إعراب المضارع وبناؤه
Sunday, July 1, 2018
Add Comment
إعراب المضارع وبناؤه
إذا انتظم الفعل المضارع في الجملة، فهو إما مرفوع أو منصوب، أو مجزوم. وإعرابُه إما لفظي، وإما تقديري، وإما محلي.
وعلامة رفعه الضمةُ ظاهرةً، نحو (يفوزُ المتقون) ، أو مقدَّرَة نحو "يعلو قدرُ من يقضي بالحق"، ونحو "يَخشى العاقل ربّهُ".
وعلامة نصبه الفتحة ظاهرة، نحو "لن أقول إلا الحق"، أو مقدرة، نحو "لن أخشى إلا الله".
وعلامة جزمه السكون نحو "لم يَلدْ ولم يُولدْ".
وإنما يعرب المضارع بالضمة رفعاً، وبالفتحة نصباً، وبالسكون جزماً إن كان صحيح الآخر، ولم يتصل بآخره شيء.
فإن كان معتل الآخر غير متصل به شيء جزم بحذف آخره نحو "لم يَسعَ، ولم يرمِ، ولم يدعُ". وتكون علامة جزمه حذف الآخر.
وإن اتصل بآخره ضمير التثنية أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، فهو معربٌ بالحرف، بالنون رفعاً، نحو "يكتبان ويكتبون وتكتبين" وبحذفها جزماً ونصباً، نحو "إن يَلزَمُوا معصية اللهِ، فلن يفوزوا برضاه".
وإن اتصلت به إحدى نوني التوكيد، أو نون النسوة، فهو مبني، مع الأوليَينِ على الفتح نحو "يكتُبَنْ ويكتَبنَّ"، ومع الثالثة على السكون نحو "الفتيات يكتْبنَ ويكون رفعه ونصبه وجزمه حينئذ محلياً.
فإن لم يتصل آخرُه بنونِ التوكيدِ مباشرةً بل فصِلَ بينهما بضمير التثنية، أو واو الجماعة، أو ياءِ المخاطبةِ، لم يكن مبنياً، بل يكونُ مُعرباً بالنون رفعاً، وبحذفها نصباً وجزماً. ولا فرق بين أن يكون الفاصلُ لفظيًّا، نحو
"يكتبانّ" أو تقديريًّا نحو "يكتُبُنَّ وتكتُبِنَّ، لأن الأصل "تَكتبونَنَّ وتكتُبينَنَّ".
(حذفت نون الرفع، كراهية اجتماع ثلاث نونات نون الرفع ونون التوكيد المشددة ثم حذفت واو الجماعة وياء المخاطبة، كراهية اجتماع ساكنين الضمير والنون الأولى من النون المشددة) .
واعلم أنَّ نونَ التوكيدِ المشدَّدةَ، إن وقعت بعدَ ألف الضمير، ثبتتِ الألفُ وحُذفت نون الرفع، دفعاً لتوالي النوناتِ، غيرَ أن نونَ التوكيدِ تُكسَرُ بعدَها تشبيهاً لها بنون الرفعِ بعدَ ضمير المُثنَّى، نحو "يكتُبانِّ".
وإن وقعت بعدَ واو الجماعة، أو ياء المخاطبةِ، حُذفت نون الرفعِ دفعاً لتوالي الأمثال. أما الواو والياء، فإن كانت حركةُ ما قبلَهما الفتحَ ثبتتا، وضُمّت واوُ الجماعة، وكسِرت ياء المخاطبة، وبقِي ما قبلهما مفتوحاً على حاله، فتقولُ في يَخشَوْن وتَرضَين "تخشَوُنَّ وترضِينَ". وإن كان ما قَبلَ الواو مضموماً، وما قبل الياء مكسوراً حُذِفَتا. حذراً من التقاء الساكنين، وبَقيَتْ حركةُ ما قبلهما، فتقولُ في تكتُبونَ وتكتُبينَ وتغزونَ وتغزين "تكتُبينَّ وتكتبِنَّ وتغزُنَّ وتغزِنَّ".
وإذا وَلي نونَ النِّسوةِ نونُ التوكيد المشَّدةُ وجب الفصلُ بينهما بألفٍ، كراهية توالي النونات، نحو "يكتبْنانِّ" أما النونُ المخففةُ فلا تَلحَقُ نونَ النسوة.
وحكم نوني التوكيدِ، معَ فعل الأمر، كحكمهما معَ المضارع في كل ما تقدمّ.
المضارع المرفوع
يُرفع المضارعُ، إذا تجرَّدَ من النواصب والجوازمِ. ورافعُهُ إنما هو تجرُّده من ناصبٍ أو جازمٍ.
(فالتجرد هو عامل الرفع فيه، فهو الذي أوجب رفعه. وهو عامل معنوي، كما أن العامل في نصبه وجزمه هو عامل لفظي لأنه ملفوظ.
وهو يُرفعُ إما لفظاً، وإما تقديراً، كما سلف، وإما محلاًّ، إن كان مبنيًّا، نحوُ "لاجتهدنَّ" ونحو "الفتياتُ يجتهدْن"
المضارع المنصوب ونواصبه
يُنصبُ المضارعُ إذا سبقتهُ إحدى النواصب.
وهو يُنصبُ إما لفظاً، وإما تقديراً، كما سلفَ، وإما محلاًّ، إن كان مبنيًّا مثل "على الأمهاتِ أن يَعنينَ بأولادهنَّ".
ونواصبُ المضارع أربعةُ أحرفٍ، وهي
(1) أنْ، وهي حرفُ مَصدرِيةٍ ونصبٍ واستقبال، نحوَ {يُريدُ اللهُ أَن يُخففَ عنكم} .
وسميت مصدرية، لأنها تجعلُ ما بعدها في تأويل مصدر، فتأويل الآية "يريد الله التخفيف عنكم" وسميت حرف نصب، لنصبها المضارع. وسميت حرف استقبال، لأنها تجعل المضارع خالصاً للاستقبال. وكذلك جميع نواصب المضارع تمحضه الاستقبال بعد أن كان يحتمل الحال والاستقبال".
ولا تَقعُ بعد فعلٍ بمعنى اليقينِ والعلمِ الجازم.
فإن وقعت بعدَ ما يدُلُّ على اليقين، فهيَ مُخفَّفةٌ من "أنَّ"، والفعل بعدها مرفوعٌ، نحو {أفلا يَرَوْنَ أنْ لا يَرجِعُ إليهم قولاً} ، أي أنهُ لا يَرجع.
وإن وقعتْ بعدَ ما يدُلُّ على ظنٍّ أو شبههِ، جازَ أن تكون ناصبة للمضارعِ، وجازَ أن تكونَ مخفَّفةً من المشدَّدَة، فالفعلُ بعدَها مرفوعٌ. وقد قُرِئَتِ الآيةُ {وحَسِبوا أَلاّ تكونَ فتنةٌ} ، بنصب "تكون"، على أنّ "أنْ" ناصبةٌ للمضارعِ، وبرفعه على أنها مخففةٌ من "أن". والنصب أَرجح عندَ عَدمِ الفصلِ بينها وبين الفعلِ بلا، نحو {أحسِبَ الناسُ أن يُترَكوا} والرفعُ والنصبُ سواءٌ عند الفصل بها، كالآية الأولى. فإن فُصِلَ بينهما بغير "لا" كقَدْ والسين وسوفَ، تعيَّنَ الرفعُ، وأن تكونَ "أنْ" محفَّفةً من المُشدَّدة، نحو "ظننت أَنْ قد تقومُ، أَو أَن ستقومُ، أَو أَنْ سوفَ تقومُ".
واعلمْ أنَّ "أَن" الناصبةَ للمضارع، لا تُستعملُ إلاّ في مقام الرجاء والطَّمعِ في حصولما بعدها، فجاز أن تقعَ بعد الظنّ وشِبهه، وبعد ما لا يدل على يقين أو ظن، وامتنع وقوُعها بعد أفعالِ اليقين والعلم الجازم، لأن هذه الأفعالَ إنما تتعلقُ بالمحقَّق، لا يناسبُها ما يدلُّ على غير محقَّق، وإنما يناسبُها التوكيدُ، فلِذا وجب أن تكون "أن" الواقعةُ مُخفِّفة من المُشدَّدة المفيدةِ للتوكيد.
(2) لنْ، وهي حرفُ نفيٍ ونصبٍ واستقبال، فهي في نفي المستقبل كالسين وسوفَ في إثباته. وهي تفيدُ تأكيدَ النفي لا تأييدَهُ وأما قولهُ تعالى لَنْ يَخلُقوا ذُباباً، فمفهوم التأييدِ ليس من "لن"، وإنما هو من دلالة خارجيّة، لأنَّ الخلقَ خاص بالله وحدَهُ.
(وهي على الصحيح، مركبة من "لا" النافية و"أَنْ" المصدرية الناصبة للمضارع وصلت همزتها تخفيفاً وحذفت خطاً تبعاً لحذفها. وقد صارتا كلمة واحدة لنفي الفعل في الاستقبال) .
(3) إذَنْ، وهي حرفُ جوابٍ وجزاءٍ ونصبٍ واستقبالٍ، تقولُ "إِذَنْ تُفلِحَ"، جواباً لمن قال "سأجتهدُ". وقد سميتْ حرفَ جوابٍ لأنها تقعُ في كلام يكون جواباً لكلام سابقٍ. وسميت حرفَ جزاء، لأن الكلام الداخلة عليه يكون جزاءً لمضمون الكلام السابق. وقد تكون للجواب المحض الذي لا جزاءَ فيه، كأن تقولَ لشخصٍ "إني أحبك"، فيقول "إذنْ أَظنك صادقاً"، فظنكَ الصدقَ فيه ليس فيه معنى الجزاء لقوله "إني أحبكَ".
وأصلها، عند التحقيق، إما "إذا" الشرطية الظرفية، حذف شرطها وعوض عنه بتنوين العوض، فجرت مجرى الحروف بعد ذلك ونصبوا بها المضارع، لأنه إن قيل لك "آتيك"، فقلت "إذن أَكرمك"، فالمعنى إذا جئتني، أَو إذا كان الأمر كذلك أكرمك. وإما مركبة من "إذ" و"إن" المصدرية، فإن قال قائل "أَزورك". فقلت "إذن أكرمك" فالأصل "إذ إن تزورني أكرمك" ثم ضمنت معنى الجواب والجزاء.
