التورية في علم البديع، حد التورية ، أنواع التورية : مجردة، ومرشحة، ومبيّنة، ومهيّأة، أمثلة التورية - Punitive
Saturday, March 3, 2018
Add Comment
التورية في علم البديع، حد التورية ، أنواع التورية : مجردة، ومرشحة، ومبيّنة، ومهيّأة، أمثلة التورية
التورية من فنون البديع المعنوي، ويقال لها أيضا: الإيهام والتوجيه والتخيير، ولكن لفظة «التورية» أولى في التسمية لقربها من مطابقة المسمّى، لأنها مصدر ورّى بتضعيف الراء تورية، يقال: ورّيت الخبر:
جعلته ورائي وسترته وأظهرت غيره، كأن المتكلم يجعله وراءه بحيث لا يظهر.
والتورية في اصطلاح رجال البديع: هي أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان، قريب ظاهر غير مراد، وبعيد خفي هو المراد.
ونحن نجد لها أكثر من تعريف لدى المتأخرين، ولكن هذه التعريفات وإن اختلفت لفظا فإنها تتفق معنى، ولا تخرج جميعها في مضمونها عن مضمون التعريف السابق الذي اصطلح عليه جمهور البديعيين.
فزكي الدين بن أبي الأصبع «654 هـ» قد عرفها في كتابه المسمى «تحرير التحبير» بقوله: «التورية وتسمى التوجيه هي أن يكون الكلام يحتمل معنيين فيستعمل المتكلم أحد احتماليها ويهمل الآخر، ومراده ما أهمله لا ما استعمله».
والخطيب القزويني «739 هـ» يعرفها في كتابه التلخيص بقوله:
«ومن البديع التورية وتسمى الإيهام أيضا، وهي أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد، وهي ضربان مجردة ومرشحة» ولم يزد على هذا القدر شيئا.
وصلاح الدين الصفدي «764 هـ» يعرفها في كتابه «فضّ الختام عن التورية والاستخدام» بقوله: «التورية هي أن يأتي المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين، قريب وبعيد، فيذكر لفظا يوهم القريب إلى أن يجيء بقرينة يظهر منها أن مراده البعيد».
وتقي الدين بن حجة الحموي «837 هـ» يعرّفها في كتابه «خزانة الأدب» بقوله: «التورية أن يذكر المتكلم لفظا مفردا له معنيان حقيقيان أو حقيقة ومجاز، أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية، فيريد المتكلم المعنى البعيد، ويورّى عنه بالمعنى القريب، فيتوهم السامع أول وهلة أنه يريد القريب وليس كذلك، ولأجل هذا سمى هذا النوع إيهاما» (1).
...
__________
(1) انظر في كل هذه التعريفات كتاب خزانة الأدب لابن حجة الحموي 239 - 242.
ومن أمثلة التورية قول سراج الدين الورّاق (1):
أصون أديم وجهي عن أناس … لقاء الموت عندهم الأديب
ورب الشعر عندهم بغيض … ولو وافى به لهم «حبيب»
فالتورية في لفظة «حبيب»، ولها معنيان: أحدهما المحبوب، وهذا هو المعنى القريب الذي يتبادر إلى الذهن أول وهلة بسبب التمهيد له بكلمة «بغيض»، والمعنى الثاني اسم أبي تمام الشاعر وهو حبيب بن أوس، وهذا هو المعنى البعيد الذي أراده الشاعر ولكنه تلطف فورّى عنه وستره بالمعنى القريب.
ومن أمثلتها أيضا قول بدر الدين الذهبي:
يا عاذلي فيه قل لي … إذا بدا كيف أسلو؟
يمر بي كل وقت … وكلما «مر» يحلو
فالتورية هنا كلمة «مرّ»، فإن لها معنيين: أحدهما أنها مأخوذة من المرارة وهو المعنى القريب بدليل مقابلتها بكلمة «يحلو»، وهذا المعنى القريب الظاهر غير مراد، والمعنى الثاني أنها مأخوذة من المرور، وهذا هو المعنى البعيد الذي يريده الشاعر.
