الخط في الإملاء
Sunday, July 1, 2018
Add Comment
الخط في الإملاء
الخط تصويرُ اللفظِ بحروف هِجائه التي يُنطَقُ بها، وذلك بأن يُطابق المكتوبُ المنطوقَ به من الحروف.
والأصلُ في كل كلمةٍ أَن تُكتبَ بصورة لفظها، بتقدير الإبتداءِ بها والوقف عليها. وهذا أَصلٌ معتبرٌ بالكتابة.
ومن أَجل ذلك كتبوا هَمَزاتِ الوصل في درج الكلام، وإن لم يُنطق بها، لأنه إذا ابتُديءَ بالكلمات، التي هي أَولها، نُطقَ بهمزاتها، مثلُ جاءَ الحقُّ، وسافر ابنُكَ"، فإنك، إن قدَّمتَ وأَخرتَ، فقلتَ "الحقُّ جاءَ، إبنكَ سافرَ"، نطقتَ بالهمزة إلاّ إذا سبقت "أَل" لامُ الجرِّ او لامُ الإبتداء، فَتُحذفُ همزتُها، مثلُ "للرَّجلِ، للمرأَة، لَلرَّجل أقوى من المرأة، وللمرأَة أَرقُّ عاطفةً منه".
وكتبوا هاءَ السكتِ في نحو "رَهْ زيداً، وقِهْ نَفْسَكَ"، لأنك في الوقف تقول "رَهْ وقِهْ".
وكتبوا ألفَ "أنا"، معَ أنها لا تُلفظُ في دَرْج الكلام، لأنها إذا وُقِفَ عليها، وُقِفَ عليها بالألف. ومن ذلك قوله تعالى {لكنَّا هو اللهُ ربي} ، لأن اصله "لكنْ أَنا".
وكتبوا تاءَ التأنيث، التي يوقف عليها بالهاء، هاءً كرحمة وفاطمة، وكتبوا التي يوقف عليها بالتاء، تاءً كأختٍ وبنتٍ ورَحمات وفاطمات. ومن وقف على الأول بالتاء المبسوطة، كتبها بالتاء كرَحْمتْ وفاطمتْ ومن وقف على الأخرى بالهاء، كتبها بالهاء كرَحماهْ وفاطماهْ.
وكتبوا المُنَوَّن المنصوب بالألف، لأنه يوقفُ عليه بها، مثل "رأيتُ خالداً".
وكتبوا "إذاً"، ونونَ التوكيد الخفيفة كاكتُبا، بالألف، لأنه يوقف عليها. ومن وقف عليهما بالنون، كتبهُما بالنون، مثل "إذَنْ واكتُبَنَّ" كُتبَ كلُّ ما كتب اعتباراً بحال الوقف.
وكتبوا المنقوصَ، الذي حذفت ياؤُهُ للتنوين كقاضٍ ونحوه، بغير ياءٍ، لأنه يوقف عليه بها. ومن وقف على الأوَّل بالياءِ، أثبتها في الخط كقاضي ومن وقف على الثاني بحذفها، حذفها من الخط كالقاضْ. والأول أفصح. كما مرَّ في باب الوقف.
وكتبوا مالا يمكنُ الوقف عليه، من الكلمات، متصلا بما بعده، وما لا يمكن الابتداءُ به، متصلا بما قبله. فالأول كحروف الجرِّ الموضوعةِ على حرفٍ مواحد، مثلُ "لخالدٍ، وبالقلمِ. والثاني كالضمائر المتَّصلة، مثلُ "منكم، وأَكرمتكم".
أَما الحروفُ التي تقعُ في الحشو (أي ما بين الابتداءِ والوقف) فَتُرسمُ كما تلفظ، لا يغَيَّرُ من ذلك شيءٌ، إلا ما كان من أمر بعض الأحرف، في بعض كلمات محصورة، قد خالفَ رسمُها لفظها، وسنذكرها لك، وإلا ما كان شأن الهمزة، وستعرف امرها.
ما خالف رسمه لفظه
هناك كلمات تُكتبُ على خلاف لفظها. ومخالفةُ الرسمِ واللفظ، إما أن تكون بحذف حرفٍ حَقهُ أن يُكتب تبعاَ للفظه. وإما أَن تكون بزيادة حرف يكتبُ ولا يُلفظ، وكان من حقه ان لا يكتب. وإما ان تكون برسمِ حرفٍ يُكتب على خلاف لفظه، وكان من حقه ان يُرسم على لفظه.
(1) ما يلفظ ولا يكتب
فأما ما يُلفظُ ولا يُكتب، فذلكَ، في كلماتٍ نَسرُدُ عليك اكثرها استعمالا.
(1) تُكتب (الذين) بلامٍ واحدة، وتلفظ بلامينِ، لأنها مشدَّدة.
(2) ما كان مبدوءاً بلام كلبنٍ ولحمٍ، ثم دخلت عليه (ألْ) كاللبنِ واللحمِ، ثم دخلت عليه لامٌ، فحينئذٍ تجتمعُ ثلاث لامات. فإذا اجتمعنَ فلا يُكتَبْنَ كلهنَّ. بل يُكتفى بلامين فقط، مثلُ "اللَّبن منافعُ كثيرة، ولِلحمِ فوائدُ ومَضارُّ، واللَّبن أنفعُ من اللحم) . وهكذا إذا اجتمعت ثلاثُ لاماتٍ في كلمة، اكتفيتَ باثنتين، فتقولُ في (اللَّذانِ واللَّتان واللاّتي واللاّئي واللَّواتي) ، إذا دخلت عليهنَّ اللام "أَحسنتُ لِلذَين اجتهدا، وللتين اجتهدتا" الخ.
(3) تُحذفُ الألف في كلماتٍ هذه اشهرها
1- الله.
2- الرحمن، مُعَرَّفاً بالألف واللام. وقَيَّدَ بعضهم الحذف في حال العلمية، وأثبتها في غيرها وقيده بعضهم في البسملة، واثبتها فيما عداها.
3- إله، نكرةً ومعرفةً، مثلُ (إنما إلهكم إلهٌ واحد - أَجَعلَ الآلهة إلها واحداً) . واما إلاهة والإلاهة، فتثبت أَلفهما، كما رأيت. وقُرِئَ في الشذوذ "ويذرك وإلاهتك"، وفي غير الشذوذ " (والهتك) ، وبالجمع. 4- الحرث، علماً مقترناً بأل، ومنهم من يكتبه "الحارث" بإثبات الألف.
5- لكن.
6- لكنَّ.
7- سموات، جمع سماء. ومنهم من يكتبها في غير القرآن الكريم "سماوات". بالألف.
8- يا، حرف النداءِ، قبلَ "أَيها" مثلُ "يأيها الذينَ آمنوا، وقبلَ "أَهلٍ"، مثلُ "يأهلَ الكتابِ، وقبلَ كلِّ عَلَمٍ مبدوءٍ بهمزةٍ، مثلُ "يإبراهيم". ويجوز في غير القرآن الكريم، إثباتُ ألف (يا) ، وهو المشهور بين الكتاب مثلُ يا أيها، يا أهل، يا إبراهيم".