أَما كتابتها فالشائع أَن تكتب بالنون عاملة ومهملة. وقيل تكتب بالنون عاملة. وبالألف منونة مهملة. أَما عند الوقف فالصحيح أَن تبدل نونها أَلفاً تشبيهاً لها بتنوين المنصوب، كما أَبدلوا نون التوكيد الخفيفة أَلفاً عند الوقف كذلك. أَما رسمها في المصحف فهو بالألف عاملة ومهملة. ورسم المصحف لا يقاس عليه، كخط العروضيين. وقد سبق الكلام على ذلك) .
وهي لا تنصبُ المضارعَ إلا بثلاثة شروطٍ.
الأولُأَن تكونَ في صدر الكلام، أَي صدرِ جملتها، بحيثُ لا يسبقها شيءٌ له تعلقٌ بما بعدها. وذلك كأن يكونَ ما بعدَها خبراً لما قبلها ونحو "أَنا إذَنْ أُكافِئُكَ" أَو جوابَ شرطٍ، نحوُ "إن تُزرني إذَنْ أَزركَ" أَو جواب قسمَ، نحو "واللهِ إذَنْ لا أَفعلُ". فإن قلتَ "إذَنْ واللهِ لا أَفعلَ"، فقدَّمتَ "إذنْ" على القسم، نصبتَ الفعلَ لتصدُّرِها في صدر جملتها.
ومن عدم تصدرها، لوقوعها جواب قسم، قولُ الشاعر [من الطويل]
لئِن جادَ لي عبدُ العَزيزِ بِمِثْلها ...وأَمكَنني منها، إذنْ لا أُقِيلُها (فقد رفع "أقيل" لأن "إذن" لم تتصدر، لكونها في جواب قسم مقدر، دلت عليه اللام التي قبل "إنّ" الشرطية. والتقدير والله لئن جاد لي". وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه. وقد أهملت "إذن" لوقوعها بين القسم وجوابه، لا بين الشرط وجوابه، كما قاله بعضهم، لأنه
إذا اجتمع شرط وقسم، فالجواب للسابق منهما. وجواب المتأخر محذوف، لدلالة جواب الآخر عليه) .
وإذا سبقتها الواوُ أَو الفاءُ، جاز الرفع وجاز النصبُ. والرفع هو الغالب. ومن النصب قوله تعالى (في قراءةِ غيرِ السبعة) {وإن كادوا لَيَستفزونكَ من الأرضِ ليُخرجوك منها، وإذاً لا يَلبَثوا خلافَكَ إِلا قليلا"، وقوله {أَم لهم نصيبٌ من المُلك، فإذاً لا يؤْتوا الناسَ نَقيراً} وقرأَ السبعةُ {وإذاً لا يلبثون ...وإذاً لا يؤتون} ، بالرفع. وإذا قلت "إن تجتهد تنجح، وإذن تفرح"، جزمت "تفرح"، وأَلغيتَ "إذن"، إِن أَردتَ عَطفَه على الجواب "تنجح"، فيكون التقديرُ "إن تجتهد تنجحْ وتفرحْ"، وذلك لعدم تصدرها، ورفعته أَو نصبتَهُ، إن أَردتَ العطف على جملتي الشرط والجواب معاً، لأنهما كالجملة الواحدة. وإنما جاز الوجهان، لوقوعها بعد الواو. ويكون العطف من باب الجمل، لا من باب عطف المفردات. فتكون حينئذٍ صدرَ جملة مستقلة مسبوقة بالواو، فيجوز الوجهان. رفع الفعل ونصبه.
فإن كان شيءٌ من ذلك أَليغتها ورفعتَ الفعلَ بعدها، إلا إن كان جوابَ شرطِ جازٍم، فتجزمُه، كما رأَيتَ، ونحو "إن تجتهدْ إِذَن تَلْقَ خيراً". فعدمُ التَّصدير، المانعُ من إعمالها، إنما يكون في هذه المواضعِ الثلاثة، لا غيرُ.
الثانيأَن يكون الفعلُ بعدها خالصاً للاستقبالِ، فإن قلتَ إذنْ أَظنكَ صادقاً" جواباً لمن قال لك "إني أُحبك"، رفعتَ الفعلَ لأنه للحال.
الثالثُألاّ يُفصَلَ بينهما وبينَ الفعل بفاصلٍ غير القسمِ و (لا) النافية، فإن قلتَ "إذَنْ هم يقومون بالواجب". جواباً لمن قال "يجود الأغنياء
بالمال في سبيل العلم"، كان الفعلُ مضارعاً، للفصل بينهما بغير الفواصل الجائزة.
ومثال ما اجتمعت فيه الشروطُ قولك "إذَنْ أَنتظرَك"، في جواب من قال لك (سأزورُك) فإذَنْ هنا مصدَّرةٌ، والفعلُ بعدَها خالصٌ للاستقبال. وليس بينها وبينه فاصل.
فإن فُصلَ بينهما بالقسمِ، أو "لا" النافية، فالفعلُ بعدها منصوبٌ. فالأولُ نحو "إذَنْ واللهِ أُكرِمَكَ" وقولِ الشاعر [من الوافر]
إذَنْ، واللهِ، نَرمِيَهُمْ بِحَرْبٍ ...تُشِيبُ الطِّفْلَ من قَبْلِ المَشيبِ
والثاني نحو "إذَنْ لا أجيئَكَ".
وأجاز بعضُ النحاةِ الفصلَ بينهما - في حال النصب - بالنداء، نحو "إذَنْ يا زُهيرُ تنجحَ"، جواباً لقوله "سأجتهدُ". وأَجاز ابنُ عصفورٍ الفصلَ أَيضاً بالظرف والجارّ والمجرور. فالأولُ نحو "إذَنْ يومَ الجَمعةِ أجيئَكَ" والثاني نحو "إذَنْ بالجِدّ تبلُغَ المجدَ". وقد جمعَ بعضُهمُ شروط إعمالها والفواصلَ الجائزةَ بقوله [من الرجز]
أَعملْ "إذَنْ" إذا أتتكَ أَوَّلا ... وسُقتَ فعلا بعدها مُستّقبلا
واحذَر، إذا أَعملتَها، أَن تفصِلا ...إلاّ بِحلَفٍ أو نداءٍ أَو بِلا
وافصِلْ بِظرفٍ أو بمجرورٍ على ...رأيِ ابنِ عُصفورٍ رئيسِ النُّبلا
وبعضهم يُهملُ "إذن"، معَ استيفائها شروطَ العمل. حكى ذلك سيبويه عن بعض العرب. وذلك هو القياس. لأن الحروف لا تعمل إلا إذا كانت مختصَّة. و"إذن" غيرُ مختصَّةٍ، لأنها تباشرُ الأفعال، كما علمتَ، والأسماءَ، مثل "أَأَنتَ تُكرِمُ اليتيمَ؟ إذن أنتَ رجلٌ كريمٌ".
(4) كي، وهي حرف مَصدريَّةٍ ونصبٍ واستقبال. فهي مثل "أنْ"، تجعل ما بعدها في تأويل مصدر. فإذا قلتَ "جئتُ ليك أتعلَّمَ"، فالتأويلُ "جئتُ للتعلُّم" وما بعدها مؤَوَّل بمصدرٍ مجرورٍ باللاّمِ.
والغالبُ أن تسبقها لامُ الجرّ المُفيدةُ للتعليل، نحوُ {لكيلا تأسَوْا على ما فاتكم} . فإن لم تسبقها، فهي مُقدَّرةٌ، نحو "استقِم كيْ تُفلحَ" ويكون المصدرُ المؤوَّلُ حينئذ في موضع الجرّ باللام المقدَّرة، أَيكونُ منصوباً على نزع الخافض.
النّصبُ بأنْ مُضْمرةً
قد اختصت "أن" من بين أخواتها بأنها تنصبُ ظاهرةً، نحو "يريدُ الله أن يُخفِّفَ عنكم"، ومُقدَّرةً، نحو {يُريدُ اللهُ ليُبيّنَ لكم} أي لأن يُبينَ لكم.
وإِضمارها على ضربينِ جائزٍ وواجبٍ.
(1) إِضمار أن جوازاً
تقَدَّر "أنْ" جوازاً بعد ستةِ أحرفٍ
(1) لامُ كي (وتسمى لامَ التعليل أيضاً، وهي اللام الجارّة، التي يكونُ ما بعدها علةً لما قبلها وسبباً له، فيكون ما قبلها مقصوداً لحصول ما بعدها، نحو "وأنزلنا إليك الذكر لتبيّن للناس".
وإنما يجوزُ إضمار (أن) بعدها إذا لم تقترن بلا النافية أو الزائدة.
فإن اقترنت باحداهما، وجب إظهارُها. فالنافية نحو "لئلا يكون للناس على الله حُجَّةٌ" والزائدة نحو "لئلا يعلم أهلُ الكتاب".
(2) لام العاقبةِ، وهي "اللام الجارَّة التي يكونُ ما بعدها عاقبة لما قبلها ونتيجة له، لا علةً في حصوله، وسبباً في الإقدام عليه، كما في لام كِي. وتسمى لام الصيرورة، ولامَ المآل، ولام النتيجة أيضاً"، نحو "فالتقطَه آلُ فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً".
(والفعل. بعد هاتين اللامين، في تأويل مصدر مجرور بهما. و"أن" المقدرة هي التي سبكته في المصدر، فتدقير قولك جئت لأتعلم (جئت للتعلم) . والجار والمجرور متعلقان بالفعل قبلهما. واعلم أن الكوفيين يقولون إن النصب إنما هو بلام كي ولام العاقبة. لا بأن مضمرة. وهو مذهب سهل خال من التكلف. وعليه مشينا في كتبنا المدرسية، تسهيلا على الطلاب) .
(3 و4 و5و 6 الواو والفاءُ وثم وأو العاطفات إنما ينصب الفعل بعدهن بأن مضمرة، إذا لزم عطفه على اسمٍ محضٍ، أي جامد غير مشتق، وليس في تأويل الفعل، كالمصدر وغيره من الأسماء الجامدة، لأن الفعل لا يُعطفُ إلا على الفعل، أو على اسم هو في معنى الفعل وتأويله، كأسماء الأفعال والصفات التي في الفعل فإن وقع الفعلُ في موضع اقتضى فيه عطفَه على اسمٍ محضٍ قُدّرت (أَن) بينه وبين حرف العطف، وكان المصدرُ المؤوّل بها هو المعطوف على اسم قبلها.