ومنها كذلك قول بدر الدين الحمّاميّ:
جودوا لنسجع بالمدي … ح على علاكم سرمدا
فالطير أحسن ما تغر … د عند ما يقع الندى (2)
فالتورية هنا في كلمة «الندى»، فمعناها القريب الظاهر غير المراد هو ما يسقط آخر الليل من بلل ومطر خفيف، بدليل التمهيد له بذكر الطير والتغريد والوقوع، ومعناها البعيد هو الجود وهذا هو الذي أراده الشاعر.
__________
(1) شاعر مصري أولع بالبديع في شعره وتوفي سنة 659 هـ.
(2) من معاني الندى: الجود، وما يسقط آخر الليل من بلل ومطر خفيف.
وقوله أيضا:
أبيات شعرك كالقص … ور ولا قصور بها يعوق
ومن العجائب لفظها … حرّ ومعناها «رقيق»
والتورية في هذا المثال هي كلمة «رقيق» ولها معنيان: أولهما قريب ظاهر غير مراد، وهو العبد المملوك، وسبب قربه وتبادره إلى الذهن ما سبقه من كلمة «حر»، والمعنى الثاني بعيد وهو اللطيف السهل الدّمث من المعاني. وهذا هو الذي يريده الشاعر بعد أن ستره وأخفاه في ظل المعنى القريب.
ومما ورد منها في القرآن الكريم قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ (1). فلفظة التورية في الآية الكريمة هي جَرَحْتُمْ ولها معنيان: أولهما قريب ظاهر غير مراد وهو إحداث تمزّق في الجسم، والثاني بعيد خفي مراد وهو ارتكاب الذنوب واقترافها.
__________
(1) جرحتم: أصل معنى الجرح إحداث تمزق في الجسم، ولهذا سميت السباع جوارح لأنها تجرح.
ومن الأمثلة السابقة تتضح حقيقة التورية وأنها تتمثل دائما في لفظ مفرد له معنيان: قريب ظاهر غير مراد، وبعيد خفي هو المراد.
ومن الأمثلة السابقة تتضح حقيقة التورية، وأن القصد من لفظ التورية أن يكون مشتركا بين معنيين: أحدهما قريب ودلالة اللفظ عليه ظاهرة، والآخر بعيد ودلالة اللفظ عليه خفية، فيريد المتكلم المعنى البعيد ويورّى عنه بالمعنى القريب، فيوهم السامع أول وهلة أنه يريد القريب وليس كذلك. ولهذا سمي هذا النوع إيهاما.
...
أنواع التورية:
والتورية أربعة أنواع: مجردة، ومرشحة، ومبيّنة، ومهيّأة.
1 - التورية المجردة: وهي التي لم يذكر فيها لازم من لوازم المورّى به، وهو المعنى القريب، ولا من لوازم المورّى عنه، وهو المعنى البعيد.
وأعظم أمثلة هذا النوع قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فكلمة التورية هي اسْتَوى والاستواء، كما يقول الزمخشري، على معنيين: أحدهما الاستقرار في المكان، وهو المعنى القريب المورّى به غير المقصود، والثاني الاستيلاء والملك، وهو المعنى البعيد المورّى عنه، وهو المراد، لأن الحق سبحانه منزّه عن المعنى الأول. ولم يذكر من لوازم هذا أو ذاك شيء، فالتورية مجردة بهذا الاعتبار.
ومن هذا النوع قول النبي صلّى الله عليه وسلّم في خروجه إلى بدر، وقد قيل له:
ممن أنتم؟ فلم يرد أن يعلم السائل، فقال: «من ماء»، وأراد: أنا مخلوقون من ماء. فورّى عنه بقبيلة من العرب يقال لها: ماء.
