أن الترتيب
الميلادي للطفل له تأثير كبير على نموه، فالأسرة كبيرة العدد توجد مسافة ممتدة
للوصول إلى السيطرة النهائية للأم والأب؛ حيث يتعرض الطفل الأكبر إلى تدريب مباشر
بالغ من الأبوين, في حين يميل أخوته الأصغر إلى الحصول على وسيط إضافي مع كل أخ أو
أخت أكبر منه. والطفل الوحيد يحصل على مزيد من العناية من أحد الوالدين من نفس
جنسه أو من كليهما.
ج- فارق السن بين الأطفال:
فهذا الفارق في العمر بين
الأطفال وحرية الأم في المعاملة المباشرة مع كل طفل دون أن تبخس علاقاتها مع
الأطفال الأكبر الذين يتنافسون هم أيضًا في سبيل
اكتساب اهتمامها, تعتبر من
أهم العوامل المؤثرة على نمو الطفل, علاوة على ذلك: فإن الأم تميل إلى أن يقل
شعورها بالإحباط نتيجة مشاغلها اليومية بوليدها الثاني.
د- ثقافة الأم:
فلثقافة الأم تأثير كبير في
قدرتها على التصرف مع أطفالها بطرق مختلفة في مختلف مراحل نموهم، فالأم الأدنى
تعليمًا غالبًا ما تستخدم إجراءات غير مناسبة من حيث التسامح والسيطرة، وبالعكس,
فإن مزيدًا من التعليم وإدراك الفهم المعاصر لرعاية الطفل تعد الأمهات لاستخدام
أكثر منطقية للسيطرة، ومزيد من التسامح نحو الاعتمادية.
هـ- المركز الاجتماعي للأم:
الذي يحدد الكثير من إجراءات
تربية الطفل, ويكوّن للطفل فرصة أكبر للنمو الصحيح, إذا لم تكن الأم تتطلّع لمركز
آخر في الحياة، والتسري هذه الملاحظة على الأم العاملة وعلى ربة البيت، وغالبًا ما
تكون الأم المتفرغة لتربية الطفل أكثر قدرة على تدريب الطفل تدريبًا ينمي شخصيته
على الأيام.
و شخصية الأم:
فالكثير من النمو المبكِّر
للطفل يعكس شخصية الأم وقدرتها على أن تكون أمًّا حانية، وتقترن قدرات الأم بدرجة
كبيرة بمدى احترامها لنفسها وتقييمها للأب، ومشاعرها نحو أسلوب حياتها الجاري،
والتقدير الأعلى، كل ذلك يرتبط بدرجة عالية من الحماس والتفاني في تربية الطفل في
هذه المرحلة المبكرة من حياته.
المرحلة الثانية: النظم
الدافعية الثانوية:
التعلم المتركّز في الأسرة:
تشمل هذه المرحلة الفترة من
منتصف العام الثاني من عمر الطفل وإلى سن المدرسة، وفي هذه المرحلة تستمر الحاجات
الأولية في دفع سلوك الطفل، غير أنها تشكل تدريجيًّا لتصبح تعلمًا اجتماعيًّا
متكرر التعزيز, أو دوافع ثانوية، وتصبح هذه الدوافع الثانوية هي الدوافع الرئيسية
التي تدفع الطفل للفعل ما لم تفشل بيئته الاجتماعية في تقديم التعزيز اللازم؛ فجوع
الطفل لم يعد يعتمد كليَّة على تقلص معدته، ولكنه يصبح مقترنًا برؤية بعض الإشارات
الرمزية مثل الزجاجة، أو قيام أمه بفتح باب الثلاجة.. إلخ، وتستمر الأم بمثابة
المعزِّز الأكبر في هذه المرحلة، فهي تدرك السلوك الذي يجب تغييره, وتضع المعايير
لأشكال أكثر نضجًا من الأفعال، وتغرس في الطفل الرغبة في أن يصبح اجتماعيًّا.