فمثالُ الواو "يأبى الشجاعُ الفرارَ ويَسلمَ"، أي "وأن يَسلمَ"، والتأويلُ "يأبى الفرار، والسلامة"، ونحو "لولا الله ويلطفَ بي لهلكتُ" أي وأن يلطُف بي. والتأويل لولا الله ولطفهُ بي. ومنه قولُ ميسون [من الوافر]
وَلُبْس عُباءةٍ وتَقَرَّ عيْني ...أَحبُّ إليَّ مِنْ لُبْسِ الشفُوفِ
أي لُبسُ عباءة وقرةُ عيني.
ومثالُ الفاء "تعبُك، فَتنالَ المجدَ، خيرٌ من راحتك فتحرمَ القصدَ"، أي "خيرٌ من راحتك فحرمانك القصدَ".
ومنه قول الشاعر [من البسيط]
ولولا تَوقعُ مُعْتَرٍّ فأُرضيَهُ ...ما كنت أوثِرُ إتراباً على تَرَبِ
أي لولا توقع معتز فإرضاؤه.
ومثال (ثم) "يرضى الجبانُ بالهوان ثم يَسلَم"، أي "يرضى بالهوان ثم السلامةِ" ومنه قول الشاعر [من البسيط]
إني وقتْلي سُلَيْكا، ثم اعقِلَهُ ...كالثَّوْرِ يُضرَبُ لما عافت البقر
أي قتلي سُليكا ثم عقلي إياهُ
ومثال (أَو) "الموتُ أَو يبلغَ الإنسانُ مأمَلَهُ أَفضلُ" أي "الموت أَو بُلوغهُ الأملَ أَفضلُ" ومنه قوله تعالى {ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً، أَو من وراء حجابٍ، أَو يُرسِلَ رسولا} ، أي "إلا وحياً، أَو إرسالَ رسولٍ".
فإنْ في جميع ما تقدم، مقدَّرة. والفعل منصوب بها، وهو مؤَوَّلٌ بمصدر معطوف على الاسم قبلهُ، كما رأَيت.
(2) اضمار "أن" وجوباً
تُقدَّرُ (أنْ) وجوباً بعد خمسة أحرف
(1) لام الجحود"وسماها بعضهم لامض النفي، وهي لامُ الجر التي تقع بعد (ما كان) أو (لم يكن) الناقصتين"، نحو "ما كان الله ليظلمَهم"، ونحو {لم يكن الله ليغفرَ لهم} .
(فيظلم ويغفر منصوبان بأن مضمرة وجوباً، والفعل بعدها مؤول بمصدرمجرور باللام. وخبر كان ويكن مقدر. والجار والمجرور متعلقان بخبرها المقدر والتقدير "ما كان الله مريداً لظلمهم، ولم يكن مريداً لتعذيبهم".
فإن كانتا تامتين، جاز (إظهار (أن) بعدها، لأنها حينئذ لام التعليل نحو "ما كان الإنسانُ ليعصيَ رَبَّهُ، أَو لأن يعصيهُ"، أَي ما وُجد ليعصيه
(2) فاء السببِيّة"وهي التي تفيد أَن ما قبلها سببٌ لما بعدها، وأَن ما بعدها مسببٌ عما قَبلها"، كقوله تعالى {كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوْا فيه فيحلَّ عليكم غضبي} .
(فإن لم تكن الفاء للسببية، بل كانت للعطف على الفعل قبلها، أو كانت للاستئناف لم ينصب الفعل بعدها بأن مضمرة. بل يعرب في الحالة الأولى باعراب ما عطف عليه، كقوله تعالى {لا يؤذن لهم فيعتذرون} ، أي ليس هناك إذن لهم ولا اعتذار منهم ويرفع في الحالة الأخرى، كقوله سبحانه {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} أي "فهو يكون إذا أَراده" فجملة "يكون" ليست داخلة في مقول القول، بل هي جملة مستقلة مستأنفة. ومنه قول الشاعر [من الطويل]
ألم تسأل الربع القواء فينطق ...وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق
(أَي فهو ينطق إن سألته)
(3) واو المعيّةِ"وهي التي تُفيدُ حصولَ ما قبلها مع ما بعدها، فهي بمعنى (مَعَ) تُفيد المصاحبةَ" كقول الشاعر [من الكامل]
لا تَنْهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مِثْلَهُ ...عارٌ عليكَ، إذا فعَلتَ، عظيم
(فإن لم تكون الواو للمعية، بل كانت للعطف، أو للاستئناف، فيعرب الفعل بعدها في الحالة الأولى، باعراب ما قبله، نحو "لا تكذب وتعاشر الكاذبين"، أي ولا تعاشرهم. ويرفع في الحالة الأخرى، نحو "لا تعص الله ويراك"، أي وهو يراك. والمعنى هو يراك، فلا تعصه. فالواو ليست لملعية، ولا للعطف، بل هي للاستئناف.
وخلاصة القول إن إعراب الفعل بعد الفاء والواو يتوقف على مراد القائل. فإن أراد السببية، فالنصب. وإن أراد العطف، فالإعراب بحسب المعطوف عليه. وإن لم يرد هذا ولا ذاك، بل أراد استئناف جملة جديدة، فالرفع ليس المراد بالاستئناف قطع الارتباط بين الجمل في المعنى بل المراد الارتباط اللفظي، أي الإعرابي. واعلم ان المروي من ذلك، من آية أو شعر، ينطق به على روايته وقد تحتمل الأوجه الثلاثة في كلام واحد، وقد مثلوا له بقولهم "لا تأكل السمك وتشرب اللبن". فإن أردت النهي عن الأمرين معاً، جزمت ما بعد الواو، لأنها حينئذ للعطف. وإن أردت النهي عن الجمع بينهما، نصبت ما بعدها، لأنها حينئذ للمعية. وإن أردت النهي عن الأول وحده، وإباحة الآخر، رفعت ما بعدها لأنها حينئذ للاستئناف ويكون المعنى "لا تأكل السمك، ولك أن تشرب اللبن".
والواو والفاءُ هاتانِ لا تُقدَّر (أنْ) بعدهما إلا إذا وقعتا في جواب نفي أو طلبٍ فمثالُ النفي مع الفاء: "لم تَرحمْ فتُرحمَ" ومثال الطلب معها: "هل ترحمون فتُرحموا؟ ". ومثال النفي مع الواو: "لا نأمرُ بالخير ونُعرضَ عنه" ومثال الطلب معها: "لا تأمروا بالخير وتعرضوا عنه".
فإن لم يسبقهما نفيٌ أو طلبٌ، فالمضارعُ مرفوعٌ، ولا تقدَّرُ (أنْ) ، نحو "يُكرمُ الأستاذُ المجتهدَ، فيخجَلُ الكسلانُ"، ونحو: "الشمسُ طالعةٌ وينزلُ المطرُ".
وشرطُ النفيِ أن يكون نفياً محضاً. فإن كان في معنى الإثبات، لم تُقدَّرْ بعده (أن) فيكونُ الفعل مرفوعاً، نحو "ما تزالُ تجتهدُ فتتقدَّمُ" إذِ المعنى أنت ثابتٌ على الاجتهاد. ونحو (ما تيجئُنا إلا فنكرمُكَ) . فالنفي منتقضٌ بإلاّ، إذِ المعنى إثبات المجيء.
ولا فرق بين أن يكون النفيُ بالحرف، نحو (لم يجتهد فيُفلحَ أو بالفعل، نحو (ليس الجهل محموداً فتُقبلَ عليه) ، أو بالإسم، نحو الحلمُ غيرُ مذموم فتَنْفِرَ منه.
ويُلحَقُ بالنفي التَّشبيهُ المرادُ به النفي والإنكارُ، نحو كأنَّك رئيسُنا فنُطيعَكَ!، أي ما أنتَ رئيسنا. وكذا ما أفاد التَّقليل. نحو (قد يجودُ البخيلُ فيُمدَحَ) أو النفيَ، نحو (قلَّما تجتهدُ فتنجَح) .
والمرادُ بالطَّلبِ الأمرُ بالصيغة أو باللامِ، والنهيُ، والاستفهام، والتّمنِّي والترجّي، والعَرْضُ، والتَّحضيضُ.
أما ما يَدلُّ على معنى الأمر بغير صيغة الأمر أو لامِ الأمر (كاسم فعلِ الأمر) ، نحو (صَهْ، فينامُ الناسُ) . أو المصدرِ النائبِ عن فعل الأمر، نحو (سُكوتاً، فينامُ الناس) . أو ما لفظُه خَبر ومعناهُ الطلب، نحو "حَسبُكَ الحديثُ، فينامُ الناسُ") ، فلا تُقدَّر "أن" بعده. ويكونُ الفعل مرفوعاً على أصحِّ مذاهبِ النحاة. وأجازَ الكسائيُّ نصبَهُ في كل ذلك. وليس ببعيد من الصواب.
والفعلُ المنصوب بأن مَضمَرةً وجوباً، بعد الفاءِ والواو هاتين، مؤَوَّل بمصدرٍ يُعطفُ على المصدرِ المسبوكِ من الفعل المتقدم. فإذا قلت "زُرني فأكرمَكَ، ولا تنهَ عن خُلُقٍ وتأتيَ مثله" فالتقديرُ "لِيكنْ منك زيارةٌ لي فإكرامٌ مني إيَّاكَ، ولا يكن منك نهيٌ عن خلق واتيان مثلهِ".
(واعلم أنه إذا سقطت فاء السببية هذه بعد ما يدل على الطلب، يجزم الفعل بعد سقوطها إن قصد بقاء ارتباط ما بعدها بما قبلها ارتباط فعل الشرط بجزائه. فإن اسقطت الفاء في قولك "اجتهد فتنجح"، قتل "اجتهد تنجح". ومنه قوله تعالى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم} . وقول امرئ القيس [من الطويل]
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ...بسقط اللوى بين الدخول فحومل
(فإذا أردت الاستئناف، رفعت الفعل، نحو عدل، ينزل المطر) . فليس المراد أن تعجل بنزول المطر. وكذا إذا كانت الجملة نعتاً لما قبلها، كقولك "صاحب رجلا يدلك على الله. ومنه قوله {فهب لي من لدنك ولياً يرثني} أي ولياً وارثاً لي. وقد قرئت الآية بالجزم أيضاً، على معنى "إن يهب لي ولياً يرثني". وكذا إذا كانت الجملة في موضع الحال فإنك ترفع الفعل، نحو "قل الحق لا تبالي اللائمين" أي غير مبال بهم. ومنه قوله تعالى {ولا تمنن تستكثر} ، أي مستكثراً) .