ومن ذلك قول أبي بكر الصديق في الهجرة عند ما سأله سائل عن النبي قائلا: «من هذا؟» فقال أبو بكر: «هاد يهديني». أراد أبو بكر هو هاد يهديني إلى الإسلام فورّى عنه بهادي الطريق الذي هو الدليل في السفر.
ومنه شعرا قول القاضي عياض في سنة كان فيها شهر كانون معتدلا فأزهرت فيه الأرض:
كأن نيسان أهدى من ملابسه … لشهر كانون أنواعا من الحلل
أو الغزالة من طول المدى خرفت … فما تفرّق بين الجدي والحمل (1)
__________
(1) من معاني الغزالة: الشمس.
فالتورية هنا مجرّدة، والشاهد في الغزالة والجدي والحمل، فإن الشاعر لم يذكر قبل الغزالة ولا بعدها شيئا من لوازم المورّى به، كالأوصاف المختصة بالغزالة الوحشية من طول العنق، وسرعة الالتفات، وسرعة النفرة، وسواد العين، ولا من أوصاف المورّى عنه كالأوصاف المختصة بالغزالة الشمسية من الإشراق والسمو والطلوع والغروب.
2 - والتورية المرشحة: هي التي يذكر فيها لازم المورّى به، وهو المعنى القريب، وسميت مرشحة لتقويتها بذكر لازم المورى به. ثم تارة يذكر اللازم قبل لفظ التورية وتارة بعده، فهي بهذا الاعتبار قسمان:
أ- فالقسم الأول منها: هو ما ذكر لازمه قبل لفظ التورية. وأعظم أمثلته قوله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ فإن قوله: بِأَيْدٍ يحتمل اليد الجارجة، وهذا هو المعنى القريب المورّى به، وقد ذكر من لوازمه على جهة الترشيح «البنيان»، ويحتمل القوة وعظمة الخالق، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه، وهو المراد لأن الله سبحانه منزه عن المعنى الأول.
ومنه قول يحيى بن منصور من شعراء الحماسة:
فلما نأت عنا العشيرة كلّها … أنخنا فحالفنا السيوف على الدهر
فما أسلمتنا عند يوم كريهة … ولا نحن أغضينا الجفون على وقر
فالشاهد لفظة «الجفون» فإنها تحتمل جفون العين، وهذا هو المعنى القريب المورّى به، وقد تقدم لازم من لوازمه على جهة الترشيح وهو «الإغضاء» لأنه من لوازم العين، وتحتمل أن تكون جفون السيوف أي أغمادها، وهذا هو المعنى البعيد المراد المورى عنه.
ب- والقسم الثاني: هو ما ذكر لازم المورى به بعد لفظ التورية.
ومن أمثلته اللطيفة قول الشاعر:
مذ همت من وجدي في خالها … ولم أصل منه إلى اللثم (1)
قالت: قفوا واستمعوا ما جرى … خالي قد هام به عمي!
فلفظة التورية هنا «خالها» فإنها تحتمل خال النسب وهو المعنى القريب المورّى به وقد ذكر لازمه بعد لفظ التورية على جهة الترشيح وهو «العم»، وتحتمل أن تكون الشامة السوداء التي تظهر غالبا في الوجه وتكون علامة حسن، وهذا هو المعنى البعيد الخفيّ المورّى عنه.
__________
(1) من معاني الخال: خال النسب وهو أخو الأم، والخال الذي يكون في الجسد، وهو شامة أو نكتة سوداء في البدن، وأكثر ما يكون في الوجه، وهو علامة حسن وإن لم يكن هو حسنا في ذاته.