9- منهم من يحذف الالف من كل علم مشتهر. كإسحق وإبرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن وغيرها. والافضل إثباتها، في غير القرآن الكريم.
10- منهم من يحذفها في الجمع السالم مذكراً ومؤَنثاً كالصلحين والقنتين والصلحت والقنتت والحفظت. تبعاً لحذفها في المصحف الأمِّ. والأفضل إثباتها. كالصالحين والقانتات والحافظات، لأن خطَّ المصحف لا يقاس عليه.
(4) تُحذفُ الفُ (ها) التَّنبيهيّةِ، إذا دخلت على اسم الإشارة، مثل "هذا وهذه وهؤلاء".
(5) تُحذف الفُ (ذا) الإشاريَّة، إذا لحقتها اللامُ، مثلُ "ذلك وذلكما وذلكم وذلكنَّ" ومنهم من يثبتها في غير (ذلك) .
(6) كلُّ حرفٍ يُدغمُ في حرفٍ مثلهِ، او مخرجه، يُحذفُ خطاً ويُعَوضُ عنه بتشديد الحرف الذى ادغمَ فيه مثلُ "شدَّ، والنساءُ أَمِنَّ واستعنَّ، ونحنُ أمِنَّا واستعنَّا، وآمنّي، ولم يُمكنِّي، ومِمنِ وغَمن، وإلا تجتهدْ تندمُ، وإما تجتهد تنجحْ، وأُحبُّ ألاّ تكسلَ ونِعمّا تفعلُ"، ونحو ذلك. ومنهم من يُثبتُ نون "أن"، إذا جاءَ بعدها "لا" احبُّ ان لا تكسلَ".
(2) ما يكتب ولا يلفظ
وأما ما يُكتبُ ولا يُلفظ من الحروف، فهو لي ألفاظ
(1) زادوا الواو في عمروٍ، في حالتيْ رفعهِ وجرّه، مثلُ جاءَ عَمْرٌو، ومررت بعمرٍو". وحذفوها في حالة النصب، مثلُ "رأيتُ عَمْراً"، قالوا وذلك للتفرقة بينه وبينَ "عُمَر". وإنما حُذفت منه في حالة النصب، لأنه لا يشتبهُ بعُمَر في هذه الحالة، لأن "عُمَر" لا يُنَوَّن، لمنعه من الصرف.
(2) زادوا ألفاً غير ملفوظة في "مائةٍ"، مفردةً ومُثناةً، ومُرَكبةٍ معَ الآحاد، فكتبوها هكذا "مِائَةُ ومِائتان وثلاثمائة وأربعمائة وخمسمائة" الخ.
ومن الفضلاء من يكتبها بياء بلا ألف، هكذا "مئة". ومنهم من يكتبها بألف بلا ياء، هكذا. "مأة". ووجه القياس أَن تكتب بياءُ بلا ألف. وهذا ما نميل إليه. وإنما كانوا يكتبوها بزيادة الألف، يوم لم تكن الحروف تنقط، كيلا تشتبه بكلمة (منه) ، المركبة من "من" الجارة وهاء الضمير، كما قالوا. قال أبو حيان "وكثيراً ما أَكتب أَنا (مئة) بلا أَلف، مثل كتابة "فئة"، لأن زيادة الألف خارجة عن الأقيسة فالذي أختاره كتابتها بالألف دون الياء على وجه تحقيق الهمزة، أو بالياء، دون الألف على تسهيلها) .
وزادوا أَلفاً بعدَ واوِ الضمير. مثلُ كتبوا. ولم يكتبوا وكتبوا".
(3) زادوا الواوّ في "أولات"، كقوله تعالى: {وَأُوْلاَتُ الأحمال أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] . وزادوها في أولو وأولي "بمعنى أَصحاب"، كقوله تعالى، {وَأُوْلُواْ العلم} [آل عمران: 18] {ياأولي الألباب} [البقرة: 179] {لأُوْلِي الألباب} [آل عمران: 190] وزادوها في أولاءِ وأولي الإشاريَّتين، كقوله سبحانه: {أولائك على هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ} [البقرة: 5] . وأما "الألى" الموصولية "بمعنى الذينَ"، فلم يزيدوا فيها الواو.
(3) ما يلفظ على خلاف رسمه
ذلك نحو "إيجَل" فعل أمرٍ من "وَجِلَ يَوْجَلُ". وأصله "إوْجَلْ، قلبت واوه ياءً لسكونها وانكسارِ ما قبلها. فإذا وقت "إبجَلْ" في درج الكلام، بعد حرفٍ مضموم، مثل "يا فلانُ إيجَل"، فلا يغيَّرُ رسمُ الياءِ، لكنها تُلْفظ واواً، هكذا "يا فلانُ إِوجَلْ". ومثله كلُّ أَمرٍ من المثال الواوي، المفتوح العين في المضارع كوَدَّ، والأمر منه "إيدَدْ" فإذا قلتَ (يا فلان إيدَدْ) ، لفظت ياءَه واواً.
وكلُّ ما رسم ياءً، مما تُلْفظ ياؤه أَلفاً، كرمى وادَّعى واستدعى والرَّحى والهُدى والمسعى والمصطفى والمستشفى، فهو مما يلفظ على خلاف رسمه.
كتابة الهمزة
الهمزةُ هي التي تقبلُ الحركاتِ فإن رُسمت على ألفٍ، سُميت (الألف اليابسة) أيضاً كأعطى وسأل والنّبأ. وتقابلها الألفُ اللينةُ، وهي
التي لا تقبلُ الحركاتِ، كألف "قال ودعا ورمى". والهمزة تقعُ في أول الكلمة كأعطى، وفي وسطها كأل، وفي أخرها كالنبأ. والألفُ الليّنة تقعُ في حشو الكلمة كقال، وفي آخرها كدعا. ولا تقعُ في أَوَّلأها. لأنها لا تكون إلا ساكنة وأول الكلمة لا يكون إلا متحركاً.
والهمزة، وأول الكلمة، على ستةِ أنواعٍ
الأولىهمزة الأصل، وهي التي تكون في بِنْيةِ الكلمة كهمزة "أَخذ وأَبٍ وأُمٍ وأُختٍ وإنَّ وإنْ وإذا".
الثانيةُهمزةُ المخْبرِ عن نفسه، وهي التي تكون أول المضارع المُسند إلى المتكلم الواحد كهمزة "أَكتُبُ وأَقرأُ وأُحسِنُ".
الثالثةهمزة الاستفهام، وهي كلمةٌ برأسها، يُؤْتى بها للاستخبار عن أَمرٍ مثل "أَتكون من الفائزين"؟.
الرابعةُهمزةُ النداءِ، وهي كلمةٌ برأْسها أيضاً، يؤتى بها لنداء القريبِ. مثل "أعبدَ الله"، تُناديه وهو منك قريبٌ.
الخامسةهمزة الوصل.
السادسةهمزة الفَصْل (وتسمى همزةَ القطع أيضاً) .