(4) حتىوهي "حتى الجارَّةُ، التي بمعنى "إلى" أو لامِ التعليل. فالأول نحو "قالوا لن نبرحَ عليه عاكفين حتى يَرجعَ إلينا موسى". والثاني نحو "أطعِ الله حتى تَفوزَ برضاهُ" أي إلى أن يرجعَ، ولتفوز. وقد تكون بمعنى "إلاّ" كقولهِ [من الكامل]
ليْسَ العطاءُ من الفُضُولِ سَماحةً ...حتى تَجودَ وما لَدَيْكَ قَليل
أي إلاّ أن تجودَ. والفعل بعده مؤول بمصدرٍ مجرورٍ بها. ويُشترط في نصب الفعل بعدها بأن مضمرة، أن يكون مستقبلاً، أمّا بالنسبة إلى كلام التكلم، واما بالنسبة إلى ما قبلها.
ثم إن كان الاستقبالُ بالنسبة إلى زمان التكلم وإلى ما قبلها. وجب النصبُ لأنّ الفعلَ مُستقبلٌ حقيقةً، نحو صُمْ حتى تَغيبَ الشمس" فغياب الشمس مُستقبلٌ بالنسبة إلى كلام المتكلم، وهو أيضاً مستقبلٌ بالنسبة إلى الصيام, وإن كان الاستقبال بالنسبة إلى ما قبلها فقطْ، جاز النصب وجاز الرفع. وقد قُرِئَ قوله {وزُلزلوا حتى يقولَ الرسولُ} بالنصب بأن مضمرةً، باعتبار استقبال الفعل بالنسبة إلى ما قبله لأن زلزالهم سابقٌ على قول الرسول. وبالرفع على عدم تقدير "أن"، باعتبار، ان الفعل ليس مستقبلا حقيقةً. لأنَّ قول الرسول وقع قبل حكايةِ قوله، فهو ماضٍ بالنسبة إلى وقت التكلُّم. لأنه حكايةُ حالٍ ماضية و"أن" لا تدخل إلا على المستقبل.
فإن أريدَ بالفعل معنى الحال، فلا تُقدَّر "أن، بل يُرفع الفعل بعدها قطعاً، لأنها موضوعةٌ للاستقبال، نحو "ناموا حتى ما يستيقظون". ومنه قولهم "مرض زيدٌ حتى ما يَرجونهُ" وتكون "حتى" حينئذٍ حرفَ ابتداءٍ والفعل بعدها مرفوعٌ للتجرد من الناصب والجازم. وحتى الابتدائية حرفٌ تُبتدأُ به الجُمَلُ. والجملةُ بعدها متسأنَفة، لا محل لها من الإعراب.
وعلامة كون الفعل للحال أن يصلح وضعُ الفاء في موضع حتى. فإذا قلت "ناموا فلا يستيقظون، ومرض زيد فلا يرجونه"، صحَّ ذلك.
(5) أو. ولا تُضمَرُ بعدها (أن) إلا أَن يَصلُحَ في موضعها (إلى) أو (إلاّ) الاسثنائيّة، فالأول كقول الشاعر [من الطويل]
لأَّستَسْهلنَّ الصَّعْبَ أو أدْرِكَ المُنى ... فما انقادَتِ الآمالُ إلاَّ لَصابرِ
أي إلى أن أدرك المنى، والثاني كقول الآخر [من الوافر]
وكُنتُ إذا غَمَزْتُ قناةَ قَوْمٍ ...كَسَرْتُ كُعوبَها أَو تَسْتَقِيما
أي إلا أن تستقيم.
والفعلُ، المنصوب بأن مُضمَرةً بعد (أو) ، معطوفٌ على مصدرٍ مفهومٍ من الفعل المتقدم، وتقديرُه في البيت الأول (لَيَكونَنَّ مني استسهالٌ للصَّعبِ أو إدراكٌ للمنى) ، وتقديرُه في البيت الآخر ليكوننَّ مني كسرٌ لكُعوبها أو استقامة منها) .
واعلم أن تأويل "أو" بإلى أو إلا. انما هو تقدير يلاحظ فيه المعنى دون الإعراب. أما التقدير الإعرابي باعتبار التركيب فهو أن يؤول الفعل قبل "أو" بمصدر يعطف عليه المصدر المسبوك بعدها بأن المضمرة. كما رأيت وانما أول ما قبل "أو" بمصدر لئلا يلزم عطف الاسم (وهو المصدر المسبوك بأن المقدرة على الفعل. وذلك ممنوع) .
شُذوذ حذف أنْ
لا تَعمل "أن" مُقدَّرة إلا في المواضع التي سبقَ ذِكرُها. وقد ورد حذفُها
ونصب الفعلِ بعدها في غير ما سبق الكلام عليه، ومن ذلك قولهم "مُرْهُ يَحفِرَها" و"خُذِ اللصَّ قبل يأخذَكَ"، والمثل "تَسمعَ بالمُعَيدِيّ خيرٌ من أن تراه، وقول الشاعر [من الطويل]
ألا أَيُّهذا الزَّاجِري أحضُرَ الوغى ...وأَنْ أَشهَدَ اللَّذَّاتِ، هَلْ أَنتَ مُخْلدي؟!
أي أن يحفرَها، وأن يأخذكَ، وأن تسمَع، وأن أحضُرَ" وذلك شاذّ لا يقاسُ عليه. والفصيحُ أن يُرفعَ الفعلُ بعد حذفِ "أن"، لأنَّ الحرفَ عاملٌ ضعيفٌ، فإذا حذفَ بطلَ عملُه. ومن الرفع بعد حذفها قوله تعالى {ومن آياته يُريكمُ البرقَ خوفاً وطمعاً} ، وقوله {قُلْ أَفَغيرَ الله تأمروني أعبُدُ} ، والأصلُ "أن يريكم، وأن أعبد".
المضارع المجزوم وجوازمه
يُجزَمُ المضارع اذا سبقته احدى الجوازم. وهي قسمان. قسم يجزم فعلا واحداً، نحو "لا تيأسْ من رحمة الله"، وقسم يجزم فعلين، نحو "مهما تفعلْ تُسألْ عنه".
وجزمُه إما لفظيٌّ، إن كان معرباً، كما مُثّل، وإما محلي، إن كان مبنيًّا، نحو "لا تشْتغِلَنَّ بغير النافع".
الجازم فعلا واحداً
الجازم فعلا واحداً أربعةُ أحرفٍ وهي "لم ولما ولامُ الأمر ولا الناهية" وإليك شرحَها
لم ولما تُسمّيانِ حرفيْ نفيٍ وجزمٍّ وقلبٍ، لأنهما تَنفيان المضارعَ، وتجزِمانهِ، وتقلبانِ زمانَه من الحال أو الاستقبال الى المضيّ، فإن قلتَ "لم أكتبْ" أو "لمّا أكتُبْ"، كان المعنى أنكَ ما كتبتَ فيما مضى.
والفرق بين "لم ولمّا" من أربعة أوجهٍ
(1) أنّ "لم"للنفي المُطلَقِ، فلا يجب استمرارُ نفيِ مصحوبها إلى الحال، بل يجوز الاستمرار، كقوله تعالى {لم يَلِدْ ولم يولَدْ} ، ويجوز عَدَمه، ولذلك يصِحُّ أن تقول "لم أفعل ثمَّ فعلت".
وأما "لمّا" فهي للنفي المستغرق جميع أجزاء الزمانِ الماضي، حتى يَتصل بِالحالِ، ولذلك لا يصحُّ أن تقول "لمّا أفعلْ ثم فعلت"، لأنَّ معنى قولكَ "لمّا أفعل" أنك لم تفعل حتى الآن، وقولك "ثم فعلتُ" يناقضُ ذلك. لهذا تُسمّى "حرفَ استغراقٍ" أيضاً لأن النفي بها يستغرق الزمانَ الماضيَ كله.
(2) أن المنفي لم لا يتوقَّع حصوله، والمنفيَّ بِلمّا مُتوقَّع الحصول، فإذا قلتَ "لمّا أسافِرْ" فسفركَ مُنتظَرٌ.
(3) يجوز وقوع "لم" بعد أَداةِ شرط، نحو "إن لم تجتهد تندم". ولا يجوز وقوع "لمّا" بعدها.
(4) يجوز حذفُ مجزومِ "لمَّا"، نحو "قاربت المدينة ولمَّا"، أَي "لوما أُدخلْها". ولا يجوز ذلك في مجزوم "لم"، إلا في الضرورة، كقول الشاعر [من الكامل]
احفَظْ وَديعَتَكَ التي استُودعتَها ...يومَ الأَعازِبِ، انْ وَصلتَ وانْ لمِ
أي "وإن لم تَصِلْ" ويُروى "إن وُصِلْتَ" بالمجهول، فيكون التقديرُ (وإنْ لم توصَلْ) ، قال العينيُّ وهو الصواب.
ولامُ الأمرِ يُطلَبُ بها إحداثُ فعلٍ، نحو {لِيُنفقْ ذو سَعةٍ من سَعَتِه} .
ولا الناهية يُطلَبُ بها تركُه، نحو {ولا تَجعلْ يَدكَ مغلولة إلى عُنُقِكَ، ولا تَبسُطها كلَّ البسطِ، فَتَقعُدَ ملوماً محسوراً} .
فوائد
(1) لما، الداخلة على الفعل الماضي، ليست نافية جازمة، وانما هي بمعنى "حين" فإذا قلت "لما اجتهد أكرمته". فالمعنى حين اجتهد أكرمته. ومن الخطأ إدخالها على المضارع اذا أريد بها معنى "حين"، فلا يقال "لما يجتهد أكرمه" بل الصواب أن يقال "حين يجتهد"، لأنها لا تسبق المضارع إلا اذا كانت نافية جازمة.
(2) لام الأمر مكسورة، الا اذا وقعت بعد الواو والفاء فالأكثر تسكينها، نحو فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي". وقد تسكن بعد "ثم".