3 - التورية المبيّنة: وهي ما ذكر فيها لازم المورّى عنه قبل لفظ التورية أو بعده. فهي بهذا الاعتبار قسمان:
أ- فالقسم الأول: ما ذكر لازم المورّى عنه قبل لفظ التورية، واستشهدوا عليه بقول البحتري:
ووراء تسدية الوشاح ملية … بالحسن تملح في القلوب وتعذب
فالشاهد هنا في «تملح» فإنه يحتمل أن يكون من الملوحة التي هي صد العذوبة، وهذا هو المعنى القريب المورّى به وغير المراد، ويحتمل أن يكون من الملاحة التي هي عبارة عن الحسن، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه وهو المراد. وقد تقدم من لوازمه على التبيين «مليّة بالحسن».
ومن أحسن الشواهد على هذا القسم قول شرف الدين بن عبد العزيز:
قالوا: أما في جلق نزهة … تنسيك من أنت به مغرى
يا عاذلي دونك من لحظه … سهما ومن عارضه سطرا
الشاهد هنا في موضعين وهما «السهم وسطر» فإن المعنى البعيد هما الموضعان المشهوران بمتنزهات دمشق، وذكر النزهة بجلّق قبلهما هو المبين لهما، وأما المعنى القريب غير المراد فسهم اللحظ وسطر العارض.
ب- والقسم الثاني، من التورية المبينة: هو الذي ذكر فيه لازم المورّى عنه بعد لفظ التورية. ومن أمثلته البديعة قول الشاعر:
أرى ذنب السّرحان في الأفق طالعا … فهل ممكن أن الغزالة تطلع؟
فالبيت فيه توريتان إحداهما «ذنب السرحان» فإنه يحتمل أول ضوء النهار، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه، وهو مراد الشاعر، وقد بيّنه بذكر لازمه بعده بقوله: «طالعا». ويحتمل ذنب الحيوان المعروف وهو الذئب أو الأسد، وهذا هو المعنى القريب المورّى به والتورية الثانية في «الغزالة» فإنه يحتمل أن يكون المراد بها الشمس، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه، وهو مقصود الشاعر وقد بيّنه بذكر لازمه بعد بقوله:
«تطلع». ويحتمل أن يكون المراد بها الغزالة الوحشية المعروفة، وهذا هو المعنى القريب المورّى به والذي لم يقصده الشاعر.
4 - التورية المهيّأة: وهي التي لا تقع فيها التورية ولا تتهيأ إلا باللفظ الذي قبلها، أو باللفظ الذي بعدها، أو تكون التورية في لفظين لولا كل منهما لما تهيأت التورية في الآخر. فالمهيّأ على هذا الاعتبار ثلاثة أقسام.
أ- فالقسم الأول من التورية المهيأة: هو الذي تتهيأ فيه التورية من قبل. واستشهدوا على ذلك بقول ابن سناء الملك يمدح الملك المظفر صاحب حماة:
وسيرك فينا سيرة عمرية … فروحت عن قلب وأفرجت عن كرب
وأظهرت فينا من سميك سنة … فأظهرت ذاك الفرض من ذلك الندب
فالشاهد هنا في «الفرض والندب» وهما يحتملان أن يكونا من الأحكام الشرعية، وهذا هو المعنى القريب المورّى به، ويحتمل أن يكون الفرض بمعنى العطاء والندب صفة الرجل السريع في قضاء الحوائج الماضي في الأمور، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه. ولولا ذكر «السنّة» لما تهيأت التورية فيهما ولا فهم من الفرض والندب الحكمان الشرعيان اللذان صحت بهما التورية.
ب- والقسم الثاني من التورية المهيأة: هو الذي تتهيأ فيه التورية بلفظة من بعده. ومن أمثلته نثرا قول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الأشعث بن قيس: «إنه كان يحوك «الشمال» (1) باليمين»، فالشمال يحتمل أن يكون جمع شملة وهي الكساء يشتمل به، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه، ويحتمل أن يراد بها الشمال التي هي إحدى اليدين ونقيض اليمين، وهذا هو المعنى القريب المورّى به. ولولا ذكر اليمين بعد الشمال لما تنبه السامع لمعنى اليد.