والهمزةُ حرفٌ لا صورةَ له في الخط، وإنما يُكتبُ غالباً بصورةِ الألفِ أو الواوِ أو الياءِ، لأنها إن سُهِّلتِ انقلبت إلى الحرف الذيُ كتبت بصورته. لذلك نرى أنهم لم يراعوا في كتابتها هجاءَها، إلا إذا ابتُدئَ بها. أما إن تَوسطت أو كانت في موضع الوقف، فلم يراعوه، بل راعَوْا ما تُسهّل إليه في الحالتين، فكتبوها على ما تُسهّل إليه من ألفٍ او واوٍ او ياءٍ والتي لم تُسهَل لم يكتبوها على حرف، بل رسموها قطعةً منفردةً هكذا (ء) .
فالقياسُ في كتابة الهمزةِ أَن تُكتبَ بالحرف الذي تُسَهَّلُ إليه إذا خُفَّفَت في اللَّفظِ، فالهمزةُ في مثل "سألَ وَقرأ ويَسأل ويقرأ" في مثل "سؤالٍ وزُؤَامٍ ولُؤْمٍ ومُؤَن ولؤلؤ" تُكتب بالواو، لأنها إذا خففَت تُلفظُ واواً، فتقولُ "سُوالٌ وزُوامٌ ولُومٌ ومُوَنٌ ولُوُلو"، وفي مثل (ذِئابٍ وخطيئةٍ ومئةٍ وفِئةٍ ولآليءَ، تكتبُ بالياءِ، لأنها تُسهَّلُ إليها، فتقول "ذيابٌ وخَطيَّة وميَةٌ ولآلي".
والهمزةُ، إما أَن تكون في أَوَّل الكلمةِ، أو في وسطها، او في آخرها.
وتَوَسطُها إما أن يكون حقيقيًّا كما في "سأل ويَرْؤُف ومسألةٍ"، وإما أَن يكون عارضاً، وذلك إذا تَطرَّفتْ، واتَّصلت بضميرٍ، او علامةِ تأنيث أَو تثنيةٍ، او جمعٍ، او نسبةٍ، او أَلفٍ المُنَوَّن المنصوب.
رسم الهمزة المبدوءِ بها
الهمزةُ المبدُوءُ بها لا تكونُ إلا مُتحركةً محقَّقة النطقِ بها. ويجبُ إثباتها في الخطِّ على صورةِ الألف بأيَّةِ حركةٍ تحرَّكتْ، وفي أيَّةِ كلمةٍ وقعتْ، وذلك مثلُ "أمَلٍ وإبلٍ وأحُدٍ واقعُدْ وأخذ وأجلَسَ وأَخٍ وإخوةٍ وإسمٍ وإصبعٍ وإحسانٍ" ونحو ذلك.
فإن وقعت هذه الهمزةُ المبدوءُ بها بعد همزةٍ من كلمةٍ أخرى، بَقيت على حالها من الخطّ، كما لو كانت مبدوءاً بها، مثلُ (يجب أَن ينشأ أَولادنا على العمل لإِحياءِ آثارِ السّلفِ الصالح) .
وإذا وقعت همزاتُ القطعِ والأصلِ والمُخبرِ عن نَفسهِ بعد همزة الاستفهام، كُتبت بصورةِ الألف، كما لو وقعت ابتداءً، قال تعالى {أَأَنتم أشدُّ خلقاً؟ - أَإِلهٌ معَ الله - أَإِذا مِتنا؟} . وتقول (أَأَجيئُكَ أَم تجيئُني؟) .
ويجوز أن تزيد بين الهمزتين ألفاً لا تُكتبُ وإنما تُعوَّضُ عنها بِمدَّةٍ بينهما، فتقولُ (آأَنتَ فعلتَ هذا؟) قالَ ذو الرَّمَّةِ [من الطويل]
فَيا ظَبْيَةَ الوَعْساء بَيْن جُلاجِلٍ ... وَبينَ النَّقا، آأنتِ؟ أَمْ أُمُّ سالِمِ؟
وإذا وقعت بعدها همزةُ الوصل أسقطتْ همزةُ الوصلِ من الكتابة، كما تَسقطُ من اللَّفظ، لضعفها وقوَّةِ همزةِ الاستفهام. وليس في هذا الإسقاط التباسٌ، لأن همزةَ الاستفهامِ مفتوحةٌ، وهمزةَ الوصلِ مكسورةٌ، قال تعالى {أتخذناهم سِخْريّا، أَم زاغت عنهم الأبصارُ! - أَطَّلعَ على الغَيبِ؟} وتقولُ "ابْنُكَ هذا أَم أَخوك؟ "، وتقولُ "أسمُكَ حَسنٌ أَم حُسَينٌ؟ " ومن ذلك قولُ ذي الرِّمةِ [من البسيط]
أَسْتَحْدَثَ الركْبُ عن أَشياعهِم خَبَراً ... أَمْ راجَعَ القَلْبَ من أَطْرابهِ طَرَبٌ؟
ولا تجري همزةُ "أَلْ" هذا المجرى، وإن كانت للوصل، لأنها مفتوحةٌ، وهمزة الاستفهام مفتوحة، فتلتبسُ الهمزتانِ إحداهما بالأخرى. وحينئذ يختلط الإخبار بالاستخبار (أَي الكلامُ الخبري بالكلام الاستفهامي) ، فلو قلت "الشمس طلعت" فلا يدري السامعُ "أَأَنتَ تخبرُ عن طلوع الشمس؟ أَم أَنت تستفهم عن طلوعها" والوجه أن تُبدل همزةُ "أَل" أَلفاً ليّنة في اللفظ، يُستغنى عنها بالمدَّة، فتقولُ "آلرجلُ خيرٌ أَم المرأَةُ؟ ".
قال تعالى {آللهُ أَذِنَ لكم؟ - آلذَّكرينِ حَرَّمَ أم الأنثيَيْن؟ - آلآنَ وقد عَصَيْتَ قبلُ؟ ".
هذا ما يراه الجمهور الأعظم من النحاة في اجتماع همزة الاستفهام وهمزة "أل". وفي كتاب (الكتّاب) لابن درستويه ما يدل على أنه لا فرق بين همزة "أل" وغيرها من همزات الوصل وعلى أنها تجري هذا المجرى، وإن كانت مفتوحة، لأنها أكثر استعمالا من سائر ألفاظ الوصل وما قاله هو القياس. وأما التباس الإخبار بالاستخبار، فقرينة الكلام تعين المراد. ولا يكون هذا الاختلاط إلا في بعض المواضع. فليكن المنع حيث لم يؤمن اللبس.