(3) تدخل لام الأمرعلى فعل الغائب معلوماً ومجهولاً، وعلى المخاطب والمتكلم المجهولين وتدخل "لا الناهية على الغائب والمخاطب معلومين ومجهولين. وعلى المتكلم المجهول. ويقل دخولهما على المتكلم المفرد المعلوم. فإن كان مع المتكلم غيره، فدخولهما عليه أهون وأيسر، نحو "ولنحمل خطاياكم" وقول الشاعر [من الطويل]
إذا ما خرجنا من دمشق، فلا نعد ...لها أبداً. ما دام فيها الجراضم
وذلك لأنَّ الواحد لا يأمر نفسه، فإن كان معه غيره هان الأمر لمشاركة غيره له فيما يأمر به، وأقل من ذلك دخول الكلام على المخاطب المعلوم، لأن له صيغة خاصة وهي "إفعل" فيستغنى بها عنه.
(4) اعلم ان طلب الفعل أو تركه، ان كان من الأدنى إلى الأعلى، سمي "دعاء" تأدباً. وسميت اللام و"لا" حرفي دعاء، نحو {ليقض علينا ربك} ونحو {لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا} وكذلك الأمر بالصيغة يسمى فعل دعاء، نحو {رب اغفر لي} .
الجازم فعلين
الذي يجزم فعلين ثلاث عشرة أداة. وهي
(1) إن، نحو {إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبْكم به الله} .
وهي أمُّ الباب. وغيرها مما يجزم فعلين إنما جزمها لتضمنه معناها. فإن قلت (من يزرني أكرمْه) ، فالمعنى (إن يزرني أحد أُكرمه) ولذلك بنيت أدوات الشرط لتضمنها معناها.
(2) إذ ما، كقول الشاعر [من الطويل]
وإنك إذ ما تأت ما أنت آمرٌ ...بهِ تُلْفِ مَنْ تأمرُ آتيا
وهي حرف بمعنى (إن) . وبقية الأدوات اسماء تضمنت معنى (إن) ،
فبنيت وجزمت الفعلين. وعملُها الجزم قليل. والأكثر أن تهمل ويرفع الفعلان بعدها. وذهب بعضهم إلى أنها لا تجزم إلا في ضرورة الشعر.
(وأصلها "ذا" الظرفية، لحقتها "ما" الزائدة للتوكيد فحملتها معنى "إن"، فصارت حرفاً مثلها، لأنها لا معنى لها إلا ربط الجواب بالشرط، بخلاف بقية الأدوات فان لها، غير معنى الربط، معاني أخر، كما ستعلم. ومن النحاة كالمبرد وابن السراج والفارسي - من يجعلها اسماً معتبراً فيها معنى الظرفية) .
(3) مَن، وهي اسم مبهم للعاقل، نحو {من يفعل سوءاً يجزَ به} .
(4) ما، وهي اسم مبهم لغير العاقل، نحو {وما تفعلوا من خير يعلَمْهُ الله} .
(5) مهما، وهي اسمٌ مبهم لغير العاقل أيضاً، نحو {وقالوا مَهما تأتنا به به من آية لتسحَرَنا بها، فما نحن لك بمؤمنين} .
(وهي على الصحيح، اما مركبة من "مه" التي هي اسم فعل أمر للزجر والنهي ومعناه "أكفف" ومن "ما" المتضمنة معنى الشرط، ثم جعلا كلمة مواحدة للشرط والجزاء ويدل على هذا أنها أكثر ما تستعمل في مقام الزجر والنهي. واما مركبة من (ما) الشرطية (وما) الزائدة للتوكيد، زيدت عليها كما تزاد على غيرها من أدوات الشرط ثم كرهوا أن يقولوا (ماما) فأبدلوا من ألف الأولى هاء ليختلف اللفظان) .
(6) متى، وهي اسم زمان تضمن معنى الشرط، كقول الشاعر [من الطويل]
متى تأْته تعشُو إلى ضوء ناره ...تجد خير نارٍ، عندها خيرُ موقد
وقد تلحقها "ما" الزائدة للتوكيد كقوله [من الوافر]
متى ما تلقني، فَرْدَيْنِ، تَرْجُفْ ...رَوانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتطارا
(7) أَيّانَ، وهي اسم زمانٍ تَضمَّنَ معنى الشرطِ كقول الشاعر [من البسيط]
أَيَّانَ نُؤْمِنْكَ، تأمَنْ غيرَنا، وإذا ... لمْ تُدْرِكِ الأَمنَ منا لم تزلْ حَذِرا
وكثيراً ما تلحقُها "ما" الزائدةُ للتوكيد، كقول الآخر [من البسيط]
إذا النَّعْجَةُ الأَدْماءُ باتت بِقَفْرَةٍ ... فأيَّانَ ما تَعْدِلْ بهِ الرِّيحُ يَنْزِلِ
(وأصلها "أي إن"، فهي مركبة من "أي" المتضمنة معنى الشرط و"آن" بمعنى حين. فصارتا بعد التركيب اسماً واحداً للشرط في الزمان المستقبل مبنياً على الفتح) .
(8) أينَ، وهي اسمُ مكانٍ، تَضمّنَ معنى الشرط، نحو "أينَ تنزِلْ أنزِلْ" وكثيراً ما تَلحقُها "ما" الزائدةُ للتوكيدِ، نحو {أينما تكونوا يدرِكْكُمُ الموتُ.
(9) أنَّى، ولا تَلحقُمها "ما"، وهي اسمُ مكانٍ تَضمن معنى الشرط، كقول الشاعر [من الطويل]
خَليلَيَّ، أنَّى تَأتيانيَ تَأتِيا ...أخاً غيرَ ما يُرَضيكُما لا يُحاوِلُ
(10) حَيثُما، وهي اسمُ مكانٍ تَضمنَ معنى الشرط، ولا تجزم إلاّ مُقترنةً بما، على الصحيح، كقول الشاعر [من الخفيف]
حَيْثُما تَستَقِمْ يُقَدِّرْ لكَ اللهُ ... نجاحاً في غابرِ الأَزمان
(11) كيفما،وهي اسمٌ مُبهَمٌ تضمَّنَ معنى الشرط، فتقتضي شرطاً وجواباً مجزومين عندَ الكوفيين، سواءٌ أَلحِقتها "ما"، نحو "كيفما تكنْ يكنْ قرينُكَ"، أَم لا، نحو "كيف تجلسْ أَجلسْ".
أما البصريونَ فهي عندهم بمنزلة "إذ"، تقتضي شرطاً وجزاءً، ولا تجزمُ، فهما بعدها مرفوعان غير أنها بالاتفاق تقتضي فعلينِ مُتفقَيِ اللفظ والمعنى، كما رأَيتَ سواءٌ أَجزمتَ بها أَم لم تجزم.
(فلا يجوز أن يقال "كيفما تجلس أذهب"، لاختلاف لفظ الفعلين ومعناهما. ولا "كيفما تكتب الكتاب أكتب القربة"، أي أخرزها وأخيطها لاختلاف معنى الفعلين وإن اتفق لفظهما. ولا "كيفما تجلس أقعد" لاختلاف لفظ الفعلين وإن اتفق معناهما) .
(12) أيُّ. وهي اسمٌ مبهمٌ تضمنَ معنى الشرط. وهي، من بينِ أدوات الشرط، مُعربةٌ بالحركات الثلاث، لملازمتها الإضافة إلى المفرد، التي تبعدُها من شبه الحرف، الذي يقتضي بناءَ الأسماء، فمثالُها مرفوعةً "أيُّ امريءٍ يَخدْم أُمتَه تخدمْهُ"، ومثالُها منصوبةً قولهُ تعالى {أيًّاما
تدعوا فَلَهُ الأسماءُ الحسنى} ، ومثالُها مجرورةً بأي قلم تكتبْ أكتبْ، وكتابَ أيٍّ تقرأْ أَقرأْ".
"وهي ملازمة للاضافة إلى المفرد. وقد يحذف المضاف إليه فيلحقها التنوين عوضاً منه، كما في الآية الكريمة. إذ التقدير "اي اسم تدعوا" وكما في المثال الرابع، إذ التقدير "كتاب أي رجل".
ويجوز أن تلحقها "ما" الزائدةُ للتوكيد، كالآية السابقة، وكقوله تعالى {أيما الأجلَيْن قَضيتُ فلا عُدوان عليًّ} .
(13) إذا،وقد تَلحقُها (ما) الزائدةُ للتوكيد، فيقالُ (إذا ما) . وهي اسمُ زمانٍ تضمنَ معنى الشرط. ولا تجزم إلا في الشعر، كقول الشاعر [من الكامل]
إستَغْنِ، ما أغناكَ ربُّكَ، بالغِنى ...وإذا تُصِبْكَ خَصاصَةٌ فَتَجَمَّلِ
وقد يُجزَمُ بها في النثر على قِلَّة ومنه حديثُ علي وفاطمة، رضيَ الله عنهما "إذا أخذتُما مَضاجِعَكما، تُكَبِّرا أربعاً وثلاثين".
والفرقُ بين (إنْ) أن الأولى تدخل على ما يُشَكُّ في حصولهِ. والثانية تَدخل على ما هو مُحقّقُ الحصول. فإن قلتَ (إن جئت أكرمتك) ، فأنتَ شاكٌّ في مجيئه، وإن قلتَ (إذا جئت أَكرمتُكَ) ، فأنتَ على يقين من مجيئه.
(والجزم باذا شاذ، للمنافاة بينها وبين "إن" الشرطية. وذلك أن أدواتِ الشرط إنما تجزم لتضمنها معنى "إن" التي هي موضوعة للابهام والشك، وكلمة "إذا" موضوعة للتحقيق فهما متنافيتان) .
الشَّرطُ والجواب
يجب في الشرط أن يكون فعلاً خبَريا، مُتصرفاً، غيرَ مُقترنٍ بقَدْ، أو لن، أو ما النافيةِ، أو السين أو سوف.
فإن وقع اسمٌ بعد أداةٍ من أدوات الشرط، فَهُناك فعلٌ مُقدَّرٌ، كقوله تعالى {وإن أحد من المشركين استجارَك فأجِرْهُ} ، فأحدٌ فاعلٌ لفعلٍ محذوف، هو فعل الشرط. وجملةُ "استجارك" المذكورةُ مُفسرةٌ للفعل المحذوف.
المراد بالفعل الخيريّ ما ليس أمراً، ولا نهياً ولا مسبوقاً بأداة من أدوات الطلب - كالاستفهام والعَرْضِ والتّحضيض - فلذلك كلُّه لا يقَعُ فعلا للشرط.