__________
(1) الشمال: جمع شملة، وهي كساء يشتمل ويتلفع به.
ومن هذا النوع من التورية المهيأة شعرا قول الشاعر:
لولا التطير بالخلاف وأنهم … قالوا: مريض لا يعود مريضا
لقضيت نحبي في جنابك خدمة … لأكون «مندوبا» قضى مفروضا
«فالمندوب» هنا يحتمل الميت الذي يبكى عليه، وهذا هو المعنى البعيد المورّى عنه وهو المراد، ويحتمل أن يكون أحدا لأحكام الشرعية، وهو المعنى القريب المورى به. ولولا ذكر «المفروض» بعده لم يتنبّه السامع لمعنى المندوب، ولكنه لما ذكر تهيّأت التورية بذكره.
ج- والقسم الثالث من التورية المهيّأة: هو الذي تقع التورية فيه في لفظين لولا كل منهما لما تهيّأت التورية في الآخر. واستشهدوا على ذلك بقول عمر بن أبي ربيعة:
أيها المنكح الثريا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان؟
هي شامية إذا ما استقلت … وسهيل إذا استقل يماني (1)
وموضع الشاهد هنا هو «الثريا وسهيل»، فإن «الثريا» يحتمل أن يكون الشاعر أراد بها بنت علي بن عبد الله بن الحارث بن أمية الأصغر، وهذا هو المعنى البعيد المورى عنه وهو المراد، ويحتمل أن يكون أراد بها نجم الثريا، وهذا هو المعنى القريب المورى به. و «سهيل» يحتمل أيضا أن يكون سهيل بن عبد الرحمن بن عوف وقيل كان رجلا مشهورا من اليمن، وهذا هو المعنى البعيد المورى عنه، ويحتمل أن يكون النجم المعروف بسهيل، وهذا هو المعنى القريب المورى به. ولولا ذكر «الثريا» التي هي النجم لم يتنبه السامع لسهيل. وكل واحد منهما صالح للتورية.
ومما ينبغي التنبيه إليه في هذا المقام أن التورية هنا لا تصلح أن تكون مرشحة ولا مبيّنة؛ لأن الترشيح والتبيين لا يكون كل منهما إلا بلازم خاص. والفرق بين اللفظ الذي تتهيأ به التورية، واللفظ الذي تترشح به، واللفظ الذي تتبيّن به- أن اللفظ الذي تقع به التورية مهيّأة لو لم يذكر لما تهيأت التورية أصلا، وأن اللفظ المرشح واللفظ المبين إنما هما مقويان للتورية، فلو لم يذكرا لكانت التورية موجودة.
...
__________
(1) سبب نظم البيتين أن سهيلا المذكور تزوج الثريا المذكورة، وكان بينهما بون شاسع فالثريا مشهورة في زمانها بالجمال وسهيل مشهور بالعكس. وهذا مراد الناظم بقوله: «كيف يلتقيان؟»، وأيضا هي شامية الدار وسهيل يماني.
والتورية التي هي نوع من البديع المعنوي لم يتنبه لمحاسنها إلا المتأخرون من حذّاق الشعر وأعيان الكتاب. وهؤلاء نظروا إليها على أنها من أغلى فنون الأدب وأعلاها رتبة، ولهذا نرى الكثيرين جدا من شعراء مصر والشام خاصة في القرن السادس والسابع والثامن للهجرة يتوسعون ويفتنون في استعمالها، ويأتون فيها بالعجيب الرائع الذي يدل على صفاء الطبع والقدرة على التلاعب في أساليب الكلام.
والقاضي الفاضل (1) «596 هـ» يعد أول من فتح باب التورية لأهل عصره ومن بعدهم بما أودع منها في نظمه ونثره. وقد تأثر به في الولع بالتورية كثيرون من شعراء مصر من أمثال ابن سناء الملك، والسرّاج، والورّاق، والجزار، والحمامي، وابن دانيال، ومحيي الدين بن عبد الظاهر، وجمال الدين بن نباته، وصلاح الدين الصفدي.