على أنهم لم يجروا على القياس، حذر الالتباس، فكان عليهم أن لا يجيزوا حذف الاستفهام من الكلام، وقد أجازوها اعتماداً على قرينة لفظية، مثل "ما أدري في ليل رحل القوم، أَم في نهار؟ أي أَفي ليل؟ وكقول عمر ابن أبي ربيعة [من الطويل]
بدا ليَ مِعصم حين جمَّرت ...وكفٌ خضيبٌ زُينت ببنان
فوالله ما أدري وإن كنت داريا ...بسبع رمين الجمر أَم بثمان؟
أَي أبسبع؟ والقرينة اللفظية هنا هي "أم"، التي تكون بعد همزة الاستفهام في السؤال عن أَحد الشيئين. وقد يكون الحذف اعتماداً على قرينة معنوية، يعتمد فيها على فطنة السامع كقول الكميت [من الطويل]
طربت، وما شوقاً إلى البيض أطرب ...ولا لعباً مني، وذو الشوق يلعب
أي "أو ذو الشوق يلعب؟ " ومنه قول المتنبي: [من البسيط]
أحيا؟ وأيسر ما قاسيت ما قتلا ...والبين جار على ضعفي، وما عدلا
أراد "أَأَحيا؟ ". وفي الحديث "وإن زنى؟ وإن سرق؟ "، أي "أو إن زنى أو إن سرق؟ " وفي شرح المغني للدماميني نقلا عن الجني الداني لابن قاسم إن حذفها مطرد إذا كان بعدها "أَم" لكثرته نظما ونثراً. قال الدماميني "قلت وهو كثير مع فقد "أَم". والاحاديث طافحة بذلك". وتحقيق قول ما قاله الاخفش من ان حذفها جائز اختياراً في نظم أَو نثر، إذا أَمن اللبس. فإن أدى الحذف إلى الالتباس، فلا يجوز قولاً واحداً.
فأنت ترى أَنهم أجازوا حذف همزة الاستفهام. ومنعوا حذف همزة "أل" بعد همزة الاستفهام. والمسألتان واحدة. فإذا قد أَجازوا أَن تحذف همزة الاستفهام، حيث يؤمن اختلاط الإخبار بالاستخبار، فينبغي أَن يجيزوا حذف همزة "أل" بعد همزة الاستفهام حيث يؤمن الالتباس، قياساً على غيرها من همزات الوصل والحق أَن حذفها، بعد همزة الاستفهام، جائز قياساً عند أَمن اللبس. وقد تقدم القول فيما جنح اليه ابن درستويه في كتاب (الكتّاب) من جواز ذلك) .
رسم الهمزة المتطرفة
حُكمُ الهمزةِ المتطرِّفة حكمُ الحرفِ الساكن، لأنها في موضع الوقفِ من الكلمة، والهجاءُ موضوعٌ على الوقف.
وهي إما أَن يكون ما قبلها ساكناً أو متحرّكاً
فإن كان ما قبلها ساكناً، كتِبت مُفردةَ بصورةِ القطعِ هكذا (ء) ، مثلُ "المَرْءِ والجزءِ والدفءِ والخَبْءِ والشيءِ والنَّوءِ والنشْءِ والعبْءِ، ويَجيءُ ويَسوءُ والمَقروءِ والمشنُوءِ والهنيءِ والمَريءِ والبريءِ والسوءِ والضياءِ والوضوءِ، وجاءَ وشاءَ".
(وإنما لم تكتب بصورة حرف من أَحرف العلة يكون كرسياً لها، لأنها
تسقط من اللفظ إذا خففت عند الوقف، لالتقاء الساكنين. إذا جاز حذفها عند الوقف فلا ترسم، ولانها تبدل من حرف العلة قبلها وتدغم فيه مثل "الشيء والنوء والمقروء والهنيء"، فيقال "الشي والنو والمقرو والهني") .
وإن كان ما قبلها متحركاً، كُتبت بحرفٍ يناسبُ حركةَ ما قبلها، مهما كانت حركتُها، لأنها إن خُففت في اللفظ موقوفاً عليها، نُحيَ بها مُنحى ذلك الحرف
فترتكز على الألف في مثل "الخطأ والنبأ وقرأ ويقرأُ ولم يقرأ واقرأ وتوَضَّأ ويتَوَضَّأ ورأَيتَ امرَأَ القَيْس".
وعلى الواو في مثل "التهيُّؤِ والتَّواطؤِ والأكمُؤ واللؤلؤ والجُؤجُؤ والتَّنَبء وجَرُؤَ ومَرُؤَ ورَدُؤَ، وهذا امرُؤُ القيس".
وعلى الياء في مثل يَتَّكىءُ ويستهزِئُ وصَدِيءَ وضِئْضيء وناشيء وقاريء، ومررتُ بامرئ القيس".
رسم الهمزة المتوسطة
الهمزةُ المتوسطةُ، إما أَن تكون متوسطةً حقيقةً، كأنْ تكونَ بين حرفينِ من بِنْية الكلمة، مثل "سألَ وبئرٍ ورَؤُفَ" وإما إن تكون شبْهَ متوسّطةٍ، كأنْ تكون متطرّفةً، وتَلْحقَها علاماتُ التأنيثِ أو التثنيةِ او الجمعِ او النسبةِ او الضميرُ او أَلفُ المُنَوَّن المنصوبِ، مثلُ "نَشْأةٍ وفِئةٍ ومَلأى وجزءانِ وشيئانِ وقَرَّاءونَ وهيئاتٍ وهذا جُزْؤُهُ ويَقرَؤُهُ وأخذتُ جُزءاً واحتلمتُ عِبئاً".
وحكمُها في الكتابة واحدٌ، إلا في أشياءَ قليلةٍ نذكُرها في مواضعها.
وإذا توَّسطت الهمزة، فإما أن تكون ساكنة، او مفتوحةً، او مضمومة او مكسورة، ولكلّ حكمه في الكتابة.
والقاعدة العامة لكتابة الهمزة المتوسطة، أنها إن كانت ساكنة، تُكتب بحرفٍ يُناسب حركةَ ما قبلها، مثلُ "رأْسٍ وسؤْلٍ وبئرٍ" وإن كانت متحركةً، تُكتب بحرفٍ يُجانسُ حركتَها هي، مثل "سأل ويسألُ وَلؤُمَ ويَلْؤُمُ وسئِم ومُسئمٍ ولئيم" إلا أن تُفتحَ بعد ضم او كسرٍ، فتُكتبُ حرفاُ يجانسُ حركةَ ما قبلها، مثلُ "مُؤَن وسؤال وفِئَةٍ وذِئابٍ وناشئَةٍ". او تقع بعدَ أَلف، فتُكتب قطعةً منفردةً بعدها، مثلُ "ساءَل وتساءَل ويتساءَل وعباءَة".
وهناك مواضعُ قد يُشَذُّ فيها عن هذه القواعد الكليَّة، يرجع أكثرها إلى الهمزة في حال توَسطها توسطاً غير حقيقيّ. وستعلم ذلك فيما سنشرحه لك.
وإليك تفصيل هذا المُجْمَل
(1) رسم المتوسطة الساكنة
إذا تَوسَطت الهمزة ساكنةً، كُتبت على حرف يناسبُ حركة ما قبلها فتُكتبُ على الألف في مثل "رأْسٍ وكأْسٍ ويأْمُل - ولم يقرأْه ولم يَشأْهُ ونشأْتُ وقرأْنا".