والأصل في جواب الشرط أن يكون كفعل الشرطِ. أي الأصلُ فيه أن يكون صالحاً لأن يكون شرطاً. غير أنه قد يقعُ جواباً ما هو غير صالحٍ لأن يكون شرطاً. فيجبُ حينئذٍ اقترانه بالفاءِ لتربِطَهُ بالشرط، بسبب فقْدِ المناسبةِ اللفظيَّة حينئذٍ بينهما. وتكون الجملةُ برُمَّتها في محلِّ جزمٍ على أنها جواب الشرط.
وتسمى هذه الفاء "فاءَ الجواب"، لِوُقوعها في جواب الشرط، وفاءَ الربط"، لربطها الجواب بالشرط.
مَواضِعُ رَبْطِ الجوابِ بالفاءِ
يجب ربطُ جوابِ الشرط بالفاءِ في اثنيْ عشرَ موضعاً.
الأولأَن يكون الجوابُ جملةً اسميةً نحو. {وإن يَمْسَسْك بخير فهو على كل شيءٍ قديرٌ} .
الثانيأن يكونَ فعلا جامداً، نحو {إن تَرَني أنا أقَلَّ منك مالاً وولداً، فعسى ربِّي أَن يؤتيني خيراً من جَنَّتكَ} .
الثالثُأَن يكون فعلاً طَلبياً، نحو {قُل إن كنتم تُحبونَ اللهَ، فاتَّبعوني يُحْبِبكمُ اللهُ} .
الرابعُ:أن يكون ماضياً لفظاً ومعنىً، وحينئذٍ يجبُ أَن يكون مقترناً بقَدْ ظاهرةً، نحو: {إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ} [يوسف: 77] . أو مُقدَّرةٌ، نحو: {إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ} [يوسف: 26] .
(ولو لم تقدر "قد" لوجب أن يكون الفعل الماضي هنا مستقبل المعنى، وليس الأمر كذلك. أَلا ترى أَنك ان قلت "إن جئتني أَكرمتك"، كان المعنى "إن تجئني أكرمتك" وان قلت "ان جئتني فقد أكرمتك" فالمعنى "إن تجئني فقد سبق إكرامي إياك فيما مضى") .
الخامسُ: أَن يقترن بقَدْ، نحو: "إن تَذهبْ فقد أَذهبُ".
السادسُ: أن يقترنَ بما النافية، نحو: {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِّنْ أَجْرٍ} [يونس: 72] .
السابعُ: أن يقترنَ بِلَنْ، نحو: {وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ} [آل عمران: 115] .
الثامنُ: أَن يقترنَ بالسين، نحو: {وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} [النساء: 172] .
التاسعُ: أن يقترنَ بسوفَ، نحو: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ} [التوبة: 28] . والعيلةُ: الفقر.
العاشرأن يُصدَّرَ بِرُبَّ، نحو "إن تجيءْ فربما أجيءُ".
الحادي عشرَأن يُصدَّرَ بكأنما، نحو {إنهُ من قتلَ نَفْساً بغيرِ نَفسٍ، أو فسادٍ في الأرضِ، فكأنما قتلَ الناسَ جميعاً} .
الثاني عشرَأن يُصدَّر بأداةِ شرط، نحو {وإن كان كبُرَ عليك إعراضُهم، فإن استطعتَ أن تبتغيَ نَفقاً في الأرضِ أو سُلَّماً في السماء فتأتيهم بآيةٍ} ، ونحو أَن تقولَ من يُجاوِرْك، فإن كان حسنَ الخُلقِ فتقرَّبْ منه".
فإن كان الجوابُ صالحاً لأن يكون شرطاً فلا حاجة إلى ربطه بالفاء، لأن بينَهما مُناسبةً لفظيّة تُغني عن ربطه بها. إِلا أن يكون مُضارعاً مُثبتاً، أو منفيًّا بلا، فيجوز أن يُربطَ بها وأن لا يُربط. وتركُ الرابطِ أكثرُ استعمالاً، نحو "إن تَعودوا نَعدْ"، ومن الربط بها قوله تعالى {ومن عاد فينتقمُ اللهُ منه} وقولهُ {فَمَن يُؤْمنْ بربّه، فلا يخافُ بخْساً ولا رَهَقاً} .
وقد تَخلُف فاءَ الجوابِ "إذا" الفجائيّةُ، إن كانت الأداةُ "إن" أو "إذا" وكان الجوابُ جملةً اسميّةً خبريَّةً غيرَ مقترنةٍ بأداةِ نفيِ أو "إنَّ"، نحو {إن تُصِبْهم سَيّئةٌ بما قدّمتْ أيديهم، إذا هُمْ يُقنَطون} ، ونحو {فإذا أصاب به مَن يشاءُ مِن عباده، إذا هُم يَستبشرون} .
حذفُ فعْلِ الشَّرط
قد يُحذفُ فعلُ الشرطِ بعدَ "إن" المُردَفةِ بِلا، نحو "تَكلَّمْ بخيرٍ، وإلاّ فاسكتْ قال الشاعر [من الوافر]
فطلقها، فلسْتَ لَها بِكُفءٍ ...وإلا يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسامُ
وقد يكون ذلك بعد "مَنْ" مُردَفةً بِلا، كقولهم "مَنْ يُسَلِّمْ عليكْ
فسلّمْ عليه، ومن لا، فلا تعبأْ به".
ومما يحذفُ فيه فعلُ الشرطِ أن يقعَ الجوابُ بعدَ الطلب، نحو "جُد تسُدْ" والتقديرُ "جُدْ، فإن تَجُدْ تسُدْ".
حذف جواب الشَّرط
يُحذَفُ جوابَ الشرطِ إن دلَّ عليه دليلٌ، بشرط أن يكون الشرطُ ماضياً لفظاً، نحو "أنتَ فائزٌ إنِ اجتهدتَ"، أو مضارعاً مُقترناً بِلَمْ، نحو "أنتَ خاسرٌ إن لم تجتهدْ".
(ولا يجوز أن يقال "أنت فائز إن تجتهد"، لأن الشرط غير ماض، ولا مقترن بلم) .
ويُحذفُ إما جوازاً، وإما وجوباً.
فَيُحذفُ جوازاً، إن لم يكن في الكلام ما يَصلُحُ لأن يكونَ جواباً، وذلك بأن يُشعِرَ الشرطُ نفسُهُ بالجواب، نحو "فإن استطعتَ أن تبتغي نَفَقاً في الأرض أو سُلَّماً في السماء". أي إن استطعتَ فافعل، أو بأن يقعَ الشرط جواباً لكلام، كأن يقول قائل أَتُكرمُ سعيداً"، فتقولُ "إن اجتهدَ"، أي "إن اجتهد أُكرمْهُ".
ويُحذفُ وجوباً، إن كان ما يَدُل عليه جواباً في المعنى. ولا فرق بين أن يتقدَّم الدال على جواب الشرط، نحو "أَنت فائزٌ إن اجتهدتَ" أو يتأخرَ
عنه، كأن يَتَوسَّطَ الشرط بين القسم وجوابهِ، نحو "واللهِ، إن قمتَ لا أقومُ" أو يَكتنفَهُ، كأن يَتوَّسط الشرطُ بينَ جُزءَي ما يدُل على جوابه نحو "أنتَ، إن اجتهدتَ، فائزٌ".
فائدة
الشرطُ يقتضي جواباً، والقسم كذلك. فإن اجتمعَ شرطٌ وقسمٌ ولم يسبقهما ما يقتضي خبراً، كالمبتدأ أو ما أَصله المبتدأ، كان الجواب للسابق، وكان جواب المتأخر محذوفاً، لدلالة جوابِ الأول عليه. فأن قلتَ "إن قُمتَ، والله، أقُم" فأقُمْ جوابُ الشرط، وجوابُ القسَم محذوف، لدلالة جواب الشرط عليه. وإن قلتَ واللهِ، إن قمت لأقُومنَّ، فأقومنَّ جوابُ القسم، وجواب الشرط محذوف، لدلالة جواب القسم عليه، قال تعالى {قُلْ لَئنِ اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يأتوا بمثلِ هذا القرآن، لا يأتون بمثلهِ، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً} . فجملة (لا يأتون) جوابُ القسمِ المدلولِ عليه باللام، لأن التقدر "والله لئن اجتمعت". وجواب الشرط محذوف، دلَّ عليه جوابُ القسم.
وقد يُعطى الجواب للشرط، معَ تقدمِ القسم، في ضرورة الشعر كقوله [من الطويل]
لَئِنْ كانَ ما حُدِّثْتُهُ اليوم صادقاً ... أصُمْ في نَهارِ القَيْظِ، للشَّمْسِ باديا
وأَركَبْ حماراً بين سَرْجٍ وفَروةٍ ...وأُعْرِ منَ الخاتامِ صُغْرى شِماليا
فإن تقدَّم عليهما ما يقتضي خبراً، جاز جعل الجواب للشرط، وجازَ جعلُهُ للقسم. فإن جعلته للقسم. قلت "زهيرٌ، والله إن يجتهد، لأكرمنَّه" وإن أعطيته للشرط، قلت "زهيرٌ واللهِ، إن يجتهد أُكرمْه، ومن العلماء من أوجب إعطاءَ الجواب للشرط. ولا ريب أَن جعله للشرط أََرجح، سواءٌ أتقدَّم الشرطُ على القسم، أم تأخرَ عنه. أَما إذا لم يتقدمهما ما يقتضي خبراً، فالجواب للسابق منهما، كما أَسلفنا.
حذفُ الشَّرط والجواب معاً
قد يُحذفُ الشرطُ والجوابُ معاً، وتبقى الأداةُ وحدَها، إن دَل عليهما دليل، وذلك خاصّ بالشعر للضرورة، كقوله [من الرجز]
قالتْ بناتُ العمِّ يا سَلْمَى، وإنْ ...كانَ فقيراً مُعْدِماً؟ قالت وإنْ
أي وإن كان فقيراً مُعدِماً فقد رضيتُهُ. وقول الآخر [من المتقارب]
فإنَّ المنِيَّةَ، مَنْ يخشها ...فَسَوْفَ تُصادِفُهُ أيْنَما
أَي أَينما يذهبْ تُصادفه.