أما عن أسلوب التنشئة
الاجتماعية في هذه المرحلة، فهو يعتمد على إحدى طريقتين:
الأولى: المكافآت والعقاب:
فحتَّى هذه المرحلة كانت المكافأة تعتبر عاملًا مساعدًا في التنشئة الاجتماعية، في
حين أن العقاب يمثل افتقارًا واضحًا للمكافأة, ولا يولي "سيرز" العقاب
سوى اهتمام قليل، فهو يرى أن العقاب أساسه عقدة سلوكية ليس لها تأثير معزز واحد،
فالعقاب لا يميل لإخماد السلوك غير المرغوب ولا يغيره، وهو فقط يصلح كعلاقة واضحة
لرفض تأييد حدث سلوكي غير مرغوب، أو إعادة توجيه سلوك عام, ولذلك فإن المكافأة
تعتبر أجدى من العقاب في التعلّم الاجتماعي, ذلك أن التعلم الاجتماعي الأصيل
يتوقَّف على إحلال خبرة جديدة، ترتكز على إشباع أكثر لياقة مما ترتكز على تجنُّب
الخبرات غير السارة، أو على الخوف من النتائج.
الثانية: التقليد والمحاكاة:
فإن كان الطفل قد تعلّم كيف يشبع حاجاته الخاصة إلى حدٍّ ما، فإن محاكاته
التلقائية لتتابع فعل سبق أن قامت به أمَّه, يمثل محاولات الطفل للحصول بنفسه على
الهدف المشبع، وتحدث المحاكاة ويعززها استجابات الطفل نفسه الذاتية النشطة
والمحققة للهدف, وبالتدريج يتعلم الطفل أن يشبع دافعه الاعتمادي بتأدية أفعال سبق
أن توقعها وطلبها من أمه، وأحيانًا يتعلم الطفل خلال السنة الثانية من عمره أن
يقلّد والديه.
وإذا نظرنا إلى الأشياء التي
يتعلَّمها الطفل في هذه المرحلة فهي تتضمَّن:
1-
الفطام:
ففي سنوات الطفولة المبكرة
نجد أن احتياجات الاعتمادية في التغذية الفعلية، ومحاولة الأم تغيير عادات الطعام،
فإنها بذلك لا تتدخَّل في عادات متأصّلة للحصول على الغذاء فحسب، بل إنها أيضًا
تمزق العلاقة الاعتمادية، وبالتالي فإن التغيير في إجراءات التغذية يتضمَّن
تعديلًا في الأنظمة الدافعية التي غرست حديثًا, مثل ذلك: إن طرق التغذية بالمص
تثبت أنشطة المص وتقوي النمط الفمي لسلوك الطفل، وأن درجة حساسية الطفل نحو الفطام
تتعلّق بوضوح بسنه عندما يبدأ الفصام، فإذا بدأ الفصام قبل أن يبلغ الطفل 6-12
شهرًا, فإن إتمام الفطام يستغرق وقتًا أطول مما لو بدأ بعد ذلك، وإن كان سيطرد مع
معوقات أقل مما يواجههم لو حدث في فترة تالية, عندما تكون الاعتمادية قد أصبحت
دافعًا متأصلًا. وفي سن 20 شهرًا تقريبًا: فإن الفطام لا يشكل تهديدًا كبيرًا
لوجودها, علاوة على ذلك: فإن النمط السلوكي للأم، ودرجة الحزم في اتخاذ القرارات
التي تنقلها بوسائلها الجديدة في التغذية، هذا النمط يحدد استجابة الطفل, وعلى آية
حال: فإن الفطام يتضمَّن خمسة مظاهر:
1-
يتعلّم الحصول على الطعام بطريقة تختلف عن المص.
2-
يتعلّم حب هذه الطريقة الجديدة في تناول الطعام.
3- يتعلّم
أن يحتاج الطعام صلب "غير سائل".
4-
يتعلّم كيف يتعامل بفمه مع الطعام الصلب.
5-
يتعلّم أن يأكل دون أن يكون محمولًا.
وتشير أبحاث
"سيرز" إلى أن البنات يستغرقن وقتًا أطول في الفطام، وهو ما يتفق مع
احتياجاتهن الاعتمادية الممتدة في أثناء هذه الفترة من العمر.
2-
التدريب على التخلُّص من الفضلات:
وعادة فإن ضبط عملية التخلص
من الفضلات مطلوبة بعد إتمام الفطام، وعندما تصبح علاقة الأم بالطفل أكثر تأصلًا.