وتُكتبُ على الواو مثل "لُؤْمٍ ويُؤمِنٍ ومؤمِنْ واؤْتُمِنْ ولؤلؤ - ولم يَسؤْهُ وبُؤْتُ وجَرُؤْتُ وجَرُؤا ويجرُؤْنَ".
وعلى الياءِ في مثل "بِئرٍ وذِئْبٍ وائْتِ وائْذَن - وجِئْتُ وجِئْنا ويَجِئْنَ وأَنبِئْه ولم يُنبِئه".
(2) رسم المتوسطة المفتوحة
(1) إن توسطت الهمزة مفتوحةً، بعد حرفٍ متحرك، كُتبت على حرفٍ يُجانسُ حركةَ ما قبلها.
فتُكتبُ على الألف في مثل "سألَ ورأَبَ وسآمةٍ وضآلة ومآل - وخَطآنِ حِدَآت وأصلحتُ خَطَأهُ وسمعتُ نبأهُ ورأَيتُ حِدَأَة وقرأا ويقرأانِ وبدأا ويَبْدَأانِ.
وعلى الواوِ في مثل "مؤنٍ وتُؤدةٍ ومُؤَوِّل ويُؤمَلُ ومُؤَرّخ وسُؤالٍ وامرؤَانِ ولُؤْلؤَينِ ولُؤلؤاتٍ واشتريتُ لُؤلؤةً وأكلت أكمُؤَةً وجَؤُؤا يجْرُؤانِ".
وعلى الياءِ في مثل "ذِئابٍ ورئاسةٍ وافتئاتٍ وفِئَةٍ ومِئَةٍ ومِئاتٍ وفِئاتٍ وقارِئانِ وقارئاتٍ ورأَيتُ قارئةُ وقارئَيْه ومُنشِئَهُ ومُنشِئَيهِ".
(2) إذا توسطت الهمزةُ مفتوحةً بعد حرفٍ ساكن، توَسطاً حقيقيًّا، كتبت على الألف (إن لم تُسبق بألف المدّ) مثلُ "يَيْأسُ ويسألُ ومسألة
ٍ وجَيْأل والسمَوْأل ومَلأمةٍ وتَوأَم ومَلآنَ وظمآن والقُرآن" فإن سُبقت بألفِ المدِّ، كُتبت منفردة، مثل "ساءَلَ وتساءَلَ وساءَلوا ويتساءَلُ".
فإن كانت شبهَ متوسطةٍ، كُتبت منفردة بعد حرف انفصال، مثل "جاءَا وشاءَا وجُزءَانِ وضَوْءَانِ ومخبوءَينِ ومخبُوءَات وقرأَ جُزءَهُ ورأَى ضوءَه وكساءَه". وعلى شبه ياء بعد حرف اتصال، مثلُ "شيئانِ وعِبئان وشيئينِ وعِبئَينِ ورأَيت شيئَهُ وفَيئَهُ وعِبئَهُ ونَشْئَهُ وخَبيئَهُ".
(3) إذا لزمَ، من كتابة الهمزة ألفاً، اجتماعُ ألفينِ الهمزِ، وأَلفِ المدِّ، فإن سبقت أَلفُ المدِّ أَلفَ الهمزِ، كتبتَ ألفَ المدِّ وحدَها، ورسمتَ ألف الهمز قطعةً منفردةً بعدها، مثلُ "تضاءَل وتساءَمَ وتَثاءَب" وإن سبقت أَلفُ الهمزِ أَلفَ المدِّ، كتبتَ أَلفَ الهمزِ وطرحتَ أَلفَ المدِّ مُعَوّضاً عنها بمدَّة، تُكتبُ على طرف أَلف الهمز، مثلُ السآمةِ والشآمِ والقرآن والملآن والنَّبآن والملجآنِ".
ويُستثنى من ذلك أَن تكون أَلفُ المدّ أَلفَ الضمير، فتُكتب هيَ وأَلفُ الهمزِ معاً، مثل "قَرأا واقرأا ويَقْرأانِ ولم يَقرَأا". هذا رأْيُ جمهور العلماء. ومنهم من يحذفُ ألفُ المدّ مُعَوِّضاً عنها بالمدَّة، مثلُ "قرآ واقرآ ويقرآنِ ولم يَقْرَآ". وهذا هو القياس. وهو أَيسرُ على الكاتب ومنهم من يكتب الهمزَة منفردةً، لا على الفٍ، ويُثبتُ الف الضمير بعدها، مثلُ قَرَءَا واقرَءَا ويَقْرءَان ولم يَقْرَءَا".
اما إثباتهم الألفين في الفعل، مع استكراههم ذلك في نحو "سآمة وظمآن وخَطآنِ" فلعلَّهم فرقوا بين أن تكونَ الفُ المدّ ضميراً او غيرَ ضمير، لأن الألفَ هنا ضميرُ الفاعل. والفاعلُ أشدُ لُصوقاً بالفعل من غيره، فلا يُستغنى عنه فكتبوها لذلك.
(3) رسم المتوسطة المضمومة
(1) إن تَوسطت الهمزةُ مضمومةً بعد فتحٍ او ضم أو سكون، كتبت على الواو.
فمثالها مضمومةً بعد فتحٍ "لَؤمَ وضَؤُلَ ورَؤُفَ ويَقرؤُهُ ويَمْلؤُهُ ويكلَؤُهُ وهذا خَطَؤُهُ ونَبَؤُهُ".
ومثالها مضمومةً بعد ضمّ "الزُّؤُدُ والرُّؤُمُ والسُّؤُمُ وهذا لُؤُلؤُه وجُؤْجؤُه وأكمؤُهُ".
ومثالها مَضمومةً بعد ساكنٍ "يَضْؤُلُ وأرؤُسٌ وأكؤُسٌ والتَّرَؤُّسُ والتَّساؤُلُ والتَّلاؤُمُ - وهذا جزؤُهُ وضَوْؤهُ ووُضوؤُه وضِياؤُهُ". إلا إن ضُمّت شبهُ المتوسطة، بعد حرفٍ من حروف الاتصال، فتُكتب على شبهِ ياءٍ مثل "هذا شيئُهُ وفيئُهُ وعِبْئُهُ ونَشْئُهُ وبَريئُهُ ومجيئُهُ ويجيئون ويُسيئونَ ومُسيئون".
(2) إذا لزمَ، من كتابة الهمزة على الواو، اجتماعُ واوينِ فإن تأخرت واو الهمز، كتبتهما معاً مثل "هذا ضَوْؤُهُ ووُضوؤهُ ومَقْروؤُه. وإن سبقت، فمنهم من يحذف صورتها، ويكتبها همزة منفردة، بعد حرفِ انفصالٍ مثل "رَؤُوف ورُءُوس وقرَءُوا ويَقرَؤُونَ"، وعلى شبه ياءٍ، بعد حرف اتصالٍ، مثل "كُئوس ومسئولٍ - ومَلَئُوا ويَمْلَئونَ". إلا إن كانت شبهَ متوسطة، وكانت في الأصل مكتوبةً على الواو كجَرؤَ ويَجْرؤُ، فتُرسمُ الواوانِ معاً، مثل "جَرُؤُوا ويجرُؤُون".