__________
(1) هو عبد الرحيم بن علي وزير السلطان صلاح الدين، اشتهر بالقاضي الفاضل، وهو من أئمة الإنشاء وتعرف طريقته في الكتابة بالطريقة الفاضلية وقد تأثر بها وقلّدها من جاء بعده من المنشئين.
وممن اشتهر بالتوسع في استعمال التورية من شعراء الشام شرف الدين عبد العزيز الأنصاري، ومجير الدين بن تميم، وبدر الدين يوسف الذهبي، ومحيي الدين الحموي، وشمس الدين بن العفيف، وعلاء الدين الكندي الشهير بالوداعي، والذي يقال: إنه أشهر من «قفا نبك» في نظم التورية!
ولعل تقي الدين بن حجة الحموي من أكثر رجال البديع المتأخرين اهتماما بالتورية. نقول ذلك لأن ما استشهد به عليها من شعر شعراء البديع بمصر والشام من عصر القاضي الفاضل إلى عصره يمثل في الواقع ربع كتابه «خزانة الأدب» الذي يشتمل على 467 صفحة.
وهو ينبئنا عن سبب اهتمامه بالتورية إلى هذا الحد بأنه كان ينوي بعد الفراغ من تأليف «خزانة الأدب» أن يؤلف كتابا خاصا بالتورية والاستخدام يسميه «كشف اللثام عن وجه التورية والاستخدام» (1).
...
__________
(1) خزانة الأدب ص 277.
وإذا ألقينا نظرة على نشأة هذا النوع من البديع المعنوي فإننا نرى أن المتقدمين لم يحفلوا كثيرا بالتورية. وأن المرء ليحس فيما يلقاه منها في أدبهم أنها كانت تقع لهم عفوا من غير قصد.
ويقال إن المتنبي هو أول من التفت إليها واستخدمها في شعره على نحو ظاهر، ولكن التحقيق يظهر أن شعراء البديع في العصر العباسي الأول والثاني من أمثال أبي نواس ومسلم بن الوليد وأبي تمام والبحتري قد سبقوه إليها.
ثم أخذ الاهتمام بها ابتداء من عصر المتنبي يزداد شيئا فشيئا حتى وصلت إلى عصر القاضي الفاضل فتلقفها وتوسع في استعمالها في شعره ونثره إلى الحد الذي لفت الأنظار إليها. ومن ثم جاراه فيها شعراء مصر والشام خاصة في عصره وبعد عصره، وقد أدى الإعجاب بها والمبالغة في استعمالها والإكثار منها والتكلف فيها إلى إفساد الكثير من شعر المتأخرين وإحالته إلى رياضة ذهنية وحيل لفظية ينطبق عليها قول القائل:
وما مثله إلا كفارغ بندق … خلى من المعنى ولكن يفرقع!
الكتاب: علم البديع
المؤلف: عبد العزيز عتيق (المتوفى: 1396 هـ)
الناشر: دار النهضة العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان
المصدر : المكتبة الشاملة
1 - the abstract punitive: which did not mention the necessary supplies of Moorie, which is the near meaning, nor the supplies of Moori, which is the distant meaning.
The translation below might be a lot of mistakes, so don't make this translation a reference, take a reference from the Arabic text above ! Thank You
Punitive
And the word "pictorial" is first in the name of its proximity to the matching of the name, because it is a source and a view of the weak,
He made him behind me and his jacket showed the other, as if the speaker makes him behind him so that he does not appear.
In the words of the men of al-Budiyya, it is permissible for the speaker to mention a single term that has two meanings, an apparent relative that is not a murad, and a hidden distance that is intended.
And we find it more than the definition of the late, but these definitions, although different word, they agree the meaning, and do not all out in the content of the content of the definition of the former known by the audience of the sensible.