وفي التدريب على التخلُّص من
الفضلات أكثر مما في الفطام:
فإن الظروف المحيطة الخاصة بالجزاء "الإثابة" على القبول، والعقاب، تصبح
ذات أهمية, ولا يتعلم الطفل نفسه أنه يحتاج للنظافة البدنية والعادات المقبولة في
هذا الصدد إلّا تدريجيًّا. والتدريب على التخلص من الفضلات يولد تعلمًا سلوكيًّا
جديدًا مثل الانتظام الجسماني والحشمة والنظافة.
وطالما أن التدريب على
التخلص من الفضلات هو تقديم لنظام الأم السببي, فإن الإثابة والعقاب يظلان في نظر
الطفل بمثابة قبول أو رفض من الأم.
3-
تعلّم التحشُّم الجنسي:
والتحشُّم الجنسي جزء متكامل
من التنشئة الاجتماعية للأطفال, فالسلوك المكتسب فيما يختص بالجنس ينشأ من رغبة
الأم أكثر مما ينشأ من التحكم في احتياجات الطفل, فغالبًا ما يتم التحكم في
التعبيرات الجنسية الكامنة قبل أن يكوّن الطفل أي فكرة في أن لهذه الفضائل
الاجتماعية أيّ علاقة بالجنس. إن ارتداء الملابس يعمل كخطوة أولى نحو
"التغطية" وإنكار وجود أعضاء التناسل، فضلًا عن ذلك: فإن أعضاء التناسل
لا يرد ذكرها مباشرة أبدًا بعكس الإشارة المباشرة والصريحة لباقي الأعضاء. إننا
كثيرًا ما نسمع الأمر: "لا تلعب بأنفك" في حين أن طلبًا مماثلًا يتعلق
بأعضاء التناسل يصبح مموهًا بمثل هذه العبارات "لا تلعب به" أو "لا
تعلب بنفسك"، وعلى الطفل أن يخمّن ما هو مقصود هنا بالضمير أو النفس. إن على
الصبية والبنات أن يواجهوا أمورًا غير محددة ليس لها بالنسبة لهم سوى مغزى ضئيل,
ولكنها تعني الكثير بالنسبة للكبار، مما يحمل معه أساسًا تعليمات تحريمية.
4-
التحكّم في السلوك العدواني:
إذا كانت العدوانية تتبع
كنتيجة للإحباط الذي هو جزء فطري من النمو، ويحدث العدوان في شكل غضب، أو اهتياج.
وعندما يبكي الطفل غضبًا عندما يواجه الإحباط, فإنه يتعلّم بالمصادفة أن سلوكه
يصبح مقترنًا باستجابات لإشباع
حاجاته، وتحقيق رغباته,
ولذلك يتعلم الطفل إثارة الأفعال العدوانية لكي يحقق الاستجابة لحاجاته.
ويقترح "سيرز"
لتعليم الطفل التحكم في السلوك العدواني عدة أساليب وجدت جدواها:
أ- إيجاد توازن بين إمكانات
السماح والكبح في السنوات الأولى من نمو الطفل: فالسماح بالعدوانية وغضب الطفل
وهياجه الذي لا موجب له يؤدي بالطفل إلى فرض قيمة إيجابية للسلوك العدواني, ومن جهة
أخرى: فإن المبالغة في كبح العدوانية يمكن أن يكون له نفس الضرر، فالطفل عندئذ
يطلب منه أن يتحمّل إحباطه، وأن يعايش ويكبت غضبه, قد يؤدي إلى مزيد من الإحباط
ومشاعر العدوانية, ولذلك: فإن المبالغة في السماح والمبالغة في الكبح تساعد على
تولّد المشاعر العدوانية.
ب- إيجاد إمكانية للعدوانية
غير المباشرة والخالية "كما في اللعب" ومن خلال الخيال، يطلق الطفل
عدوانه فيها دون قيود ضد بديل للمثير الحقيقي لإحباطه.