هذا مذهب المتقدمين، وعليه المعوَّل عند أرباب هذا الشأن. وعليه رسم بعض المصاحف.
ومنهم من يرسم الواوينِ معاً، وهو القياس، مثل "رَؤوفٍ ورؤوسٍ وسُؤوم وصُؤون وكؤوس ومرؤوب ومسؤول - وقَرَؤوا ويَقْرؤون ومَلَؤوا ويَمْلؤونَ".
ومنهم من يكتفي بواوٍ واحدة يرسم الهمزة عليها، مثل رَؤفٍ ورُؤسٍ ومَسؤلٍ وقَرَؤُا ويَقْرؤن". وعليه رسم كثيرٍ من المصاحف.
ومنهم من يُبقي الهمزةَ المتطرّفة، المكتوبة على الألف، المتصلةَ بما يجعلها شبهَ متوسطة، على حالها من الرسم، مثل "قرأُوا ويَقْرأُون، وبَدَأُوا ويَبْدَأُون، وملأوا ويَمْلأون، وهذا خطأُهُ ونبأُه ورَشأُهُ" وهو مذهب بعض المتأخرين. وهو الشائعُ على أكثر الأقلام اليوم، لسهولته وبُعدهِ عن إعمال الفكر.
والمذهب الأول هو المتقدِّم. كما علمت. وكلٌّ له وجهٌ صحيح.
أما إذا لزمَ من ذلك اجتماعُ ثلاثِ واوات، فتطرح واو الهمزة، وتكتبُ الهمزة منفردة بين الواوين، قولاً واحداً، مثل "موْءُودة ووءُولٍ - ومَقْروءُون ومنشؤُون ويَسوءُون".
(3) إن توسطت الهمزة مضمومةً بعد حرفٍ مكسورٍ (وهذا لا يكون إلا في شبهِ المتوسطة) ، كُتبت على شبه ياءٍ، مثل مِئونَ وفِئون وهذا قارئُه ومُنْشئُه ومُنبّئُه وسيئُه وسيئون والقارئون والمُنشئونَ والمُنبّئونَ وينبِّئه ويُقرِئُه".
(4) رسم المتوسطة المكسورة
إن توسطت الهمزة مكسورةً، لا تُكتب إلا على الياء، سواءٌ أكانت مكسورةً بعد فتحٍ، مثل "سَئمَ وبَئسَ ودَئِب - ومُلجَئينَ ونظرتُ إلى رَشئهِ وخَطَئهِ ومُنشِئهِ".
أم مكسورةً بعد ضم، مثل "سُئلَ ورُئيَ ونُئيَ عنه والدِئلِ - ونظرتُ إلى لُؤلئه وبُؤبُئه، وشقت السفينة الماءَ يجؤجئُها وتقول في
جمعِ من سَمَّيْتَهُ لؤلؤاً "مررتُ باللُّؤلُئين" وبعضهم يكتب التي بعدها ياءٌ بحركة ما قبلها (أي على الواو) ، مثل "رُؤِيَ ونُؤِيَ عنه".
أم مكسورةً بعد كسر (وهذا لا يكون إلا في شبه المتوسطة) ، مثل "مِئِينَ وفِئينَ وقارئينَ وناشئينَ ومُنشئينَ ومُقرئينَ وقارئهِ ومُنشئهِ ولآلِئهِ".
أم مسكورةً بعد سكونِ، مثلُ "أفئدةٍ وأسئلةٍ ومُسئِمٍ ومُتئمٍ والمرئِيِّ والرائي ويُسائِلُ وسائِلْ ومُسائِلِ - والمَقروئينَ والطَّائيِّ والكسائيِّ والجُزئيِّ وجُزئِه وعِبئه وشيئه وضَوْئه ووضوئه وضيائه".
(5) رسم المتوسطة مع علامة التأنيث
الهمزة المتوسطةُ بإلحاق علامةِ التأنيث بها، لا تكونُ إلا مفتوحة.
فإن كان ما قبلها مفتوحاً أو ساكناً صحيحاً، كُتبت على الألف، مثل "حَدَأةٍ وخَطَأةٍ ونَشْأةٍ ونَبْأةٍ ومَلأى وظَمْأى".
وإن كان مضموماً، كُتبت على الواو، مثل "لُؤلؤَةٍ".
وإن كان مكسوراً أو ياءً ساكنةً، كُتبت على الياءِ، مثل "مِئَةٍ وفِئَةٍ وتهنئةٍ ومَرزِئَةٍ وهَيْئةٍ وبِيئِة وخطيئةٍ وبريئةٍ".
وإن كان ما قبلها أَلفاً أو واواً، كتبت منفردة، مثل "ملاءَةِ وقراءَةِ ومُرءَةٍ وسَوْءَةٍ وسَوءَى وسَوْءَاءَ".
(6) رسم المتوسطة مع الف المنون المنصوب
المُنَوَّنُ المنصوبُ تَلحقُهُ ألف مدٍّ لا تُلفظُ إلا في الوقف، سواءٌ أكان آخرُهُ همزةً أم غيرَها، مثلُ "رأيتُ رجلا وكتاباً ولُؤلؤاً".
فإن كانت الهمزةُ المنَوَّنةُ تنْوين نَصبٍ، مرسومةً على حرف أبقيتها مرسومةً عليه، ورسمتَ بعدها الألفَ، مثل رأيتُ بُؤبُؤاً وأكمؤاً وقارئاً ومُنْشئاً".
وإن كانت منفردةً، غيرَ مرسومةٍ على حرفٍ، فإن كانت بعد حرفِ انفصال، تركتَها على حالها، ورسمتَ بعدها الألف مثل "رأيتُ جُزْءاً ورُزءاً وضَوْءاً. ووُضُوءاً". وإن كانت بعد حرف اتصال كتبتها قبل الألف على شِبهِ ياءٍ، مثل (احتملتُ عبْئاً واتخذتُ دِفْئاً ورأيتُ شيئاً) .
غيرَ انهم تركوا كتابَتها بعد الهمزةِ المرتكزةِ على ألفٍ، كراهية اجتماعِ ألفينِ في الخط، مثل (سمعتُ نَبأ ورأيتُ رَشأ) وبعد الهمزة المسبوقة بألف المدّ اعتباطاً، لا لسببٍ، مثل "لبستُ رداءً، وشربتُ ماءً".
وإنما تُكتبُ هذهِ الألفُ، لأنَّ المنوَّنَ المنصوبَ لا يجوز أن يوقفَ عليه بالسكونِ،
بل يجبُ أن يُوقفَ عليه بفتحةٍ ممدودة، تتوَلد منها ألفُ المدِّ. وسواءٌ في ذلك ما لحقتهُ هذهِ الألفُ في الخط، وما لم تلحقهُ لِسَبَبٍ او اعتباطاً.