وقيل يجوزُ في النَّثر على قلَّة. أما إن بقي شيءٌ من مُتعلّقات الشرط والجواب، فيجوز حذفهما في شعر ونثرٍ، ومنه قولهم "من سلَّمَ عليك، فسلَّم عليه، ومن لا فلا"، أي ومن لا يُسلَّمْ عليك، لا تسلمْ عليه، ومنهُ حديثُ أبي داود من فعلَ فقد أحسنَ، ومن لا فلا، أي "ومن لم يفعلْ فما أحسنَ"، وقولهم "الناسُ مَجزِيونَ بأعمالهم "إن خيراً فخيراً، وإن شرًّا فشرًّا"، أي "إن عملوا خيراً، فيُجزَونَ خيراً، وإن عملوا شرًّا فيُجْزَوْنَ شرًّا".
(ويجوز أن تقول "إن خيراً فخيراً وان شراً فشر" برفع ما بعد الفاء على أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير فجزاؤهم خير، فجزاؤهم شر, فتكون الجملة من المبتدأ والخبر في محل جزم على أنها جواب الشرط) .
الجزمُ بالطَّلَب
إذا وقعَ المضارعُ جواباً بعد الطلبِ يُجزَمُ كأن يقع بعد أمر أو نهيٍ، أو استفهامٍ أو عَرض، أو تحضيضٍ، أو تَمَنٍّ أو ترجٍّ، نحو "تَعلَّم تَفزْ" لا تَكسلْ تَسُدْ. هَلْ تَفعلُ خيراً، تُؤْجَرْ. أَلا تزورُنا تكنْ مسروراً. هلا تجتهدُ تنلْ خيراً، ليتَني اجتهدتُ أَكنْ مسروراً. هلاّ تجتهدُ تنلْ خيراً. ليتني اجتهدتُ أكن مسروراً. لعلكَ تُطيعُ اله تَفُزْ بالسعادة".
وجزمُ الفعلِ بعد الطَّلبِ، إنما هو بإن المحذوفةِ معَ فعلِ الشرط. فتقدير قولك جُدْ تَسُدْ "جُدْ، فإن تَجُدْ تَسُدْ". وتقديرُ قولك هل تفعل خيراً؟ تُؤْجَرْ "هل تفعلُ خيراً؟ فإن تفعل خيراً تؤْجرْ" وقِس على ذلك. وقيل إن الجزم بالطلبِ نفسِه لتضمنهِ معنى الشرطِ.
واعلم أنَّ الطلب لا يُشترط فيه أن يكون بصيغة الأمر، أو النهي، أو الاستفهام، أو غيرها من صيغ الطلب. بل يُجزم الفعل بعد الكلام الخبريّ، إن كان طلباً في المعنى، كقولك "تُطيع أَبَويَكَ، تلقَ خيراً"،
أَي أَطعهما تلقَ خيراً. ومنه قولهم "إتَّقى اللهَ امرؤٌ فعلَ خيراً، يُثبْ عليه". أي لِتَّقِ اللهَ، وليفعلْ خيراً يُثَبْ عليه. ومن ذلك قوله تعالى {هل أدُلُّكم على تجارة تُنجيكم من عذاب أَليم؟ تُؤمنو بالله ورسولهِ، وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم، ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون، يَغفرْ لكم ذُنوبكم} ، أَي آمنوا وجاهدوا يَغْفر لكم ذنوبكم. والجزمُ ليس لأنه جواب الاستفهام، في صدر الآية، لأن غفران الذنوب ليس مرتبطاً بالدلالة على التجارة الرابحة، لأنه قد تكون الدلالة على الخير، ولا يكون أثرها من مباشرة فعل الخير. وإنما الجزم لوقوع الفعل جواباً لقوله {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله} ، لأنهما بمعنى آمنوا وجاهدوا.
فالمضارعُ، في كل ما تقدَّم، مجزومٌ لأنه جوابُ طلبٍ في المعنى، وإن كان خبراً في اللفظ.
فوائد
(1) لا يجبُ أن يكونَ الأمرُ بلفظِ الفعلِ ليَصحَّ الجزمُ بعدَهُ، بل يجوزُ أن يكون أيضاً اسمَ فعل أَمرٍ، نحو "صَهْ عن القبيح تُؤْلفْ". وجملةً خبريَّةً يُراد بها الطَّلَب (كما تقدَّم) ، نحو (يَرزُقُنيَ اللهُ مالاً انفعْ به الأمة) أَي لِيرزقني، "حسْبُك الحديثُ يَنَمِ الناسُ".
(2) يُشترَطُ لصحّة الجزم بعد النهي أن يصحَّ دخولُ (إن) الشرطية عليه، نحو {لا تَدنُ من الشر تَسْلَمْ} ، إذ يصحُّ أَن تقول "إلا تدنُ من الشر تسلم". فإن لم يَصلحُ دخولُ إن عليه، وجب رفعُ الفعل بعدَهُ، نحو "لا تَدنُ من الشرّ تهلكُ"، برفع تهلك، إذ لا يصحُّ أن نقولَ "إلاّ تدن من الشر تَهلك"، لفساد المعنى المقصود وأَجاز ذلك الكسائيُّ.
(3) لا يُجزَمُ الفعلُ بعد الطلب إلا إذا قُصدَ الجزاءُ. بأن يُقصدَ بيانُ أن الفعلَ مسبّبٌ عما قبلهُ، كما أن جزاءَ الشرط مُسببٌ عن الشرط. فإن لم يُقصد ذلك، وجبَ الرفعُ إذ ليس هناك شرطٌ مُقدَّر، ومنه قوله تعالى {ولا تَمْنُنْ تَسْتَكثِرْ} ، وقولهُ "فَهَبْ لي من لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُني} وقوله {فاضربْ لهم طريقاً في البحر يَبَساً، لا تخافُ دَرَكاً ولا تخشى} وقولهُ {خُذْ من أموالهم صَدَةً تُطَهِّرُهم} .
(4) إذا سقطت فاءُ السببيّة التي يُنْصَبُ المضارعُ بعده، وكانت مسبوقةً بما يَدُلُّ على الطَّلب، يُجزَمُ المضارعُ إن قُصِدَ بقاءُ ارتباطه بما قبلهُ ارتباطَ المُسبَّب، كما مَرَّ. فإن اسقطتَ الفاءَ من قولك "جئني فأكرمَك" جزمتَ ما بعدها، فقلتَ "جئني أُكرمْكَ".
وقد أوضحنا هذا وما قبله، من قبلُ، في الكلام على "فاء السببية".
اعرابُ الشَّرط والجواب
الشرطُ والجوابُ يكونانِ مُضارعينِ، وماضيَين، ويكون الأولُ ماضياً والثاني مضارعاً. والأول مضارعاً والثاني ماضياً، وهو قليلٌ، ويكون الأول مضارعاً أو ماضياً، والثاني جُملةً مُقْترنة بالفاء أَو بإذا.
فإن كانا مضارعين، وجب جزمُهما، نحو {إن يَنتَهوا يُغفَرْ لهم ما قد سَلَفَ} ورفع الجواب ضعيفٌ كقوله [من الطويل]
فَقُلْتُ تَحَمَّلْ فوْقَ طَوْقِك، إنّها ... مُطَبَّعةٌ، مَنْ يَأتِها لا يضيرُها
وعليه قراءَة بعضهم {أينما تكونوا يُدركُكُم الموتُ} بالرفع.
وإن كان الأول ماضياً، أو مضارعاً مسبوقاً بِلمْ، والثاني مضارعاً، جاز في الجواب الجزم والرفع. فإن رفعتَ كانت جملته في محل جزم، على أنها جواب الشرط. والجزمُ أَحسنُ، والرفعْ حسَنٌ. ومن الجزم قوله تعالى {من كان يُريد زينةَ الحياةِ الدُّنيا نُوفِّ اليهم أَعمالهمْ} . ومن الرفع قول الشاعر [من البسيط]
وإِنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مَسْغَبةٍ ...يَقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرم
ونقول في المضارع المسبوقِ بِلمْ "إن لم تقُم أقُمْ. إن لَم تَقْمْ أقومُ"، يجزم الجواب ورفعه.
وإن كان الأول مضارعاً والثاني ماضياً (وذلك قليلٌ وليس خاصاً بالضرورة، كما زعمه بعضهم) ، وجبَ جزمُ الأول، كحديثِ "من يَقْمْ ليلةَ القَدْرِ ايماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تقدَّمَ من ذنبهِ". ومنه قول الشاعر [من البسيط]
أنْ يَسْمعُوا سُبَّةً طاروا بها فَرَحاً، ... عَنِّي، وما يَسمَعوا من صالحٍ دَفَنُوا
وان وقع الماضي شرطاً أو جواباً، جُزمَ محلاًّ نحو {ان أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} .
وان كان الجواب مضارعاً مقترناً بالفاء، نحو "ومن عادَ فيَنتَقمُ اللهُ منه"، امتنعَ جزمُه، لأنَّ العربَ التزمت رفعَه بعدها. وتكونُ جملته في محلِّ جزمٍ، على أنها جواب الشرط.
وان كان الجوابُ جملة مُقترنة بالفاء أو (اذا) ، كانت الجملة في محلّ جزمٍ، على أنها جوابُ الشرطِ، نحو " {أن تَستفتحوا فقد جاءكم الفتحُ، وان تنتهوا فهو خيرٌ لكم} ، ونحو {وان تُصبْهم سَيئةٌ بما قدَّمتْ أيديهم، اذا هم يَقْنَطونَ} .