ج- تعليم الطفل معايير
السلوك المقبول اجتماعيا: فمعالجة موضوع العدوانية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بنمو
المعايير والقيم في داخل الطفل, فالطفل يتعلّم متى وإلى أي مدى، وما هي أنماط
العدوانية التي يمكن تحملها في مختلف مجالات حياته.. إلخ.
5-
تحديد النمط الجنسي:
يؤكد "سيرز" أنه
في هذه المرحلة من عمر الطفل يبدأ الطفل في التعرف على النمط الجنسي له، أو تنشيط
نمو السلوك الاجتماعي المناسب لجنسه، والذي يكون المظهر الأكثر انتشارًا لعملية
تحقيق الذات. فابتداءً من السنة الرابعة يبدأ تعرف الصبي على توقعات أبيه الجنسية
"نمط أبيه"، وتواصل البنت تحقيق ذاتها مع الأم، وتتقدّم في هذا السبيل
بسرعة أكبر نحو أشكال سلوكية أكثر نضجًا، ذلك لأن تحقيق ذاتها يقوى دون توقّف، وهي
لذلك تميل لِأَنْ تصبح أكثر تعرفًا في
مرحلة مبكرة من حياتها على
إدارة الكبار ومعاييرهم وقيمهم، وبالتالي تظل البنت أكثر حساسية نحو موافقة أو عدم
موافقة أمها, وبالمقارنة: فإن تحقيق الذات لدى الصبي يكون معقدًا، وليس فقط لأنه
مضطر للتنحي عن قدر كبير من تعرفه على أمه، ولكن أيضًا لأنه يعتمد على قدرة الأب
وحضوره لعرض نموذج للسلوك الذكري. والتعرف على الأب يقوى إذا استطاع الأب أن يكون
نموذجًا يملك تقدير الأم, وباستطاعتنا أن نفترض أن نفس الشيء يحدث تمامًا للبنت
عندما لا يقوى الأب تقدير البنت بإظهار الاحترام والتقدير للأم من خلال سلوكه
نحوها, وعندما يقترب الطفل من سن المدرسة يميل لتقمُّص سمات الشخص الذي يتعرّف
عليه بقوة.
6-
تعلُّم السلوك المستقل:
إذ تقل الاعتمادية بصفة
عامّة مع تقدّم السن، عندما يبدأ الطفل يتعلم الاعتماد على عدد متزايد من الكبار
والرفاق, وحالة الطفل الاعتمادية تعدَّل تدريجيًّا إلى حالة انفعالية واحترام
للذين يعتمد عليهم في رعايته. وإذا قلت اعتمادية الطفل على الشخص القائم بالرعاية
يصبح أكثر حرية في مناقشة الآخرين. وبينما كان الهدف الوحيد قبل ذلك هو الإشباع
الاعتمادي، فإنه الآن يميل لاختبار الآخرين كمنافسين في أهدف لا يمكن المشاركة
فيها مشاركة تامة، وهو يتعلّم أنه لا يوجد شيء حكرًا له، وأنَّ عليه أن ينافس في
سبيل هدفه المرغوب فيه.
المرحلة الثالثة: النظم
الدافعية الثانوية:
التعلّم المتركّز أبعد من
الأسرة:
ففي الوقت الذي يصبح فيه
الطفل مستعدًا للذِّهاب إلى المدرسة من حيث السن والنمو، فإنه يكون مستعدًا
للاعتراف من عالم يقع خارج نطاق أسرته، وفي هذ الوقت يكون قد اكتسب نظامًا
سلوكيًّا يرشده لفترات محددة في هذا العالم الخارجي الجديد, ولذلك: فإن البيئة
الاجتماعية الأوسع هي التي تقوم الآن بنصيب هام في عملية التنشئة الاجتماعية
والتعلّم الاجتماعي, ولذلك تتميِّز هذه المرحلة بعدة مميزات:
1-
انخفاض الاعتمادية:
ففي سن الخامسة تنخفض
اعتمادية الطفل وتصبح قاصرة على مناطق محدَّدة من حياة الأسرة والتبادل الودي
للمعاملات الأسرية الرمزية التي تشمل اعتمادية كامنة، فلم يعد الطفل يتلقى الغذاء
بالمعلقة من أي عضو في الأسرة، فقد اتسعت اعتماديته من مجرد الاعتماد على شخص واحد
إلى الاعتماد على فردين أو أكثر، ويساعد ذلك على دخول المدرسة كمصدر جديد
للاعتمادية، ثم تبدأ هذه الاعتمادية تستبدل تدريجيًّا باستقلاليته في علاقاته
برفاق سنِّه، وتتوطَّد جهوده التعاونية مع رفاقه, مما يخلق تكاملًا ثابتًا في
شخصية الإنسان البالغ.