كتابة الألف المتطرفة
الالفُ المتطرفةُ، إما أن تكونَ آخرَ فعلٍ كدعا ورمى وأعطى، وإما أن تكون آخرَ اسم مُعربٍ عربيّ كالفتى والعصا والمصطفى. وإما أن تكون آخرَ اسمٍ مَبنيٍّ كأنا ومهما. وإما أن تكون آخرَ حرفٍ كعَلى ولولا. وإما أن تكون آخرَ اسم أعجمي كموسيقا.
فهي خمسة أنواع ولكلّ نوع حكمهُ في الرسم. وإليك بيان كلّ نوع منها
(1) و (2)إن تطرَّفت الألفُ في فعل او اسم مُعرب.
فإن كانت رابعةً فصاعداً، كتبتها ياءً مطلقاً. والحرفُ المشدَّد يُحسب حرفين، وكذلك الهمزة التي فوقها مدَّةٌ مُعوَّض بها عن أَلفٍ محذوفة، مثل "حُبلى ودعوى وجُلَّى وجُمادى ومستشفى - وأَعطى وأَملى ولبّى وحلَّى وآتى وآخى واهتدى وارتضى واستولى واستعلى". وإلا إِذا لزِمَ، من كتابتها ياءً، اجتماعُ ياءَين، فتكتب ألفاً، مثل "استحيا وأحيا وسجايا ويحيا وزوايا وريّا ودُنيا. وقد كتبوا "يحيى وريّى" علمين، بياءَينِ، للتفرقة بين ما هو علمٌ أو فعلٌ أو صفة. والقولُ في نحوهما كالقول فيهما.
وإن كانت ثالثة، فإن كانت منقلبةً عن الواو، كتبتها ألفاً، مثل "العصا والقفا والدُّجا والرُّبا والذُّرا والعِدا - ودعا وغزا وعفا وعلا
وسما وتلا". وإن كانت منقبلةً عن ياءٍ كتبتها ياءً، مثل "الفتى والهوى والنَّوى والرَّحى والحمى - ورمى ومشى وهدى وهوى وقضى".
وما كان من ذلك ممدوداً، فقصرَته كالبيضاء والجدعاء، أو مهموزاً، فسهَّلته كتوضأ وتجزأ ومَلجأ ومُلتجأ، فلا يكتب بالياء، بل يكتبُ بالألف التي صارت آخراً، مثلُ "البيضا والجدعا وتوضا وتجزا وملجا وملتجا".
واعلم أن من النحاة من يكتبُ البابَ كله بالألف، حملاً للخط على اللفظ، سواءٌ أكانت الألف ثالثةً أم فوق الثالثة، وسواءٌ أكانت منقلبة عن واو أم عن ياءٍ. قالوا وهو القياس، وهو أنفى للغلط. وهذا ما اختاره أبو علي الفارسي، كما في شرح أدب الكاتب لابن السيد البطليوسي. وهو مذهبٌ سهل، لكنه لم يشتهر، ولم ينتشر. والكتَّاب قديماً وحديثاً على خلافه.
(3)إذا تطرَّفت الألفُ في اسمٍ مبني، كتبت ألفاً، مثلُ "أنا ومهما"، إلا خمس كلمات منها، كتبوها فيها بالياء، وهي "أنّى ومتى ولدى والألى" (اسم موصول بمعنى الذينَ) وأولى (اسم إشارة للجمع، كأولاءِ) .
(4)إذا تطرفتِ الألفُ في حرف من حروف المعاني، كتبت ألفاً، مثل "لولا وكلاّ وهلاّ"، إلا أربعةَ أحرف، كتبوها فيها بالياء. وهي "إلى وعلى وبلى وحتى".
(5)إذا تطرَّفت الألفُ في اسم أعجمي، كتبت ألفاً مطلقاً، ثلاثياً كان، أو فوق الثلاثي. ولا فرق بين أن يكون من أسماء الناس أو البلاد أو غيرهما، مثلُ "بُغا ولوقا وتمليخا وزليخا وبحيرا" (وهي أعلامُ أناس) ،
وأريحا ويافا وحيفا وطنطا والرُّها (وهي أسماءُ بلدان) وببْغا (وهي اسم طير) ، وموسيقا وارتماطيقا "وهما من مصطلحات الفنون والعلوم". وكتبوا (بخارى) ، من أسماء البلدان، بالياء. وكتبوا أربعة من أعلام الناس بالياء أيضاً، وهي موسى وعيسى ومتَّى وكسرى. ومنهم من يكتب "متّى" باللف هكذا "مَتّا".
الوصل والفصل
من الكلمات ما لا يصح الابتداء به، كالضمائر المتصلة ومنها ما لا يصح الوقفُ عليه، كالحروف الموضوعة على حرف واحدٍ ومنها ما يصح الإبتداء به والوقف عليه، وهو كل الكلمات، إلا قليلا منها.
فما صح الابتداء به والوقفعليه، وجب فصلُه عن غيره في الكتابة، لأنه يستقل بنفسه في النطق، كالأسماء الظاهرة، والضمائر المنفصلة، والأفعال والحروفَ الموضوعة على حرفين فأكثر.
وما لا يصحُّ الابتداء به، وجبَ وصلُهُ بما قبلهُ، كالضمائر والمتصلة، ونوني التوكيد، وعلامةِ التأنيث، وعلامةِ التَّثنية، وعلامة الجمع السالم.
وما لا يصحُّ الوقفُ عليه، وجب وصلُه بما قبله، كالضمائر، ونوني التوكيد، وعلامة التأنيث، وعلامةِ التَّثنية، وعلامة الجمع السالم.
وما لا يصحُّ الوقفُ عليه، وجب وصلُه بما بعده، كحروفِ المعاني الموضوعة على حرفٍ واحدٍ، والمركب المزجيِّ، وما رُكّب مع المائة من الآحاد كأربعمائة، والظُّروفِ المضافة إلى "إذٍ" المُنَوَّنةِ كيومئذٍ وحينئذٍ. فإن لم تُنَوَّنْ، بأن تُذكر الجملة المحذوفة المعوَّض عنها
بالتنوين، وجبَ الفصلُ مثلُ "رأيتك حين إذْ كنتَ تخطبُ".
وكلا النوعينِ (أي ما يصحُّ الابتداءُ به، وما لا يصح الوقف عليه) يجب وصله، كما رأيتَ، لأنه لا يستقلُّ بنفسه في النطق. والكتابةُ تكون بتقدير الابتداء بالكلمة والوقف عليها، كما علمتَ في أول فصل الخط.
وقد وصولا، في بعض المواضع، ما حقّهُ أن يكتب منفصلا، كأنهم اعتبروا الكلمتين كلمةً واحدة. وإليك تلك المواضع
(1) وصلوا "ما" الإسميّة بكلمة "سِيٍّ" مثلُ "أحبُّ أصدقائي، ولا سِيَّما زُهيرٍ"، وبكلمة "نِعْمَ" إذا كُسرت عينُها، مثلُ "نِعِمَا يَعِظُكم به"، فإن سكنت عينها، وجب الفصلُ، مثلُ "نِعْمَ ما تفعل".