فوائد
اذا وقع فعلٌ مقرونٌ بالواو أو الفاء (وزاد بعضهم أو وثمَّ) بعد جواب شرطٍ جازمٍ، جاز فيه الجزم، بالعطف على الجواب. وجاز فيه الرفع على أنه جملةٌ مستأنفةٌ. وجاز النصبُ بأنْ مقدَّرةً وجوباً، وهو قليلٌ. وقد قُرِئَت الآيةُ {وان تُبْدوا ما في أنفسكم، أو تُخفوهُ، يُحاسبْكم به اللهُ، فيغفرْ لِمن يشاءُ} ، يجزم (يغفرْ) في قراءَة غيرِ عاصمٍ من السبعةِ، وبرفعه في قراءَته، وبالنصب لابنِ عبَّاسٍ شُذوذاً. ومن النصب قول الشاعر [من الوافر]
متى ما تَلْقَني فَرْدَينِ تَرْجُفُ ...رَوانِفُ الْيَتَيك وتُسْتطارا
(1) اذا وقع الفعلُ المقرونُ بالواو أَو الفاء بين فعلِ الشرط وجوابه، جاز فيه الجزم وهو الأكثرُ، وجاز النصب، وامتنع الرفع نحو "ان تستقمْ وتجتهد أكرِمْكَ"، بجزم (تجتهدْ) ، عطفاً على تَستقِمْ، وبنصبِه بأن مُقدَّرة وجوباً. وانما امتنع الرفعُ لأنه يقتضي الاستئناف قبل تمام جملة الشرط
والجواب، لأنَّ الفعلَ متوسط بينهما. وذلك ممنوعٌ، لأنه لا معنى للاستئنافٍ حينئذٍ. ومن النصب قول الشاعر [من الطويل]
ومَنْ يَقترِبْ منا، ويخْضَعَ، نُؤْوِهِ ... ولا يخشَ ظلماً، ما أقامَ، ولا هَضْما
وقول الآخر [من الطويل]
ومَنْ لا يُقدِّمْ رِجْلَهُ مُطمَئِنّةً ... فَيُثْبتَها في مُسْتَوى الأَرضِ، يَزْلَقِ
(3) ان وقع فعلٌ مجردٌ من العاطف بعد فعلِ الشرط، ولم يقصد به الجواب، أَو وقعَ بعدَ تمامِ الشرط والجواب، جاز جزمُه، على أنه بَدلٌ مما قبله. وجاز رفعُه، على أَنه جملةٌ في موضع الحال من فاعل ما قبله. فمن الجزم بعد فعل الشرط قول الشاعر [من الطويل]
متى تأتنا تُلْمِمْ بِنا في دِيارِنا ...تَجدْ حَطَباً جَزْلاً وناراً تأجَّجا
ومن الرفع بعده قول الآخر [من الطويل]
متى تأته تعْشو إلى ضَوْء نارِه ...تَجِدْ خَيرَ نارٍ، عِنْدها خيرُ مُوقِدِ
ومن الجزم والرفع، بعد تمام الشرط والجواب، قوله تعالى " {ومن يَفعلْ ذلك يَلق أثاماً} يُضاعف له العذابُ". وقد قُرِيءَ "يُضاعفْ"، بالجزم على أَنه بَدلٌ من "يلقَ". وبالرفع على أنه جملةٌ حاليَّةٌ من فاعل يَلقَ"، أَو على أَنه جملةٌ مستأنفةٌ.
إعرابُ أَدَوات الشرط
أدوات الشرطِ منها ما هو حرفٌ، وهما "إنْ وإذْ ما" (على خلافٍ في "إذْ ما" كما تَقدَّم) . ومنها ما هو اسمٌ مُبهَمٌ تضمّن معنى الشرط، وهي "من وما ومهما وأَيْ وكيفما" ومنها ما هو ظرفُ زمانٍ تضمنَ معنى الشرط، وهي "أَينَ وأنَّى وأيَّانَ ومتى وإذ.
ومنها ما هو ظرفُ مكان تضمّنَ معنى الشرطِ، وهي "حينما".
فما دلّ على زمانٍ أو مكانٍ، فهو منصوب محلاًّ على أنه مفعولٌ به لفعل الشرط.
و"من وما ومهما" إن كان فعلُ الشرط يطلُبُ مفعولاُ به، فهي منصوبةٌ محلاًّ على انها مفعولٌ به لهُ، نحو "ما تُحصَّلْ في الصِّغر ينفعكَ في الكِبَر. من تُجاوِرْ فأحسِنْ إليه. مهما تفعلْ تُسأل عنهُ". وإن كان لازماً أو متعدِّياً استوفى مفعولَهُ، فهي مرفوعةٌ محلاًّ على أنها مبتدأٌ، وجملةُ الشرط خبرهُ، نحو "ما يجيء به القدَر، فلا مَفرَّ منهُ. من يَجُدَّ يجِدْ، مهما ينزل بك من خطبٍ فاحتمله ما تَفْعلْهُ تَلقَهُ "مَنْ تَلْقَهُ فسلَّمْ عليه، مهما تفعلوه تجدوه".
و"كيفما" تكونُ في موضع نصبٍ على الحال من فاعل فعلِ الشرط، نحو "كيفما تكنْ يكنْ أبناؤُكَ".
و"أي" تكونُ بحسَبِ ما تُضافُ إليه، فإن أُضيفت إلى زمانٍ أو مكان، كانت مفعولاً فيه، نحو "أيَّ يوم تذهبْ أذهبْ". ايَّ بلدٍ تسكن أسكنْ" وإن أُضيفت إلى مصدر كانت مفعولاً مُطلقاً، نحو "أيَّ إكرامٍ تُكرِمْ أُكرِمْ" وإن أُضيفت إلى غير الظرف والمصدر، فحكمها حكمُ "من وما ومهما"، فتكونُ مفعولاً به في نحو "أيَّ كتابٍ تقرأْ تَستفد". ومبتدأ في نحو "أَيُّ رجلٍ يَجُدْ يَسُدْ. أَيُّ رجلٍ يخدمْ أُمّتَه تَخدمْهُ". وكلُّ أدوات الشرط مبنيةٌ، إلاّ "أَيًّا" فهي معربَةٌ بالحركات الثلاث، مُلازِمةٌ للاضافة إلى المفرد، كما رأَيتَ.
الكتاب: جامع الدروس العربية
المؤلف:مصطفى بن محمد سليم الغلايينى (المتوفى: 1364هـ)
الناشر:المكتبة العصرية، صيدا - بيروت
المصدر : المكتبة الشاملة
The
text below is a translation from google translate where it is possible to have
many errors, please do not use this translation as a reference, and take a
reference from the Arabic text above. thanks.
The
expression and construction of the present
If
the verb is present in the sentence, it is either raised, set, or fragmented.
And its expression is either verbal, or esteemed, or local.
And
the sign of the lifting of the womb phenomenon, towards (win Almtqon), or
ability to "as high as the judge of the right," and "fear of the
wise God."
And
a sign erected by the opening phenomenon, towards "I will only say the
truth," or ability, towards "I will only fear God."
And
the sign of his silence about "he did not give birth and was not
born."
Rather,
the present person expresses the prostration with a slap, and opens the door,
and is silent if the other is true, and he does not call the last thing.
If
the other person is not connected to him, he is obliged to delete the last one
towards "he did not seek, he did not throw, and he did not call." A
tag is the deletion of the other.
"If
they commit sin, they will not win his favor."
If
one of the non-assertors, or women, contacted him, he was built, with the first
two opening to "write and write", and with the third on the silence
towards "the girls write and be lifted and set and then defeated locally.
If
the latter does not relate directly to the provisions of the affirmation, but
rather to the separation between them in the consonant of deuteronomy, or to
the congregation, or to the letter of the congregation, it was not built. There
is no difference between being a separator verbally, about
"Write"
or estimate "write and write, because the original" you write and
write ".
(Omitted
the lifting of the lifting, hate meeting three Nunn lifting and Nun strict
emphasis and then deleted F. Community and Z addressing, hate meeting the
residents conscience and the first Nun strictness).
And
I know that Nun strict confirmation, if signed after the conscience of a
thousand, set the thousand and omitted Nn lift, a push for the continuation of
the Nunat, but the confirmation of the Noun after the similarity of the lifting
after the conscience of Muthanna, towards "writing."
If
it occurs after the F-group, or J-addressing, omitted the lifting of the
leverage to follow the proverbs. As for the Waw and Al-Ya, if the movement
before the conquest was established, and included the F of the congregation,
and broke J's address, and remained before them open as it is, saying in fear
and wanted to "fear and please." If the pre-wow is included, the
pre-z is broken and omitted. Be careful of the confluence of the inhabitants,
and remained the movement before them, say in the writing and writing and Tgzon
and Tgzin "Ttkbin and Ttkbin and Tgzn and Tgzn."
If
the women do not denounce the harsh emphasis, they must be separated by a
thousand, hatred of the polytheists, towards "writing".
The
Noni judgment was, as it were, the same as the present with all the above.
Present
tense
Raise
the present tense, if stripped of the navels and supplies. And his crane is
stripped of the oppressor or the ruler.
(Valtrjd
is the lifting factor in it, it is the one that necessitated lifting it, which
is a moral factor, and the factor in its height and the verb is a verb because
it is spoken.
It
raises either a word, or an estimate, as predecessors, or a shop, if built,
towards "Lajthdn" and "girls strive"
Present
and fixed
The
present tense is preceded by one of the positions.
It
is either a word, or an appreciation, as it was, or, if it is built, like
"mothers should care about their children".
The
present tense four characters, namely
(1)
That, which is a source letter and the erection and reception, towards God
wants to relieve you.
And
called Masdarip, because they make the following in the interpretation of the
source, the interpretation of the verse, "God wants to lighten you"
and called a monument, to erect the present. It was called a reception
character, because it makes the present perfect for reception. As well as all
the preachers of the present suppressed reception after it was possible and
reception. "
And
do not fall after an act of certainty and science.
If
it occurs after a sign of certainty, it is mitigated by "that", and
the action after it is raised, towards (do not they see that no reference to
them saying), that is, it does not return.
And
if it occurred after evidence of suspicion or resemblance, it may be good for
the contestant, and Jazz to be mitigated by the severe, then the act is raised.
The verse was read {and they assumed that there should be no fitnah}, with the
name of "takun", that "the one" is equal to the madhhab,
and he is raised as a mitigated of "that". And the monument is more
likely when it is not separated between the act and no, towards the
"people reckon to leave" and lifting and erecting, both when the
separation, as the first verse. The separation between them without
"no" is like a sin and will, and it is necessary to lift, and to be
"thin" from the extreme, towards "I thought that you may, or
will, or that you will."
It
is permissible to fall after the suspicion and likeness, and after that does
not indicate certainty or thought, and refused to occur after the acts of
certainty and science is serious, because these acts are related to the
investigator, It is not appropriate for them to indicate an unverified, but it
is appropriate to assertion, so should be "that" the incident is
mitigated by the tightening of the useful assertion.
(2)
will not, which is the character of denial and the erection and reception, they
are in denial of the future Kalsin will prove it. It is a confirmation of the
negation does not support, but the words will not create flies, the concept of
support is not "not", but it is an external indication, because the
creation of God alone.
(On
the right, a vehicle from the "no" and the "source" of the
source of the contender has reached its dilution and reduced the line by
deletion.
(3)
So, a letter of answer and a reward and a monument and reception, says "So
succeed," in response to those who said "I will strive." It has
been called a letter of answer because it lies in words that have an atmosphere
0 Response to "إعراب المضارع وبناؤه"
Post a Comment