ولذلك: يرغب الطفل في إيجاد
توازن بين حاجته للشعور بالاستقلال وإدراكه لمدى حريته، وبين قبوله للسيطرة, فهو
يحاول السيطرة على الآخرين بحيث يستطيع إرضاء احتياجاته أو مهارته الجديدة في
السيطرة على الآخرين.
2-
ازدياد القدرة على التقمص:
ففي سن الخامسة يصبح الطفل
عادة شديدة التقرب من التقمص والتعرف على الوالد من نفس جنسه، ويستمر التعرف على
الذات من خلال تقليده نماذج يكون مرغوبًا فيها على الأقل بمعايير احتياجات الطفل,
وإذا لم تتواجد النماذج
المقلدة المرغوب فيها في
عالم الكبار، فإن أطفالًا آخرين يتصادف أن يمدوا الطفل بشيء من الإشباع يصلحون
لتحقيق الذات من خلالهم, وبينما يمتد أفق الطفل إلى أبعد من عالم بيته، فإنه يجب
أن يبدي دلالة قوية من الوعي، وتساعده يبئته الجديدة والأكثر اتساعًا على تحقيق
قيم أكثر فهمًا، وقيمًا اجتماعية ودينية واقتصادية وسياسية، وكل السلوك المكتسب من
الأحكام والتقديرات اللاحقة على القيمة ترتكز على ما سبق امتصاصه من سلوك والديه،
وعلى ما تعلمه منهما.
تقييم نظرية سيرز:
ترتكز مجهودات سيرز في الأبحاث
التجريبية التي تكشف عن التفاعل المتبادل بين الطفل والكبار الذين يرعونه خاصة
الوالدين, لذا: يعرض سيرز نمو الطفل كمرآة لإجراءات تربية الأطفال التي تقوم على
الدوافع الفطرية الكامنة, والتي تعدّل منها البيئة من خلال عمليات التنشئة
الاجتماعية، ولتصبح هي الدوافع الثانوية الحافزة، وهي أصلًا أقوى من الدوافع
الفطرية.
إن الدوافع الحافزة الثانوية
تحدّد في النهاية أنماط سلوك الفرد وأسس تربية الطفل، فالدوافع المكتسبة اجتماعيًا
تحدد نوع الرغبات الداخلية للفعل والسيطرة عليها. وإذا كان الصغير يبدأ سلوك
بتوجيه وسيطرة الوالدين, فإنه فيما بعد يحقق التعرُّف على الذات لتصبح نظامًا
دافعيًّا آخر يدفعه للسلوك كما يتوقع منه, فالسلوك هو حصيلة خبرات الطفل
الاجتماعية المباشرة، وبالتالي فإن نمو الطفل هو حصيلة الجهود المرئية للأبوين في
تربية الطفل، أي: إن نموَّ الطفل هو نتيجة للتعلم الاجتماعي. "هنري و. ماير:
1981".
المصدر : المكتبة
الشاملة
الكتاب: علم نفس النمو
المؤلف: حسن مصطفى عبد المعطي، هدى محمد قناوي
عدد الأجزاء: 2 الناشر: دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
Robert
R. Sears' Theory of Physical Growth and Social Learning:
Robert
R. Sears, an American psychologist, used a more clinical, rather than a
clinical, approach to child development.
Born
1908 in California, graduating from Stanford University, he responded to Louis
Truman's influence. Terman went to Yale to pursue his psychological studies,
and completed his doctoral thesis, "The Effect of Visual Separation on the
Optical Behavior of the Goldfish" in 1932. He received his professorship
and worked at the University of Illinois, the Chicago Research Institute, the
Institute of Human Relations at Yale University, IWA Child Care Research, Harvard
Psychological Growth Laboratory, Executive Director of the Department of
Psychology, Dean of Humanities and Science at Stanford University, and was
elected President of the American Psychological Association twice in 1950 and
1960.