Zaki al-Din ibn Abi al-Asbaa (654 AH) defined it in his book entitled Tahrir al-Tahbara by saying: "The pun is called the direction is that the speech is likely to be concerned, so the speaker uses one of its possibilities and neglects the other, meaning what I neglect, not what I use."
The Qazubian preacher «739 AH» defines it in his summary book by saying:
"It is also known as the deception, and it is called the illusion, that is to say a word that has two meanings close and far away, and they are both abstract and candidates.
Salah al-Din al-Safadi (764 AH) defines it in his book «Ending the End of the Pictorial and the Use» by saying: «The metaphor is that the speaker is a common word between those concerned, close and distant, recalls a word that draws the relative to come with a presumption that shows that his distant destination».
And protect the religion bin Hajjat al-Hamawi «837 e» known in his book «Treasury literature» saying: «Alturip to remind the speaker a single word has real meanings or fact and metaphor, one close and the meaning of the word phenomenon, and the other remote and the meaning of the word is hidden, , And it is meant in the near sense, Vaithohm hearing at first glance that he wants the near and not so, and for this called this type of thought »(1).
...
__________
(1) See in all these definitions Book of the Book of Literature of the son of argument الحموي 239 - 242.
An example of the words of Sirajuddin al-Warraq (1):
I will protect my face from people ... Meet the death of the writer
And the Lord of poetry has hateful ... If it is fulfilled by them «Habib»
The second meaning is the name of Abu Tammam the poet, Habib ibn Aws, and this is the distant meaning that the poet wanted, but it is the distant meaning that the poet wanted. Immediately soften and conceal in the near sense.
For example, Badr al-Din al-Zahabi said:
O 'Azali in it tell me ... if it looks like Aslo?
It passes through me all the time ... and whenever I "pass" it pleases
The meaning here is the word "bitter"; it has two meanings: one is taken from bitterness, which is the proximate meaning of the word "liking"; this near-apparent meaning is not intended, and the second meaning is derived from passage.
Including the words of Badr al-Din al-Hamami:
Joudwa Lenga Baldhi ... H on the Sarmada
The best thing to fly ... d When dew occurs (2)
Valturia here in the word «dew», the meaning of the near and apparent is not intended is the fall of the last night of wet and light rain, the evidence of the boot with the mention of bird and Twitter and falling, and the distant meaning is good and this is what the poet wanted.
__________
(1) poet Egyptian Balad in his hair and died in 659 AH.
(2) of the meaning of dew: the good, and the fall of the last night of wet and light rain.
He also said:
The hairs of your hair are like short ... and there is no shortage of them
It is a wonder to say ... free and meaning «thin»
In this example, the word "thin" has two meanings: the first is a visible relative who is not a murad, and he is the owner of the property, and the reason for his proximity brings him to mind, preceded by the word "free". This is what the poet wants after he is seen and hidden in the near meaning.
It was narrated from them in the Holy Quran, saying: He is the one who kills you at night and knows what you were wounded during the day (1). The first word in the verse is that you are wounded and have two meanings: the first one is a visible relative who is not intentional and is causing a rupture in the body, and the second is hidden behind committing sins and committing them.
__________
(1) You were injured: the origin of the meaning of the wound causing a tear in the body, and that is why the seven Sebaa called because they hurt.
One of the previous examples illustrates the reality of the pun and that it is always in a single word with two meanings: a visible relative is not intended, and hidden distance is intended.
One of the earlier examples illustrates the fact that the pun is true and that the meaning of the term is to be shared between two meanings: one is close and the meaning of the word is visible, and the other is distant and the meaning of the word is hidden, the speaker wants the distant meaning and is seen in the near sense, . This is why this kind of name is called an imam.
...
Punctuation:
The pun is four types: abstract, candidate, indicated, and nurtured.
0 Response to "التورية في علم البديع، حد التورية ، أنواع التورية : مجردة، ومرشحة، ومبيّنة، ومهيّأة، أمثلة التورية - Punitive"
Post a Comment