(2) ووصلوا "ما" الحرفية الزائدة أيًّا كان نوعها، بما قبلها، مثلُ "طالما نصحتُ لك، {إنما إلهكم إلهٌ واحدٌ} ، أتيتُ لكنما أُسامةُ لم يأت. {عمّا قليل لَيُصبِحُنَّ نادمين} . {مما خطيئاتِهم أُغرقوا} . {أيّما الأجلينِ قضيتُ} . فلا عدوان عليّ. أينما تجلسْ إجلس. إما تجتهدْ تنجح. {إنه لحقٌّ مثلما أنكم تنطقون} . اجتهدْ كيما تنجح".
(3) وصلوا "ما" المصدرية بكلمة "مثل" مثل "اعتصمْ بالحق مثلما اعتصم به سَلَفُكَ الصالح"، وبكلمة "رَيْثَ"، مثل "انتظرني رَيْثنما آتيك"، وبكلمة "حين" مثل "جِئتُ حينما طلعت الشمسُ"، وبكلمة "كل" مثل " {كلما أضاءَ لهم مَشَوْا فيه} . كلما زرتني أكرمتك". "وما" بعد كلٍّ" مصدرية ظرفية.
(4) وصلوا "مَنْ" استفهاميةً كانت، أو موصوليّةً، أو موصوفيةً، أو شرطيَّة، بمن وعن الجارَّتين فالاستفهاميّة مثل "مِمن أنت تشكو؟ " والموصوليَّة مثلُ "خُذِ العلمَ عمَّن تَثقُ به". والموصوفيّةَ مثل "عَجبتُ ممّن مُحبٍ لك يؤْذيك"، أي من رجلٍ محبٍّ لك. والشرطيّةُ مثلُ مِمّن تَبتعدْ ابتعدْ، وعَمّن ترضَ أرضَ"، أي من تبتعدْ عنه أَنتَ أَبتعد عنه أَنا، ومن ترضَ عنه أَرضَ عنه.
وصلوا (مَن) الإستفهاميّة بفي الجارَّة، مثل "فيمن ترغبُ أن يكون معك؟. فيمن ترى الخير؟ ".
(5) وصلوا "لا" بكلمة "أن" الناصبة للمضارع، مثل {لئلا يعلم أهلُ الكتاب} "ويجبُ ألا تدَعَ لليأس سبيلا إلى نفسك". ولا فرق بين أن تسبقها لامُ التعليل الجارَّة وألا تسبقها، كما رأيت.
هذا مذهب الجمهور. وذهب أبو حيّانَ ومن تابعه إلى وجوب الفصل قال وهو الصحيح، لأنه الأصل، مثل "يجب أن لا تهمل".
فإن لم تكن "أن" ناصبة للمضارع، وجب الفصل، كأن تكون مخففة من "أن" المشددةِ، مثل "أشهَدُ أَن لا إِلهَ إلا اللهُ" أي أنه، أن تكون تفسيرية، مثلُ "قُلْ له أن تخفْ".
(6) وصلوا "لا" بكلمة "إن" الشرطية الجازمة، مثلُ {إلا تفعلوه تكن فتنةٌ، إلا تَنصرُوه فقد نَصرهُ الله} .
(7) منهم من يصلُ "لا" بكلمة "كي"، مثلُ "لكيلا يكون عليك حرجٌ، ومنهم من يوجب الفصل. والأمران جائزان. وقد جاء الوصلُ والفصلُ في القرآن الكريم، وقد وُصلت في المصحف في أربعة مواضع، منها {لكيلا يكون عليك حرجٌ} ومن الفصل قوله تعالى {لكي لا يكون على المؤمنين حرجٌ} وقوله {كي لا يكون دولةً بين الأغنياء منكم} .
الكتاب: جامع الدروس العربية
المؤلف:مصطفى بن محمد سليم الغلايينى (المتوفى: 1364هـ)
الناشر:المكتبة العصرية، صيدا - بيروت
المصدر : المكتبة الشاملة
BMW i8 Coupé
The future is taking shape – in the form of the new BMW i8 Coupé. Full of verve, fascinating and ready to newly define mobility. For unconditional driving pleasure, as far as the road goes. A mere glimpse of this iconic design elevates adrenaline levels. The tachometer shoots up just as fast: the innovative plug-in hybrid engine generates 374 hp and 570 Nm. Plus, it accelerates the new BMW i8 Coupé in just 4.4 seconds from 0 to 100 km. The fastest route to a new era.
VISUAL STATEMENT.
Show your colours and stand by them. Whether in Sophisto Grey, Chrystal White, E-Copper or Donington Grey – the BMW i8 Coupé is an impressive appearance in any colour variation.
A GLANCE AT THE FUTURE.
The BMW i8 Coupé reveals itself as futuristic right down to the last detail. Its progressive lines speak a formal language that can hardly be more dynamic. The most striking feature: the imposing lightweight carbon-fibre gull wing doors, which can be opened comfortably. The athletic front continues to display the individual character of the car and proudly bears the BMW double kidney, flanked by full-LED headlights and redesigned Air Curtains. Starting at the bonnet, the distinctive V-shaped black belt stretches along the entire car, underscoring its flat silhouette. The impressive streamflow design also optimises airflow and creates unprecedented aerodynamics. Thus, the BMW i8 Coupé is a perfect symbiosis of form and function that knows only one direction: forward.
”The BMW i8 Coupé is already the best-selling hybrid sports car in the world – and I think we will succeed with this car, too.“
KLAUS FRÖHLICH, BOARD MEMBER, BMW AG
CONTROL CENTRE OF TOMORROW.
The interior of the BMW i8 Coupé also underscores its unique character. This is immediately apparent from the exclusive feature line Accaro Amido/E-Copper. The interior also reflects the dynamic lines of the exterior design, creating a futuristic dynamic throughout the cockpit. The centre cockpit is inclined to the driver and the controls are arranged intuitively – ensuring maximum driver orientation and clarity. Optimum lateral support and maximum comfort are provided by the new electrically-adjustable sport seats. In the dark, the LED interior lighting ensures a high-quality ambience. The contour lines of the doors, the instrument panel and the centre console and the steering wheel can be optionally and alternately dipped in the colours EfficientDynamics Blue, Amber Yellow and White.
DYNAMICS NEWLY DEFINED.
The BMW i8 Coupé takes even the headwind’s breath away. This is not only due to its athletic appearance, but also its streamlined body, the extreme lightweight construction and the layered design of the LED tail lights, which the wind flows through.
42 g/km
Drive ahead and leave practically nothing behind - thanks to the intelligent energy management of the BMW i8 Coupé. It coordinates the interaction between the electric motor and the battery with the combustion engine – always geared towards maximum performance with minimum consumption. This creates a powerful plug-in hybrid system with enormous efficiency, as evidenced by the combined consumption of only 1.9 l/100 km and CO2 emissions of up to 42 g/km.
0 Response to "الخط في الإملاء"
Post a Comment