Sears
was interested in learning theory for his close involvement of Clark. Hull,
influenced by Dulad, Miller, Dop, Dollard, Miller, Doob & Mowrer, and
discussed with them the application of learning theory to child development
issues, and was convinced in terms of the relationship between the child and
parents in early childhood, On clear behavioral manifestations of growth that
can be measured. In his view, personality growth can be measured through
behavior and through social interaction. He sees growth as a continuous process
or a continuum of events adding to previous acquisitions. Every moment of the
child's life connected to his parents has some effect on his present behavior,
And its ability to act in the future.
In
the view of the newborn child has multiple biological needs lead to the primary
motives such as hunger, thirst, sleep, the need for activity, disposal of
waste, and maintain the temperature most appropriate and all are linked with
the primary motives, and these motives are a node and stimulate social
learning.
Sears
stresses the influence of parents on the growth of the child's personality. The
way they are educated determines the nature of the child's development. Thus,
personal differences among individuals are largely due to differences between
parents in their various forms of information about child-rearing methods.
There is an easy access to a parent's knowledge in this regard.
Accordingly,
we will present Sears' view in three stages of growth:
1.
The "primitive" behavior stage, which is based on primary biological
needs and early childhood learning.
2
- stage of secondary driving systems that are based on learning in the family.
3
- the stage of secondary driving systems that are based on learning beyond the
family.
Phase
I: "primitive" innate behavior:
Biological
needs and early childhood learning:
This
stage mainly involves the first 10 to 16 months of life, when its environmental
expertise has not begun to guide its learning, so this phase involves the
child's attempts to reduce the internal tension caused by his internal motives,
and the most important needs of the child at this stage:
1
- The need for food and physical flight:
Hunger,
fatigue, pain, etc. generate tension that seeks to alleviate it through any
feedback response, and a large amount of this search for initial gratification
occurs by trial and error, and gradually learns that the child to reduce the
pain related to some of his actions, and then tries hard to mimic those acts
that have been I passed. For example, the sign of hunger becomes associated
with the sequence: cry and breast or bottle with the liquid reduced to hunger,
and his actions become more, and his behavior more learned, that is, his
actions become partially follow-up with an educated response.
2
- The need for disposal of waste:
Although
the child's natural desire to dispose of waste remains a non-social desire, the
pressure on the child to maintain health and cleanliness becomes a subjective
experience that grows from the child in the next stage. The responses that are
repeated with the child and lead to complacency are seen together as
experiences Rewarding. Mother's activity with her baby and her personal warmth,
"physical contact, pampering, etc.," provide the necessary
reinforcement for her child. A mother who ensures proper care for her child in
times of need is an enhanced reward, and the child is more willing to adjust
his behavior in ways that ensure his mother's continued care.
3.
Social need:
Emotional
motivation with the child grows in its responses to people as environmental
phenomena that recur from the first two months of life, through the bilateral
relationship of feeding and disposal of waste, protection from cold, or any
other biological need. Starting from the fourth month to the twelfth month,
this essential relationship begins with the first friction between the child
and his mother when the child moves his learning processes from the dependence
on experience and error to the processes that are based on the bilateral
reinforcement. Both mother and child have a number of specific verbs To raise
each other's responses in line with their expectations. It is noted that the
biological need of the child to reduce the motivation for hunger is soon
associated with the two main components of the interconnected food intake are
"sucking, and being near the nursing person", quickly become an
inherent habit and independent motivation increases with age, the child begins
to look at the mother as an indispensable part From the activity of sucking and
eating food, and become their image and smell and touch .. Etc. coupled closely
with saturation .. Hence: the child is not only to learn to expect to attend
when hungry, but also learn that he needs, which enhances reliability as a
great adult Who takes care.
4
- Learning aggressive behavior:
The
aggressiveness in Sears research is a result of frustration; aggression becomes
an early and vital manifestation of learning behavior, because it occurs at the
very first moment when the child experiences his or her experience of distress,
pain or delay in disposal